النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    1,205

    افتراضي إتحاف النبيه بالتعليقات والإرشادات على رسالة شيخ الإسلام ابن تيمة لوالدته


    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وسلم القائل : << السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ>> متفق عليه اللؤلؤ والمرجان (1251).
    أما بعد :
    فالغربة عن الأهل والأقارب والأوطان فيها مشقة ، ووحشة ، ولذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم على الرجوع والتعجيل للأهل إذا قضى نهمته وحاجته من سفره ، ولكن قد يكون بعض المسافرين مضطرا للبقاء أو مكرها عليه غير مختار في شأنه ، وهذا بعض ما حصل لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله وهو في مصر لذلك أرسل لوالدته رسالة يعتذر لها فيها .
    وقد تداولت بعض المواقع والمنتديات السلفية وغير السلفية رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية إلى والدته - رحمهما الله تعالى - : وهو يعتذر فيها بأدب جم وحسن خطاب واختيار الكلمات الجميلة المؤثرة التي تطمئن القلب وتسعده ؛ عن طول إقامته بمصر، وعدم سرعة رجوعه إليها مع أن مدة الإقامة كانت شهرا أو أكثر بقليل كما هو في الرسالة ؛ لأنه كان يرى وجوده هناك في تلك الفترة أمرا ضروريا لتعليم الناس الدين وبيان بعض المسائل المهمة ، وكشف بعض الشبهات التي يطرحها بعض أهل الهواء .
    والملفت في مسألة نشرها أن البعض بمجرد ما قرأها أعجبته فنقلها ونشرها كما هي وأشار إلى مكانها من المجموع ، والبعض الآخر نقلها مع زيادة وهي إرفاق ردٍ من والدته ولكن دون عزو لها وللمكان الذي نقلها منه ، وبعد البحث والتحري تبين أنها ملحقة بها وليست في شيء من كتب شيخ الإسلام المطبوع والمتداول، اللهم إلا أن تكون مطبوعة في رسالة مستقلة .
    وهذه هي رسالة الشيخ كما نشرت في منتديات البيضاء العلمية أوردها وأتبعها ببعض التعليقات على الفوارق بينها وبين ما في نسختي ، مع بعض التعليقات والفوائد المهمة وبعض الإرشادات لما استشكله البعض على ما جاء فيها. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-:
    بسم الله الرحمن الرحيم (1)
    من أحمد بن تيمية إلى الوالدة السعيدة ، أقر الله عينها بنعمه وأسبغ عليها جزيل كرمه، وجعلها من خيار إمائه وخدمه.(2)
    سلام عليكم، ورحمة الله وبركاته .
    وبعد: (3).
    فإنا نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وهو للحمد أهل ، وهو على كل شيء قدير. ونسأله أن يصلي على خاتم النبيين، وإمام المتقين محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما. كتابي إليكم عن نعم من الله عظيمة، ومنن كريمة وآلاء جسيمة، نشكر الله عليها، ونسأله المزيد من فضله ، ونعم الله كلما جاءت في نمو وازدياد، وأياديه جلت عن التعداد.
    (
    4).
    وتعلمون أن مقامنا الساعة في هذه البلاد، إنما هو (لخدمة الدين)(5) ولأمور ضرورية، متى أهملناها

    فسد علينا أمر الدين والدنيا، ولسنا والله مختارين للبعد عنكم، ولو حملتنا الطيور لسرنا إليكم، ولكن الغائب عذره معه.
    وأنتم لو اطلعتم على باطن الأمور فإنكم- ولله الحمد- ما تختارون الساعة إلا ذلك، ولم نعزم على (الإقامة ) (6) والاستيطان شهرا واحدا، بل كل يوم نستخير الله لنا ولكم( 7)، وادعوا لنا بالخير. فنسأل الله العظيم أن يخير لنا ولكم وللمسلمين ما فيه الخيرة في خير وعافية..
    ومع هذا فقد فتح الله من أبواب الخير والرحمة والهداية والبركة ، ما لم يكن يخطر بالبال ولا يدور في الخيال. ونحن في كل وقت مهمومون بالسفر، مستخيرون الله سبحانه وتعالى، فلا يظن الظان أنا نؤثر على قربكم شيئا من أمور الدنيا ، بل ولا نؤثر من أمور الدين ما يكون قربكم أرجح منه، ولكن ثم أمور كبار ( تهم الإسلام والمسلمين)(8) نخاف الضرر الخاص والعام من إهمالها ، والشاهد يرى مالا يرى الغائب. والمطلوب كثرة الدعاء (9) بالخير، فإن الله يعلم ولا نعلم، ويقدر ولا نقدر، وهو علام الغيوب. (10).
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كثيرا كثيرا، وعلى سائر من في البيت من الكبار والصغار، وسائر الجيران والأهل و الأصحاب واحدا، واحدا،والحمد لله رب العالمين، وصل الله على محمد واله وصحبه وسلم .(11).
    ====================================
    رد الوالدة الكريمة - رحمها الله تعالى - بالجواب التالي: (12).
    ولدي الحبيب الرضيّ أحمد ابن تيمية وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه (13)
    فإنه والله لمثل هذا ربيتك ولخدمة الإسلام والمسلمين نذرتك وعلى شرائع الدين علمتك ولا تظننَّ يا ولدي أن قربك مني أحب إلي من قربك من دينك وخدمتك للإسلام والمسلمين في شتّى الأمصار بل يا ولدي إنَّ غاية رضائي عليك لا يكون إلا بقدر ما تقدمه لدينك وللمسلمين،وإني يا ولدي لن أسألك غداً أمام الله عن بعدك عني لأني أعلم أين وفيم أنت ولكن يا أحمد سأسألك أمام الله وأحاسبك إن قصّرت في خدمة دين الله وخدمة أتباعه من إخوانك المسلمين. رضي الله عنك وأنار بالخير دربك وسدد خطاك وجمعني الله وإياك تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (14).المرجع:مجموع الفتاوى (28 /48).
    التعليقات والفوائد والإرشادات :1
    1
    - في نسختي من المجموع (28/48) نسخة مصورة عن الطبعة الأولى طبع دار العربية بيروت بأمر صاحب السمو الملكي وولي العهد فهد بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – ابتدأ رسالته : ب ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فزدتها لاقتضاء المقام وتسننا منه - رحمه الله – بكتاب الله وبسنة سيد الأنام فقد كان يفتتح رسائله إلى الملوك والسلاطين بالبسملة وحسن الكلام .
    2انظر - يا رعاك الله - إلى هذا التبجيل والتقدير واللطف منه في مخاطبة والدته وافتتاح رسالته لها بهذا الدعاء مما يطمئنها ويسعدها وهي تقرأ تلك الرسالة من الولد البار بها ، وهذا هو الجدير بكل ابن بار أن يبجل ويقدر ويعظم حق والديه عليه في نفسه وفي مخاطبته وتحيته وكل معاملاته حتى إشارته لهما مما ينبئ عن البر والرضا بهما وبحبهما.
    3- في نسختي المشار إليها آنفا ليس فيها : (( وبعد )) .
    4 - انظر- يا رعاك الله – كيف يطمئن والدته ، بأخباره التي تسرها ، وترك الأخبار التي تنغض عليها حياتها ، فلا شكوى ولا تضجر من تضيق أو ظلم أو مشكلات يعيشها بل كله صبر وانشراح صدر مادام هو في خدمة الدين ؛بل يجعل ذلك من نعم الله عليه ، إذ أنه سخر حياته في خدمة الدين ، ولابد لمن كان كذلك أن يلاقي ما لاقاه من سبقه من أتباع الرسل من العلماء الربانيين في سبيل خدمة دين الله عز وجل، فأشد النّاس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل .وهذا هو طريق الجنة محفوف بالمكاره والابتلاءات . ولعله - رحمه الله - كتب لها هذه الرسالة في المرة الثالثة أو الرابعة من سجنه في مصر فالثالثة كانت مدتها قليلة أسبوعين من 3/10/707هـ إلى 18/10/707هـ.وسببها أنه ألف كتاباً في الاستغاثة، المعروف بالرد على البكري، لهذا استعدى عليه الصوفية السلطة بالقاهرة، فعقدوا له مجلسا، فمنهم من برأه ومنهم من أدانه، ثم سجن بسبب ذلك .وأما الرابعة فكانت مدتها قريبا من شهرين أو تزيد قليلا ابتدأت في آخر شهر شوال 707هـ، وانتهت أول سنة 708هـ.وكانت تلك السجنة بسبب مؤامرة تولاها الصوفي الباطني الحلولي نصر المنبجي، مستغلاً صلته بالحاكم الجاشنكير.

    5 - في نسختي ليس فيها هذه الجملة ( لخدمة الدين )
    6 – في نسختي على المقام بدل الإقامة .
    7لقد استشكل البعض قول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله –(( بل كل يوم نستخير الله لنا ولكم ..)) فقال : إن الاستخارة لا تجوز للغير فكيف يقول شيخ الإسلام ذلك ، ومن شكك في هذه الرسالة لم يعلم من منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة ..
    والذي يظهر أن الشيخ ما أراد صلاة الاستخارة له ولأمه فإنه لا نيابة في الصلاة أي كانت ، ولذلك يقال أن قصد شيخ الإسلام هو أنه أراد انه يستخير الله بنفسه عما فيه الخير للجميع حتى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم .
    أو يقال إنما أراد بالاستخارة مجرد الدعاء وهذا جائز أن يدعو المسلم ربه له ولغيره من الأهل والمسلمين أن يجعل لهم ما فيه خير صلاح الدين والدنيا..
    أو يقال أن أراد حقيقة الاستخارة على قول من أجازها من بعض المالكية مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم :<< من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل >> رواه مسلم .
    ولكن هذا القول مرجوح والاستشهاد بهذا الحديث على جواز الاستخارة للغير فيه نظر . والله أعلم .
    8- ليس في نسختي هذه الجملة (تهم الإسلام والمسلمين ).
    9 – قد يستشكل البعض مسألة طلب شيخ الإسلام الدعاء من الغير ...وهذا يوضح من جهتين :
    1 - أولا : أن هذا طلب من الابن من الوالدة ، ففي صحيح أبي داود ( 1374) عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:<< ثلاثُ دَعَواتٍ مستجاباتٌ لا شكَّ فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم >>.قال الشيخ :(قلت: حديث حسن، وكذا قال الترمذي والحافظ ابن حجر، وصححه ابن حبان (2688)) .وصححه في صحيح الأدب المفرد (372/481) ولكن بلفظ : (( ودعوة الوالد على ولده )) .
    قال العلماء : ولم يذكر الوالدة لأن حقها أعظم من حق الأب فيكون دعاؤها آكد في الاستجابة ..فإذا كان دعاء الوالدين مستجاب على والدهما حين الغضب فمن باب أولى حين الشفقة وخاصة الأم ، ويدخل أيضا في الدعاء المشروع .
    2 - والثاني أن شيخ الإسلام بين أن ليس كل طلب دعاء من الغير مذموم بل منه ما هو مشروع : قال شيخ الإسلام ابن تيمية مجموع الفتاوى (27/69):وَيُشْرَعُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَطْلُبَ الدُّعَاءَ مِمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ وَمِمَّنْ هُوَ دُونَهُ فَقَدْ رُوِيَ طَلَبُ الدُّعَاءِ مِنْ الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَدَّعَ عُمَرَ إلَى الْعُمْرَةِ وَقَالَ: " {لَا تَنْسَنَا مِنْ دُعَائِك يَا أَخِي} لَكِنَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَطَلَبِ الْوَسِيلَةِ لَهُ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ بِهَا عَلَيْهِ عَشْرًا وَأَنَّ مَنْ سَأَلَ لَهُ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَكَانَ طَلَبُهُ مِنَّا لِمَنْفَعَتِنَا فِي ذَلِكَ وَفَرْقٌ بَيْنَ مَنْ طَلَبَ مَنْ غَيْرِهِ شَيْئًا لِمَنْفَعَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ وَمَنْ يَسْأَلُ غَيْرَهُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ فَقَطْ وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ أُوَيْسًا القرني وَقَالَ لِعُمَرِ: " {إنْ اسْتَطَعْت أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَك فَافْعَلْ} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا شَيْءٌ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرِ اسْتَغْفِرْ لِي لَكِنْ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ذَكَرَ أَنَّهُ حَنِقَ عَلَى عُمَرَ وَثَبَتَ أَنَّ أَقْوَامًا كَانُوا يسترقون وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَرْقِيهِمْ. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ {أَنَّ النَّاسَ لَمَّا أَجْدَبُوا سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَسْقِيَ لَهُمْ فَدَعَا اللَّهَ لَهُمْ فَسُقُوا} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ فَدَعَا فَقَالَ اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا إذَا أَجْدَبْنَا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِيَنَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا فَيُسْقَوْنَ. مجموع الفتاوى (27/69)
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فالدعاء للغير ينتفع به الداعيوالمدعو له ... فمن قال لغيره : ادع لي ، وقصد انتفاعهما جميعاً بذلك كان هو وأخوهمتعاونين على البر والتقوى ، فهو نبه المسئول وأشار عليه بما ينفعهما , والمسئولفعل ما ينفعهما ، بمنزلة من يأمر غيره ببر وتقوى ; فيثاب المأمور على فعله ، والآمرأيضاً يثاب مثل ثوابه ; لكونه دعا إليه ... وإن كان قصده مصلحة المأمور ، أو مصلحتهومصلحة المأمور ، فهذا يثاب على ذلك ، وإن كان قصده حصول مطلوبه من غير قصد منه لانتفاع المأمور ، فهذا من نفسه أُتي ، ومثل هذا السؤال لا يأمر الله به قط ، بل قدنهى عنه ، إذ هذا سؤال محض للمخلوق من غير قصده لنفعه ولا لمصلحته ، والله يأمرناأن نعبده ونرغب إليه ، ويأمرنا أن نحسن إلى عباده ، وهذا لم يقصد لا هذا ، ولا هذا، فلم يقصد الرغبة إلى الله ودعائه ، ولا قصد الإحسان إلى المخلوق ، وإن كان العبدقد لا يأثم بمثل هذا السؤال ، لكن فرق بين ما يؤمر به العبد ، وما يؤذن له فيه ،ألا ترى أنه قال في حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب : (إنهم لايسترقون) . وإن كان الاسترقاء جائزاً " انتهى باختصار من "مجموع الفتاوى" (1/133- 134) ونقله عنه فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . انظر فتاوى علماء البلد الحرام" (1060).10
    - في نسختي زيادة مهمة وهي : وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :<< من سعادة ابن آدم استخارته الله ، ورضاه بما يقسم الله له ، ومن شقاوة ابن أدم : ترك استخارته الله ، وسخطه بما قسم الله له >>. والتاجر يكون مسافرا فيخاف ضياع بعض ماله فيحتاج أن يقيم حتى يستوفيه ، وما نحن فيه أمر يجل عن الوصف . ولا حول ولا قوة إلا بالله . ثم بقية الكلام . والحديث أخرجه أحمد (1444) والترمذي (3 / 203) والحاكم (1 / 518) وقال الشيخ الألباني في الضعفية (1906) ضعيف وهو في ضعيف الجامع (5300)وصحيح وضعيف الترمذي (2151).11
    11
    – وهذه الرسالة تبين مدى تعلق شيخ الإسلام بأمه ، وبره بها ، ومحبته ، وتبجليه ، وتقديره ، واحترامه لها وأنه لا يقدم شيئا على طاعتها من أمور الدنيا بل حتى من أمور الدين ممن ليس يرجح ببرها ، وهذا يبين عظم حق الوالدة وخاصة من كانت تحتاج إلى خدمة أو تشتاق إلى رؤية بحكم العبد عنها بسبب اختياري أو اضطراري ..كما تبين الرسالة أن شيخ الإسلام لا يقدم شيئا في هذا الكون إذا تعارضت مصلحة الدين والدنيا ، أو المصلحة العامة مع المصلحة الخاصة فهو دائما يقدم خدمة الدين والصالح العام ، وهذا مصداقا لقوله تعالى :{ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }(24)التوبة .
    وهذا هو المحك والفيصل في معرفة العبد نفسه من الله تعالى ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
    " ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، البخاري 16 ومسلم (43).
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ»البخاري (14)
    وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» البخاري (15)ومسلم (44).
    فكذا عرف هذا الرباني شيخ الإسلام أحمد بن تيمية الحراني قدر حق الله عليه ، وحق الوالدة ، فأراد أن يبين لها ذلك وأن يعطي كل ذي حق حقه فرحمه الله رحمة واسعة .
    12 – لا يوجد في نسختي رد الوالدة الكريمة - رحمها الله - وقد بحثت عنه في حدود ما توصلتَ إليه يداي من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية فلم أجده .فلا يثبت ومن كان عنده علم بوجوده وصحة نسبته إلى أم الشيخ فليكرمنا به وجزاه الله خيرا فإنه - والله - إن ثبت لهو كلام جميل مفيد ينبئ عن علم وفقه وصبر واحتساب تعجز أي أم عنه بعدها لرقتها وشفقتها وخاصة عن مثل ولد مثل شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية رحمهما الله .
    13- انتهى رد السلام عند ومغفرته ، ففي السلسلة الصحيحة (1449 ) " كنا إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلم علينا قلنا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ". على خلاف في ثبوت لفظة ومغفرته .
    أما ورضوانه فإن هذا لم يثبت في حدود علمي في رد السلام وإنما ثبت في تبشير المسلم برحمة الله ورضوانه ، أو ثبت عن بعض السلف يدعون لمن مات بالرحمة والرضوان والعلم عند الله .
    14 - فإن ثبت هذا الرد من والدته - رحمها الله – فهو أعجب وأحلى وأندى وأرق ما تسمع من أم غاب عنها ولدها وتأتيها رسالته وتعلم من خلالها بدقة نظرها وفقهها ما هو فيه من محنة وبلاء ، وقد صرحت له بذلك في الرد ، وعوضا أن تفرح برسالته ، أو تحزن عليه وتذرف دموع الفرح من شوقها له أو حزنها عليه فإذا بها تواسيه وتحثه على المضي قدما وأن ينشغل بما هو فيه من خدمة الدين ، وأن رضاها عنه بقدر ما يقدمه خدمة لهذا الدين وبيان الحق ؛ بل لا تكتف بذلك حتى خوفته وحذرته إن هو قصّر فيما هو فيه من خدمة دين الله وإظهار الحق ، وأنه إن قصّر في ذلك فستحاسبه أمام الله على ذلك ..وليس العجب فيما كتبه شيخ الإسلام ابنها فهو الحبر العالم الرباني ، ولكن العجب كل العجب في الرد من الأم الصابرة المحتسبة التي أظهرت علما أغزر من علم ابنها وفقها لا يقصر عن فقه ولدها يعجز اللسان عن وصفه ، وأنها إنما ربته لمثل تلك المواقف ، ونذرته خدمة الإسلام والمسلمين ، وهي التي علمته أن يسير على شريعة الدين الحنيف ، ثم في الأخير تختم ردها بدعاء يمنى المرء لو يسمعه صبحا ومساء من والديه .
    فالله ؛ الله في بر الوالدين ..
    أسأل الله تعالى أن يوفقنا وجميع إخواننا لطاعته وبر الوالدين والحرص على رضاهما إن ربي سميع قريب مجيب . وكتب : أبو بكر يوسف لعويسي

  2. #2

    افتراضي رد: إتحاف النبيه بالتعليقات والإرشادات على رسالة شيخ الإسلام ابن تيمة لوالدته

    جزاك الله خيرا


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. كثير من الشباب السلفي ضاعوا لأننا لم نحمل لهم راية شيخ الإسلام ابن تيمة/ الشيخ ربيع مع الشيخ ابن عثيمين
    بواسطة أبو أنس بشير بن سلة الأثري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 26-Feb-2015, 02:19 PM
  2. [شريط] إتحاف أتباع السلف الصالحين بحكم الجمعيات في الدين و ما تؤول إليه من الفساد المبين
    بواسطة أبو أنس جواد بندادا المغربي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 06-Jan-2014, 07:48 PM
  3. تحذير السلفي النبيل من تلبيسات أهل الإرجاف والتخذيل (رسالة جامعة)
    بواسطة ام عبد العزيز السلفية في المنتدى مـنــبر الأســـرة المـــســلـــمـــة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-Jul-2013, 11:38 AM
  4. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 21-Dec-2012, 07:30 PM
  5. [شريط] إتحاف أتباع السلف الصالحين بحكم الجمعيات في الدين و ما تؤول إليه من الفساد المبين
    بواسطة مجدي أبوبكر عبدالكريم العوامي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-Sep-2012, 12:08 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •