-الفرق بين الرد على أهل البدع و الرد على أهل السنة- فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله الإمام

[أبو أنس عبد الكريم الجزائري]

بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله رب العالمين و أشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله و صحبه أجمعين، أما بعد:

فقد قال الشيخ محمد بن عبد الله الإمام في كتابه الإبانة عن كيفية التعامل مع الخلاف بين أهل السنة و الجماعة:

-الفرق بين الرد على أهل البدع و الرد على أهل السنة-

يجوز الرد على العالم السني من قبل عالم سني إذا اقتضت المصلحة ذلك، و لكن الرد عليه يختلف عن الرد على أهل البدع والضلالات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: " وَلِهَذَا وَجَبَ بَيَانُ حَالِ مَنْ يَغْلَطُ فِي الْحَدِيثِ وَالرِّوَايَةِ، وَمَنْ يَغْلَطُ فِي الرَّأْيِ وَالْفُتْيَا، وَمَنْ يَغْلَطُ فِي الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ؛ وَإِنْ كَانَ الْمُخْطِئُ الْمُجْتَهِدُ مَغْفُورًا لَهُ خَطَؤُهُ وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَى اجْتِهَادِهِ، فَبَيَانُ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاجِبٌ؛ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مُخَالَفَةٌ لِقَوْلِهِ وَعَمَلِهِ.
وَمَنْ عُلِمَ مِنْهُ الِاجْتِهَادُ السَّائِغُ: فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُذْكَرُ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ وَالتَّأْثِيمِ لَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ غَفَرَ لَهُ خَطَأَهُ؛ بَلْ يَجِبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى مُوَالَاتُهُ وَمَحَبَّتُهُ وَالْقِيَامُ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ مِنْ حُقُوقِهِ مِنْ ثَنَاءٍ وَدُعَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ".
و الشاهد قوله ( فلا يجوز أن يذكر على وجه الذم و التأثيم ....) و أيضا لا يدعى الناس إلى هجره و مقاطعة دروسه و محاضراته، و تلقي العلم على يديه، ولا يحكم بحزبيته و بدعيته ما دام في حضيرة السنة. و أما إذا جاء الرد على العالم من قبل طلاب العلم،فالغالب عليهم انهم ليسوا أهلا للرد، و لهذا تجد في ردودهم تجاوزات و مجازفات و تعديات، بل يحاول بعضهم أن يظهر نفسه أنه أقدر على النقد من أهل العلم، حتى إن بعضهم يذهب إلى الطعن في عقيدة العالم السني، و لم يسبقه إلى ذلك أحد من أهل العلم، انظر هذه المسابقة التي حقيقتها الجرأة على أهل العلم.
و إني لقائل لهذا الصنف : إن واصلت طلب العلم و انتفعت به سيظهر لك في المستقبل خطؤك هذا وتعجلك. فالحذر الحذر من التعجل في أمر لنا فيه أناة.
و مما يساعد على الإنصاف و يوصل إلى العدل: معرفة الفوارق بين الرد على السني و البدعي، فدونك ذكر بعض الفوارق:

1-الرد على دعاة البدع و التحزب واجب وجوبا كفائيا:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم، وتحذير الأمة منهم؛ واجب باتفاق المسلمين .......إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشريعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين. ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً، وأما أولئك فيفسدون القلوب ابتداءً"
بخلاف السني المخطئ فإن المجال واسع في حقه من نصح له أو سعي في الإصلاح فيما بدر منه من أخطاء في حق الآخرين إن كان مما للإصلاح فيه مسوغ شرعي، فإن اقتضت المصلحة الرد عليه رد.
2-الرد على أهل البدع و التحزب لا تذكر فيه محاسنهم؛ لأن الحكمة من الرد إلى جانب بيان الحق و إبطال الباطل التحذير منهم و التنفير عنهم، بخلاف الرد على العالم السني فيحذر من خطئه مع عدم التحذير منه و التنفير عنه، و تحفظ له مكانته.
3- دعاة أهل البدع و التحزب يحذر في الرد من تلقي العلم على أيديهم، ومن حضور خطبهم و محاضراتهم بخلاف المردود عليه من أهل السنة فيذكر في الرد على أنه لا يتبع في خطئه لكنه محل ثقة و قبول، فيتلقى العلم على يديه و يجالس.
4- الهجر لدعاة البدع والأحزاب، بخلاف العالم السني فإنه لا يُدعى الناس إلى هجره.
5-التشنيع على دعاة الباطل، و الفضح لهم مطلب شرعي حسب القدرة والمصلحة، وحسب بدعتهم بخلاف الرد على السني فإنه يكون باللطف و الرفق، فهذا هو الأصل، فإن اقتضت المصلحة الخروج عن هذا الأصل فتقدر بقدرها، و لا يفهم من كلامي أن المتكلم على أهل البدع و التحزب يتكلم فيهم بالبغي و الظلم، فهذا محرم في حق كل احد، و المراد بالتشنيع بيان أضرار بدعتهم على المسلمين و جرأتهم على نشرها، وافتتان الناس بها.

-من كتاب الإبانة عن كيفية التعامل مع الخلاف بين أهل السنة و الجماعة-
( نصح بقراءة الكتاب
الشيخ عبد المحسن بن حمد العبّاد
الشيخ صالح بن سعد السحيمي)

[أبو عبد المصور مصطفى الجزائري]

جزاك الله خيرا اخي