بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الدكتور محمد بن عمر بازمول حفظه الله:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسولهيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَيَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًايَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة
أما بعد :
فألتقي بإخوتي من أبناء دولة الإمارات في هذه المحاضرة في مساء الأربعاء الثامن من جمادى الأولى من عام ألف وأربعمائة وأربع وثلاثين هجريا وذلك بدعوة كريمة من سعادة الأستاذ مدير جامعة الجميرة عبد الله بن خليفة جزاه الله خير الذي كان له الفضل في حصول هذا اللقاء وفي حصول هذه المحاضرة وبفضل سعيه هو وإخواته ووالده ومن كان معه ستكون إن شاء الله هذه الدورة العلمية التي تبدأ من الغد إلى يوم الجمعة هذا اللقاء موضوعه :
آداب طالب العلم
وقد أدرته على خمسة محاور :
المحور الأول : في تعريف كلمة الأدب.
والمحور الثاني : في بيان أنواع العلاقات التي يكون فيها المسلم.
والمحور الثالث في آداب طالب العلم مع أقرانه.
والمحور الرابع : في آداب طالب العلم مع أشياخه.
والمحور الخامس : في آداب طالب العلم مع عموم الناس موافقين ومخالفين.
وهذا الموضوع من الموضوعات المهمة التي يحتاجها طالب العلم وذلك أن ثمرة العلم وثمرة المعرفة وثمرة التدين لابد أن تظهر على أخلاقه وسلوكهوالرسول صلى الله عليه وسلم أشار إلى هذا الجانب المهم في تكوين المسلم بقوله عليه الصلاة والسلام إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، فجعل الدعوة كلها والدين كله في الأخلاق الحسنة فكأن مقصد الأخلاق مقصد العبادات بجميع أنواعها وهو مقصد المعاملات بجميع أنواعها وهو مقصد علاقات الإنسان مع الآخرين كما سأبين بعد قليل أنواع هذه العلاقات .فبدون الأخلاق وحسن التعامل لا يكون هناك دين صحيح (وإنما الدين المعاملة ) وكم هو سيء أن يكون إنسان طالب علم يصفه الناس بأنه طالب علم وهو يصف نفسه بأنه طالب علم ومع ذلك لا يتحلى بالآداب التي ينبغي أن يتحلى بها ، والعلماء اهتموا بهذا الجانب كثيرا لما وجدوه من النصوص ومن الآثار الكثيرة الواردة الدالة على العناية بهذا الباب وأفردوا كتب سموها كتب الآداب الشرعية منها كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح ومنها كتاب أدب الدين والدنيا للماوردي ومنها كتب عديدة لابن أبي الدنيا ولغيره في موضوع الآداب من أقدمها كتاب الآداب لأحمد بن الحسين البيهقي صاحب السنن الكبرى رحمه الله .أول محور نريد أن نتكلم عنه في هذا اللقاء هو
تعريف كلمة الآداب
ما هي الآداب ؟ ما هو الأدب ؟أقول في اللغة مادة الألف أو الهمزة والدال والباء أَدَبَ يَأْدِبُ أّدْباً أي دعا فالأدب في اللغة هو الدعوة ومنه سمي الطعام الذي يدعى إليه الناس مَأْدُبَةوفي عرف أهل اللغة سُمي الأدب على الخصلة والشيمة التي يستحسنها الناس وترتضيها عقولهم فلما جاء الشرع كان معنى الأدب هو الخصلة التي أمر بها الشرع سواء كان أمر استحباب أو أمر وجوب مما ينبغي للإنسان أن يتأدب به وبهذا التعريف تعلمون أن ما يشيع عند بعض الناس أن الأدب هو في الأمور المستحسنة المستحبة فقط هذا خطأ ، فإن الأدب في الشرع يشمل كل ما أمر به سواء على الاستحباب أو على الوجوب ؛ ولذلك هناك آداب قد يحكم بكفر مخالفها كالأدب مع الله سبحانه وتعالى كالأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم كالأدب مع المصحف فمن الأمور المكفرة عند العلماء الاستهانة بالقرآن وقذفه ورفسه بالرجل فإن هذا من سوء الأدب مع القرآن وصاحبه كافر إذا كان يعلم أن هذا قرآن ، ترك الأدب مع الله عز وجل في أن ينسب إليه أمور لا يجوز أن تنسب إليه سبحانه وتعالى هذا من خلاف الأدب يحكم بأنه بدعة وقد يصل إلى أن يحكم بأنه كفر مخرج من الملةإذن الأدب هي مجموعة أوصاف وأمور طلبها الشرع إما على الوجوب وإما على الاستحباب ، فنحن حينما نقول آداب طالب العلم ليس معنى ذلك أن هذه الآداب هي فقط مستحبة لا ، قد يكون من هذه الآداب ما هو واجب بل قد يكون من هذه الآداب ما يكون الإخلال به وتركه سبب للحرمان من بركة العلم وقد يكون من هذه الآداب ما يكون سببا للبركة في العلم كما سأنبه إن شاء الله إن يسر الله سبحانه وتعالى .....(يتبع)