صلاة الاستسقاء
إِذَا أجْدَبَتِ الأَرْضُ وَقَحَطَ المَطَرُ ..........
قوله: «باب صلاة الاستسقاء» ، من باب إضافة الشيء إلى نوعه، أي: باب الصلاة التي تكون للاستسقاء، وقد يجوز أن تكون من باب إضافة الشيء إلى سببه، أي: الصلاة التي سببها استسقاء الناس.
والاستسقاء: استفعال من سقى وهو: طلب السُقيا، سواء كان من الله، أو من المخلوق، فمن الممكن أن تقول لفلان: اسقني ماء فَيُسَمَّى هذا استسقاء أي طلب سُقيا، ومن الله ـ عز وجل ـ تسأل الله أن يغيثك، هذا طلب سُقيا أيضاً، لكن في عُرف الفقهاء إذا قالوا صلاة الاستسقاء: فإنما يعنون بها استسقاء الرب ـ عز وجل ـ لا استسقاء المخلوق.
وصلاة الاستسقاء لها سبب بيّنه المؤلف بقوله: «إذا أجدبت الأرض وقحط المطر صلوها جماعةً وفرادى» .
قوله: «إذا أجدبت الأرض» أي: خلت من النبات، وضده الإخصاب إذا أخصبت، أي: ظهر نباتها وكثر.
قوله: «وقحط المطر» أي: امتنع، ولم ينزل، ولا شك أنه يكون في ذلك ضرر عظيم على أصحاب المواشي، وعلى الآدميين أيضاً، فلهذا صارت صلاة الاستسقاء في هذه الحال سنة مؤكدة.
قوله: «إذا أجدبت الأرض وقحط المطر» ، ظاهره ولو كان ذلك في غير أرضهم.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يستسقي إلا لأرضه وما حولها مما يتضرر به البلد، أما ما كان بعيداً فإنه لا يضرهم، وإن كان يضر غيرهم، ما لم يأمر به الإمام فتصلى.
والاستسقاء الذي ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ورد على أوجه متعددة منها:
الأول: «أنه دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب الناس، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا، فرفع النبي صلّى الله عليه وسلّم يديه، ورفع الناس أيديهم، وقال: اللهم أغثنا ثلاث مرات، وكانت السماء صحواً فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت وأمطرت، ولم ينزل النبي صلّى الله عليه وسلّم من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته» [(200)].
الثاني: «أنه كان في غزوة ونقص عليهم الماء، فاستغاث الله ـ عز وجل ـ فأنشأ الله مزناً فأمطرت وسقاهم وارتووا» .
الثالث: «دعا الله سبحانه وتعالى بأن يسقيهم فقام أبو لبابة رضي الله عنه ـ وكان فلاحاً ـ فقال: يا رسول الله إن التمر في البيادر» ـ والبيدر ما يجمع فيه التمر لييبس، وكانوا إذا جذُّوا النخل يضعونه في مكان معد لهذا حتى ييبس، ثم يدخلونه في البيوت يسمى «البيدر»، ويسمى «الجرين» أيضاً ـ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة فيسد ثعلب مربده بإزاره»، أي: الفجوة التي يدخل منها السيل إلى البستان فأمطرت السماء، وخاف الناس من فساد التمر فجاؤوا إلى أبي لبابة، وقالوا: اذهب إلى مربدك وسده بإزارك ليقف المطر، فذهب فسده بإزاره فوقف المطر[(201)]، فهذا من آيات الله عز وجل، وحينئذٍ سلم الناس من الضرر الكثير الذي يحصل لهم بالمطر في بيادرهم.
وهناك أيضاً صفات أخرى، وليس لازماً أن تكون على الصفة التي وردت عن النبي عليه الصلاة والسلام أي: طلب السُقيا، فللناس أن يستسقوا في صلواتهم، فإذا سجد الإنسان دعا الله، وإذا قام من الليل دعا الله عز وجل.

صَلَّوْهَا جَمَاعَةً وَفُرَادَى. وَصِفَتُهَا فِي مَوْضِعِهَا، وَأَحْكَامُهَا كَعِيدٍ. وَإِذَا أَرَادَ الإِْمَامُ الخُرُوجَ لَهَا وَعَظَ النَّاسَ، وَأَمَرَهُمْ بِالتَّوْبَةِ مِنَ الْمَعَاصِي
قوله: «صلوها جماعة وفرادى» ، أي: صلاة الاستسقاء وستأتي صفتها، والأفضل أن تكون جماعة كما فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم. قوله: «وصفتها في موضعها وأحكامها كعيد» .
وعلى هذا فتسنّ في الصحراء؛ لأن صلاة العيد تسنّ في الصحراء.
ويكبر في الأولى بعد التحريمة والاستفتاح ستاً، وفي الثانية خمساً، ويقرأ بسبّح والغاشية؛ لأن المؤلف قال: «صفتها في موضعها» أي: مكانها «وأحكامها كعيد» .
والدليل على هذا حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلاها كما يصلي العيد[(202)].
ولكنها تخالف العيد في أنها سنّة، والعيد فرض كفاية.
قوله: «وإذا أراد الإمام الخروج لها» ، يحتمل أن يريد به الإمام الذي يصلي بهم صلاة الاستسقاء، ويحتمل أن يراد به الإمام الأعظم وهو السلطان، والمعنى الأول أقرب.
قوله: «وعظ الناس» الموعظة هي: التذكير المقرون بترغيب أو تخويف، فيرغبهم في فعل الواجبات، ويحذّرهم من انتهاك الحرمات.
ولهذا قال: «وأمرهم بالتوبة من المعاصي» التوبة: الرجوع إلى الله ـ عز وجل ـ من معصيته إلى طاعته، وقد ذكر العلماء للتوبة شروطاً يحسن أن نذكرها الآن:
الأول: الإخلاص لله ـ عز وجل ـ بأن يقصد بتوبته إلى ربه رضا ربه، لا أن يتوب أمام الناس رياء وسمعة.
الثاني: أن يندم على ما حصل له من الذنب، وهذا الشرط قال بعض العلماء: إنه لا يمكن تحقيقه؛ لأن الندم انفعال في النفس، والانفعال لا يملكه الإِنسان.
ولكن الصحيح: أنه يمكن أن يملكه؛ لأن معنى الندم إظهار الغم والهم لما أصابه ووقع منه من الذنب، وهذا أمر يمكن أن يقع.
الثالث: أن يقلع عن المحرم، فإذا كانت التوبة من ترك الزكاة مثلاً، فلا بد أن يخرج الزكاة، وإذا كانت من التهاون بصلاة الجماعة فلا بد أن يصلي مع الجماعة، وإذا كانت من الغيبة فلا بد أن يقلع عن الغيبة، وإذا كانت أخذ مال لا يستحقه فلا بد أن يرده إلى صاحبه، وإذا كانت من ضرب إنسان اعتدى عليه بالضرب فلا بد أن يستحله أو يقول: اضربني كما ضربتك.
الرابع: أن يعزم على ألا يعود فلا يتوب توبة مؤقتة، وهنا نقول: يعزم على ألا يعود، ولا نقول: ألا يعود؛ لأنه لو فرضنا أن الشروط تمت، ثم بعد ذلك عاد فالتوبة الأولى صحيحة.
الخامس: أن تكون التوبة في الزمن الذي تقبل فيه، وذلك بأن تقع قبل الغرغرة، قبل حضور الأجل، فإن لم تقع إلا بعد حضور الأجل فقد قال تعالى: {{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ}} [النساء: 18] ، وهذا زمن خاص باعتبار كل أحد بنفسه.
وكذلك أيضاً تكون قبل طلوع الشمس من مغربها، وهذا زمن عام، فإن الشمس إذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم، وتابوا ورجعوا لكن {{لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}} [الأنعام: 158] .
قد يقول قائل: أين الدليل على أنه إذا أراد الخروج يعظ الناس، أليس النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج إلى المصلى واستسقى[(203)]، فهل ورد أنه وعظهم؟
والجواب: أنه يعظهم وعظاً عاماً، كما لو صادف أنه يتكلم في خطبة الجمعة فيعظ الناس فهذا طيب، ولا يقال: إنه وعظهم من أجل الاستسقاء، ولكن من أجل خطبة الجمعة والمناسبة.

وَالْخُرُوجِ مِنَ الْمَظَالِمِ وَتَرْكِ التَّشَاحُنِ، ........................
قوله: «والخروج من المظالم» ، من باب عطف الخاص على العام؛ وذلك لأن الخروج من المظالم من التوبة.
والمظالم: جمع مظلمة، فتشمل المظلمة في حق الله، والمظلمة في حق العباد.
مثال المظلمة في حق الله: عدم إخراج زكاته، أو عدم إخراج كفارة كانت عليه، فليبادر بإخراج هذا الحق.
مثال المظلمة في حق العباد: لو كان عنده حق لشخص كدراهم، أو منافع أو غيرها، فإنه يخرج منها أيضاً بإيفائه.
فإن كان الحق غير مالي كالغيبة مثلاً، فإنه يخرج منها بأن يذهب إلى من تكلم فيه، ويقول: إني تكلمت فيك فحللني، ولا يخرج من عُهدتها إلا بذلك.
وقال بعض العلماء: إن كان الذي تكلم فيه قد علم فليذهب إليه ويستحله، وإن لم يعلم فلا يذهب إليه، بل يستغفر له، ويذكره بخير في الأماكن التي اغتابه فيها؛ لأنه ربما لو ذهب إليه وطلب أن يحلله تأخذه العزة بالإثم فيأبى؛ لأن بعض الناس لا يهمه أن يأتي إليه أخوه معتذراً، فيأبى أن يسامحه.
وهذا القول هو الصحيح.
فإن قال: أنا لا أحلك إلا إذا أعطيتني عشرة دراهم فيعطيه؛ لأن هذا حق له حتى لو طلب أكثر يعطيه؛ لأن إعطاءه في الدنيا أهون من إعطائه في الآخرة.
قوله: «وترك التشاحن» أي: يأمر الإِمام الناس أن يتركوا التشاحن فيما بينهم وهو: الشحناء والعداوة، والبغضاء ؛ لأن التشاحن سبب لرفع الخير.
ودليل ذلك: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «خرج ذات يوم ليخبر أصحابه بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فرفعت» [(204)]، أي: رفع العلم بها، أي: أن الرسول عليه الصلاة والسلام أُنسيها من أجل التشاحن.
قال العلماء: فنأخذ من هذا أنه إذا كنا نطلب الخير من الله فلا بد أن ندع التشاحن فيما بيننا.
فإذا قال قائل: كيف يمكن أن يزيل الإنسان ما في قلبه من الحقد أو الغل على أخيه؟
فالجواب: يستطيع الإِنسان أن يتخلص من ذلك بما يلي:
أولاً: أن يذكر ما في بقاء هذه العداوة من المآثم، وفوات الخير حتى إن الأعمال تعرض على الله يوم الاثنين والخميس، فإذا كان بين اثنين شحناء قال: «أَنظِروا هذين حتى يصطلحا» [(205)]، أي: الرب عز وجل لا ينظر في عملك يوم الاثنين والخميس إذا كان بينك وبين أخيك شحناء.
ثانياً: أن يعلم أن العفو والإصلاح فيه خير كثير للعافي، وأنه لا يزيده ذلك العفو إلا عزاً؛ كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً» [(206)].
ثالثاً: أن يعلم أن الشيطان ـ وهو عدوه ـ هو الذي يوقد نار العداوة والشحناء بين المؤمنين؛ لأنه يحزن أن يرى المسلمين متآلفين متحابين ويفرح إذا رآهم متفرقين والعداوة والشحناء بينهم.
فإذا ذكر الإنسان المنافع والمضار فإنه لا بد أن يأخذ ما فيه المصالح والمنافع، ويدع ما فيه المضار والمفاسد.
فعليك أن تجاهد نفسك ولو أهنتها في الظاهر، فإنك تعزها في الحقيقة؛ لأن من تواضع لله رفعه، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً.
وجرب تجد أنك إذا فعلت هذا الشيء وعفوت، وأصلحت ما بينك وبين إخوانك تجد أنك تعيش في راحة وطمأنينة وانشراح صدر وسرور قلب، لكن إذا كان في قلبك حقد عليهم أو عداوة فإنك تجد نفسك في غاية ما يكون من الغم والهم، ويأتيك الشيطان بكل احتمالات يحتملها كلامه، أي لو احتمل كلامه الخير والشر قال لك الشيطان: احمله على الشر.
مع أن المشروع أن يحمل الإِنسان كلام إخوانه على الخير ما وجد له محملاً.
فمتى وجدت محملاً للخير فاحمله على الخير، سواء في الأقوال أو في الأفعال، ولا تحمله على الشر.
وبعض الناس ـ والعياذ بالله ـ يحمل الفعل أو القول على الشر ثم يؤزه الشيطان إلى أن يتجسس على أخيه، ويتابع أخاه، وينظر ماذا فعل؟ وماذا قال؟ فتجده دائماً يحلل أقواله وأفعاله، وليته يحمله على الأحسن، أو على الحسن، ولكن على السيء والأسوء، وذلك بإيحاء الشيطان ـ والعياذ بالله ـ.
والذي يجب على المؤمن إذا رأى من أخيه ما يحتمل الخير أو الشر أن يحمله على الخير ما لم توجد قرائن قوية تمنع حمله على الخير، فهذا شيء آخر، فلو صدر مثل هذا من رجل معروف بالسوء ومعروف بالفساد فلا بأس أن تحمله على ما يحتمله كلامه، أما رجل مستور ولم يعلم عنه الشر، فإذا وجد في كلامه، أو في فعاله ما يحتمل الخير والشر فاحمله على الخير حتى تستريح.
وربما يصاب هذا الرجل الذي يتبع عورات الناس وأخطاءهم القولية والفعلية بأن يسلط الله عليه من يتابعه هو بنفسه، ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته.

وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ،........................................
قوله: «والصيام» ، أي: يأمرهم أن يصوموا.
قال بعض العلماء: يأمرهم أن يصوموا ثلاثة أيام، ويخرج في اليوم الثالث.
وقال بعضهم: يجعل الاستسقاء يوم اثنين أو خميس؛ لأن يومي الاثنين والخميس مما يسن صيامهما، فيكون خروج الناس وهم صائمون، والصائم أقرب إلى إجابة الدعوة من المفطر، فإن للصائم دعوة لا ترد، هكذا قال المؤلف ـ رحمه الله ـ.
ولكن في هذا نظر؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم حين خرج إلى الاستسقاء لم يأمر أصحابه أن يصوموا.
أما ما ذكره المؤلف أولاً من التوبة من المعاصي، والخروج من المظالم فهذه مناسبة، لكن الصيام طاعة تحتاج إلى إثباتها بدليل، وإذا كان الأمر قد وقع في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يأمر أصحابه بالصيام، فلا وجه للأمر به.
لكن نقول: لو اختار يوم الاثنين ـ ولم يجعله سنة راتبة دائماً من أجل أن يصادف صيام بعض الناس، لو قيل بهذا لم يكن فيه بأس.
لكن كوننا نجعله سنة راتبة لا يكون الاستسقاء إلا في يوم الاثنين، أو نأمر الناس بالصوم، فهذا فيه نظر.
قوله: «والصدقة» أي: ويأمرهم أيضاً بالصدقة، والصدقة قد يقال: إنها مناسبة؛ لأن الصدقة إحسان إلى الغير، والإحسان سبب للرحمة لقول الله تعالى: {{إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}} [الأعراف: 56] ، والغيث رحمة لقول الله تعالى: {{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ}} [الشورى: 28] .
والصدقة هنا ليست الصدقة الواجبة، بل المستحبة، أما الصدقة الواجبة فإن منعها سبب لمنع القطر من السماء كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث المروي عنه: «وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء» [(207)].

وَيَعِدُهُمْ يَوْماً يَخْرُجُونَ فِيهِ، وَيَتَنَظَّفُ، وَلاَ يَتَطَيَّبُ، وَيَخْرُجُ مُتَوَاضِعاً، مُتَخَشِّعاً، مُتَذَلِّلاً، مُتَضَرِّعاً .............................
قوله: «ويعدهم يوماً يخرجون فيه» ضمير الفاعل يعود على الإمام وضمير المفعول «هم» يعود على الناس. أي: يقول: سنخرج في يوم كذا، ويحسن أيضاً أن يعيِّن الزمن من هذا اليوم فيقول: في ساعة كذا؛ ليتأهبوا على وجه ليس فيه ضرر عليهم؛ لأن الناس ربما لو خرجوا مبكرين، وتأخر الإِمام حصل عليهم أذية من البرد إن كانوا في زمن شتاء صارم.
قوله: «ويتنظف، ولا يتطيب» ، إذا قال العلماء: «يتنظف» فالمراد إزالة ما ينبغي إزالته شرعاً أو طبعاً.
فإزالة ما ينبغي إزالته شرعاً مثل: الأظفار، والعانة، والإِبط، وما ينبغي إزالته طبعاً مثل: العرق، والروائح الكريهة.
وإنما قالوا: إنه يستحب أن يتنظف؛ لأن هذا مكان اجتماع عام، وإذا كان الناس فيهم الرائحة المؤذية، فإن هذا يؤذي بعض الحاضرين، فلهذا استحبوا أن يتنظف، ولكن لا يتطيب.
وهذا يمكن أن تجعله لغزاً فتقول:
ما الصلاة التي لا ينبغي للإِنسان أن يتطيب لها؟
الجواب: هي صلاة الاستسقاء؛ لأن صلاة الجمعة يستحب لها الطيب، وغيرها لا يؤمر به، ولا ينهى عنه.
والاستسقاء لا يتطيب لها، وعللوا ذلك: بأنه يوم استكانة وخضوع، والطيب يشرح النفس ، ويجعلها تنبسط أكثر، والمطلوب في هذا اليوم الاستكانة والخضوع؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج «متخشعاً متذللاً متضرعاً» [(208)].
وهذا أيضاً مما في النفس منه شيء؛ وذلك لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يعجبه الطيب، وكان يحب الطيب، ولا يمنع إذا تطيب الإنسان أن يكون متخشعاً مستكيناً لله ـ عز وجل ـ، ولهذا لو أراد الإِنسان أن يدعو الله بغير هذه الحال، لا نقول: الأفضل ألا تطيب من أجل أن تكون مستكيناً لله.
قوله: «ويخرج متواضعاً متخشعاً متذللاً متضرعاً» ، هذه أوصاف تدل على أن الإنسان لا يخرج في فرح وسرور؛ لأن المقام لا يقتضيه.
قوله: «متواضعاً» أي: بقوله، وهيئته، وقلبه.
والتواضع معروف، حتى إنك ترى الرجل وتعرف أنه من المتواضعين، وترى الرجل وتعرف أنه من المتكبرين، فيكون متواضعاً للحق وللخلق.
قوله: «متخشعاً» الخشوع: سكون الأطراف، وأن يكون على وقار وهيبة.
قوله: «متذللاً» من الذل وهو الهوان، بمعنى: أن يضع من نفسه، وهو قريب من التواضع لكنه أشد؛ لأن الإِنسان يُري نفسه أنه ذليل أمام الله عز وجل.
وقوله: «متضرعاً» التضرع يعني الاستكانة، أو شدة الإِنابة إلى الله ـ عز وجل ـ، قال تعالى: {{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}} [الأعراف: 55] ، أي في شدة اللجوء إلى الله ـ عز وجل ـ، ودليل هذه الأوصاف قول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: «خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم للاستسقاء متذللاً، متواضعاً، متخشعاً، متضرعاً» [(209)].

وَمَعَهُ أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلاَحِ، وَالشُّيُوخُ، وَالصِّبْيَانُ المُمَيِّزُونَ وَإِنْ خَرَجَ أَهْلُ الذِّمَّةِ مُنْفَرِدِينَ عَن المُسْلِمِين لاَ بِيَوْمٍ لَمْ يُمْنَعُوا...........
قوله: «ومعه أهل الدين والصلاح» ، لأن هؤلاء أقرب إلى إجابة الدعوة.
وقوله: «الدين والصلاح» من باب عطف المترادفين؛ لأن كل صاحب دين فهو صاحب صلاح.
قوله: «والشيوخ» ، أي: الكبار الذين أمضوا أعمارهم في الدين والصلاح؛ لأنهم أقرب إلى الإجابة.
قوله: «والصبيان المميزون» أي: الذين لم يبلغوا؛ لأنه لا ذنوب لهم، فيكونون أقرب إلى الإِجابة ممن ملأت الذنوب صحائفهم.
قوله: «المميزون» خرج به الصغار الذين لم يميزوا، فإنهم لا يخرجون؛ لأنه ربما يحصل منهم من الأذية والصياح والبكاء أكثر مما يحصل من المنفعة.
قول المؤلف: «معه» ، ظاهر كلامه أنهم يصحبونه في الممشى؛ لأنه قال: «يخرج ومعه» ، ويحتمل أنه أراد المعية في الصلاة، لا في كونهم يخرجون مصاحبين له في سيره إلى المسجد.
والأقرب: أن المراد بالمعية هنا المعية في الصلاة؛ لأنها هي المقصودة.
قال في الروض[(210)]: «وأبيح التوسل بالصالحين» ، وهذه عبارة على إطلاقها فيها نظر، ولكنهم يريدون بذلك ـ رحمهم الله ـ: التوسل بدعاء الصالحين؛ لأن دعاء الصالحين أقرب إلى الإجابة من دعاء غير الصالحين.
ودليل هذه المسألة: ما حصل من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ حين خرج يستسقي ذات يوم فقال: «اللهم إنا كُنَّا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإننا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، ثم قال: قم يا عباس فادع الله فقام فدعا فسقاهم الله» [(211)].
والتوسل بدعاء الصالحين مقيد بعدم الفتنة؛ بأن يكون دعاؤه سبباً لفتنته هو، أو لفتنة غيره، فإن خيف من ذلك ترك.
وأما التوسل بالصالحين بذواتهم فهذا لا يجوز؛ وذلك لأن التوسل فعل ما يكون وسيلة للشيء، وذات الصالح ليست وسيلة للشيء، فلا علاقة بين الدعاء، وذات الرجل الصالح.
وكذلك لا يجوز التوسل بجاه الصالحين؛ لأن جاه الصالحين إنما ينفع صاحبه، ولا ينفع غيره.
وأقبح من ذلك أن يتوسل بالقبور، فإن هذا قد يؤدي إلى دعاء أهل القبور والشرك الأكبر.
قوله: «وإن خرج أهل الذمة منفردين عن المسلمين لا بيوم لم يمنعوا» ، أهل الذمة هم: الذين بَقُوا في بلادنا، وأعطيناهم العهد والميثاق على حمايتهم ونصرتهم بشرط أن يبذلوا الجزية.
وقد كان هذا موجوداً حين كان الإسلام عزيزاً، أما اليوم فإنه غير موجود، إلا أن يشاء الله وجوده في المستقبل، فإذا طلب أهل الذمة أن يستسقوا بأنفسهم منفردين عن المسلمين بالمكان لا باليوم، فإنه لا بأس به، مثل: أن يقولوا: نحن نخرج شمال البلد، وأنتم إلى جنوب البلد فإننا نمنحهم ذلك، وإن كانت صلاتهم باطلة ودعاؤهم باطلاً، ولكن إذا دعا المضطر ربه ـ عز وجل ـ فإنه يجيب دعاءه، ولو كان مشركاً، ولو علم الله أنه سيشرك بعد النجاة كما قال الله تعالى: {{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ *}} [العنكبوت] ، فينجيهم الله ـ عز وجل ـ؛ لأنه يجيب دعوة المضطر ولو كان كافراً.
فلا نمنعهم أن ينفردوا عنَّا بمكان، لا أن ينفردوا بيوم، فلو قالوا: نريد أن ننفرد بيوم الأحد، ونحن بيوم الاثنين، أو بالعكس، فإننا لا نوافقهم؛ لأنه ربما ينزل المطر في اليوم الذي استسقوا فيه فيكون في ذلك فتنة، ويقال: هم على حق.
ومثل ذلك أهل البدع، لو أن أهل البدع طلبوا منَّا أن ينفردوا بمكان أُذِن لهم، فإن طلبوا أن ينفردوا بزمان منعناهم؛ لأنه إذا منعنا أهل الذمة مع ظهور كفرهم فمنعنا لأهل البدع من باب أولى.
فلو جاءنا قوم من الصوفية أو الرافضة، وقالوا: نحن نريد أن نستسقي في يوم الاثنين، وأنتم يوم الأحد نقول: لا؛ لأنه لو صادف نزول المطر يوم استسقائهم حصل بذلك مفسدة كبيرة.
فإن قال قائل: هل هذا أمر ممكن، أو أمر فرضي أن ينزل المطر في يوم يستسقي فيه أهل الذمة أو أهل البدع؟
فالجواب: أنه أمر قد يقع.
فإن قال قائل: كيف يقع وفيه فتنة وإغراء بهذا المذهب الباطل، أو هذا الدين الباطل؟
فالجواب: أن ذلك من الفتن التي يفتن الله بها عباده ـ نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الفتن ـ فقد يفتن الله العباد بشيء يكون سبباً في ضلالهم من حيث لا يشعرون، فإن طلب أهل الذمة أن يخرجوا معنا بلا انفراد بالمكان ولا بالزمان فإننا لا نمكنهم؛ لقول الله تعالى: {{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ *}} [الأنفال] .
فإن قيل: كيف نأذن لأهل الذمة بالخروج للاستسقاء، وقد كان اليهود على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولم يكونوا يخرجون للاستسقاء؟
فالجواب: الظاهر أنهم لم يطلبوا الخروج للاستسقاء.
مسألة: هل أهل الذمة كل كافر عقدنا معه الذمة، أو يختص بجنس معين من الكفار؟
الجواب: المذهب: أنه يختص بجنس معين من الكفار، وهم ثلاثة: اليهود، والنصارى، والمجوس.
والصحيح: أنه عام لكل كافر أبى الإِسلام، ورضخ للجزية، فإننا نعقد معه الذمة؛ لأن حديث بريدة بن الحصيب الذي ثبت في صحيح مسلم ذكر النبي عليه الصلاة والسلام له من جملة ما ذكر: «أنه إذا نزل على أهل حصن وأبوا الإِسلام فإنه يطلب منهم الجزية» [(212)].

فَيُصَلِّي بِهِمْ، ثُمَّ يَخْطُبُ وَاحِدَةً يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ كَخُطْبَةِ الْعِيدِ، وَيُكْثِرُ فِيهَا الاسْتِغْفَارَ،.........
قوله: «فيصلي بهم، ثم يخطب واحدة» الفاعل الإِمام، وأفادنا أن الخطبة تكون بعد الصلاة كالعيد، ولكن قد ثبتت السنة أن الخطبة تكون قبل الصلاة[(213)]، كما جاءت السنة بأنها تكون بعد الصلاة[(214)].
وعلى هذا فتكون خطبة الاستسقاء قبل الصلاة، وبعدها ولكن إذا خطب قبل الصلاة لا يخطب بعدها، فلا يجمع بين الأمرين، فإما أن يخطب قبل، وإما أن يخطب بعد.
ومن هنا خالفت صلاة الاستسقاء صلاة العيد في أمور منها:
أولاً: أنه يخطب في العيد خطبتين على المذهب، وأما الاستسقاء فيخطب لها خطبة واحدة.
ثانياً: أنه في صلاة الاستسقاء تجوز الخطبة قبل الصلاة وبعدها، وأما في صلاة العيد فتكون بعد الصلاة.
ثالثاً: أنه في صلاة العيد تُبَيَّنُ أحكام العيدين، وفي الاستسقاء يكثر من الاستغفار، والدعاء بطلب الغيث.
قوله: «يفتتحها بالتكبير كخطبة العيد» سبق أن خطبة العيد يفتتحها بالتكبير على المشهور من المذهب، وأن في المسألة خلافاً، فمن العلماء من قال: يفتتحها بالحمد، كما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يفعل في جميع خطبه وهكذا في خطبة الاستسقاء.
بل لو قال قائل: إن خطبة الاستسقاء تُبدأ بالحمد بخلاف خطبة العيد لكان متوجهاً؛ لأن خطبة العيد تأتي في الوقت الذي أُمرنا فيه بكثرة التكبير.
قوله: «ويكثر فيها الاستغفار» الاستغفار هو: طلب المغفرة، فيقول: اللهم اغفر لنا، اللهم إننا نستغفرك، وما أشبه ذلك.
والمغفرة هي: ستر الذنب، والعفو عنه. أي: أن يستر الله الذنب ويعفو عنه، فلا يؤاخذك به، مأخوذة من المِغْفَر، وهو الذي يضعه المقاتل على رأسه اتقاء السهام لئلا تصيبه.
ومعلوم أن المغفر يحصل به أمران: الستر، والوقاية.

وَقِرَاءَةَ الآيَاتِ الَّتِي فِيهَا الأَْمْرُ بِهِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، فَيَدْعُو بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم.
قوله: «وقراءة الآيات التي فيها الأمر به» أي: مثل قوله تعالى: {{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا}} [نوح: 10] ، {{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}} [هود: 3] ، {{فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}} [هود: 61] ، وغير ذلك من الآيات التي يستحضرها في تلك الساعة.
قوله: «ويرفع يديه، فيدعو بدعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم» ، أي: يرفع الإمام يديه، لحديث أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ: «لم يكن النبي صلّى الله عليه وسلّم يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه» [(215)]. والمراد: أنه حال الخطبة لا يرفع يديه إلا إذا دعا للاستسقاء، وكذلك المستمعون يرفعون أيديهم؛ لأنه ثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لما رفع يديه حين استسقى في خطبة الجمعة رفع الناس أيديهم» [(216)].
وينبغي في هذا الرفع أن يبالغ فيه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يبالغ فيه حتى يُرى بياض إبطيه، ولا يرى البياض إلا مع الرفع الشديد حتى إنه جاء في صحيح مسلم: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «جعل ظهورهما نحو السماء» [(217)].
واختلف العلماء في تأويله:
فقال بعض العلماء: يجعل ظهورهما نحو السماء.
وقال بعض العلماء: بل رفعهما رفعاً شديداً حتى كان الرائي يرى ظهورهما نحو السماء؛ لأنه إذا رفع رفعاً شديداً صارت ظهورهما نحو السماء.
وهذا هو الأقرب، وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ، وذلك لأن الرافع يديه عند الدعاء يستجدي ويطلب، ومعلوم أن الطلب إنما يكون بباطن الكف لا بظاهره.

وَمِنْهُ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثاً مُغِيثاً»............
قوله: «ومنه: اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً» . اللهم اسقنا: بهمزة الوصل من سقى يسقي، وبهمزة القطع من أسقى يسقي، وكلاهما صحيح قال الله تعالى: {{وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا}} [المرسلات: 27] ، وقال تعالى: {{وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا}} [الإنسان: 21] ، الآية الثانية من سقى الثلاثي، والأولى من أسقى الرباعي.
والغيث: هو المطر، قال تعالى: {{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا}} [الشورى: 28] ، وقال تعالى: {{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ}} [لقمان: 34] .
ومغيثاً أي: مزيلاً للشدة، وذلك لأن المطر قد ينزل ولا يزيل الشدة، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: «ليست السَّنَةُ ألا تمطروا، بل السَّنَة أن تمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً» [(218)].
وهذا يقع، فأحياناً تحصل أمطار كثيرة، ولا تنبت الأرض، وأحياناً تأتي أمطار خفيفة، ويكون الربيع كثيراً.

إِلَى آخِرِهِ ............
قوله: «إلى آخره» يعني آخر الدعاء، وذكره في «الروض المربع» فقال: «هنيئاً مريئاً، غدقاً مجللاً، عاماً سَحًّا، طبقاً دائماً، اللهم أسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين» .
الهنيء: ما لا مشقة فيه، وما يفرح الناس به ويستريحون له.
والمريء: ذو العاقبة الحسنى.
والغدق: الكثير، قال تعالى: {{وَأَلَّوِِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأََسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا *}} [الجن] .
والسح: أي: الذي ليس فيه العواصف؛ لأن العواصف مع الأمطار تؤذي وتؤلم، وربما تفسد الجدران، وتهدم البيوت.
عاماً: أي: شاملاً.
طبقاً: أي: واسعاً.
دائماً: أي: مستمراً، ولكن هذا الدوام مشروط بألاَّ يكون فيه ضرر.
مجللاً: أي: مغطياً للأرض، ومنه جلال الناقة الذي يغطى به ظهرها.
اللهم أسقنا الغيث: أي: المطر الذي يكون مغيثاً.
ولا تجعلنا من القانطين: القانط هو: المستبعد لرحمة الله، وهذه حال تعتري الإِنسان، فيستبعد رحمة الله ـ عز وجل ـ؛ لأنه يرى ذنوبه كثيرة، ويرى الفساد منتشراً، فيقول: بعيد أن الله يرحمنا، وهذا خطأ.
قال الله تعالى: {{وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ}} [الحجر: 56] فمن عرف حلم الله ـ عز وجل ـ ورحمته، فإنه لا يمكن أن يقنط حتى لو كانت ذنوبه كثيرة، ومعاصيه كبيرة، فإن عفو الله أوسع.
«اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب، ولا بلاء، ولا هدم، ولا غرق» إلخ[(219)].
مسألة: يسن على المذهب: أن يقلب رداءه في أثناء الخطبة، ويستقبل القبلة ويدعو.
وقال بعض العلماء: إنما يكون القلب بعد الدعاء؛ تفاؤلاً بأن الله أجاب الدعاء، وأنه سيقلب الحال من الشدة إلى الرخاء.

وَإِنْ سُقُوا قَبْلَ خُرُوجِهِمْ شَكَرُوا اللهَ، وَسَأَلُوهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ.........
قوله: «وإن سقوا قبل خروجهم شكروا الله» ، الضمير يعود على الناس، أي: إن سقاهم الله وأنزل المطر قبل أن يخرجوا، فلا حاجة للخروج، ولو خرجوا في هذه الحال لكانوا مبتدعين؛ لأن صلاة الاستسقاء إنما تشرع لطلب السُقيا، فإذا سقوا فلا حاجة لها، ويكون عليهم وظيفة أخرى وهي وظيفة الشكر، فيشكرون الله ـ سبحانه وتعالى ـ على هذه النعمة بقلوبهم وبألسنتهم وبجوارحهم؛ لأن الشكر يتعلق بهذه الأشياء الثلاثة: القلب، واللسان، والجوارح.
ـ أما القلب: فأن يوقن الإِنسان بأن هذه النعمة من الله ـ عز وجل ـ تفضل بها.
ـ وأما اللسان: فأن يثني بها على الله، فيقول: الحمد الله الذي سقانا، وما أشبه ذلك من الكلمات.
ـ وأما الجوارح: فأن يقوم بطاعة الله سبحانه وتعالى بفعل أوامره، وترك نواهيه.
ولهذا قال الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثةً
يدي ولساني والضمير المحجبا
قوله: «وسألوه المزيد من فضله» ، أي: سألوا الله أن يزيدهم من فضله، ومن ذلك أن يقولوا: «اللهم اجعله صيباً نافعاً» ، كما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقوله[(220)].

وَيُنَادَى: الصَّلاَة جَامِعةً .............
قوله: «وينادى الصلاة جامعة» ، ينادى لصلاة الاستسقاء إذا حان وقتها: الصلاة جامعة، ويجوز فيها ثلاثة أوجه:
الأول: الصلاةُ جامعةٌ، مبتدأ وخبر.
الثاني: الصلاةَ جامعةً، فالصلاة مفعول لفعل محذوف، وجامعةً حال من الصلاة، أي احضروا الصلاة حال كونها جامعة.
الثالث: الصلاةُ جامعةً، فالصلاة خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هذه الصلاة، وجامعة حال من الصلاة، لكن هذا الوجه أضعفها.
فإذا جاء وقت صلاة الاستسقاء، وارتفعت الشمس قيد رمح يُنادى: الصلاةُ جامعة؛ ليحضر الناس؛ قياساً على صلاة الكسوف.
والمذهب: يرون أنه ينادى للكسوف، والعيد، والاستسقاء.
ولكن ما ذكره الأصحاب في المناداة للعيد، والاستسقاء، ضعيف جداً؛ وذلك لما يلي:
أولاً: أنه خلاف هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم، فالعيد وقع في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يكن ينادى لها، وصلاة الاستسقاء كذلك لم يكن ينادى لها، وقد ذكرنا قاعدة فيما سبق: (أن كل شيء وجد سببه في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يشرع له شيء من العبادات فشرع شيء من العبادات، من أجله يكون بدعة) ، لأننا يلزمنا الوقوف عند الشرع، عند أسبابه، وعند جنسه، وهيئته.
ثانياً: أن إلحاق ذلك بصلاة الكسوف غير صحيح أيضاً، أي: أنه يمتنع القياس؛ لأن صلاة الكسوف تأتي على غير تأهب بغتة، وصلاة العيد معلومة من قبل، والناس يتأهبون لها، وكذلك الاستسقاء، وقد سبق في كلام المؤلف أنه قال: «إن الإمام يعدهم يوماً يخرجون فيه» ، فالصلاة معلومة الوقت.
ولو قال قائل: إننا اليوم نعلم بالكسوف متى يحصل ابتداء وانتهاء، وفي أي وقت من نهار أو ليل؟
فنقول: حتى في هذه الحال ينادى الصلاة جامعة؛ لأن الحسّابين قد يخطئون، ونحن قد علقت الصلاة منّا بوجود الكسوف لا بالعلم به، قال صلّى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموهما فصلوا وادعوا» [(221)].
فالنداء لصلاة الاستسقاء والعيد لا يصح أثراً ولا نظراً، وأما أثراً؛ فلعدم وروده مع وجود سببه في حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأما نظراً؛ فلوجود الفرق بين الأصل والفرع.

وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا إِذْنُ الإِْمَامِ. وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ فِي أَوَّلِ المَطَرِ، وَإِخْرَاجُ رَحْلِهِ وَثِيَابِهِ لِيُصِيبَهُمَا المَطَرُ ...........
قوله: «وليس من شرطها إذن الإِمام» ، أي: ليس من شرط إقامتها أن يأذن الإِمام بذلك، بل إذا قحط المطر وأجدبت الأرض خرج الناس وصلوا، ولو صلى كل بلد وحده لم يخرجوا عن السنة.
بل لو وجد السبب، وقال الإِمام: لا تصلوا، فإن في منعه إياهم نظراً؛ لأنه وجد السبب فلا ينبغي أن يمنعهم، ولكن حسب العُرف عندنا لا تقام صلاة الاستسقاء إلا بإذن الإِمام.
اللهم إلا أن يكون قوم من البادية بعيدون عن المدن ولا يتقيدون، فهنا ربما يقيمونها، وإن كان أهل البلد لم يقيموها.
قوله: «ويسن أن يقف في أول المطر» ، السنة في اصطلاح الفقهاء: هي ما يثاب فاعله امتثالاً، ولا يعاقب تاركه.
قوله: «أن يقف» ، أي: أن يقف قائماً أول ما ينزل المطر.
قوله: «وإخراج رحله وثيابه ليصيبهما المطر» ، أي: متاعه الذي في بيته، أو في خيمته إن كان في البر، وكذلك ثيابه يخرجها؛ لأن هذا روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ[(222)].
والثابت من سنّة النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنه إذا نزل المطر حسر ثوبه» [(223)]، أي: رفعه حتى يصيب المطر بدنه، ويقول: «إنه كان حديث عهد بربه» [(224)].
وهذه السنّة ثابتة في الصحيح، وعليه فيقوم الإِنسان ويخرج شيئاً من بدنه إما من ساقه، أو من ذراعه، أو من رأسه حتى يصيبه المطر اتباعاً لسنّة النبي صلّى الله عليه وسلّم وقوله في الحديث: «إنه كان حديث عهد بربه»، لأن الله خلقه الآن، فهو حديث عهد بخلق الله.
وهل يقال: إن هذا التعليل يتعدى لغيره مما يُحدثه الله ـ عز وجل ـ، أو نقول: إن هذا تعليل بعلة قاصرة على معلولها؟
الجواب: أن نقول: إن هذه علة قاصرة على معلولها، ولهذا لا يمكن أن نقول للإنسان: إنه ينبغي أن يصيب من بدنه ما ولد من حيوان أو نحوه مما هو حديث عهد بالله.
ويستفاد من قوله: «إنه كان حديث عهد بربه»، ثبوت الأفعال الاختيارية لله ـ عز وجل ـ التي تقع بمشيئته، خلافاً لمن أنكر ذلك، فإن إنكاره عن جهل، وليس عن علم؛ فالرب عز وجل تقوم به الأفعال الاختيارية، ويفعل ما يشاء في أي وقت شاء.

وَإِذَا زَادَتِ المِيَاهُ، وَخِيفَ مِنْهَا سُنَّ أَنْ يَقُولَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلاَ عَلَيْنَا،...........
قوله: «وإذا زادت المياه وخيف منها سنّ أن يقول: اللهم حوالينا ولا علينا» ، أي: إذا زادت مياه السماء أي: الأمطار، ومثل ذلك لو زادت مياه الأنهار على وجه يُخشى منه، فإنه يسنّ أن يقول هذا الذكر: «اللهم حوالينا ولا علينا» .
ودليل ذلك: ما ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ «أن رجلاً جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو يخطب الناس يوم الجمعة، فقال: يا رسول الله، هلك المال، وتهدم البناء، فادع الله يمسكها عنا ـ فلم يدع الله بإمساكها، ولكنه دعا الله بإبقائها على وجه لا يضر ـ فقال: اللهم حوالينا ولا علينا...إلخ» [(225)].
وقوله: «اللهم» ، هذه منادى حذفت منها ياء النداء، وعوض عنها الميم، ولم تجعل الميم في أول الكلمة تيمناً بالبداءة باسم الله، وجُعلت في آخرها ميمٌ؛ لأن الميم تدل على الجمع، فكأن الداعي جمع قلبه على الله عز وجل.
وقوله: «حوالينا» أي: أنزله حوالينا، أي: حوالي المدينة.
وحوالي هنا: ملحق بالمثنى؛ لأنه نُصب بالياء بدلاً عن الفتحة حيث إنه لا يدل على اثنين، بل على واحد أي: حولنا.
وقوله: «ولا علينا» ، أي: ولا على المدينة التي خيف أن تتهدم من كثرة الأمطار.

اللَّهُمَّ عَلَى الظِّرَاب وَالآكَامِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، رَبَّنَا لاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ»، الآيَة.
قوله: «اللهمّ على الظراب» هي الروابي الصغار، أي: الأماكن المرتفعة من الأرض، لكن ليس ارتفاعاً شاهقاً؛ وذلك لأن المرتفع من الأرض يكون فيه النبات أسرع نمواً لأنه مرتفع قد تبين للشمس والهواء فيكون أحسن.
قوله: «والآكام» الجبال الصغيرة، ولهذا يقال: أكمة للجبل الصغير.
قوله: «وبطون الأودية» أي: داخل الأودية، أي: الشعاب؛ لأن بطون الأودية إذا أمطرت سالت، ونبتت فيها أشجار كبيرة نافعة.
قوله: «ومنابت الشجر» ، هذا عام يعم كل أرض تكون منبتاً للشجر.
فإذا قال قائل: هذه الدعوات هل شملت الأرض كلها؟
فالجواب: لم تشمل الأرض كلها، فخرج منها رؤوس الجبال العالية؛ لأنها ليست آكاماً، ولا ظراباً، وخرج منها الأرض القاحلة السبخة التي لا تنبت؛ لأنها ليست من منابت الشجر، ولا من بطون الأودية، فالنبي صلّى الله عليه وسلّم دعا الله ـ عز وجل ـ أن يكون نزول المطر على أراضٍ نافعة وهي هذه الأنواع الأربعة: الظراب، والآكام، وبطون الأودية، ومنابت الشجر.
قوله: «ربنا لا تحمِّلنا ما لا طاقة لنا به» ، هذه لم ترد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم لكنها مناسبة.
فإذا قالها الإِنسان لا على سبيل السنية فلا بأس، أما إذا قالها على أنها سنة فلا.
وهنا قال المؤلف: «ربنا لا تحمِّلنا» . وفي الآية: {{رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا}}، و«الواو» إنما حذفها المؤلف؛ لأنها في الآية حرف عطف على ما سبق، وهنا لم يسبقها شيء تعطف عليه، فلهذا حذف الواو، فقال: «ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به» .
قوله: «الآية» ، أي: إلى آخر الآية، أي: أكمل الآية.
وإكمال الآية: {{وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا}} [البقرة:286] أربع دعوات:
{{رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ}}، وهذا من باب التخلية.
{{وَاعْفُ عَنَّا}}، كذلك من باب التخلية.
{{وَاغْفِرْ لَنَا}}، كذلك من باب التخلية.
{{وَارْحَمْنَا}}، من باب التحلية أي: من باب إيجاد الشيء.
فهذه الدعوات كلها دعوات مفيدة مناسبة، لكن بشرط ألا يتخذها الإِنسان على أنها سنة.
ذكر في الروض مسألة مفيدة قال: «يحرم أن يقول: مطرنا بنوء كذا، ويباح في نوء كذا، وإضافة المطر إلى النوء دون الله كفر إجماعاً، قاله في المبدع» .
النوء: هو النجم، أي: مطرنا مثلاً بالنجم الفلاني، بنجم الشولة، أو بنجم النعائم، أو بنجم سعد الذابح، أو بنجم سعد بلع، أو سعد السعود، وما أشبه ذلك.
ودليله: ما ثبت في الصحيح من حديث زيد بن خالد الجهني «أنهم كانوا مع النبي (ص) في الحديبية على إثر سماء كانت من الليل ـ أي: مطر نزل في الليل ـ فلما انصرف النبي صلّى الله عليه وسلّم من صلاة الصبح قال لهم: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فهو كافر بي مؤمن بالكوكب» [(226)].
وهذا نص صريح في أن من قال: مطرنا بنوء كذا فهو كافر، ولهذا حكى في المبدع إجماع أهل العلم على ذلك[(227)].
إذاً قول الإِنسان: مطرنا بنوء كذا محرم، بل هو من كبائر الذنوب، وهل يكون كفراً أكبر مخرجاً عن الملة؟
الجواب: أنه بحسب عقيدة القائل، إن كان يعتقد أن النوء هو الذي خلق هذا المطر، فهو كافر كفراً مخرجاً عن الملة؛ لأنه ادَّعى أَنَّ مع الله خالقاً، وإن كان يعتقد أن النوء سبب فإنه كافر كفراً دون كفر.
وإنما كان كافراً فيما إذا اعتقد أنه سبب؛ لأنه أثبت سبباً لم يثبته الله ـ عز وجل ـ، فإن النجوم ليس لها أثر، وإنما هي أوقات فقط.
مسألة: لو قال: مطرنا في نوء كذا؟
الجواب: هذا جائز؛ لأن في للظرفية، ومن ذلك استعمال العامة عندنا الباء هنا، وهم يريدون الظرفية، يقولون مثلاً: مطرنا بالمربعانية، ومطرنا بالشبط، ومطرنا بالعقارب، العقارب هي: السعود الثلاثة، سعد الذابح، وبلع، والسعود.
فإذا قال: مطرنا بسعد السعود، وهو يقصد في سعد السعود كما هي اللغة العامية عندنا فهنا لا يكون كافراً، والباء قد تأتي بمعنى (في) مثل قوله تعالى: {{وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ *} {وَبِاللَّيْلِ}} [الصافات: 137، 138] ، أي: في الليل.

-----------------------------------------

[200] سبق تخريجه ص(109).
[201] أخرجه الطبراني في «الصغير» (1/137 ـ 138).
[202] يأتي تخريجه ص(212).
[203] يأتي تخريجه ص(216).
[204] أخرجه البخاري (2023) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
[205] أخرجه مسلم (2565) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[206] أخرجه مسلم (2588) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[207] أخرجه ابن ماجه (4019) عن ابن عمر رضي الله عنهما. وقال في «الزوائد»: «هذا حديث صالح للعمل به، وقد اختلف في ابن أبي مالك وأبيه».
[208] يأتي تخريجه ص(212).
[209] أخرجه الإمام أحمد (1/230، 355)؛ وأبو داود (1165)؛ والترمذي (558)؛ والنسائي (3/156)؛ وابن ماجه (1266)؛ وابن خزيمة (1405، 1419)؛ وابن حبان (2862) إحسان؛ والحاكم (1/326). وقال الترمذي: «حسن صحيح».
[210] «الروض مع حاشية ابن قاسم» (2/547).
[211] أخرجه البخاري (1010) عن أنس رضي الله عنه.
[212] أخرجه مسلم (1731).
[213] كما في حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه قالت: «فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر فكبّر وحمد الله عزّ وجل ثم قال: إنكم شكوتم جدب دياركم... ونزل فصلّى ركعتين...».
أخرجه أبو داود (1173)؛ وابن حبان (2860) إحسان؛ والحاكم (1/328)؛ والبيهقي (3/349). وقال أبو داود: «هذا حديث غريب إسناده جيد»، وصححه الحاكم على شرطهما، ووافقه الذهبي.
[214] كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «خرج نبي الله يستسقي فصلّى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة ثم خطبنا، ودعا الله عز وجل».
أخرجه الإمام أحمد (2/326)؛ وابن ماجه (1268)؛ والبيهقي (3/347)، وقال البوصيري في «زوائد ابن ماجه»: «إسناده صحيح».
[215] أخرجه البخاري (1031)؛ ومسلم (2096) (7).
[216] أخرجه البخاري (1029) عن أنس رضي الله تعالى عنه.
[217] أخرجه مسلم (896) عن أنس رضي الله عنه.
[218] أخرجه مسلم (2904) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[219] هذا الدعاء الذي أشار إليه الماتن؛ وذكره في الشرح روي مرفوعاً بنحوه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عزاه السيوطي في «جمع الجوامع» (1/385) إلى الطبراني، وذكره الشافعي في «الأم» (1/251) عن سالم عن أبيه تعليقاً، فقال: «وروي عن سالم عن أبيه وذكره...». قال ابن حجر في «التلخيص» (2/99): «ولم نقف له على إسناد، ولا وصله البيهقي في مصنفاته، بل رواه البيهقي في «المعرفة» من طريق الشافعي، قال: ويروى عن سالم به...».
[220] لحديث عائشة رضي الله عنها «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا رأى المطر قال: صيباً نافعاً». أخرجه البخاري (1032).
[221] سبق تخريجه ص(180).
[222] أخرجه الشافعي في «الأم» (1/152).
[223] أخرجه مسلم (898) عن أنس رضي الله عنه.
[224] أخرجه مسلم (898) عن أنس رضي الله عنه.
[225] سبق تخريجه ص(109).
[226] أخرجه البخاري (1038)؛ ومسلم (71).
[227] «المبدع» (2/212).