الحمد لله حمدا ليس منحصرا على نعمه ما خفي علي منها وما ظهر ، ثم الصلاة والسلام على من أرسله الله بشيرا ونذيرا ؛ نبينا محمد الهادي الموقر توقيرا وعلى آله وصحبه الأبرار حائزي مراتب الفخاري كثيرا وعلى من تبعهم بإحسان سرا وجهرا إلى يوم البعث تحقيقا وتقديرا .
أما بعد: قال الشيخ بدر بن محمد البدر : ذكر الإمام محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- في كتاب التوحيد، باب ما جاء في الذبح لغير الله (ص٢١).عن طارق بن شهاب أن رسول الله - عليه الصلاة والسلام – قال: << دخل الجنة رجل في ذباب ودخل النار رجل في ذباب>> قالوا : وكيف ذلك يا رسول الله؟قال :<< مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئاً فقالوا لأحدهم : قرب .قال ليس عندي شيء أقرب.قالوا له :قرب ولو ذباباً فقرب ذباباً فخلوا سبيله فدخل النار.وقالوا للآخر قرب. فقال ما كنت لأقرب لأحد شيئاً دون الله فضربوا عنقه فدخل الجنة >>رواه أحمد .هكذا جاء الحديث في نسخ كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب ،والحديث لم أجده مرفوعاً في شيء من كتب الحديث وإنما هو موقوف على سلمان الفارسي رضي الله عنه .رواه أحمد في الزهد (٨٤) قال حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن سلمان الفارسي موقوفاً عليه ، رجاله ثقات وفيه الأعمش مدلس وقد عنعن.ورواه ابن أبي شيبة (٣٣٠٢٨) قال حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن مخارق بن خليفة عن طارق بن شهاب عن سلمان الفارسي موقوفاً.وهذا سند صحيح.ورواه أبو نعيم في الحلية (١/٢٠٣) من طريق الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن سلمان به.وقال أبو نعيم : ورواه شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق مثله. ورواه جرير عن منصور عن المنهال بن عمرو عن حيان بن مرثد عن سلمان نحوه . اهـوالحديث ذكره الإمام ابن القيم في الجواب الكافي (٤٥): قال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب يرفعه (دخل الجنة رجل في ذباب) الحديث.وهذا الإسناد الذي ذكره الإمام ابن القيم هو نفسه في كتاب الزهد للإمام أحمد موقوفاً على سلمان لا مرفوعاً كما تقدم.ويحتمل أن رفع الحديث وهم من النساخ ؛ وهذا يحصل كثيراً ؛ أو يكون الحديث جاء مرفوعاً عند الإمام أحمد واطلع عليه الأئمة ونحن لم نطلع عليه لقصر علمنا وقلة اطلاعنا ؛ أو هو وهم حصل للإمام وهذا بعيد جداً.قال العلامة ابن عثيمين في القول المفيد(١٣٨): يحتمل أن سلمان أخذه عن بني إسرائيل. انتهى كلامه مأخوذ من شبكة سحاب السلفية منبر الحديث والمخطوطات والوثائق .قلت : تتمة للفائدة :قال الشيخ العلامة الألباني -رحمه الله- في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة : حديث (5829 ) - (دخل رجل الجنة في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب. قالوا: وكيف ذلك؛ قال: مر رجلان [مسلمان] [ممن كان قبلكم] على قوم لهم صنم (وفي رواية: يعكفون على صنم لهم) لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا، فقالوا لأحدهما: قرب [شيئا] ، قال: ليس عندي شيء. فقالوا له: قرب ولو ذبابا. فقرب ذبابا. فخلوا سبيله. قال: فدخل النار. وقالوا للآخر: قرب ولو ذبابا. قال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل. قال فضربوا عنقه، قال: فدخل الجنة).قال الشيخ : موقوف. أخرجه أحمد في " الزهد " (ص 15 - 16) : حدثنا أبو معاوية: حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن سلمان قال:. . . فذكره موقوفا عليه. وقال ابنه عبد الله في كتاب " العلل " (1 / 240) لأبيه: " سمعته يقول في حديث أبي معاوية عن الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن سلمان قال: " دخل رجل الجنة في ذباب. "؛ قال الأعمش: " ذباب "؛ يعني: أن سلمان كان في لسانه عجمة ".قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير سليمان بن ميسرة؛ قال ابن معين:" ثقة ". كما في " الجرح والتعديل " (2 / 1 / 143 - 144) ، وذكره ابن حبان في " الثقات " (4 / 310) وقال:" يروي عن طارق بن شهاب الأحمسي، وله صحبة، وعنه الأعمش ".وروى عنه حبيب بن أبي ثابت أيضا، ووثقه آخرون. انظر " التعجيل " (ص 168 / 423) ، فالإسناد صحيح. وقد تابع أبا معاوية: جرير - وهو ابن عبد الحميد الضبي -: عند أبي نعيم في " الحلية " (1 / 203) ؛ قرنه بأبي معاوية، وقال عقبه:" رواه شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق مثله. ورواه جرير عن منصور عن المنهال بن عمرو عن حبان بن مرثد عن سلمان نحوه ".والزيادة الثانية لأبي نعيم.وللأعمش فيه شيخ آخر؛ فقال ابن الأعرابي في " معجمه " (ق 177 / 1) : نا عباس: نا محاضر بن المورع: نا الأعمش عن الحارث بن شبيل عن طارق بن شهاب قال: قال سلمان:. . . فذكره موقوفا أيضا. وفيه الزيادة الأولى.قلت : وهذا إسناد صحيح أيضا. رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عباس – وهو ابن محمد الدوري -، وهو ثقة حافظ.قلت : ( أبو بكر ..) وروايته عند البيهقي في شعب الإيمان (9/457)( ح6962).قال الشيخ : وقد توبع هذان الشيخان من قيس بن مسلم؛ كما تقدم عن أبي نعيم معلقا. وتابعهم أيضا مخارق بن خليفة؛ فقال ابن أبي شيبة في " مصنفه " (12 / 358) : حدثنا وكيع قال: ثنا سفيان عن مخارق بن خليفة عن طارق بن شهاب عن سلمان قال:. . . فذكره موقوفا أيضا.وهذا صحيح أيضا. رجاله رجال الشيخين؛ غير مخارق هذا، وهو ثقة من رجال البخاري. وفيه الزيادة الثالثة، والرواية الثانية. وهذه عند ابن الأعرابي أيضا.وبالجملة؛ فالحديث صحيح موقوفا على سلمان الفارسي رضي الله عنه؛ إلا أنه يظهر لي أنه من الإسرائيليات التي كان تلقاها عن أسياده حينما كان نصرانيا.قلت : (أبو بكر ..) تنبيه : ورد عند الخطيب البغدادي وفي الكفاية (1/185)بسنده عن عبد الله بن أحمد وفيه قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ أَبِي: قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: قَالَ الْأَعْمَشُ: ذُبَابًا ، يَعْنِي أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ فِي لِسَانِهِ عُجْمَةٌ . ولعل هذه اللفظة ( ذبابا ) أقرب إلى اللحن من ذباب ، لأنه قال : ((في ذبابا ))أما ((في ذباب ))فهي صحيحة في الوقف بالتسكين ؛وفي الوصل بالتنوين .تنبيه ثان :توافق قول عالمين جليلين ( الشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين ) في أن هذا مما أخذه سلمان رضي الله عنه من أهل الكتاب .فائدة مهمة جدا :قال الشيخ العلامة الألباني –رحمه الله - ولقد كان الداعي إلى تخريجه هنا وبيان كونه موقوفا: أنه كثر السؤال عنه في كثير من البلاد الإسلامية، وشاع تداوله؛ وذلك لأنه ذكره الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى في كتابه النافع " التوحيد " مرفوعا معزوا لأحمد! فقال:" وعن طارق بن شهاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال. . . (فذكره) . رواه أحمد ".وقال شارحه الشيخ سليمان: حفيد محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله تبارك وتعالى في " التيسير " (ص 160) :" هذا الحديث ذكره المصنف معزوا لأحمد، وأظنه تبع ابن القيم في عزوه لأحمد؛ قال ابن القيم: قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية. . . عن طارق بن شهاب يرفعه. . . وقد طالعت " المسند " فما رأيته فيه ، فلعل الإمام رواه في " كتاب الزهد " أو غيره ".قلت ( أي الشيخ ): وفي هذا العزو أمور:أولا: قوله: " يرفعه " خطأ واضح كما يتبين من تخريجنا هذا.ثانيا: إطلاق العزو لأحمد فيه نظر! لأنه يوهم بإطلاقه أنه في " مسنده "، وليس فيه كما قال الشيخ سليمان - رحمه الله تعالى- ولو كان فيه؛ لأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "، وليس فيه أيضا، وإنما هو في " الزهد " له كما تقدم. ثالثا: لم يتعد في إسناده طارق بن شهاب، فأوهم أنه من مسنده! وإنما هو من روايته عن سلمان موقوفا؛ كما رأيت عند مخرجيه ومن جميع طرقه.هذا؛ وإني لأستنكر من هذا الحديث: دخول الرجل النار في ذباب؛ لأن ظاهر سياقه أنه إنما فعل ذلك ((مكرها )) خوفا من القتل الذي وقع لصاحبه، كما أنني استنكرت قول الإمام محمد بن عبد الوهاب في المسألة : " الحادية عشر: أن الذي دخل النار مسلم ؛ لأنه لو كان كافرا؛ لم يقل: " دخل النار في ذباب " "!فأقول: وجه الاستنكار أن هذا الرجل لا يخلو حاله من أمرين:الأول: أنه لما قدم الذباب للصنم، إنما قدمه عبادة له وتعظيما، فهو في هذه الحالة لا يكون مسلما؛ بل هو مشرك، وهو ظاهر كلام الشارح الشيخ سليمان رحمه الله (ص 161) :" في هذا بيان عظمة الشرك ولو في شيء قليل وأنه يوجب النار، ألا ترى إلى هذا لما قرب لهذا الصنم أرذل الحيوان وأخسه وهو الذباب كان جزاؤه النار؛ لإشراكه في عبادة الله " إذ الذبح على سبيل القربة والتعظيم عبادة، وهذا مطابق لقوله تعالى: (( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار)) ".والآخر: أنه فعل ذلك خوفا من القتل كما تقدم مني، وهو في هذه الحالة لا تجب له النار، فالحكم عليه بأنه مسلم دخل النار في ذباب يأباه قوله تعالى: (( من كفر بالله بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان. . .)) الآية، وقد نزلت في عمار بن ياسر حين عذبه المشركون حتى يكفر به صلى الله عليه وسلم، فوافقهم على ذلك مكرها، وجاء معتذرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما في " تفسير ابن كثير " وغيره، وأخرجها في " الدر " (4 / 132) من طرق.فإن قيل: إنما أراد الإمام أنه كان مسلما ثم كفر بتقديمه الذباب كما تقدم في الأمر الأول؛ وحينئذ يرد عليه ما ذكرته في الأمر الآخر، وقصة عمار. ويشبهها ما روى ابن أبي شيبة (12 / 357 - 358) بسند صحيح عن الحسن - وهو البصري -:أن عيونا لمسيلمة أخذوا رجلين من المسلمين فأتوه بهما، فقال لأحدهما: أتشهد أن محمدا رسول الله؛ قال: نعم. فقال: أتشهد أن محمدا رسول الله؛ قال: نعم. قال: أتشهد أني رسول الله؛ قال: فأهوى إلى أذنيه فقال: إني أصم! قال: ما لك إذا قلت لك: تشهد أني رسول الله قلت: إني أصم؟ ! فأمر به فقتل. وقال للآخر: أتشهد أن محمدا رسول الله؛ قال: نعم. فقال: أتشهد أني رسول الله؛ قال: نعم. فأرسله. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! هلكت. قال:" وما شأنك "؛ فأخبروه بقصته وقصة صاحبه، فقال:" أما صاحبك؛ فمضى على إيمانه، وأما أنت؛ فأخذت بالرخصة ".قلت: وهذه قصة جيدة، لولا أنها من مراسيل الحسن البصري؛ لكن الآية السابقة وسبب نزولها يشهدان لصحتها. والله أعلم. وقد روى الشطر الأول منها ابن إسحاق في " السيرة " (2 / 74 - 75) بسند حسن عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة مرسلا أيضا، وسمى صاحبها حبيب بن زيد؛ أي: ابن عاصم الأنصاري المازني شهد العقبة، وقد ذكرها ابن كثير في تفسير الآية، وابن حجر في ترجمة حبيب من " الإصابة " جازمين بها. والله سبحانه وتعالى أعلم.لمّا أنزلت هذا التعليق من كلام الشيخ العلامة الألباني رحمه الله أنزل أحدهم جوابا للشيخ الفوزان حفظه الله وفيه :نص السؤال معالي الشيخ ، يقول :قد علمنا خطر الشرك وأنه ظلم عظيم، ولكن أشكل علي أمر الرجل الذي من بني إسرائيل الذي قرب ذبابا فدخل النار بسبب لم يقصده، بل فعله تخلصا من شر ذلك الخوف ، سؤالي: أليس هذا يكون إكراها أم لا ؟ ومتى يكون إكراها ؟ هل هو في الأفعال والأقوال أم في الأقوال فقط مع إرشادي بالدليل أثابكم الله ؟جواب فضيلة الشيخ : يا أخي ما قرأت الحديث ، لو قرأته تبين ، الرجل ما (اعتذر)(1) لأن هذا شرك ،وإنما قال ليس عندي شيء أقرب ، معناه أنه سلم ، أن الرجل سلم ،(أيش الفائدة)(2) لكن ما عندي شيء ، قالوا له أذبح ولو ذباب ، فهو سلم للذبح لغير الله ، فلذلك دخل النار . نعم .----------------1 - غير متأكد من الكلمة2 - غير متأكد من الكلمةقلت : اعلم – رحمك الله – أن هذا الحديث ورد بعدة ألفاظ بعضها فيها (( ليس عندي ما أقدم ))؛ وبعضها ليس فيه ذلك ، وبعضها أنه هو المقدم الأول بعد ما قال لهم ما عندي ما أقدم وفي بعضها أن صاحبه هو الأول من طلبوا منه أن يقدم ؛ فلما لم يقدم شيئا ضربوا عنه ثم لما طلبوا من الثاني وقد رآى ما فُعل بصاحبه تعذر بأنه ما عنده شيئا يقدمه لعله يتملص منهم فقالوا قدم ولو ذبابا فلما رأى أنه ممن من سبيل إلى ذلك وخاف على نفسه أن يفعل به مثل صاحبه فالقتل محقق في رفضه قال هكذا بيده فأخذ ذبابا فقدمه فخلوا سبيله . وفي الحديث أن القوم لم يكونوا يتركوا أحدا يمر حتى يقدم لصنمهم شيئا ولو كان حقيرا وعليه يقال أن الرجل كان مكرها والإكراه ثابت في حقه وأنه فعل ذلك خوفا على نفسه من القتل لما رآى صاحبه قتل ..والرجل كان مسلما كما ورد في بعض ألفاظ رواياته ،ومع أنه كان مكرها لم يشفع له إكراهه في عدم دخول النار لخطر الشرك ، فإن المشرك لو مات وهو يشرك بالله شيئا ولو كان ذرة أصغر من الذباب فهو في النار ، ولكن هذا خاص بالأمم السابقة أنهم لم يكونوا معذورين بالإكراه في الشرك ، كما حرر هذه المسألة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - في أضواء البيان .. أما هذه الأمة فمن خصائصها عدم المؤاخذة بالإكراه وفي ذلك نزل قوله تعالى صريحا : إلا من أكره وقلبه مطئمنا بالإيمان } . وقوله صلى الله عليه وسلم { إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه >> فقوله لأمتي مفهومه أن الله لم يتجاوز عن غير أمته في ذلك .ولعل هذا ما يجمع به بين الآية والحديث وبين ذلكم الحديث الذي استشكله بعضهم والعلم عند الله تعالى . وهذه روايات الحديث :ففي مصنف ابن أبي شيبة (6/473) (33038) تحقيق كمال يوسف الحوت : عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: «دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ وَدَخَلَ رَجُلٌ النَّارَ، مَرَّ رَجُلَانِ عَلَى قَوْمٍ قَدْ عَكَفُوا عَلَى صَنَمٍ لَهُمْ» وَقَالُوا: لَا يَمُرُّ عَلَيْنَا الْيَوْمَ أَحَدٌ إِلَّا قَدَّمَ شَيْئًا، فَقَالُوا لِأَحَدِهِمَا: قَدِّمْ شَيْئًا، فَأَبَى فَقُتِلَ، وَقَالُوا لِلْآخَرِ: قَدِّمْ شَيْئًا، فَقَالُوا: قَدِّمْ وَلَوْ ذُبَابًا، فَقَالَ: وَأَيْشٍ ذُبَابٌ، فَقَدَّمَ ذُبَابًا فَدَخَلَ النَّارَ، فَقَالَ سَلْمَانُ: «فَهَذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ، وَدَخَلَ هَذَا النَّارَ فِي ذُبَابٍ».ففي هذا الحديث أن القوم قرروا وعزموا أن لا يمر عليهم أحد إلا قدم شيئا لصنمهم العاكفين عليه فإن لم يفعل قتل .وفيه أنهم قالوا لأحدهما قدم شيئا فأبى فقتل ، ففيه أن المقتول كان الأول وأن الثاني طلب منه ذلك فامتنع فطلب منه الثانية أن يقدم ولو ذبابا فقال : ذباب كأنه احتقره وذلك في قوله :(( وَأَيْشٍ ذُبَابٌ )) ومعناه : وأي شيء ذباب في النجاة من القتل الذي رآه أمامه فخلوا سبيله ..فلم يشفع له ذلك فدخل النار لعظم خطر الشرك بالله .1796الروياة الثانية ففي معجم ابن الأعرابي (2/862) تحقيق وتخريج: عبد المحسن بن إبراهيم بن أحمد الحسيني : قَالَ سَلْمَانُ: دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ، وَدَخَلَ رَجُلٌ النَّارَ فِي ذُبَابٍ، قَالُوا: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: مَرَّ رَجُلَانِ مُسْلِمَانِ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى صَنَمٍ لَهُمْ، فَقَالُوا: قَرِّبَا لِصَنَمِنَا قُرْبَانًا، قَالَا: لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، فَقَالُوا: قَرِّبُوا مَا شِئْتُمْ وَلَوْ ذُبَابٌ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا تَرَى؟ قَالَ: لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، فَقُتِلَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ، وَقَالَ الْآخَرُ بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِهِ، فَأَخَذَ ذُبَابًا، فَأَلْقَاهُ عَلَى الصَّنَمِ، فَدَخَلَ النَّارِ. ففي هذه الرواية ذكر أنهما كان مسلمين ، وانه طلبا منهما أن يقدما شيئا للصنم فامتنعا فأعيد عليهما الطلب ، فشاور أحدهما الآخر فأجابه بالعزيمة وأنه آخذ بها لا يشرك بالله شيئا فقتل ،فلما صاحبه ذلك قال بيده على وجهه فأخذ ذبابا فألقاه على الصنم فدخل النار ، وفي هذه الرواية أن المقتول هو الأول أيضا وأن الرواية ليس فيها ما عندي ما أقدم ..الرواية الثالثة : ففي حلية الأولياء (1/203) عَنْ سَلْمَانَ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: «دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ، وَدَخَلَ آخَرُ النَّارَ فِي ذُبَابٍ»، قَالُوا: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: " مَرَّ رَجُلَانِ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ عَلَى نَاسٍ مَعَهُمْ صَنَمٌ لَا يَمُرُّ بِهِمْ أَحَدٌ إِلَّا قَرَّبَ لِصَنَمِهِمْ، فَقَالُوا لِأَحَدِهِمْ: قَرِّبْ شَيْئًا، قَالَ: مَا مَعِي شَيْءٌ، قَالُوا: قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا، فَقَرَّبَ ذُبَابًا وَمَضَى فَدَخَلَ النَّارَ، وَقَالُوا لِلْآخَرِ: قَرِّبْ شَيْئًا، قَالَ: مَا كُنْتُ لِأُقَرِّبَ لِأَحَدٍ دُونَ اللهِ فَقَتَلُوهُ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ " ففي هذه الرواية أن الرجلين ممن كان قبلنا وهم أهل الكتاب وهذا يؤيد ما ذهب إليه الشيخان الألباني وابن عثيمين أن سلمان رضي الله عنه إنما أخذها عن أهل الكتاب ..وفيها أن ناسا معهم صنم لا يمر بهم أحد إلا قرب لصنمهم وإلا قتل كما قتلوا من امتنع عن التقديم ..وفيها أن الرجل الذي قدم اعتذر في الأول قائلا : ما معي شيء فقالوا قدم ولو ذبابا ، فقرب ذبابا ومضى أي خلوا سبيله ..وفيها أنه هو الأول من فعل بعد أن اعتذر أنه ما معه ما يقدمه ، وعليه يحمل قول من قال انه ما أكره ، ولكن يقال ، الرجل أمام قوم قرروا أن يجاوزهم أحد إلا بعدما يقرب وإلا ضربوا عنقه ، فلا يعقل أن يقف العاكفون على صنمهم وهم يقتلون كل من أبى أن يقرب لصنمهم شيئا أن يقفوا دون السلاح ، فالرجل لما رآى بارقة السيف خاف على نفسه فقدم الذباب ومضى .وفي شعب الإيمان للبيهقي (9/457) (6962)قَالَ سَلْمَانُ: " دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ، وَدَخَلَ رَجُلٌ النَّارَ فِي ذُبَابٍ "، قَالُوا: وَمَا الذُّبَابُ؟، فَرَأَى ذُبَابًا عَلَى ثَوْبِ إِنْسَانٍ، فَقَالَ: " هَذَا الذُّبَابُ ".. قَالُوا: وَكَيْفَ ذَاكَ؟، قَالَ: " مَرَّ رَجُلَانِ مُسْلِمَانِ عَلَى قَوْمٍ يَعْكِفُونَ عَلَى صَنَمٍ لَهُمْ، فَقَالُوا لَهُمَا: قَرِّبَا لِصَنَمِنَا قُرْبَانًا قَالَا: لَا نُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، قَالُوا: قَرِّبَا مَا شِئْتُمَا وَلَوْ ذُبَابًا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا تَرَى؟، قَالَ أَحَدُهُمَا: لَا نُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، فَقُتِلَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ، فَقَالَ الْآخَرُ: بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَأَخَذَ ذُبَابًا فَأَلْقَاهُ عَلَى الصَّنَمِ فَدَخَلَ النَّارَ ".وهذه الرواية موافقة تماما لما في معجم ابن الأعرابي ففيها أن الرجلين مسلمين وأنهما امتنعا في الأول ولما أعيد عليهما تشاورا فأخذا أحدهما بالعزيمة فقتل ، وكان المقتول هو الأول. وفي الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي (1/185)عَنْ سَلْمَانَ , قَالَ: " دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ , وَدَخَلَ رَجُلٌ النَّارَ فِي ذُبَابٍ , قَالُوا: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: مَرَّ رَجُلَانِ عَلَى قَوْمٍ لَهُمْ صَنَمٌ , لَا يَجُوزُهُ أَحَدٌ حَتَّى يُقَرِّبَ لَهُ شَيْئًا , فَقَالُوا لِأَحَدِهِمَا: قَرِّبْ , قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ , قَالُوا: قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا , فَقَرَّبَ ذُبَابًا , قَالَ: فَخَلَّوْا سَبِيلَهُ , قَالَ: فَدَخَلَ النَّارَ , وَقَالُوا لِلْآخَرِ: قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا , قَالَ: مَا كُنْتُ لِأُقَرِّبَ لِأَحَدٍ شَيْئًا دُونَ اللَّهِ , قَالَ: فَضَرَبُوا عُنُقَهُ قَالَ: فَدَخَلَ الْجَنَّةَ " , قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ أَبِي: قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: قَالَ الْأَعْمَشُ: ذُبَابًا , يَعْنِي أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ فِي لِسَانِهِ عُجْمَةٌ .وهذه الرواية موافقة لرواية أبي نعيم في الحلية ورواية الإمام أحمد في الزهد إلا أن هذه الرواية الأخيرة ورواية الإمام أحمد ليس فيهما أن الرجلين كان ممن كان قبلنا ، والباقي بمناها تماما .ولخلاصة أن الرجلين كانا مسلمين كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولا وجه لاستنكار الشيخ الألباني لذلك فهو مصحح رواية ابن العرابي التي فيها وكان مسلمين وكذلك هي عن البيهقي في شعب الإيمان إلا أنه يقال أن هذا من مسلمي أهل الكتاب الذين لم يعذروا والإكراه خلافا لهذا الأمة التي خفف الله عنها لشرفها من الأمم ولشرف نبيها من الأنبياء والرسل .الْعذر بِالْإِكْرَاهِ من خَصَائِص هَذِه الْأمة.قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله – (3/251) عند قوله تعالى :{ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا }(20) الكهف . أَخَذَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْعُذْرَ بِالْإِكْرَاهِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ {إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ} ظَاهِرٌ فِي إِكْرَاهِهِمْ عَلَى ذَلِكَ وَعَدَمِ طَوَاعِيَتِهِمْ، وَمَعَ هَذَا قَالَ عَنْهُمْ: {وَلَن تُفْلِحُواْ إِذًا أَبَدًا} فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْإِكْرَاهَ لَيْسَ بِعُذْرٍ. وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ فِي الَّذِي دَخَلَ النَّارَ فِي ذُبَابٍ قَرَّبَهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِالْخَوْفِ مِنَ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ الَّذِي امْتَنَعَ أَنْ يُقَرِّبَ وَلَوْ ذُبَابًا قَتَلُوهُ .(1)-------------------1 – مضى تخريجه والكلام على روايته وألفاظه التي ورد بها .وَيَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا دَلِيلُ الْخِطَابِ، أَيْ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (1) فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: «تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي» أَنَّ غَيْرَ أُمَّتِهِ مِنَ الْأُمَمِ لَمْ يَتَجَاوَزْ لَهُمْ عَن ذَلِكَ. وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ أَعَلَّهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فَقَدْ تَلَقَّاهُ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا بِالْقَبُولِ، وَلَهُ شَوَاهِدُ ثَابِتَةٌ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ. وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِنَا (دَفْعِ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ الْكِتَابِ) فِي سُورَةِ «الْكَهْفِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ {إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ} . وَلِذَلِكَ اخْتَصَرْنَاهَا هُنَا. أَمَّا هَذِهِ الْأُمَّةُ فَقَدْ صَرَّحَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُذْرِهِمْ بِالْإِكْرَاهِ فِي قَوْلِهِ: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} (106) سورة النحل. وَالْعِلْمُ عِنْد الله تَعَالَى. -----------------1 – صحيح الجامع (1731) وقال الشيخ (صحيح) ... [حم هـ] عن أبي ذر [طب ك] عن ابن عباس [طب] عن ثوبان. المشكاة (6293) الإرواء:( 82) الروض (404) حب، الضياء.وقال أيضا وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ فِي الَّذِي دَخَلَ النَّارَ فِي ذُبَابٍ قَرَّبَهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِالْخَوْفِ مِنَ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ الَّذِي امْتَنَعَ أَنْ يُقَرِّبَ وَلَوْ ذُبَابًا قَتَلُوهُ .فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِي قَرَّبَهُ مُكْرَهٌ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَرِّبْ لَقَتَلُوهُ كَمَا قَتَلُوا صَاحِبَهُ، وَمَعَ هَذَا دَخَلَ النَّارَ فَلَمْ يَكُنْ إِكْرَاهُهُ عُذْرًا. وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ: {إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِى مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُواْ إِذًا أَبَدًا} فَقَوْلُهُ: {يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِى مِلَّتِهِمْ} دَلِيلٌ عَلَى الْإِكْرَاهِ، وَقَوْلُهُ: {وَلَن تُفْلِحُواْ إِذًا أَبَدًا} دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْعُذْرِ بِذَلِكَ الْإِكْرَاهِ. كَمَا أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.- من أكره على الْكفْر بالإهلاك الْعَظِيم وصبر فَلهُ الشّرف، فَإِن لم يصبر فَلهُ الرُّخْصَة.وَقَالَ شيخنا عطية سالم - رَحمَه الله - صاحب التتمة بعد أَن سَاق حَدِيث الْغُلَام والساحر والكاهن، وَأخذ يعدد الْفَوَائِد المستفادة من هَذَا الحَدِيث: [الثَّالِثَ عَشَرَ: مُنْتَهَى الصَّبْرِ وَعَدَمِ الرُّجُوعِ عَنِ الدِّينِ، وَهَكَذَا كَانَ فِي الْأُمَمِ الْأُولَى، وَبَيَانُ فَضْلِ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ، إِذْ جَازَ لَهَا التَّلَفُّظُ بِمَا يُخَالِفُ عَقِيدَتَهَا وَقَلْبُهَا مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ.وفي التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع (1/90) لأبي الحسين المَلَطي العسقلاني(المتوفى: 377هـ).وَقَالَت رقيقَة دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ جَاءَ يَبْتَغِي النَّصْر من ثَقِيف بِالطَّائِف فَأمرت لَهُ بالسويق فَشرب فَقَالَت : ثمَّ قَالَ لي رَسُول الله r :<< لَا تعبدي طاغوتهم وَلَا تصلي لَهَا >> قلت إِذا يقتلوني ؟ قَالَ : << فَإِذا قَالُوا لَك فَقولِي رَبِّي هَذِه الطاغية فَإِذا صليت فوليها ظهرك >> قَالَت ثمَّ خرج .وَقَالَت ابْنة رقيقَة أَخْبرنِي أخواي وهب وسُفْيَان ابْنا قيس قَالَا فَلَمَّا أسلمت ثَقِيف أَتَيْنَا رَسُول الله أَو خرجنَا إِلَى رَسُول الله فَقَالَ :<< مَا فعلت أمكُمَا >>قَالُوا مَاتَت على الْحَال الَّذِي تركتهَا عَلَيْهِ .قَالَ :<< لقد أسلمت أمكُمَا إِذا>>.وَعَن أم الدراء عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:<< الله عز وَجل لَا يُؤَاخذ بِالنِّسْيَانِ وَالْخَطَأ وَمَا استكره عَلَيْهِ قَالَ فَذكرت ذَلِك لِلْحسنِ فَقَالَ نعم أمَا تقْرَأ الْقُرْآن رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا وأخطأنا>>.وَقَالَ الْحسن كل شَيء أعْطى الرجل بِلِسَانِهِ إِذا خَافَ على نَفسه الشّرك فَمَاتَ دونه من طَلَاق أَو عتاق أَو غَيره فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيء بعد أَن يخَاف على نَفسه . وهذا كله من خصائص هذه الأمة أن الله رفع عنها الحرج وأذن لهم أن ينطقوا بكلمة الكفر أو يفعلوها الشرك إذا أكرهوا على ذلك فهي رخصة لهم دون غرهم من الأمم ومن أخذ منهم بالعزيمة طواعية فله ذلك بل ربما يكون هو أفضل من الأخذ بالرخصة وخاصة إذا كان في ذلك تضحية من أجل إظهار الحق كما حدث من بعض الصحابة منهم الذي قتله الحجاج ، وكما فعل الغلام الساحر مع الملك . تنبيه مهم :ذكرت في التعليق الأولى أن (( لفظ ذبابا )) أنسب للعجمة التي ذكرت في لسان الصحابي الجليل سلمان رضي الله عنه لكن وجدت في العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد رواية ابنه عبد الله (1596 )قال سمعته يَقُول فِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن سُلَيْمَان بن ميسرَة عَن طَارق بن شهَاب عَن سلمَان قَالَ دخل رجل الْجنَّة فِي ذُبَاب قَالَ أَبُو مُعَاوِيَة قَالَ الْأَعْمَش دباب يَعْنِي أَن سلمَان كَانَ فِي لِسَانه عجمة. فقوله فيه .دباب هكذا بالدال المهملة هي ما قصده الإمام أحمد من العجمة في لسان سلمان لأن الأصل فيها ان تنطق بالذال المعجمة وعلى هذا نصحح ذلك الذي قلته أولا إلى هذا الأخير ، وهذا في بني جنسنا كثير ينطقون الذال المعجمة دالا مهملة والضاء المهملة ظاء معجمة ..