سئل إمام أهل السنة (حامل لواء الجرح والتعديل بحق وإن رغمت أنوف.. )أيهما أفضل العيش في مكة أم المدينة ؟
العلامة ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله -
فأجاب حفظه الله ورعاه : العيش في مكة أفضل والموت في المدينة أفضل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول عمن مات في المدينة (( مَنْ صَبَرَ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا، كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا أَوْ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» يَعْنِي الْمَدِينَةَ )) (1)
هذه من مزايا المدينة، والمفضول قد تكون فيه مزايا وخصائص لا توجد في الفاضل، فمكة لها فضائل والمدينة لها فضائل، وفي الجملة مكة أفضل الصلاة في مسجدها بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بألف صلاة(2)، وفي بيت المقدس بخمسمائة(3)، ويوجد مثل هذه الفضيلة في المدينة، فالبركة فيها المضاعفة، البركة في الطعام في التمر في المدينة مضاعفة على مكة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا لها بالبركة بمثل ما دعا إبراهيم وضعفه(4)، فمكة فيها الصلاة بمائة ألف، وفيها مسجد الكعبة، وفيها مشاعر الحج، وحرمتها أشد، لم يختلفوا في حرمة قتل الصيد وفي قطع الشجر في مكة، واختلفوا فيه في المدينة، وإن كانت الأحاديث ثابتة أنه لا يجوز أن يقطع شجرها، ولا يصاد صيدها، حتى أن أبا هريرة رضي الله عنه يقول :((لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ بِالْمَدِينَةِ تَرْتَعُ مَا ذَعَرْتُهَا))(5)
الحاشية
(1) قطعة من حديث رواه مسلم في ((الحج)) حديث [1363]
(2) أخرج أحمد (343/3و397)، وابن ماجه في ((إقامة الصلاة))حديث [1406] من حديث جابر رضي الله عنه. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ)).
وصححه البوصيري في ((مصباح الزجاجة))(13/2)، وقال الحافظ في ((الفتح)) (81/3):((رجال إسناده ثقات)). وصححه الألأباني في ((الإرواء))(136/4).
(3) روى الطحاوي في (( مشكل الآثار)) [609]، والبزار في ((مسنده))[4142]، والبيهقي في ((شعب الإيمان))(3854-الرشد)عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((فَضْلُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى غَيْرِهِ مِائَةُ أَلْفِ صَلَاةٍ، وَفِي مَسْجِدِي أَلْفُ صَلَاةٍ، وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَمْسُ مِائَةِ صَلَاةٍ)).
(4)روى البخاري في ((فضائل المدينة))حديث[1885]، ومسلم في ((الحج)) حديث[1369]عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:((اللهمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنْ الْبَرَكَةِ)).
(5)رواه البخاري في ((فضائل المدينة)) حديث[1873]، ومسلم في((الحج))حديث[1372].
المصدر : كتاب الذريعة إلى بيان مقاصد الشريعة (ج3/ص382و383)
للعلامة المجاهد الإمام ربيع بن هادي حفظه الله ورعاه وأطال في عمره على طاعته
بسم الله الرحمن الرحيم
الذَّريعَةُ إلى بيانِ مقاصدِ كتابِالشَّريعَةِ
لفضيلة الشّيخ العلاّمة
أبي محمّد ربيع بن هادي المدخليّ
تصوير بوزيد بلقاسم الجزائري
â—„للتحميل المباشر اضغط على اسم الجزء
â†گ الجزء الأول
†گ الجزء الثاني
â†گ الجزء الرابع