علي الحلبي يقرر أنَّ فتنة الشيخ ربيع أشد من فتنة جهيمان وسفر وسلمان!!!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:فقد اطلعتُ على مقال جديد لعلي الحلبي بعنوان [مقارنةُ واقع الدعوة السلفية- أيام أئمتنا الثلاثة -مع حالِها- هذه الأيام - بمناهج الغثاثة!]، والغث: هو الرديء من كل شيء، والمهزول، والمختلط، والكلام الذي لا معنى له ولا طلاوة عليه، انظر لسان العرب مادة (غبث).ولي على مقاله هذا وقفات:
الوقفة الأولى في عنوان مقاله
لماذا يصر علي الحلبي مراراً وتكراراً على تعطيل الدعوة السلفية بعد موت العلماء الثلاثة؟!هل منهج العلماء الثلاثة منقطع عمن قبله ومن بعده؟!ألا يعد هذا من تحجير الواسع وبخس العلماء الآخرين؟!أين هو من حديث: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق...))؟!فأهل الحق من أهل العلم والسنة باقون إلى قيام الساعة، فلماذا تضييق العلم والعلماء وتعطيل الدعوة السلفية بعد موت العلماء الثلاثة؟!ثم لماذا لا يرجع الحلبي إلى زمن الإمام أحمد وإخوانه وتلاميذه؛ مثلاً؟!الجواب عن ذلك:أنَّ الحلبي يسعى منذ أن تكلَّمت فيه اللجنة الدائمة وحذَّرت من كتابيه - في مسائل الإيمان والكفر - إلى إرجاع الناس إلى زمن العلماء الثلاثة حصراً!، أي إلى زمن لم يُجرَّح فيه ويُحذَّر منه لعدم ظهور تخبطه وضلاله آنذاك، والبرهان على هذا ما قاله في مقدمة كتابه [التحذير من فتنة الغلو في التكفير الطبعة الثالثة/ دار المنهاج ص40 - 42]: ((وهذه الرسالة إخواني القراء مجموع فيها كلام ثلاثة من أئمة العلم في هذا العصر، هم المحدِّث العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ العلامة الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، والشيخ العلامة الأصولي الفقيه محمد ابن صالح العثيمين؛ رحمهم الله أجمعين، ونفع الأمة بعلومهم، وأصلح بتراثهم مَنْ انحرف عن نهج الحق وسبيله. إنَّ مشايخنا الأجلاء هؤلاء هم نجوم الهدى، ورجوم العِدى؛ مَنْ تمسَّك بغرْزهم فهو الناجي، ومَنْ ناوأهم وعاداهم فهو المظلم الداجي -[ثم ردَّ الحلبي ما قد يُتهم به من التقليد لهؤلاء الأئمة، وفرَّق بين المسائل الكبار التي لا يتصدَّر لها إلا الكبار من أهل العلم وبين المسائل العلمية التفصيلية التي قد يخفى وجه الحق فيها على آحاد العلماء، ثم قال:]- فالحكم الذي يتفق عليه مثل هؤلاء الأئمة الكبراء والعلماء الفقهاء لا يُبعد عن الصواب كثيراً مَنْ يدَّعي أنه الإجماع، وأنه الحق، وأنه الهدى والرشاد؛ لأنهم أئمة الزمان، وعلماء العصر والأوان، فلعلَّ المخالفَ لهم مفارقٌ للجماعة، ومخالفٌ عن حسن الإتباع وصواب الطاعة)).ويكفينا في ردِّ دعوى الإجماع هذه ما قاله الحافظ الذهبي رحمه الله في [سير أعلام النبلاء 7/ 117]: ((قَالَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه: إِذَا اجْتَمَعَ الثَّوْرِيُّ وَالأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ عَلَى أَمرٍ فَهُوَ سُنَّةٌ. قُلْتُ (الذهبي): بَلِ السُّنَّةُ مَا سَنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالخُلَفَاءُ الرَّاشِدُوْنَ مِنْ بَعْدِهِ، وَالإِجْمَاعُ هُوَ مَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الأُمَّةِ قَدِيْماً وَحَدِيْثاً؛ إِجْمَاعاً ظَنِّياً أَوْ سُكُوتِيّاً، فَمَنْ شَذَّ عَنْ هَذَا الإِجْمَاعِ مِنَ التَّابِعِيْنَ أَوْ تَابِعِيْهِم لِقَوْلٍ بِاجْتِهَادِه احْتُمِلَ لَهُ، فَأَمَّا مَنْ خَالَفَ الثَّلاَثَةَ المَذْكُوْرِيْنَ مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ فَلاَ يُسَمَّى مُخَالِفاً لِلإِجْمَاعِ وَلاَ لِلسُّنَّةِ!، وَإِنَّمَا مُرَادُ إِسْحَاقَ: أَنَّهُم إِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى مَسْأَلَةٍ، فَهُوَ حَقٌّ غَالِباً، كَمَا نَقُوْلُ اليَوْمَ: لاَ يَكَادُ يُوجَدُ الحَقُّ فِيْمَا اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الاجْتِهَادِ الأَرْبَعَةُ عَلَى خِلاَفِه، مَعَ اعْتِرَافِنَا بِأَنَّ اتِّفَاقَهُم عَلَى مَسْأَلَةٍ لاَ يَكُوْنُ إِجْمَاعَ الأُمَّةِ!، وَنَهَابُ أَنْ نَجْزِمَ فِي مَسْأَلَةٍ اتَّفَقُوا عَلَيْهَا بِأَنَّ الحَقَّ فِي خِلاَفِهَا)).- ولا أدري كيف يصف الحلبي زمن ما بعد موت العلماء الثلاثة بغثاثة المنهج دون استثناء منهج من المناهج ولا عالم من العلماء؟!لكن لا غرابة في ذلك إذا عرفنا أنَّ الحلبي يلمز كلَّ من لا يوافقه في حربه هذه ضد السلفيين وإن كان ساكتاً، فقد قال في مقاله [رسالتي إلى/في=الدكتور ربيع؛ أُقَدّمها مِن الآن-قبل ليلة النّصف مِن شعبان-..لعله..لعله!]: ((وأما من لا يَزالُ لائذاً بك - أو ساكتاً عنك - من غير هذا الصنف العالي؛ فهو أحد ثلاثة لا غير:* خائفٌ مِن لسانِك وتحذيرك!* طامعٌ بشيء من إرث (لوائك) وبلائك عاجلاً أو آجلاً؛ لا فرْق!!.* مخدوعٌ بتاريخك؛ غيرَ متيقّظٍ لِما انتهى إليه حالُك!)).
الوقفة الثانية: الفتن التي مرت بالدعوة السلفية في زمن العلماء الثلاثة
قال علي الحلبي في أول مقاله: ((لقد ألمّت بالدعوة السلفية المعاصرة-على الأقلّ:فيما عايشه كاتبُ هذه السطور-ثلاثُ فتنٍ كبرى:أولها: فتنة جهيمان!؛ وكانت كلمةُ علمائنا-جميعاً-فيها-مؤتلفةً غير مختلفة:على ردّها ، ونقضِها!.وثانيتها: فتنة (سفر وسلمان)-وانشقاقِهم عن هَدْي العلماء الأكابر في الموقف مِن(حرب الخليج)-وما تلا ذلك من تحزّب، وتسييس،و..و..-!. وأيضاً؛ كانت كلمةُ أكثرِ علمائنا-جميعاً-فيها-متوافقة ؛ باستثناء مخالفة شيخنا الإمام الألباني-يومَذاك-لفتوى الشيخ ابن باز-وبقية علماء نجد والحجاز-.ومع ذلك: لم يكن لهذا الاختلافِ-مع شديد أهمّيته,وعظيم أثره- أدنى سببٍ تُنقَضُ به أواصرُ عُرى هذا المنهج السلفي العظيم ؛ الذي التقى المشايخُ-جميعاً-على الاجتماع عليه،والدعوة إليه.وكان سبيلُهم الأوحدُ-فيما بينهم-تُجاهَ هذا الخلاف-:التناصحَ في ذات الله-بالعلم والحِلم-،والتواصي بالحقّ والصبر والمرحمة-بكلّ رِفقٍ وأدب-.وثالثة هذه الفتن : فتنة التجريح والتقبيح ، والتقزيم والتأزيم!!.وهي الفتنةُ التي حَمل لواءَها-بعد نيلِه(!)تزكيةً لم يحلم بها!-وناضل دونها!ونشر أسبابَها!وفتح أبوابَها!-: الدكتور ربيع المدخلي-هداه الله الملكُ العلّام سُبُلَ السلام-!)).أقول:إذا كانت فتنة التجريح في زمن الأئمة الثلاثة قد حمل لواءها الشيخ ربيع كما تزعم في كلامك هذا، فما هو موقفك منها يومئذ؟لا ننتظر جواباً منك الآن، لأنك أجبت عن ذلك من قبل:% فقلتَ في فتنة سلمان وسفر [منهج السلف الصالح/ الطبعة الثانية ص182 - 184]: ((عِنْدَ حَرْبِ الخَلِيجِ الأُولَى؛ لَمَّا خَرَجَ سَلْمَان العَوْدَة، وَسَفَر الحَوَالِي ومَن معهما عَلَى عُلَمَاءِ بِلاَدِ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْن، وَخَالَفُوهُم بِمَا أَفْتَوْا بِهِ حِينَذَاك. فكَانَتْ كَلِمَةُ كَثِيرٍ مِنْ مَشَايِخِ السَّلَفِيَّةِ مُجْتَمِعَةً على انْتِقَادِ هَؤُلاء وَالكَلاَمِ عَلَيْهِم، بَلْ تَبْدِيعِهِم، وَلَمْ يَكُنْ هَذا الأَمْرُ - فِي الأَوَّلِ - ظَاهِراً لِشَيْخِنا رِحَمِهُ الله؛ بَلْ كَانَ – غَالِباً - يُدافِعُ عَنْهُم، ويُثْنِي عليهِم، وَيَنْقُضُ قَوْلَ الطَّاعِنِ بِهِ، وَرَأَيْتُ بِأُمِّ عَيْنِي رُدُودَ شَيْخِنا القَوِيَّةَ عَلَى ذَاكَ الشَّابِ المُتَحَمِّس القَادِمِ مِنْ سَفَرٍ بَعِيدٍ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ لَهُ لِيَنْتَزِعَ مِنْ شَيْخِنا حُكْماً بِتَبْدِيعِ هَؤُلاء!، فَرَدَّ عَلَيْهِ شَيْخُنا بِقُوَّة، وَنَاقَشَهُ بِشِدَّة؛ فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ الشَّابِّ إِلَّا أَن انْتَكَسَ ومَرِض، وَذَهَبَ إِلى المُسْتَشْفَى لَيْلَتَها، ثُمَّ كَرَّ مُسافِراً رَاجِعاً صَبِيحَةَ اليَوْمِ التَّالِي مُباشَرَةً!، وَفِي الوَقْت الَّذِي كَانَ فِيهِ مَوْقِفُ شَيْخِنا عَلَى هَذا الحَالِ؛ كُنْتُ أَنَا - مَعَ أَكْثَرِ إِخْوَانِنا السَّلَفِيِّين في الأُرْدُنّ - مُخَالِفينَ لَهُ، وَمُوافِقينَ كَلامَ فَضِيلَةِ الشَّيْخ ربيع بن هادي حَفِظَهُ الله فِي هَذَين وَمَنْ مَعَهُما رَدًّا وَتَحْذِيراً)).% وقلتَ أيها الحلبي في فتنة عدنان عرعور لما سُئلت عنه في [شريط مسجل عنوانه [رحلة بلاد الحرمين] بتاريخ 28 رمضان 1422 هجري الموافق 13/12/2001]: ماذا ظهر لكم بارك الله فيكم في القول في عدنان عرعور؟ فكان جوابك: ((ليس عندنا من جديد بعد ما ذكره وتكلَّم به كثيرًا فضيلة أستاذنا الشيخ ربيع، والأمر كما قيل:إذا قالت حذام فصدقوها فإنَّ القول ما قالت حذام فإذا كان عند الآخرين شيء من الرد والبيان فليبينوا ذلك، والقضية تنتهي بالرجوع إلى الحق والانصياع إليه، أما مجرد التهويش ومجرد الكلام هكذا بصورة أو بأخرى للرد على كلام شيخنا أبي محمد حفظه الله، فهذا لا يصلح، فنحن مع الحق وأهل الحق بكل ما وافق الحق)).% وقلتَ أيها الحلبي في محمد عبدالرحمن المغراوي [المصدر السابق] لما سُئلت عن أخطائه: ((هذه الأخطاء أخطاء واضحة تخالف منهج السلف، ويجب على الشيخ المغراوي أن يتراجع عنها بكل صورة واضحة، وما يظن أنه له فيه سلف أو قضية علمية يرجع الأمر إلى العلماء، والحمد لله موجودون، وأما القضايا التي هو مخطئ فيها وبينها الشيخ ربيع وغيره من المشايخ لا يجوز السكوت عنها، ولا تلمس الاعتذار فيها، بل يجب أن يرجع عنها بكل وضوح)).% بل قد وافق الحلبي الشيخ ربيعاً في انتقاداته للمأربي ورد قواعده الباطلة وتأصيلاته الفاسدة كما في [بيان مكة الموقع بين الشيخ ربيع ومشايخ الشام والشيخ محمد بازمول]، ومجمل ما جاء في البيان - الذي صاغه الحلبي أصالة ثم وقع عليه الحاضرون -: أنَّ خبر الآحاد يفيد العلم لا الظن، وأنَّ المجمل والمفصل لا يبحث إلا في كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأَنَّ الكلام في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بسوء - وصف "غثاء" - ضلال عريض، وأنَّ الإخوان المسلمين والتبليغ وغيرها من المناهج المعاصرة خارجة عن أهل السنة ومخالفة لمنهج السلف، وأنَّ رد الحق ودلائل الصواب بدعوى "التثبت" طريقةٌ حادثةٌ مخالفة لمنهج السنة وطريقة أهلها، وأنَّ دعوى عدم قبول الخبر إلا بـ "السماع المباشر من قائله" دعوى باطلة؛ تردها مناهج العلماء وطرائقهم المفصلة، وأنَّ قول بعض الناس: "نصحح ولا نجرح" باطلٌ بيقين؛ فلا يزال أهلُ الحديث من قبل ومن بعدـ يجرِّحون مَنْ يستحق التجريح بالقواعد العلمية والأصول الشرعية.ومعلوم أنَّ هذه التأصيلات في هذا البيان جاءت لنسف قواعد المأربي ونقض تقريراته كما لا يخفى على المتتبع البصير لفتنته، ثم جاء في آخر البيان: ((إنَّ كلَّ مخالفٍ لهذه القواعد يجب أن يرجع إلى هذا الحق الصريح، وأن يؤوب إلى هذا النهج الصحيح؛ كائنًا من كان بوضوح وبيان وظهور حق، دونما تلبيس أو تدليس))، والمأربي لم يرجع حتى هذه الساعة عن قواعده الباطلة هذه.فأقول:الحلبي من خلال كلامه هذا موافق تماماً للشيخ ربيع حفظه الله في كلامه ونقده وتحذيره من هؤلاء المذكورين الذين يتباكى عليهم الحلبي اليوم، لكنه انقلب على عقبيه في ليلة وضحاها فأصبح مجادلاً عنهم ومعتذراً لهم ومتأثراً بهم من جهة، ومعادياً لمخالفهم والطاعن فيهم والمحذِّر منهم من جهة أخرى، في الوقت الذي أظهر هؤلاء في هذه الأيام من الضلالات الكبرى والانحرافات الظاهرة من الدعوة إلى الخروج على الحاكم الظالم وتجويز المظاهرات والإقرار بمبدأ الديمقراطية والعمل السياسي المنظم في حزب معلن تحت قبة البرلمان وغير ذلك.فإن كان الطعن في هؤلاء يعد عند الحلبي من فتنة التجريح المنفلت، فهو قد وافق الشيخ ربيعاً فيه كما هو ملاحظ في كلامه السابق!.وإن كان الحلبي يعده من التجريح بـ "القواعد العلمية والأصول الشرعية"، فما سبب إنكاره له الآن؟!وإن كان يفرِّق بين (النقد والرد والتخطئة) وبين (الطعن والتبديع والتحذير من الأعيان)، فيزعم أنَّه يوافق الشيخ ربيعاً في تخطئته لهم لا في تبديعه - مع إصرارهم على باطلهم - فهذه قاعدة المأربي التي وصفها الحلبي في البيان السابق: ((قول بعض الناس: "نصحِّح ولا نجرِّح" باطلٌ بيقين))، وهي قاعدة عدنان عرعور: ((نصحح ولا نهدم))، التي قال عنها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بأنها: ((قاعدة مداهنة))، وأنكرها جمع من كبار العلماء، ومع هذا فقد كرر الحلبي في كتابه ومقالاته قاعدة: نخطِّئ ولا نبدِّع في حق المصرين على المخالفة، أكثر من مرة!!، بل كتب مقالاً بعنوان ["فأيُّ الفريقَين أحقُّ بالأمنِ إنْ كنتُم تعلمُون" بلاء التجريح ... أم لواء التصحيح!؟]..وبهذا نعرف أنَّ الشيخ ربيعاً حفظه الله غير ملوم في هذا التجريح الذي وافقه عليه الحلبي من قبل، وإنما يتوجه اللوم على المتقلِّب المتلون، الذي أصبح يعرف ما كان يُنكر، وينكر ما كان يعرف.- وأما قول الحلبي: ((بعد نيلِه تزكيةً لم يحلم بها!)) أي أنَّ الشيخ ربيعاً نال تزكية العلماء، وتزكية الإمام الألباني رحمه الله بأنه "حامل لواء الجرح والتعديل في هذا الزمان بحق" ولم يكن يحلم بها!، فمعلوم سبب هذا الحنق والبغض لهذه التزكية، فهذه التزكية قطعة أعناق المبتدعة والمجادلين عنهم، فلا غرابة أن يكرهها مثل الحلبي اليوم، ومن عرف الشيخ ربيعاً حفظه الله معرفة قريبة عرف أنه من أكثر الناس تواضعاً ومن أشدهم كراهية للثناء عليه ومن أزهدهم بهذه التزكيات والإجازات، ولم يسع ولم يحرص عليها يوماً في حياته، وإنما جاءته تزكية الشيخ الألباني رحمه الله من طريق أشد الناس عداوة له من قبل ومن بعد، ألا وهو المأربي، الذي سأل الشيخ الألباني عمن يتكلَّم في الشيخين الشيخ مقبل رحمه الله والشيخ ربيع حفظه الله، فأثنى عليهما ودافع عنهما، ثم خصَّ الشيخ ربيعاً بالكلام والثناء لمعرفته به وبكتبه وردوده، فهذه التزكية ما جاءت من غير معرفة، بل هي من تأييد الله عز وجل لأهل السنة الصادقين الذين يصدعون بالحق؛ ينطق بها مشايخهم وإخوانهم من العلماء عن علم وصدق، فموتوا بغيظكم أيها الحساد الشانئون.- وأما دعوى الحلبي أنَّ الشيخ ربيعاً حفظه الله هو حامل لواء هذه الفتن وناشر أسبابه وفاتح أبوابه؛ فهذا من أشد الظلم والبهتان.~ ففتنة سلمان وسفر سببها طعونهما في الحكام والعلماء والتحريض على الفتنة في أزمة الخليج الأولى.~ وفتنة عدنان عرعور سببها إحداثه القواعد الباطلة التي أنكرها كبار العلماء وحذَّروا من صاحبها؛ ومنهم الشيخ ابن عثيمين والشيخ عبدالله الغديان والشيخ أحمد النجمي رحمهم الله، والشيخ صالح الفوزان والشيخ عبدالمحسن العباد والشيخ زيد المدخلي والشيخ ربيع المدخلي والشيخ عبيد الجابري والشيخ محمد بن هادي حفظهم الله، وغيرهم من أهل العلم في مختلف البلدان.~ وفتنة المأربي افتتح هو بابها بإقراره الصريح؛ فقد قال في كتابه ["الدفاع عن أهل الإتباع" رد علمي على الشيخ ربيع المدخلي/ وهو في مجلدين ضخمين]: ((لقد أنكرْتُ طريقةَ الشيخ ربيع منذ عدة سنوات في كتابي "السراج الوهاج" الذي كتبته في 1418هـ!!، وقد طُبِعَ الكتاب ثلاث طبعات قبل ظهور اختلافي مع الشيخ ربيع!، ولقد صرح الشيخ ربيع نفسه في رده عليّ في كتابه: "انتقاد عقدي ومنهجي على السراج الوهاج" وغيره، فقال: "إنني عندما راجعتُ الكتاب - يعني السراج الوهاج - علمتُ أنه يقصدني بذلك" يعني: تحذيري من عدة صور من الغلو الواقع فيه، وقال أيضاً: "وقد كنتُ مستيقناً بلاءه منذ 1416هـ". اهـ. وذلك لما يجد مني من كثرة المناقشة والإنكار عليه فيما خالف فيه المنهج السلفي!)).~ وفتنة الحلبي وحزبه العنيد قد اعترفوا هم أنَّ عداءهم وخصومتهم للشيخ ربيع حفظه الله كانت منذ أكثر من عقد ونصف؛ قال أبو الاختلال الجنيدي وأيده شيخه الحلبي بعده [بتاريخ 6/ 11/2011 بالإفرنجي]!: ((لذلك كان ينبغي على السلفيين ومن عندهم نشاط في المنتدى وقدرة على الكتابة: أن يتوجَّهوا بالنقد للشيخ ربيع أكثر وأكثر؛ حتى نقضي على فتنته التي فرَّقت الدعوة لما يزيد عن عقد ونصف))، وقال مشرفو الحلبي [بتاريخ 30/ 8/2011 بالإفرنجي] في مقدمة مقالهم [السبب "الأساس" وراء إثارة الشيخ ربيع المدخلي للفتن بين السلفيين ... !]: ((فإنَّ ما تعايشه الدعوة السلفية من تمزق وتناحر بين أبنائها والمنتسبين إليها واقع لا يجحده إلا مكابر؛ فأمثلته عديدة، ومحاوره كثيرة، وأطرافه متشعبة، ومراتبه متفاوتة. ومن أمثلة هذا الواقع المرير: ما جرى بين الشيخ ربيع المدخلي وأتباعه وأنصاره من جهة، ومخالفيه من المشايخ السلفيين وأتباعهم وأنصارهم من جهة أخرى، وذلك على مدى أكثر من عقد ونصف من الزمان؛ فكنَّا نسمع بـ (فتنة عرعور)! و (فتنة المغراوي)! و (فتنة ألمأربي)!)).أي أنَّ الحلبي وحزبه بدأ خلافهم مع الشيخ ربيع في عام 1996 بالإفرنجي أو أكثر من ذلك!، أي قبل وفاة العلماء الثلاثة!!، فهل أثنى هؤلاء العلماء على الشيخ ربيع وردوده عن علم أم عن جهل؟! وهل أيدوه بحق أم بباطل؟!ثم:هل كان السلفيون يسمعون من الشيخ ربيع حفظه الله طعناً في الحلبي منذ ذلك الوقت إلى قبيل ظهور كتابه [منهج السلف الصالح]؟!الجواب: بل كان الشيخ ربيع حفظه الله لا يأذن بالكلام فيه وفي مشايخ الشام آنذاك، ويرد على فالح وحزبه طعوناتهم فيهم كل هذه السنيين، وهذا كله موثَّق عنه، لأنهم لم يظهروا من الضلالات ما أظهروه اليوم، وكان الشيخ ربيع يناصحهم ويصبر عليهم كما صبر على غيرهم عدة سنوات، فمن فتح باب الشر ونشر أسباب الفتن؟!ثم:إنَّ الحلبي يقر مراراً أن سبب فتح منتدياته كان من أجل معاداة منهج الشيخ ربيع حفظه الله، بل قال في مقاله هذا الذي نحن بصدد التعليق عليه: ((بل-أكرّرها المرة تلو المرّة-: لم نُنْشئ(نحن)هذا (المنتدى)-المبارك-رغم أنوف الشانئين-إن شاء الله-إلا لكشف هذه الانحرافات الجليّة عن جسد دعوتنا السلفية،وردّها،ونقدها،ونقضها، ونحن ماضون..مستمرّون..بلا تردّد ..ولا تلكّؤ-بإذن ربّ العالَمين-حتى نكسرَ هذا الغلوَّ؛ ليرجعَ للدعوة السلفية أَلَقُها،ونقاؤها،وعظيمُ نفعها،وكبيرُ إيجابيِّ أثرها. أمّا كونُ فتنة الدكتور المدخلي-هداه الله-هذه-هي أشدَّ تلكم الفتن تأثيراً (على الدعوة السلفية)-تشتيتاً!وتفريقاً!وتحزّباً!وتعصّباً-فلما يلي...)).وقال قبلها: ((ليست ردودُنا على مدرسة الغلوّ-هذه-عموماً-وعلى رأسِها الأوّل الدكتور ربيع المدخلي...)).فهذا المنتدى لم تكن غايته الدعوة إلى التوحيد ولا نشر العلم والفقه وأبوابهما ولا المسائل العلمية والبحوث الشرعية ولا الآداب والأخلاق الإسلامية، ولا في الرد على المنحرفين بجميع أصنافهم - من روافض وصوفية وأشاعرة ومعتزلة... - ومختلف توجهاتهم - من تكفيريين وحزبيين وإخوانيين ...-، وإنما في الرد على الشيخ ربيع ومنهجه، وفي الرد على السلفيين الموصوفين عندهم "بغلاة التجريح"!.فكيف يزعم الحلبي وحزبه العنيد بعد هذا: أنَّ الشيخ ربيعاً هو مثير هذه الفتن وفاتح أبوابها وناشر أسبابها؟!!قاتل الله الهوى وأهله.
الوقفة الثالثة: الحلبي يزعم أنَّ منهج الشيخ ربيع أشد فتنة من جهيمان وسفر وسلمان
قال الحلبي في مقاله هذا: ((وأقولُ-مباشَرةً-وبدون أيّة مقدّمات-: إنّ أشدَّ هذه الفتن تأثيراً-(على الدعوة السلفية)-تشتيتاً!وتفريقاً!وتحزّباً!وتعصّباً-هي الفتنةُ الأخيرةُ-هذه-:(فتنة الدكتور المدخلي)-ومَن وراءَه- في منهجِه التجريحيّ المسخ الدخيل على الدعوة السلفية المباركة-...)).أقول:ذكر الحلبي في أول مقاله هذا ثلاث فتن هي: فتنة جهيمان، وفتنة سفر وسلمان، وفتنة التجريح، ثم عدَّ الشيخ ربيعاً هو حامل بلاء فتنة التجريح كما تقدم!، ثم من غير مقدمات اعتبر (فتنة الدكتور ربيع) - على حد وصفه المشين! – أشد هذه الفتن الثلاث تأثيراً على الدعوة السلفية - تشتيتاً وتفريقاً وتحزباً وتعصباً -!!.ونحن نعلم من موقف الحلبي القديم - ولعل الحلبي الجديد غير ذلك! – أنه يُبدِّع سلمان وسفراً، فالسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: لماذا لا يُبدِّع الحلبي الشيخ ربيعاً إذا كان أشد تأثيراً وفتنة على الدعوة السلفية من سلمان وسفر؟!لعل المانع من ذلك هو خوفه من كلمة العلماء الذين يعرفون قدر الشيخ ربيع ومكانته إذا صرَّح بتبديعه!، ولعله بسبب المنهج الحادث الذي انتهجه في إغلاق باب التبديع مطلقاً!!، وقد قال في كتابه [منهج السلف الصالح/ الطبعة الثانية ص147] - في أثناء دفاعه عن جمعية إحياء التراث -: ((نعم يخطئ الجميع، لكن البحث في البدع والتبديع!!)).ثم:لينظر القارئ المنصف إلى غلو الحلبي هذا:- فمرة يزعم هو وحزبه العنيد: أنَّ الشيخ ربيعاً أكثر ضرراً على السلفيين من محمد حسان!، وانظر مقال [جواب للشيخ علي الحلبي آن الأوان لإظهاره!/ الصفحة الثانية/ المشاركة (14)، (15)] في منتدياتهم، وقد رددتُ ذلك في مقال [آلشيخ ربيع أكثر ضرراً على السلفيين من محمد حسان؟! قاتل الله الجهل وأهله].- ومرة يقول الحلبي: ((سيد قطب؛ الذي هو عندي أقل خطراً بكثير على الدعوة السلفية النقية من خطر المنهج المسخ للدكتور ربيع المدخلي، وليس ثمة خطر من سيد قطب ومنهجه على السلفية والسلفيين ألبتة...))، وانظر مقاله في الدفاع عن سيد قطب (المظلوم!) و (المعتدى عليه!) [مبالغة ظاهرة من الشيخ ربيع المدخلي في نقده لسيد قطب، وتشدده عليه/ جديد الشيخ الألباني]، وقد رددته في مقالي [(جديد!) علي الحلبي: منهج سيد قطب أقل خطراً بكثير على السلفيين من منهج الشيخ ربيع].- ومرة يزعم الحلبي مخاطباً الشيخ ربيعاً: ((إنَّ غلوّ الباشميل وغلوّ الحداد وغلوّ فريد المالكي -مجتمعين!- لا يَكاد يُوازي - والله أعلم - حماستَك تلك! وغُلَواءَك ذاك))، وانظر مقاله [هل تَراجَع الدكتور ربيع عن منهجه(!)في التبديع!؟ أم هذا بعضُ(!)تناقُضِه الفظيع؟!]، وقد رددته بمقالي [النقض الراجع في إثبات أنَّ الحلبي أحقُّ بوصف (التناقض) و (التراجع)!].- وهذه المرة يقرر الحلبي في مقاله هذا: أنَّ فتنة الدكتور ربيع أشد تأثيراً على الدعوة السلفية من فتنة جهيمان وسفر وسلمان!!.إذن لم يبق الآن إلا (عبدالله القصيمي!) الذي ارتد عن دينه وكشف قناع النفاق والزندقة عن وجهه؛ فلعلنا نرى قريباً عند الحلبي: أنَّ الشيخ ربيعاً أشد خطراً أو ضرراً أو فتنة أو شراً من عبدالله القصيمي!!، والله أعلم، فلا نستعجل!.فأيُّ غلو هذا بلغه الحلبي لهواه وحسده وشدة ظلمه؟!ألم يزعم أنه رجع عن الغلو بعد اعترافه به؟!قال الحلبي في حاشية كتابه [منهج السلف الصالح]: ((وأقول منصفًا نفسي ومعترفًا بتجاوزي: لئن تقدم مني قبلًا يد سبق في شيء من هذا الغلو وأربابه؛ فإني أرجو ربي أن يكون لي قدم صدق في رد الحق إلى نصابه وتحرير هديه وصوابه)).وقال في [مقطع مسجل بصوته]: ((بالله عليكم انظروا وقارنوا بين الرفق الذي وفَّقنا الله عز وجل إليه في هذه الفترة الأخيرة؛ بعد أن غصنا وكدنا نغرق في الغلو والتعنت وشيء من الشدة!، نقول هذا، ونعترف به، ولا نستكبر في أن نعتذر منه، وأن نرجع عنه، ووالله كما ظهر لنا أنَّ هذا ليس على الحق!، لو ظهر أنَّ هذا الذي نحن فيه الآن ليس على الحق لتركناه أيضاً بدون أي إشكال)).فلا ندري هل رجع الحلبي عن غلوه مع جميع خصومه - وإن كانوا مجروحين بالحق – إلا الشيخ ربيع؟!!فأي حقد وعداوة هذه؟!ثم يتبجَّح مخاطباً الشيخ ربيعاً: لا أعاديك كما عاداك غيري، وبيني وبينك العلم!!ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية القائل في [المجموع 20/84]: ((العدل: هو الذي يُخبر بالأمر على ما هو عليه؛ لا يزيد فيكون كاذبًا، ولا ينقص فيكون كاتمًا)). ورحم الله تلميذه العلامة ابن القيم رحمه الله القائل في [مدارج السالكين 2/496]: ((وما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان، إما إلى تفريطٍ وإضاعةٍ، وإما إلى إفراطٍ وغلو، ودين الله وسطٌ بينَ الجَافي عنه والغالي فيه، كالوادي بين جبلين، والهدى بين ضلالتين، والوسط: بين طرفين ذميمين، فكما أنَّ الجافي عن الأمر مضيعٌ له، فالغالي فيه مضيعٌ له، هذا بتقصيره عن الحد، وهذا بتجاوزه الحد)).وعلي الحلبي قد جمع بين الغلو والتضييع والتعنت والتمييع، فغلوه مع أهل الحق ظاهر، وتمييعه مع أهل الباطل واضح، فهو من غلاة التجريح مع أهل العلم الصادقين، ومن غلاة التمييع مع أهل الزيغ المنحرفين، والله المستعان.
الوقفة الرابعة: اضطراب الحلبي في دعواه أنَّ ردودهم على الشيخ ربيع متوجهة نحو منهجه لا مكانته العلمية وسلامة مجمل عقيدته!
قال الحلبي في مقاله هذا: ((وحتى لا يلبّس ملبّس...ولا يدلّس مدلّس-وما أوفرَهما في هذا الزمان!-أقول: ليست ردودُنا على مدرسة الغلوّ-هذه-عموماً-وعلى رأسِها الأوّل الدكتور ربيع المدخلي-خصوصاً-ردوداً على مكانته العلمية-بعامّة-،أو انتقاصاً مِن سلامة مجمَل عقيدته في التوحيد..أو علمه في الحديث..أو جُهده في الرد على مخالفي المنهج السلفي الحق في فترةٍ-ما-من الزمان-قبل أن يحوّل اتجاهَ لوائه..وبلائه: إلى أهل السنة والسلفيين-على تناقضٍ جليّ ظاهر-غير طاهر!-!وإن كان قد وقع منه-ولا يزالُ يقعُ-بداهةً!-أغلاطٌ شتّى في هذ المجالاتِ –كلِّها-من قبل ومن بعد-،وقد تولّى تتبُّعَه فيها كثيرٌ مِن مخالفيه-قبلَنا –كالمأربيّ ،والحربيّ، والمغراويّ-على ما بينهم مِن تفاوت!-وغيرِهم-!بل إنّ ردودَنا –جميعاً- قائمةٌ على كشف الخلل الذي أوقعه في هذه الدعوة السلفية المبارَكة:-في أصلِ اهتمامها وتركيزها-مِن حيثُ العقيدةُ والسنةُ-.-إلى فَروع تطبيقاتها في: مسائل الجرح، والتعديل، والتبديع ،ولهجر..و..و..و..-وما إلى ذلك-!)).أقول:إنَّ الحلبي بكلامه هذا يحاول ذر الرماد في العيون والضحك على الذقون بدعوى أنه يحترم الشيخ ربيعاً ويحرص على مكانته العلمية والدعوية، وأنه يتكلَّم فيه بعدل وإنصاف، فلا يبخسه شيئاً ولا يتهمه بما ليس فيه، وهذا كذب صريح، يدل عليه هذا الاضطراب في هذا الكلام القبيح، وقد قيل في بيان سرعة انكشاف الكذب وفضح أهله: امش مع الكذَّاب إلى عتبة الباب!.فقد قرر الحلبي سلامة مجمل عقيدة الشيخ ربيع ثم أثبت الخلل الذي أوقعه في العقيدة والسنة؛ بحسب دعواه!.وأقرَّ له بالمكانة العلمية في العقيدة والحديث والرد على المخالف، ثم أثبت له أغلاطاً شتى في كل هذه المجالات!، وأشاد بردود مخالفيه وأحال إليهم!، ولا يخفى ما فيها من ظلم وبهتان.وأقر له بالجهد في الرد على المنحرفين في زمن من الأزمان، ثم أثبت له التقلب والتوجه نحو أهل السنة والتناقض الجلي الظاهر غير الطاهر!.ثم زاد على ذلك:إثبات دعوى الخلل الذي أوقعه الشيخ ربيع في أصول الدعوة السلفية وفروعها!!فلا أدري ماذا أبقى من المكانة العلمية والاحترام؟!!وأما ما يكتبه الحلبي في جملة من مقالاته وما يكتبه أعضاء حزبه في منتدياتهم من تجهيل وتحقير وسخرية وانتقاص وبهتان وظلم وبغض وتنفير وعداوة وتحريض ودعاء بالهلاك ولعن وسب وشتم وهمز ولمز في حق الشيخ ربيع حفظه الله فلا يحتاج إلى برهان، وإن سموا ذلك بغير اسمه نقداً ورداً وتخطئة!، ومن أنكر ذلك منهم فهو يضحك على نفسه - وفي قرارة نفسه يعلم أنه يكذب! - فضلاً عن الضحك على غيره.
الوقفة الخامسة: المقارنة بين حال الدعوة السلفية في زمن العلماء الثلاثة وبين حالها اليوم
قال الحلبي: ((أمّا كونُ فتنة الدكتور المدخلي-هداه الله-هذه-هي أشدَّ تلكم الفتن تأثيراً (على الدعوة السلفية)-تشتيتاً!وتفريقاً!وتحزّباً!وتعصّباً-فلما يلي:_هل عالج مشايخنا الثلاثةُ-رحمهم الله-الخلافاتِ التي حدثت-أيامَهم-بين السلفيين-بنفس الطريقة التي عالجت بها مدرسةُ الشيخ ربيع خلافاتِ أيامهم هذه؟!_وهل كانت آثارُ تلكم المعالجات (الإيجابية)-للخلافات-عُشرَ مِعشار هذه الآثار (السلبية)-من هؤلاء-وما تبعها مِن بلاء ولأواء!-!؟فإن قيل:لم يكن في أيامهم مثلُ ما في هذه الأيام!فالجواب:هذا باطلٌ..بل كان..وأشدّ..ولكن..اختلفت طريقةُ المعالجة بين الفئتين-مِن..إلى-!)).أقول:يفهم القارئ من كلام الحلبي هذا أنَّ الفتن في أيام المشايخ الثلاثة أشد من الفتن في هذه الأيام، بينما عكس الأمر تماماً في لقائه مع صحيفة "اليوم" السعودية - كما في مقال [النص(الكامل)للقاء صحيفة(اليوم)-السعودية-مع فضيلة شيخنا علي الحلبي-بحسب موقع(السكينة) / وهو منشور في منتدياتهم] - فقال: ((أنا أقول بالعكس: لا أريد أن أتأله وأن أتجاوز حد الغيب، لكن أقول: لو أنّ الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني أدركوا هذه المظاهرات وآثارها لكانت فتواهم في ذلك أشدَّ وأنكى، حيث ذكروا بحرمة هذه المظاهرات؛ دون أن تكون لهذه المظاهرات هذه الآثار السلبية وهذه الإرتدادات العكسية الموجودة حالياً)).قلتُ:هذا التناقض في كلام الحلبي سببه أنه يتكلم بدافع الهوى لا بدافع معرفة الواقع والحقيقة، فإذا ردَّ على مخالفيه من أهل السياسة والمظاهرات اليوم ذكر حقيقة الواقع التي تعيشه الأمة من فتن وبلاء هذه المظاهرات، وأنها أشد من المظاهرات التي كانت أيام المشايخ الثلاثة، فتكون النتيجة أولوية تنزيل فتاواهم في تحريم المظاهرات في هذه الأيام، وإذا ردَّ على الشيخ ربيع وما يسميهم بغلاة التجريح ذكر خلاف الواقع، وزعم أنَّ الفتن أيام المشايخ الثلاثة أشد، فتكون النتيجة في ذهنه ترك التعرض للأشخاص والتحذير من أعيانهم والاكتفاء بنقد الأخطاء والتحذير منها!، بدعوى أنَّ هذا هو منهج العلماء الثلاثة.فمع كون أنَّ الفتن في هذه الأيام أشد وآثارها أعظم، مع هذا فالمشايخ الثلاثة لم يعرضوا عن ذكر الأشخاص بأعيانهم في تلك الفتن التي هي دون هذه، بل حذَّروا من محمد سرور زين العابدين ومحمد المسعري وأسامة بن لادن وسعد الفقيه وعبدالرحمن عبدالخالق وسلمان العودة وسفر الحوالي وناصر العمر وعائض القرني وعلي بلحاج وعباس مدني وأبي قتادة الفلسطيني وأبي محمد المقدسي وغيرهم، ولا يخفى على أحد ما ذكره عبدالمالك رمضاني آنذاك من أحوال هؤلاء وفتنهم في بلدانهم في كتابه "مدارك النظر"، وقد قرأه وأشاد به وبما ذكره من أخبار هؤلاء عدة مشايخ كبار، وقال في تقريظه الشيخ الألباني رحمه الله: ((ورغم ضيق وقتي وضعف نشاطي الصحي وكثرة أعمالي العلمية؛ فقد وجدتُ نفسي مشدوداً لقراءته، وكلما قرأتُ فيه بحثاً معللاً نفسي أن أكتفي به كلما ازددتُ مضياً في القراءة حتى أتيتُ عليه كله، فوجدته بحق فريداً في بابه، فيه حقائق عن بعض الدعاة ومناهجهم المخالفة لما كان عليه السلف الصالح، واستفدت أنا شخصياً فوائد جمة حول ثورة الجزائر وبعض الرؤوس المتسببين لها والمؤيدين لها؛ بعواطفهم الجامحة، والمبالغين في تقويمها، ممن لا يهتمون بقاعدة التصفية والتربية)).والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح أيضاً: ما الفرق أيها الحلبي بين دعوة عدنان عرعور والمأربي ومحمد حسان والحويني للمظاهرات والدخول في العمل السياسي تحت قبة البرلمان الديمقراطي وبين دعوة المشار إليهم آنفاً في أيام المشايخ الثلاثة؟!لا فرق!بل الفتن والشبهات والتأويلات الباطلة والتأصيلات الفاسدة التي يطلقها دعاة المظاهرات اليوم هي نفسها أو أكثر وأشد من تلك الشبهات والتأصيلات التي أطلقها دعاة المظاهرات بالأمس.وإذا كانت هيئة كبار العلماء ومشايخ بلاد الحرمين - وعلى رأسهم الشيخان ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله - اجتمعت كلمتهم على ذم فعال سلمان وسفر وأتباعهم وأنصارهم أيام فتنة الخليج الأولى، وحذَّروا الناس من مناهجهم، ومنعوهم من إعطاء الدروس والمحاضرات والخطب، وحكموا عليهم بالسجن والحجر عدة سنوات، وحكم عليهم الشيخ الألباني رحمه الله بأنهم "خارجية عصرية"، ووصفهم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بالفكر الثوري، وصرح بتبديعهم عدة علماء منهم مشايخ المدينة الذين كانوا أعرف الناس بهم؛ وعلى رأسهم الشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله، بل بدعهم علي الحلبي نفسه، فما بال الحلبي اليوم يتوقف في تبديع دعاة المظاهرات اليوم، ولا يصرح بالتحذير من أعيانهم ولا الدعوة إلى هجرهم؟!وبهذه المقارنة الحقيقة - لا مقارنة الحلبي المبنية على الوهم والهوى والتناقض والكذب – يعرف القارئ المنصف أي الفريقين أحق بالمشايخ الثلاثة من حيث التأصيل والتنزيل؟!ولعل السبب الحقيقي في سلبية المواجهة اليوم أو ضعفها مع دعاة المظاهرات في هذا الزمان تعود إلى تخذيل الحلبي وأمثاله لأهل العلم الصادقين المحذرين من مناهج هؤلاء، فقد كانت كلمة العلماء الثلاثة وغيرهم مجتمعة على التحذير من دعاة المظاهرات في زمانهم، أما اليوم فقد خالف الحلبي كلمة أهل العلم ومزَّق صف السلفيين بجداله واعتذاره لدعاة المظاهرات في زماننا هذا، فليفطن السلفي لهذا.
الوقفة السادسة: الموقف من رسالة الشيخ العباد حفظه الله
قال علي الحلبي: ((لقد صرخ أستاذُنا المبارك-مطبّبُ جِراحات أهل السنة-العلامة الشيخ عبد المحسن العبّاد البدر صرختين عظيمتين-في فتنتين متتاليتين-ناصحاً ومحذّراً- :-مبدؤهما: الدكتور المدخلي..-ومنتهاهما: خللُ معالجته لما يقع-ولا يزال يقع-بين أهل السنة..-وباعثُهما: تحويلُ(لواء الجرح والتعديل)-بالحق-إلى اتجاهٍ معاكسٍ-بغير الحقّ-!-ونهايتُهما-إن شاء الله العظيم-:عودة مَن في قلبه إخلاصٌ-وفي نفسه إنصافٌ-عن هذا المنهج -الربيعيّ(المدخلي) المسخ الدخيل-..إلى النهج العلمي(السلفي) الجليل..الأصيل...كلُّ ذلك-من سماحة شيخنا العبّاد الناصح الصدوق-ولا نزكّيه على الله-قوبل بالإعراض!والتشكيك!والتهميش!بل و..التهشيم!!!ولا يزال في الجَعبة كثيرٌ كثير...)).أقول:كثيراً ما يدندن الحلبي وحزبه العنيد حول رسالتي الشيخ العباد حفظه الله، وكأنه المرجع الوحيد في مثل هذه المسائل، مع إنَّ الشيخ العباد نفسه قال: ((على كلِّ طالب علم ناصح لنفسه أن يُعرِضَ عن متابعة ما يُنشر في شبكة المعلومات الانترنت، عمَّا يقوله هؤلاء في هؤلاء!، وهؤلاء في هؤلاء!))، وصرَّح بنفسه للشيخ ربيع: بأنه لا يقرأ لهؤلاء ولا لهؤلاء، ومعلوم أنَّ من علم من أهل العلم حجة على من لم يعلم، وأنَّ الجرح المفسَّر مقدَّم على التعديل المجمل، فكيف يرجع إليه في الموقف من هؤلاء وهذا حاله وقاله؟!ثم الشيخ العباد حفظه الله نفسه حذَّر من عدنان عرعور ودروسه لما أُطلِعَ على بعض قواعده!؛ فهل أخذ الحلبي وحزبه العنيد بهذا التحذير؟!ثم أقرب الناس إليه مجلساً وهو الشيخ صالح السحيمي حفظه الله يُبدِّع المأربي، وعبدالمالك رمضاني يبدِّع الحويني، فماذا يقول الحلبي وحزبه العنيد؟!ألا يعد هذا من التجريح؟!أم ماذا؟!ثم ألم ينصح الشيخ العباد حفظه الله في رسالته الأم بالرجوع إلى اللجنة الدائمة في الحكم على الأعيان، واللجنة الدائمة حذَّرت من الحلبي وكتابيه، فماذا يقول الحلبي وحزبه العنيد؟!ثم ألم ينتقد علي الحلبي رسالة الشيخ العباد "رفقاً أهل السنة بأهل السنة" عدة انتقادات شديدات في أصل الرسالة ومحاورها؟فماذا إذن؟!ثم ألم ينتقد هذه الرسالة جمع من أهل العلم منهم: الشيخ أحمد النجمي رحمه الله، ومنهم الشيخ ربيع حفظه الله والشيخ عبيد الجابري حفظه الله وغيرهم، فهل يدعونا الحلبي إلى الإعراض عن هذه الانتقادات - ولو كانت منه! – تعصباً وتقليداً للشيخ العباد حفظه الله؟!هذه أسئلة طرحناها على القوم عدة مرات ولم نجد منهم إلا اللف والدوران والتشغيب والبعد عن الموضوع كعادتهم.ثم:دعوى الحلبي أنَّ الشيخ ربيعاً هو مبدأ الفتنة التي من أجلها جاءت صيحة الشيخ العباد حفظه الله، كذب صريح!، ينقضه ما قاله الشيخ العباد نفسه حفظه الله: ((وقريبٌ من بدعة امتحان الناس بالأشخاص؛ ما حصل في هذا الزمان من افتتان فئة قليلة من أهل السنة بتجريح بعض إخوانهم من أهل السنة وتبديعهم، وما ترتَّب على ذلك من هجر وتقاطع بينهم وقطع لطريق الإفادة منهم، وذلك التجريح والتبديع منه ما يكون مبنياً على ظنِّ ما ليس ببدعة بدعة، ومن ذلك أيضاً حصول التحذير من حضور دروس شخص؛ لأنَّه لا يتكلَّم في فلان الفلاني أو الجماعة الفلانية، وقد تولَّى كبر ذلك شخص من تلاميذي بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية، تخرَّج منها عام (1395 ـ 1396هـ)، وكان ترتيبه الرابع بعد المائة من دفعته البالغ عددهم (119) خرِّيجاً!، وهو غير معروف بالاشتغال بالعلم، ولا أعرف له دروساً علمية مسجلة، ولا مؤلَفاً في العلم صغيراً ولا كبيراً، وجلّ بضاعته التجريح والتبديع والتحذير من كثيرين من أهل السنَّة، لا يبلغ هذا الجارحُ كعبَ بعض مَنْ جرحهم لكثرة نفعهم في دروسهم ومحاضراتهم ومؤلفاتهم، ولا ينتهي العجب إذا سمع عاقل شريطاً له يحوي تسجيلاً لمكالمة هاتفية طويلة بين المدينة والجزائر، أكل فيها المسئول لحومَ كثير من أهل السنة، وأضاع فيها السائل مالَه بغير حقٍّ، وقد زاد عدد المسئول عنهم في هذا الشريط على ثلاثين شخصاً، فيهم الوزير والكبير والصغير!!، وفيهم فئة قليلة غير مأسوف عليهم!، وقد نجا مِن هذا الشريط مَنْ لم يُسأل عنه فيه، وبعض الذين نجوا منه لم ينجوا من أشرطة أخرى له، حوتها شبكة المعلومات الإنترنت)). [كتاب ورسائل عبدالمحسن بن حمد العباد البدر/ طبعة دار التوحيد للنشر/ المجلد السادس من ص 320 إلى ص325].قلتُ:والكل يعلم أنَّ فالحاً الحربي هو المقصود بهذا الكلام.فأين هذا من دعوى الحلبي؟!
الوقفة السابعة والأخيرة: الحلبي يحرض أعضاء منتداه للمشاركة في موضوعه هذا!
قال الحلبي في خاتمة مقاله: ((لكنّ ما هنا وَمْضَةٌ..أرجو أن يُثريَ مسائلَها..ودقائقَها..وتفاصيلَها-أيها الإخوةُ-مناقشاتُكم..وتحليلاتُكم ..ومشاركاتُكم..وتعليقاتُكم...، راجياً أن يكون ذلك -كلُّه- بنزاهةٍ أقربَ إلى التمام..بعيداً عن (السب والشتم!)-وإن كانا في(منتدانا)-والحمد لله-نادِرَيْن-جداً-...، و..بعيداً عن كل ما قد يُظنّ(!)أنه (عداء!)-أو استعداء- للدكتور ربيع المدخلي-شخصياً!-...، فنحن كنا معه سنين عدداً..لله..، ثم تركناه-والله-لله..)).أقول:فتح علي الحلبي بكلامه السابق في أول مقاله قريحة الطعن في نفوس حزبه!، فذهب يذكرهم بالبلاء الذي حلَّ على الدعوة السلفية وأنَّ سببه هو الشيخ ربيع!، ثم دعاهم للمشاركة في استرجاع هذه الذكرى والنظر فيها، لكنه رجاهم أن يبتعدوا - مع قوة الداعي في عادتهم وتربيتهم؛ وقد يعد هذا من التكليف بما لا يطاق! – عن السب والشتم، ثم من باب حسن الظن به زعم بلسانه فحسب أو بمجرد قلمه أنَّ هذه الدعوة للمشاركة في الموضوع ليس من باب العداء ولا الاستعداء لشخص الشيخ ربيع، لا ...لا...!، وإنما لله!!، كما أنه كان معه سنين لله - أي عقد ونصف أو أكثر ينكر منهجه وغلوه كما تقدم! - وتركه لله!.وصنيع الحلبي هذا - في دعوة حزبه للمشاركة من غير سب ولا شتم! - يذكرني بقول القائل:
ألقاه في اليم مكتوفًا وقال له ... إياك إياك أن تبتل بالماء!
هذا، وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى، وأن يبصرنا بالحق الذي لا مرية فيه، وأن يجنبنا مضلات الفتن وشبهات أهل الزيغ، إنه وليُّ المؤمنين.