بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله في شرحه للقواعد المثلى :

أشار النبي صلى الله عليه وسلم إشارة حسية إلى العلو في خطبة حجة الوداع لما سأل الصحابة في آخر الخطبة فقال لهم : ((أنتم مسؤولون عني ماذا أنتم قائلون؟)) أي أمام الله يوم القيامة قالوا : ((نشهد بأنك أديت ونصحت)) قال النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعه : ((اللهم اشهد اللهم اشهد)) يشير إلى الله الذي فوقه وفوق السماوات وفوق كل شيء ، يشير إليه ويشهده عليهم على هذه الشهادة بأنهم شهدوا له بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح لأمته [...]
ونحن قد أثبتنا العلو قبل الإشارة فالله سبحانه وتعالى هو الذي أثبت لنفسه قبل الإشارة ما أشار النبي المعصوم إلى الله إلا بعد أن أثبت الله لنفسه العلو وأثبت له رسوله صلى الله عليه وسلم أما تقرأ قوله تعالى : (أأمنتم من في السماء) (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) أين أنت من هذه الآيات ومن قوله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله لما قضى الخلق كتب كتابا وهو عنده فوق العرش : إن رحمتي سبقت غضبي)) أو غلب غضبي.
علو الله تعالى ثابت بالكتاب والسنة والفطرة والعقل والإجماع صفة كهذه نفيها خطر على إيمان العبد صفة ثابتة لله تعالى بالكتاب والسنة الصحيحة وبإجماع الصحابة وبالعقل السليم والفطرة السليمة ما من مخلوق يعقل إلا ويعتقد بأن الله يُدعى من فوق لذلك كل داع إنما يقول : ((يا الله)) (يبدو أن الشيخ رفع يديه إلى العلو) ولم نسمع قط من يقول : ((يا الله)) (يبدو أن الشيخ أشار بيده إلى جهة أخرى غير العلو) إنما يقولون يا الله (لعله رفع يديه) ولو سألنا أعرابيا أو عجميا قلنا له أين الله؟ فيقول في السماء كما قالت الجارية ليس هناك أجهل ممن حيث الدراسة من جارية راعية للغنم سئلت هذا السؤال والذي سألها أشرف الخلق سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم في مناسبة معروفة ذكرناها غير مرة قال لها : ((أين الله؟)) قالت : في السماء وقال لها: ((من أنا؟)) قالت : ((أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم)) لأن الجارية كانت تعيش هنا عند ضاحية من ضواحي المدينة ترعى غنم أهلها هناك تسمع وتعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واقتنعت وآمنت بأنه رسول الله عليه الصلاة والسلام آمنت هذا الإيمان ولكن آمنت بعلو الله بالفطرة قبل أن تدخل أي مدرسة.
إذا الفطرة والعقل السليم وأدلة الكتاب والسنة المستفيضة التي عددها كثير من أهل العلم بالعشرات تثبت علو الله تعالى على خلقه وأنه ليس مختلطا بخلقه لا يقال إنه في كل مكان وفي كل شيء لا يقال إنه في جوف السماء ولا ينبغي أن يتبادر إلى ذهنك عندما تقرأ قوله تعالى (أأمنتم من في السماء) أن هذه الأجرام تحيط به أنه داخل السماوات لا (أأمنتم من في السماء) أي أأمنتم من في العلو ، العلو علو الله تعالى بمعنى أنه بائن من خلقه سُئل عبد الله بن المبارك بم نعرف ربنا قال نعرفه بأنه مستو على عرشه بائن من خلقه)) ليس في ذاته شيء من مخلوقاته ولا في مخلوقاته شيء من ذاته.
والإعتقاد بأنه في كل مكان بذاته أو في كل شيء بذاته هذه عقيدة الحلول إلحاد وكفر ما لم يلبَّس على الإنسان وتوجد له شبهة تحول بينه وبين الكفر.