بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى والصلاة والسلام على النذير البشير وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان من كل محب وتابع كبير وصغير غني وفقير إلى يوم الدين .
أما بعد :
لقد انتشرت ظاهرة خطيرة ، حقيرة ، وهي لبس المرأة للسرويلات والخروج به دون حجاب ولا جلباب ، ولا حياء ولا حشمة ، انتشارا واسعا حتى أصبحتَ لا تكاد ترى امرأة بدون هذا البلاء الذي ابتليت به الأمة ، ويا ليتها اقتصرت على لبسه تحت العباءة ، لتبالغ في السترة والتستر ، أو داخل البيت مع زوجها لكان ذلك فعلا حسنا ، وللزم أن تشكر على هذا الخلق الذي يزيدها حياء إذ الحياء هو أعظم وأجمل ما في المرأة ، ولكن للأسف الشديد ، أنها تفسخت وتعرت وخرجت سافرة في تبرج ما عرفته الجاهلية الأولى ، بحيث أصبحت تلبس سروايلات حازقة ضيقة تحجم عروتها ولا تقتصر على الساقين والفخذين بل أصبحت ترفع القميص أو الفنيلة التي تلبسها من أعلى حتى تظهر عورتها المغلظة ، بل وأصبحت تلهث وراء كل جديد من الموضى وهو نوع من السرويلات يسمونه (( سليم )) وما هو بسليم بل هو زليم زنيم ضيق شديد الضيق ، يصل إلى أسفل الحقوين ، ويظهر معه شيئا من العانة وترفع اللباس الأعلى حتى تظهر السرة وشيء من البطن تقلدا للكفار والكافرات ، قد باعت الحياء أجمل خلق في المرأة ، ومن أعظم أسباب طهارة المجتمع فهتكت ستر ربها ولم تستح منه سبحانه وتعالى ، ولا من أبويها ولا من إخوانها وأعمامها وأخوالها وجيرانها وجميع المجتمع ، بل أصبحت تفخر بذلك وتتباهى ، والمؤلم في ذلك كله والذي يحزن القلب حزنا شديدا ، ويغضب الرب تعالى هو أن تفعل ذلك على مرأى منهم جميعا ولا أحد يحرك ساكنا، بل من تكلم عُد من المتشددين أو الرجعيين المتخلفين .
وأدهى من ذلك وأمر أن ترى الرجل معه زوجته وابنته تمشي معه في الشوارع هكذا شبه عارية بذلك اللباس الفاضح الذي جاءت به الإباحية الكافرة يتباهى بها ، بل أقبح من ذلك وألعن من يذهب بها هو نفسه إلى السوق ويختار لها تلك السرويلات ، وتدخل في الغرفة الخلفية للمحل تلبسه هناك وتقيسه وربما بمحضر صاحب المحل وزوجها أو أبوها ينظر ويسمع وقد ماتت الغيرة فيه ولا حول ولا قوة إلا بالله فأي نوع من الرجال هؤلاء؟؟
يا أمة محمد اتقوا الله ، يا قومنا اتقوا الله فإنا نخاف أن يعمنا الله تعالى بعقاب منه ، لقد استشرى الفساد وظهر في البر والبحر، ومنه العري الفاضح الذي كثر بسببه الخبث وظهرت به الفاحشة ، وقد سئل نبينا rكما جاء في الصحيح أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : << نعم ؛ إذا كثر الخبث >> وقال تعالى : { وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (25) الأنفال .
والعجب من طائفة أخرى من الرجال إذا كلمته في الموضوع تعذر بعذر أقبح من ذنب وقال لك ، أنت لم تر إلا ابنتي ، أو أن الناس كلهم كذلك ، أو يقول لك غلبتنا النساء على ذلك فماذا نفعل ؛ فالعصر عصرهن وهكذا يتعذر إليك بهذه الأعذار ..ولا يستحي من الواحد القهار .
وهناك طائفة أخرى من إخواننا الذين ينسبون إلى السنة والجماعة ، كانوا قبل أن يتزوجوا أصحاب غيرة شديدة على أخواتهم وأمهاتهم ؛ بل على بنات الإخوة وبنات الأخوات ، فلما تزوجوا ضعفت الغيرة فيهم وأطلقوا الحبل على الغالب لزوجتاهم يلبسن ما شئن في المناسبات والأعراس من الألبسة الفاضحة العارية ومنها هذه السراويلات بحجة أن ذلك أمام النساء ، ونسوا أن أفراحنا وأعراسنا أغلب أصحابها لا يلتزمون حدود الشرع ، فربما دخل عليهن الأقارب والأحماء والمصورون وغير ذلك ، أما عن بناتهم بعدما من الله عليهم ورزقهم من القوارير فحدث ولا حرج فالكثير منهم لا يلزم بنته بالحشمة ولا يدربها من الصغر على ذلك وإذا قلت له في ذلك قال لك إنها صغيرة ، وهكذا يتركها حتى تبلغ وتجاوز سن البلوغ حيث تمكن منها حب التفسخ والتبرج والتقليد لما تراه من زميلاتها في المدرسة والشارع فيصعب عليه أن يلزمها ويصعب عليها لباس الحشمة ، وربما لسبته أمام أبيها وأخيها فإذا غابت عنهم كشفت شيئا منه أو نزعته وهكذا في قصص كثيرة ، والسبب ما ذكرته من الشدة التي كانوا عليها والتفريط والتقصير مع زوجاتهم وبناتهم .
وهذه رسالة أخرى أوجهها للتجاور الفجار الذين لهم النصيب الأوفر في تبرج بناتنا وأخواتنا بسبب جشعهم ولهثهم وراء جمع المال دون نظر لحدود الشرع أو لما يخل بالحياء والحشمة والطهر في مجتمعاتهم ، ودون اعتبار بالعواقب عما ينتج من بيعهم الألبسة المحرمة التي يتنافسون ويتسابقون على من يستردها أولا ويسبق فينزلها إلى السوق أو يخيطونها في بلدانهم تقليدا للكفار ثم يعرضونها في أسواق المسلمين حيث ملئت محلاتهم إلا بهذه الألبسة الفاضحة العارية ، بعضهم يعرضها في واجهة المحل وبعضهم يخرجها خارج المحل في صورة مجسمة - والله- أو صور لنساء عاريات تستحي منها الجمادات والحيوانات فضلا عن البشر فضلا عن أهل الصلاح والاستقامة ..
ومن المنكرات المستقبحة التي تمجها الفطر فضلا عن التدين والاستقامة أن ترى بعض أصحاب تلك المحلات هم أصحاب مظاهر الاستقامة ممن يحسبون على السنة والجماعة ومنهج السلف الصالح وللأسف ، ذلك لأن التجارة مع النساء مدرة للمال ، فتجدهم يلجئون إلى التجارة في ملابس النساء - ويا ليتهم اقتصروا على ما المعتاد منها المحافظ على الحشمة - ولكنهم يبيعون ويتجرون في الألبسة الداخلية ، ويأخذ في الكلام معهن في نوعيته وكيفيته وأنه جيد وعلى مقاسها وغير ذلك ...وطول اليوم وهم يتسكعون في الأسواق وفي هذه المحلات بين النساء من كل صنف ...
فهل يستيقظ هؤلاء من غفلتهم، وهل يستيقظ أولئك التجارة ويعلمون أن ما يجمعون من أموال ستكون عليهم حسرة وندامة يوم القيامة حيث لا ينفعهم الندم ..؟؟وهل يستيقظ أولئك الرجال الذين ماتت في الغيرة فيجنبون أنفسهم وأهليهم نارا وقودها الناس والحجارة ، ويجنب الجميع سخط الله وعقابه في الدنيا قبل الآخرة ..؟؟
تعريف السرويلات :السراويل: فارسية معربة، وقد تذكّر، جمعها سراويلات، أو هي سروال وسروالة أو سرويل، وليس في كلام العرب فعويل غيرها.القاموس المحيط 3/406، لسان العرب 11/334، تاج العروس 7/375، المصباح المنير 275، وفي المعجم الوسيط 1/428، والسراويل لباس يغطي السرة والركبتين وما بينهما.
والسراويل المعروفة الآن هي: لباس يستر النصف الأسفل من الجسم، يفصل بحيث تدخل فيه الرجلان كلاً على حدة، وبذلك يفارق الإزار.وقد تفنن فيه الكفار وأخرجوه على أشكال وأنواع حتى توصلوا به إلى الإخلال بالحياء والحشمة عند الرجال ثم تدرجوا حتى وصلوا إلى البنت الصغيرة ومنها إلى الجواري ومنها إلى البنات الشابات ثم إلى النساء وهكذا إلى العجائز حتى أصبحت يلبسنه ويتباهين به ، ويفتخرن على بعضهن البعض به ، وقد كان السراويل معروفا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاء ذكره في حديثه ذلك في قوله :<< << عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَلْبَسُ القُمُصَ، وَلاَ العَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ >> البخاري (1543)وتحت رقم (1838)وفيه :<< وَلاَ تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، وَلاَ تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ>> ومسلم (1177)دون هذه الزيادة الخيرة .
ولكن ليست هذه السراويلات التي كانت على عهده وعهد أصحابه رضوان الله عليهم هي التي نراها اليوم ولم تكن تلبس هكذا لوحدها دون إزار أو قميص هذا عند الرجال أما النساء فلم يثبت دليلا صريحا واضحا في لبس المرأة للسراويلات ، وكل ما ورد في ذلك لا يصح ولا يثبت ، وقد فهم بعض أهل العلم من هذا الحديث الآنف الذكر أن النهي فيه للرجال ؛ وعليه فالمرأة يجوز لها أن تتسرول وأن تلبس أثناء إحرامها السراويل ، ولكن ذلك يكون أسفل جلبابها وحجابها مبالغة في الستر ولا يظهر منه شيئا لأن جلبابها يغطي قدميها فقد أمرت وجوبا بإرخائه شبرا من حد الكعبين ، واستحبابا ذراعا من ذلك الحد ..كما في الفتح للحافظ ابن حجر .
وعليه إذا كان القصد منه المبالغة في الستر وتلبسه فقط إذا خرجت وتحت جلبابها بحيث لا يظهر منه شيئا ، ولا يكون من لباس الرجال ولا مما يشبه لباس الكافرات من الموضى التي خرجن بها علينا فلا حرج حينئذ عليها أن تلبسه ، أما أن تلبسه دون حجاب وتخرج به أمام الرجال الأجانب ، أو تلبسه على تلك الهيئة التي ذكرت أمام محارمها أو نسائها ويكون من لباس الرجال ولباس الكافرات فهذا لا يجوز لها أن تلبسه ، اللهم إلا أمام زوجها وبشرط أن لا تقصد به تقليد الكافرات ولا يكون من لباس الرجال .
الأحاديث الواردة في لبس المرأة للسراويل : يتبع إن شاء الله ...