النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    1,205

    افتراضي البيان الساطع في ذكر أنجع طرق تحصيل العلم الشرعي النافع

    الحمد لله رب العالمين على - - - آلائه وهو أهل الحمد والنعم
    ذي الملك والملكوت الواحد الصمد ال - - بر المهين مبدي الخلق من عدم
    من علم الناس مالا يعلمون وبال - - بيان أنطقهم والخط بالقلم
    ثم الصلاة على المختار أكرم مب - - عوث بخير هدى في أفضل الأمم
    وآلال والصحب والأتباع قاطبة - - والتابعين بإحسان لنهجهم
    ما لاح نجم وما شمس الضحى طلعت - - وعد أنفاس ما في الكون من نسم . من الميمية للحكمي .
    اعلم هديت أن أفضل المنن علم يزيل عنك الشك والدرن ويكشف الحق لذي القلوب ويوصل العبد إلى المطلوب .من منظومة القواعد الفقهية .
    فقد امتن الله تعالى على كل العباد وعلى رأسهم الأنبياء والرسل بالعلم وهو من أعظم وأفضل المنن التي منّ بها عليهم إذ أخرجهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئا وجعل لهم آلات في ذواتهم لتلقي العلم ، ((وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ...)) فهذه آلات ، وجعل لهم أدوات بين أيديهم وفي متناولهم لتحصيله ،(( أقرأ باسم ربك ))(( نون والقلم وما يسطرون )) القراءة والقلم والقرطاس ؛ فهذه أدوات ، ويسر لهم سبل تحصيله ، فقال ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل مذكر .وجعلهم أقساما فمستقل ومستكثر ..
    واعلم أخي طالب العلم أن لطلب العلم وتحصيله طريقان اثنان :الطريق الأول : طريق التلقي أو التلقين ، وهو الجلوس في حلقات العلم، والأخذ عن أهل الذكر وأهل العلم يسمع منهم العلم ويتلقاه منهم مباشرة ، وهي أن يملي الشيخ على الطلاب ، من مسموعاته ، من حفظه أو كتابه ، أو يقرأ الطالب على الشيخ والبقية تسمع، وهكذا تلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن من جبريل عليه السلام يلقنه إياه ، ثم لقنه النبي أصحابه ، وهكذا تلقته الأمة جيلا عن جيل بالتلقي والتلقين ...
    قال ابن مسعود- رضي الله عنه - : أخذت من في رسول الله- r- سبعين سورة من القرآن .
    ففي البخاري (ح5000) من حديث شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ خَطَبَنَا عَبْدُ اللهِ فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنِّي مِنْ أَعْلَمِهِمْ بِكِتَابِ اللهِ وَمَا أَنَا بِخَيْرِهِمْ قَالَ شَقِيقٌ فَجَلَسْتُ فِي الْحِلَقِ أَسْمَعُ مَا يَقُولُونَ فَمَا سَمِعْتُ رَادًّا يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ .
    وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم - على هذا الطريق عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ ذُكِرَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالَ ذَاكَ رَجُلٌ لاَ أَزَالُ أُحِبُّهُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - فَبَدَأَ بِهِ - وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. البخاري (4999) باب القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومسلم (ح2464).
    ومنه النفرة في الطلب والتحصيل والأخذ عن الأشياخ وأهل العلم المشهورين المعرفين يرحل إليهم ويؤخذ عنهم ثم يرجع إلى قومه فيعلمهم مما علمه الله ..قال تعالى :{ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}(122) التوبة . وقد جعل الله المسلمين في هذه الآية فرقـتين أوجب على إحداهما الجهاد في سبيله ، وعلى الأخرى التفقه في دينه لئلا ينقطع جميعهم إلى الجهاد فـتندرس الشريعة ، ولا يتوافروا على طلب العلم فتغلب الكفار على الملة فحرس بيضة الإسلام بالمجاهدين ، وحفظ شريعة الإيمان بالمتعلمين.
    قال تعالى :
    ] ما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين # وليندروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ( (122) التوبة.وقد أمرهم سبحانه بأن يكونوا ربانيين وحراس شريعته فقال عز وجل : ]كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ( (79) آل عمران .
    قال ابن القيم رحمه الله في كتابه مفتاح دار السعادة (ص 56) : الْوَجْه الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ قَوْله تَعَالَى وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة فلولا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة ليتفقهوا فِي الدّين ولينذروا قَومهمْ إِذا رجعُوا إليهم لَعَلَّهُم يحذرون ندب تَعَالَى الْمُؤمنِينَ إلى التفقه فِي الدّين وَهُوَ تعلمه وإنذار قَومهمْ إِذا رجعُوا إليهم وَهُوَ التَّعْلِيم ،وَقد اخْتلف فِي الآية فَقيل الْمَعْنى أن الْمُؤمنِينَ لم يَكُونُوا لينفروا كلهم للتفقه والتعلم بل يَنْبَغِي أن ينفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة تتفقه تِلْكَ الطَّائِفَة ثمَّ ترجع تعلم القاعدين فَيكون النفير على هَذَا نفير تعلم والطائفة تقال على الْوَاحِد فَمَا زَاد قَالُوا فَهُوَ دَلِيل على قبُول خبر الْوَاحِد وعَلى هَذَا نفير تعلم والطائفة تقال على الْوَاحِد فَمَا زَاد قَالُوا فَهُوَ دَلِيل على قبُول خير الْوَاحِد وعَلى هَذَا حملهَا الشَّافِعِي وَجَمَاعَة وَقَالَت طَائِفَة أخرى الْمَعْنى وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا إِلَى الْجِهَاد كلهم بل يَنْبَغِي أن تنفر طَائِفَة للْجِهَاد وَفرْقَة تقعد تتفقه فِي الدّين فَإِذا جَاءَت الطَّائِفَة الَّتِي نفرت فقهتها الْقَاعِدَة وعلمتها مَا أنْزِلْ من الدّين والحلال وَالْحرَام ، وعَلى هَذَا فَيكون قَوْله ليتفقهوا ولينذروا للفرقة الَّتِي نفرت مِنْهَا طَائِفَة وَهَذَا قَول الأكثرين وعَلى هَذَا فالنفير نفير جِهَاد على أصله فَإِنَّهُ حَيْثُ اسْتعْمل إِنَّمَا يفهم مِنْهُ الْجِهَاد قَالَ الله تَعَالَى {انفروا خفافا وثقالا وَجَاهدُوا بأموالكم وَأَنْفُسكُمْ} وَقَالَ النَّبِي لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح وَلَكِن جِهَاد وَنِيَّة وَإِذا استنفرتم فانفروا وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوف من هَذِه اللَّفْظَة وعَلى الْقَوْلَيْنِ فَهُوَ ترغيب فِي التفقه فِي الدّين وتعلمه وتعليمه فَإِن ذَلِك يعدل الْجِهَاد بل رُبمَا يكون أفضل مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيره فِي الْوَجْه الثَّامِن وَالْمِائَة أن شَاءَ الله تَعَالَى . وأعلام الموقعين (2/178):
    وأما الأحاديث في الصحيحين عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: <<مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلْمِ، كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ، قَبِلَتِ المَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الكَلَأَ وَالعُشْبَ الكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ، أَمْسَكَتِ المَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ>> البخاري (79)باب فضل من عَلِمَ وعَلّم .ومسلم (2282).
    وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عبد الله بن مسعود عن النَّبِي أنه قَالَ :<< من يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدَّين >> .
    واعلم - رحمني الله وإياك- أنه لا يتأتى ذلك إلا بالتعلم والغربة في الطلب والتحصيل ، أما من لا يتعلم ولا يرغب ولا يتعب في تحصيل العلم فهذا كيف يريد الخير ؟؟ وإذا لم يرد الخير لنفسه كيف يريد الله به الخير ؟؟؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم : << إنما العلم بالتعلم >> قال الشيخ الألباني في مختصر صحيح البخاري (1/46) وهو طرف من حديث رواه أبو خيثمة (114) بسند صحيح عن أبي الدرداء موقوفاً، ورواه غيره عنه مرفوعاً، وله شاهد من حديث أبي هريرة، وآخر من حديث معاوية، وقد خرجته في"الأحاديث الصحيحة" (342).
    وقوله : (إنما العلم. .) لا يحصل العلم إلا بالتعلم قال في الفتح هو حديث مرفوع أورده ابن أبي عاصم والطبراني من حديث معاوية - رضي الله عنه - بلفظ (يا أيها الناس تعلموا إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين). إسناده حسن.
    والطريق الثانية هي السؤال والجواب : وذلك لمن كان لا يقدر على الطريق الأول ، يسأل أهل الذكر كما أرشد إلى ذلك الله سبحانه وتعالى في قوله : ] فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ( (7) الأنبياء .يسأل كلما احتاج إلى ذلك ، وخاصة ما هو ضروري من أمور دينه.
    قال الشيخ السعدي - رحمه الله - في تفسيرها من سورة الأنبياء : وهذه الآية وإن كان سببها خاصا بالسؤال عن حالة الرسل المتقدمين لأهل الذكر وهم أهل العلم فإنها عامة في كل مسألة من مسائل الدين أصوله وفروعه إذا لم يكن عند الإنسان علم منها أن يسأل من يعلمها ففيه الأمر بالتعلم والسؤال لأهل العلم ولم يؤمر بسؤالهم إلا لأنه يجب عليهم التعليم والإجابة عما علموه .
    وقال في تفسيرها من سورة النحل آية (43) : وعموم هذه الآية فيها مدح أهل العلم، وأن أعلى أنواعه العلم بكتاب الله المنزل. فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث، وفي ضمنه تعديل لأهل العلم وتزكية لهم حيث أمر بسؤالهم، وأن بذلك يخرج الجاهل من التبعة، فدل على أن الله ائتمنهم على وحيه وتنزيله، وأنهم مأمورون بتزكية أنفسهم، والاتصاف بصفات الكمال.ولتعلم أخي الطالب - علمني الله وإياك - العلم النافع أن الله تعالى قسم الناس في الآية السابقة إلى قسمين أهل ذكر وأهل سؤال وأوجب على كلا الفريقين واجب ، فأوجب على من جهل أمر دينه أن يسأل أهل الذكر عن دينه ، وأوجب على أهل الذكر وهم أهل العلم أن يعلموا ويرشدوا ويبينوا للسائلين ما تصح به عقيدتهم وعبادتهم ، أفاده ابن القيم فيما قرأته عنه وقد نقلته عنه بالمعنى وتحريت لفظه ما استطعت لأنه ما يحضرني في مجلسي هذا.
    التفاتة :قسم الله تعالى الناس في الآية السابقة إلى قسمين عالم مُعلم وجاهل متعلم وبذلك جاءت السنة ففي سنن الترمذي( 2322) وابن ماجة من حديث أبي هُرَيْرَةَ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَلاَ إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلاَّ ذِكْرُ اللهِ وَمَا وَالاَهُ وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ.هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.وهو في الصحيحة برقم (2797) وصحيح الجامع( 1609).
    كما قسمهم في آية التوبة إلى قسمين أهل طلب وتفقه ، وأهل جهاد ونفرة في سبيل الله ولذلك يجب على من يريد الجهاد في سبيل الله عليه أن يرجع إلى أهل العلم والذكر، ويسألهم عن ضوابط الجهاد وأحكامه متى يكون فرض عين ومتى يكون فرض كفاية ، وتحت أي راية يقاتل ، ومن يأمر بالقتال ويفتي به ، ومن يقاتل ممن يسالم ، وما قصده من القتال ، ومتى يغير ومتى يصالح ، ومن يصالح ومن لا صلح معهم إلى غير ذلك .. فليس أمر الجهاد في سبيل الله فوضى أو إبراز العضلات والقوة على المستضعفين ، أو قتل أو قتال بلا ضابط ولا انضباط بالشرع ولا بحكم شرعي حقيقي مبني على الدليل من الكتاب والسنة بفهم صالح سلف الأمة كما يحدث اليوم من كثير من الطوائف والجماعات المقاتلة المخالفة لمنهج الكتاب والسنة بفهم سلف صالح الأمة والبعض منها ينتسب إلى السلف زورا وكذبا بل هم أبعد ما يكون عن منهج السلف الصالح وأكبر دليل على هذا بعدهم عن الرجوع إلى أهل الذكر الذين أمر الله بالرجوع إليهم ، ومساءلتهم في أمور الدين ؛ بل لا ترى منهم إلا الطعن فيهم مع أن منهم من يعترف لهم بالعلم والفضل ولكن يقولون أنهم لا يفقهون مسائل الجهاد ،ومسائل المنهج كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا فيقال لهم متى طلبتم العلم وعلى يد من أخذتم هذا العلم الذي خول لكم أن تفقهوا مسائل الجهاد أكثر من أهل الحل والعقد من العلماء الربانيين المعروفين بالعلم والذين شهد لهم الداني والقاصي بالفضل والعلم ؟والدليل من السنة على طرق تحصيل العلم حديث جبريل الطويل وهو يشمل الطريقين لما جاء يعلمهم أمور دينهم،وفيه السؤال والجواب، والجلوس في حلقة العلم ، وذلك طريق التلقين ، وهو في قوله : قَالَ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ لِي:<< يَا عُمَرُ أَتَدْرِى مَنِ السَّائِلُ >>. قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ :<<هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ>> البخاري (4777) وفي مسلم (8)بلفظ :<< فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ>>..
    فالتعليم هو بثني الركب في حلق العلم ومزاحمة الطلاب في الطلب عند العلماء، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان في طائفة من أصحابه يتعلمون منه فجاء جبريل عليه السلام بالعلم الذي يشمل أصول الدين ومراتبه وذلك لم يكن عندهم منه فعلمهم عن طريق السؤال والجواب والإقرار .
    وطريق السؤال والجواب فيه واضح ، إذا جلس إلى النبي- صلى الله عليه وسلم - وأسند ركبتيه إلى ركبتيه وجعل يسأله ويصدقه ..
    هذا في تحصيل العلم وأخذه من أهله ، عند أهل السنة والجماعة ، فالعلم يؤخذ عن أهله في أفضل بقاع الأرض وأحبها إلى الله في حلق الذكر في بيوت الله تعالى ودور العلم التي ما وجدت إلا للعلم ، كالمعاهد والمدارس التي يدرس فيها العلم على جادة السلف ...
    وهذه اليوم قليلة ونادرة ، وقد استبدلت بهذه المدارس النظامية والجامعات التي فتحت لتدريس العلوم الدنيوية التي غلبت اليوم وطغت على المجتمعات الإسلامية ، فأصبحت لا يدرس فيها من العلم الشرعي الحقيقي على جادة السلف إلا القليل ، وما وجدت هذه الجامعات التي تعطي رتب علمية كنهوتية إلا لضرب الألقاب الشرعية السنية والتخلص منها .
    أما متى يستغني طالب العلم ويستقل بنفسه عن الطلب ، ليعود إلى أهله وقومه أو المكان الذي يُعلم فيه ؛ فهذا يختلف باختلاف نبوغ الطلاب وقدراتهم على الاستيعاب والحفظ والفهم .. وطول الملازمة والتحصيل ، وقصدهم من الطلب وطموحاتهم من التحصيل ، ولا يتوقف ذلك على الإجازات التي تعطى دون ملازمات ، ولا الشهادات من المعاهد والجامعات وإنما يتوقف ذلك على تزكية الطالب لنفسه بالعلم والعمل بما تعلم واتباعه أحسن العلم ولو كان قليلا ؛ فتظهر ثمرة العلم وآثاره عليه ، في حياته ودينه ؛ ويثني عليه بعض العلماء ممن عرفوه وعرفوا ما عنده من بضاعة ، ووصيتهم له بملازمة تقوى الله ومواصلة التعلم والاستفادة والعمل بما تعلم والدعوة إلى الله ونشر ما تعلم من علم .فلا يمكن أن يبقى طول عمره يطلب في العلم يريد أن يحصل جميع العلم أو أكثره دون العمل به وتزكيته ، بنفقته في وجوهه ، فإن العلم بحر لا ساحل له والعلم أكثر من العمر فالعمر قصير فمن تعلم شيئا من العلم وأحكمه وأتقنه وأثنى عليه بعض أهل العلم فيه فعليه أن يعمل به ويزكي نفسه به وأن يعلمه وينشره في غيره وقد قيل :
    ما أكثر العلم وما أوسعه - - - من ذا الذي يقدر أن يجمعه
    إن كنت لابد له طالبا - - - محاولا فالتمس أنفعه .
    قال صالح بن عبد القدوس -رحمه الله -:
    إذا طلبت العلم فاعلم أنه حمل -- فأبصر أي شيء تحمل
    وإذا علمت بأنه متفاضل - - فاشغل فؤادك بالذي هو أفضل.
    وما أجمل ما أورده الحاف ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله واعلم بأن العلم (1/292)
    واعلم بأن العلم بالتعلم -- والحفظ والاتقان والتفهم
    والعلم قد يرزقه الصغير-- في سنة ويحرم الكبير
    فإنما المرء بأصغريه -- ليس برجليه ولا يديه
    لسانه وقلبه المركب -- في صدره وذلك خلق عجب

    والعلم بالفهم وبالمذاكرة -- والدرس والفكرة والمناظرة
    فرب إنسان ينال الحفظا -- ويورد النص ويحكي اللفظا
    وماله في غيره نصيب -- مما حواه العالم الأديب
    ورب ذي حرص شديد الحب-- للعلم والذكر بليد القلب
    معجز في الحفظ والرواية -- ليست له عما روى حكاية
    وآخر يعطي بلا اجتهاد-- حفظا لما قد جاء في الإسناد
    يهزه بالقلب لا بناظره -- ليس بمضطر إلى قماطره
    فالتمس العلم وأجمل في الطلب -- والعلم لا يحسن إلا بالأدب
    والأدب النافع حسن السمت -- وفي كثير القول بعض المقت
    فكن لحسن الصمت ما حييتا -- مقارفا تحمد ما بقيتا
    وإن بدت بين أناس مسألة -- معروفة في العلم أو مفتعله
    فلا تكن إلى الجواب سابقا -- حتى ترى غيرك فيها ناطقا
    فكم رأيت من عجول سابق -- من غير فهم بالخطأ ناطق

    أزرى به ذلك في المجالس -- عند ذوي الألباب والتنافس
    والصمت فاعلم بك حقا -- أزين إن لم يكن عندك علم متقن
    وقل إذا أعياك ذاك الأمر --مالي بما تسأل عنه خبر
    فذاك شطر العلم عند العلما -- كذاك مازالت تقول الحكما
    إياك والعجب بفضل رأيكا -- واحذر جواب القول من خطائكا
    كم من جواب أعقب الندامة -- فاغتنم الصمت مع السلامة
    العلم بحر منتهاه يبعد - -ليس له حد إليه يقصد
    وليس كل العلم قد حويته -- أجل ولا العشر ولو أحصيته
    وما بقى عليك منه أكثر -- مما علمت والجواد يعثر
    فكن لما سمعته مستفهما -- إن أنت لا تفهم منه الكلما

    القول قولان فقول تعقله -- وآخر تسمعه فتجهله
    وكل قول فله جواب --يجمعه الباطل والصواب
    وللكلام أول وآخر -- فافهمهما والذهن منك حاضر
    لا تدفع القول ولا ترده -- حتى يؤديك إلى ما بعده
    فربما أعيي ذوي الفضائل --جواب ما يلقى من المسائل

    فيمسكوا بالصمت عن جوابه -- عند اعتراض الشك في صوابه
    ولو يكون القول في القياس -- من فضة بيضاء عند الناس
    إذا لكان الصمت من خير الذهب -- فافهم هداك الله آداب الطلب . جامع بيان العلم وفضله (1/292)
    والله أعلى وأعلم . وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    1,205

    افتراضي رد: البيان الساطع في ذكر أنجع طرق تحصيل العلم الشرعي النافع

    وهذه إضافة مهمة أحب أن أذكر بها إخواني وأبنائي وأحبائي طلبة العلم بهذه الطريقة التي تضمنها الطريق الأول الذي ذكرته من طرق تحصيل العلم ، وهذا ما أنا عليه وإخواني الطلبة حيث وجدت لها نفعا عظيما ، أذكرها هنا راجيا من المولى عز وجل أن ينفع بها إخواني طلاب العلم .أولا أختار المتن الذي يناسب ونريد أن نحفظه ونقرأ عليه شرحا ، ثم أملي على الطلاب شيئا يسيرا من المتن الذي نريده : مثلا متن نظم الحائية ، أو الثلاثة الأصول ، آخذ خمسة أبيات من الحائية أو ما يساويها أو يقاربها من الثلاثة أصول ثم أمليه على الطلاب وأكرره مرارا دون قيد أو تخصيص حتى أشعر بأن الطلاب قد استوعبوه وهناك أطلب منهم أن يسمعوه لي وأن يعرضوه علي واحدا تلو الآخر ، ثم أوصيهم بمراجعته في البيت وضبطه ، وفي الحلقة التي بعدها لا أعطيهم الجديد حتى أسمع منهم الذي حفظوه بالأمس في الحلقة الماضية .. ثم نقرأ شيئا من الشرح على المتن المحفوظ لبعض العلماء مع تقييد الفوائد فيه منه ومن غيره ، ولا ننسى الأسئلة أثناء الشرح وآخر الشرح عن أهم ما في الدرس والفوائد التي نقيدها وننبه على أهميتها ؛ ونتذاكر مع بعض البعض كل شهر للحصيلة الشهرية التي أخذناها وبذلك حفظ الطلاب عدة متون واستوعبوا ما فيها - ولله الحمد – أولا وآخرا .وأنبه هنا بعض إخواني طلاب العلم ممن لا يجدون في بلدانهم علماء ولا طلبة العلم الذين يلتفون حولهم ، ويأخذون عنهم أن يتعاون كل ثلاثة أو أربعة مع بعضهم البعض على طلب العلم ، فيأخذون شرح متن من المتون العلمية في السلاسل المسجلة لشيخ من المشايخ السلفيين المعروفين بشرط أن يحفظوا المتن المراد شرحه ، وأن يحضروا الشرح معهم أثناء السماع إن كان مطبوعا لنفس العالم الشارح فإن لم يكن ذلك أحضروا المتن المطبوع ، ويتابعون الشيخ في التسجيل ويستمعوا إليه ويقيدوا الفوائد على هامش المتن أو في دفتر ، وأن يلزموا أنفسهم بالانضباط بالحلقات والأوقات ، وأن يتذاكروا ويتساءلوا فيما بينهم في كل حلقة قبل البدء في الجديد عن القديم ، حتى إذا وجدوا من أنفسهم أنهم فهموه واستوعبوه انتقلوا إلى جديد فأخذوا مثل ما أخذوه في الجلسات الماضية وهكذا إلى مدة بعد حلقات متتابعة يتوقفون عن الجديد ويتذاكرون ما أخذوه في هذه المدة فإذا أشكل عليهم شيئا رجعوا إلى أهل العلم وأولهم الشارح إن كان على قيد الحياة فإن لم يكن رجعوا إلى غيره ، وسبل الاتصال بأهل العلم اليوم متوفرة لكثير من الطلاب والحمد لله . نفعني الله وإياكم بما نتعلم وفتح الله علي وعليكم بالعلم النافع والعمل الصالح إنه سميع مجيب .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    1,205

    افتراضي رد: البيان الساطع في ذكر أنجع طرق تحصيل العلم الشرعي النافع

    بارك الله فيكما وجزاكما خيرا على مروركما الطيب
    اعلم أخي القارئ أن العلم أفضل وأعلى ما صرفت فيه الأوقات وكرست فيه الجهود ، وهو أعلى حياة للعباد ، وهو النور الذي يكشف المعضلات والمشكلات فاحرص عليه في كل وقت وحين فإنك لا تدري متى تحتاجه .
    قال الحكمي رحمه الله :
    العلم أعلى وأحلى ما له استمعت - - أذن وأعرب عنه ناطق بفمي
    العلم غايته القصوى ورتبته العلياء- - فاسعوا إليه يا أولي الهمم
    العلم أشرف مطلوب وطالبه لله - - أكرم من يمشي على قدمي
    العلم نور مبين يستضاء به - - أهل السعادة والجهال في الظلم
    العلم أعلى حياة للعباد كما - - أهل الجهالة أموات بجهلهم
    لا سمع لا عقل بل لا يبصرون - - وفي السعير معترف كل بذنبهم
    الجهل أصل ضلال الخلق قاطبة - - وأصل شقوتهم طرا وظلمهم
    والعلم أصل هداهم مع سعادتهم - - فلا يضل ولا يشقى ذوو الحكم
    والخوف بالجهل والحزن الطويل به - - وعن أولي العلم منفيان فاعتصم
    العلم والله ميراث النبوة لا - - ميراث يشبهه طوبى لمقتسم
    لأنه إرث حق دائم أبدا - -وما سواه إلى الإناء والعدم .
    وقال الشيخ السعدي رحمه الله
    اعلم هديت أن أفضل المنن - - علم يزيل الشك عنك والدرن
    ويكشف الحق لذي القلوب - - ويوصل العبد إلى المطلوب
    فاحرص على فهمك للقواعد - - جامعة المسائل الشوارد
    فترتقي في العلم خير مرتقى - -وتقتفي سبل الذي قد وفقا . انتهى
    وقال غيرهما :
    العلم نور يقتبس - - فصاحبه مكرم حيث جلس
    من فاته العلم طأطأ وانتكس - - فكان ما بين حمار وفرس .
    فاختر لنفسك ما تريد أن تحيا وأن تكون عليه فقد قال صلى الله عليه وسلم :
    << الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله او عالم او متعلم >> أو كما قال .


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. البرنامج الناجع لطلب العلم الشرعي النافع/ الشيخ أبي بكر يوسف لعويسي-شفاه الله-
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 21-Feb-2017, 11:03 PM
  2. البرنامج الناجع لطلب العلم الشرعي النافع لفضيلة الشيخ أبي بكر يوسف لعويسي حفظه الله
    بواسطة أبو عبد المحسن زهير التلمساني في المنتدى مقالات ورسائل الشيخ أبو بكر يوسف لعويسي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 21-Feb-2017, 06:38 PM
  3. العلم النافع (لإبن رجب - رحمه الله-)
    بواسطة أم رميساء التونسية في المنتدى مـنــبر الأســـرة المـــســلـــمـــة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 26-Jan-2016, 08:51 AM
  4. ( أثر تحصيل العلم النافع في اندثار الفتن ) للشيخ محمد بن هادي 29صفر1436ه
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى مكتبة الأمين العلمية الــشـاملة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-Dec-2014, 09:26 PM
  5. {العلم النافع والغير نافع}
    بواسطة أبو هنيدة ياسين الطارفي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 14-Feb-2012, 06:11 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •