السؤال:
يقول هذا السائل حازم من جدة: لقد قرأت هذه العبارة في أحد الأحاديث الصحيحة ولم أعرف معناها، ولكن وقع في نفسي أن هذه العبارة هي دليلٌ على قرب انقضاء الدنيا وعلى سرعة أيامها وزوالها، هذه العبارة هي ألا إن الزمان استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، فهل ما وقع في نفسي صحيح؟ وإذا لم يكن كذلك فما معنى ذلك؟ مأجورين.

الجواب:
الشيخ: نعم. ما وقع في نفسك ليس بصحيح، بل معنى الحديث أن الزمان استدار كهيئته، أنه كان أن العرب كانوا يعملون بالنسيء أي بالتأخير فيجعلون شهراً بدل شهر؛ لأن الأشهر منها حرم، يحرم فيها القتال وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، ومنها ما ليس بحرم، فكان العرب يتلاعبون ينقلون شهر محرم إلى شهرٍ مباح، وينقلون الشهر المباح إلى شهر المحرم، فوافقت حجة النبي صلى الله عليه وسلم للوداع أن الشهر الذي كان العرب يجعلونه حراماً وافق هو الحرام في حجة الرسول صلى الله عليه وسلم فاستدار الزمان كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، لكن الذي يدل على سرعة الزمان، هو ما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذكر أن الساعة لا تقوم حتى يكون كذا وكذا، قال: «ويتقارب الزمان »، يتقارب الزمان، بعض العلماء قال: معنى يتقارب الزمان أي أن البلاد تكبر، فتكبر المدينة رقم واحد ورقم اثنين ورقم ثلاثة، فإذا كبرت تقاربت، فحملوا تقارب الزمان على تقارب المكان، وقالوا: إنه يلزم من تقارب المكان تقارب الزمان؛ لأن الإنسان إذا كان يقطع هذه المسافة بين البلدين في يومين فكبرت البلاد صار يقطعها في يومٍ واحد. وقال بعضهم: إنه إن المراد به الاتصالات، فمثلاً فيما مضى لا يمكن أن تتصل بإنسان في الرياض إلا بعد خمسة أيام ستة أيام نعم. بالإبل بعد عشرة أيام فأكثر، بالسيارات قبل الخطوط في يومين أو يوم ونصف، الآن في ثلاثة ساعات ما بين القصيم والرياض، زد على ذلك اتصالات أسرع وهي الهاتف والفاكس فى لحظة، قالوا هذا: معنى تقارب الزمان، وعندي أن تقارب الزمان هو الفشل في الأيام والليالي والساعات، الآن يمضي الأسبوع وكأنه يوم، تأتي تصلي الجمعة اليوم وتقول: ما أبعد الجمعة الثانية فإذا كأنها في آخر النهار، وهذا شيء مشاهد، يعني كل الناس يشكون من هذا يقولون: سرعة الأيام كأنها ساعات أمس نحن في صلاة الجمعة وبكرة الجمعة، وكأن هذا يومٌ واحد بينما هي ستة أيام بين الجمعة والأخرى، هذا معنى تقارب الزمان. والإنسان ينبغي له في هذه الأيام أن يسأل الله دائماً الثبات، وأن يحرص على سلوك منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان حتى يحقق أو حتى يتحقق له، قول الله عز وجل:(والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه). نعم.



نور على الدرب الشيخ صالح العثيمين
الحديث وعلومه