بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، أحمده حمد الشاكرين لأنعمه، المؤمنين برسالته، المتمسكين بعقيدته، أحمده حمد الناصرين لدعوته، الداعين للتمسك بسنة من أدى رسالته- محمد بن عبد الله-صلى الله عليه وسلم-، فلك الحمد ربنا على كل ما رزقتنا ووهبتنا.



وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبد الله الطاهر الصادق الأمين، فصلوات ربي وسلامه عليك يا رسول الله، وعلى آل بيتك الطاهرين، وعلى أصحابك ومن تبعهم إلى يوم الدين.



أما بعد :


اعلم رزقني الله وإياك العلم النافع، أن دعوتنا دعوة مباركة، لأنها دعوة الأنبياء والرسل، الذين بعثهم الله ليخرجوا الناس من غياهب الشرك والضلال، إلى سبيل النجاة والنور.

قال تعالى: (وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)من الآية (72المائدة).

وقال أيضًا: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ)(23نوح).

فمن تبع سبيلهم فاز وربح ، ومن حاد عن السبيل خاب وخسر، فيا لهنآه من اتبع سبيل أنبياء الله، سبيل الفائزين بفضل الله.

قال تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(108يوسف).

قال الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية:
( يقول تعالى لنبيه محمد-صلى الله عليه وسلم-: (قُلْ) للناس (هَذِهِ سَبِيلِي) أي: طريقي، التي أدعو إليها، وهي السبيل الموصلة إلى الله، وإلى دار كرامته، المتضمنة للعلم بالحق، والعمل به، وإيثاره وإخلاص الدين لله وحده لا شريك له،
(أَدْعُو إِلَى اللَّهِ) أي: أحث الخلق والعباد، على الوصول إلى ربهم، وأرهبهم في ذلك، وأرغبهم مما يبعدهم عنه.

ومع هذا، فأنا (عَلَى بَصِيرَةٍ) من ديني، أي: على علم ويقين، من غير شك ولا امتراء، ولا مرية، (أَنَا وَ) كذلك (مَنِ اتَّبَعَنِي) يدعو إلى الله، كما أدعوه، على بصيرة من أمره، (وَسُبْحَانَ اللَّهِ) عما ينسب إليه، مما لا يليق بجلاله، أو ينافى كماله، (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) في جميع أموري، بل أعبد الله، مخلصا له الدين).تفسير الشيخ السعدي .

من هذا المنطلق أخي في الله، قلت: دعوتنا–دعوة التوحيد– أصلها ثابت، لأنها في أرض الرسالات، أرض المعراج، الأرض التي بارك فيها رب العباد، أصلها ثابت بثبات من حملها من الشباب المخلصين .

وفرعها في السماء، ببركة من حملها بإخلاص، من العلماء، والدعاة، وطلبة العلم، ليبلغوها كما بلغها من قبلهم من الأنبياء والمرسلين، متبعين بذلك سبيل سلفهم الصالح، الذين لم يَدَّخِروا جهدًا في تبيان الحق ودحض الباطل، بالدليل القاطع من كتاب الله-سبحانه وتعالى-وسنة نبيه-صلى الله عليه وسلم-.

اسمع لقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-في مجموع الفتاوى ما أجمله: (والأصول مأخوذة من أصول الشجرة وأساس البناء؛ ولهذا يقال فيه‏:‏ الأصل ما ابتنى عليه غيره، أو ما تفرع عنه غيره‏.‏ فالأصول الثابتة هي أصول الأنبياء


كما قيل‏:‏

أيها المغتدي لتطلب علمــا كل علم عبد لعلم الرســول


تطلب الفرع كي تصحح حكما ثم أغفلت أصل أصل الأصول


فدعوتنا من خلال هذه الكلمات هي الأصل، لمن أراد العلم الصافي والحكم الشافي، دعوتنا متأصلة في جذورها، فهي تنبع من مشكاة الأنبياء، بتوفيق من رب الأرباب ومسبب الأسباب.

أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ومن الذين إذا نُصحوا انتصحوا، اللهم آمين.


وصلِ اللهم وبارك وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.



كتبه


أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد


الأربعاء / الموافق 7/1/1431 للهجرة

<!-- / message -->
<!-- controls -->