بسم الله الرحمن الرحيم


كلام نفيس ودرر من أقوال
شيخنا العلامة الفاضل الحبيب الوالد
محمد بن هادي المدخلي حفظه الله


قال :
فإنَّ ثَمَّة شيءٌ أحبُّ التنبيه عليه، أَلَا وهو ما يَتَعَلَّق بالكتابات في المواقع الإلكترونية في الإنترنت، أُحب أن أقول لأبنائي وإخواني وأحِبَّتي في كلِّ مكان مِمَّن يسمع هذا الكلام ويَصِل إليه، أقول:
أولًا: على النَّاظر في هذه المواقع أن يَتَرَيَّث حتَّى يثبتَ عنده يقينًا أنَّ هذا الكلام لفلان، إمَّا أن يكون بخَطِّه ونَزَلَ مُصوَّرًا عن طريق اللاقط – بالسكنر كما يقولون – فيكون بخطِّ يَدِهِ، وهذا أعلى درجات التَّوثيق، أو تكون هذه المادَّة التي نزلت مُفرَّغة من شيءٍ مسموع، فتسمعه وتتيقَّن منه؛ أنَّ هذا الكلام لفلان، فتسمعه وتُقارن بينه وبين ما نُقِل مُفرَّغًا مطبوعًا، لأنَّه قد يعتري التفريغ شيءٌ من الحذف، فينبغي للإنسان إذا رَأَى شيئًا من ذلك ألَّا يَتَعَجَّل، ويطلب التَّثَبُّتَ والبراءةَ لدينه في هذا الباب، فيُقارن هذا المطبوع المُفَرَّغ بالمادة المسموعة، فيتأكَّد، فإذا تأكَّد فحينئذٍ باب آخر.

الأمر الثاني: الذي أحب أن أنَبِّه عليه، وهو في هذا الباب ما يُكتب بالكُنَى: أبو فلان، أبو فلان، فالكُنى ضَيَّعت الأسماء، ولذلك احتاج العلماء في القديم إلى أن يجعلوا كُتُبًا للكُنى؛ مَنْ كُنيته كذا، ثُمَّ يُسرد تحتها: فلان ابن فلان ابن فلان، فلان ابن فلان ابن فلان، فلان ابن فلان ابن فلان، ثُمَّ ينتقل إلى الكنية الأخرى، وهكذا، وكيف يُعرف صاحب هذه الكنية؟ بأنَّ المُراد به في هذا الموضع فلان الفلاني؛ يُعرف بالطبقة في التلاميذ والشيوخ، فأقول لإخوتي وأبنائي وأحِبَّتي مِمَّن يَصِل إليهم هذا الكلام؛ لا يُعَوِّلوا على ما يُكتب باسم فلانٍ وفلان، أبو فلان أبو فلان، حتى يَتَيَقَّنوا أنَّ هذا هو فلان ابن فلان الفلاني بعينه، لأَنَّه قد ثبت عندنا أنَّ بعض من يَتَكَنَّى إِمَّا أن يريد بهذا التَّمويه فيَتَسَتَّر حتى لا يُكشَف باسمه، فيكتب ما أرادَ أن يكتب، وإمَّا أنَّه أراد أن يُشَبِّه على غيره، فقد يكون ثَمَّة شخصٌ يُكنى بهذه الكُنية، وأراد أن يَلبس على النَّاس بأنَّ هذا الكلام لفلان وليس له، فهذا مِمَّا يوجب علينا أن نَتَرَيَّث.
وبهذه المناسبة؛ الذي أدعو إليه أبنائي وإخوتي وأحِبَّتي أن يُسمِّيَ كُلُّ واحدٍ نفسه باسمه، فإذا جاءَ يكتب فيقول: فلان ابن فلان ابن فلان، وإذا جاءَ يُرْسِل للمشايخ يقول: أنا فلان ابن فلان ابن فلان، وإن جاء يَتَّصل ما يقول أنا أبو فلان! أنا فلان ابن فلان ابن فلان، والنَّاس يُكرِمونه بالتَّكنية، ما هو يُكَنِّي نفسه، هذا الذي جاء في الآداب النبوية، فينبغي ملاحظته، واليوم كلّما يتَّصل معك أحد يقول أنا أبو فلان، من أبو فلان أنت؟َ! قل أنا فلان ابن فلان ابن فلان، أمَّا أبو فلان! هذا الكلام لا يصلح، لا بُد أن تعرَّف عينك بما يُخرجها من حَيِّز الجهالة، ومن حَيِّز اللَّبس، أبو فلان إذا كنت أنا أعرف هذا الإنسان بعينه أنَّ كنيته كذا، أمَّا أن تتصل بي من أوَّل مرَّة تقول: أنا أبو فلان؛ هذا غلط، خلاف السُّنة، السُّنة الإنسان يقول أنا فلان، كما أنّه لا يقول: "أنا أنا" إذا استأذن، كذلك لا يقول أبو فلان، قد يكون عند الإنسان عِدَّة أشخاص بهذه الكُنْيَة، فيظُنُّك هو، فيفتح فإذا بك شخص آخر، فالواجب على الإنسان أن يقول أنا فلانٌ، ويُسَمِّي نفسه، فأُنَبِّه إلى هذا أيها الإخوة والأحِبَّة، هذا كُلُّه في هذا الجانب.

منقول من اللقاء الثالث عشر من لقاءات طلبة العلم.
(موقع ميراث الأنبياء)
..........

و قال أيضا :
فهؤلاء الخوارِج شرٌّ على أُمة الإسلام منذُ أن بزغ أول قرن لهم وهُم شرّ ولا يزال شرّهُم في كُلِ عصر يظهر ولكن -ولله الحمد- ببشارة رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لنا نحنُ مطمئنون إلى زوالِهِم، كُلَّمَا ظَهَرَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ ذلك القَرن، ما تقوم لهم قائمة، حَتَّى يَخْرُجَ في أعراضهم الدَّجَّالُ، آخر شيء يأتون مع الدَّجَّال، فهُم مُفارِقون لهذه الأُمة وشرٌّ وبلاء على هذه الأُمة من عهدِ أصحاب النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من عهدِ الخُلفاءِ الراشدين، والذي نراهُ في هءلاء الخوارِج في اجتماعهم هذا في الدولة اللي يسمونها دولة داعش، وهم يسمونها الدولة الإسلامية في العراق والشام! هذه دولة إجرامية ليست إسلامية، الإسلام منها ومما يفعلهُ أهلها براء -ولله الحمد- قدّ أنكرّ عليهم أهل الفقه والعلِم في دينِ الله -تبارك وتعالى-
الشاهد أنهم يفعلون مثل هذه الأفعال المُنكرّة، ويزعمون أنهم على الإسلام.
فلابُد معشر الأحبة من التسلّح لمثل هؤلاء بسلاح العلِم، وبسلاح سُنّة النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومعرفة سِيرته وطريقته بحيثُ يُلّم طالِب العلِم بالسيرة النبوية إلمامًا كاملًا صحيحًا، فيعرف أحوال نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في السلمِ والحرب والعقد للأمانِ والصُلحِ، ويعرفُ أحوالهُ في الزُهدِ والعبادةِ، ويعرفُ أحوالهُ في الكرم والجودِ والعطاء، ويعرفُ أحوالهُ في الإحسان إلى الناس -صلوات الله وسلامهُ عليه- يعرف أحوالهُ في الصبر على الأذى، يعرفُ أحوالهُ في العبادة-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعرفُ أحوالهُ في تعاملهِ مع أهلهِ، يعرف أحواله في تعامله مع الكفار الأصليين الواضحين، يعرف أحوالهُ في تعامله مع المنافقين، يعرف كُل ذلك، فإذا وقف على هذا كله في كتب أهل السُنة المأمونين حينئذٍ لا يضرّهُ شُبهه هؤلاء، ولا تلبيسات هؤلاء.

منقول من اللقاء التاسع والعشرون من لقاءات طلبة العلم.
(موقع ميراث الأنبياء)
..........

وقال أيضا :
من أحبَّ أخاه لله؛ من زعم أنه أحب أخاه لله ثمّ إذا هو أحدث حدثًا لم يُبغضه عليه لله لم تكن محبته له لله، يقول أبو سفيان الثوري: تدرون من أين هذا منزوع؟ منزوع من قوله - صلى الله عليه وسلم-: «أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا، وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا» هذا الحديث في الترمذي وهو حسن، فقد ينقلب الحبيب ويتغير فتَدَعُه لله، وقد يقرُبُ العدو ويتغيَّر فتحبّه لله، بعدما كنت بالأمس تبغضه لله، وهذا أمره عائدٌ إلى الله - جلَّ وعلا- لأن القلوب بين إصبعين من أصابعه – سبحانه وتعالى- يُقَلِّبُها كيف شاء، فهذه الدعاوى الآن التي ظهرتْ علينا؛ إِنَّما يُراد بها السّكوتْ على الخطأ وعلى الباطل، وهذا لا يُمكن بِحالٍ مِن الأحوال، وهذا واللهِ إنْ دلَّ على شيء؛ فإنّهُ والله يدلُّ على صِدق السَّلفيين، وأنَّهُم لا يُحابون في دينِ الله أحدًا، فالقريب إذا خالف وترك السُّنّة؛ ولَوَا عُنقَهُ وركِبَ رأسهُ وهواه؛ لا يمنعهُم مِن أن يرُّدوا عليهِ، ولا فرق بينه وبين البعيد، كلُّهم في دينِ الله سَوَا، لأنَّ المِقياس عندهُم: هو هذا الدِّين والإتباع لهُ، هذه الدعوة النقيّة والسّير عليها، ولهذا بذلوا أعراضهُم في سبيل الله رخيصةً، ما بالوْا بالمادِح؛ ولا انتظروا مدحه، ولا بالوا بالقادِح؛ ولا همَّهُم قَدْحهُ.

منقول من اللقاء الحادي والعشرون من لقاءات طلبة العلم.
(موقع ميراث الأنبياء)
..........

وقال أيضا :
واعلموا أن المرء ينبلُ ويعلو ويُجَلُّ بين الناس وعند الله – إن شاء الله- بمقدار تمسكه بالسُّنة، وعدم مبالاته بمن خالفها إذا اتضحت له، لأنه من استبانت له السُّنة لا يجوز له أن يَدَعَها لقولِ أحد من الناس كائنًا من كان، وإن غَضِبَ عليه من غَضِب، فالمهم أن يُرْضِيَ الله – جلَّ وعلا -، ويوشك إن هو أرضى الله بالإتباع؛ أن يُرْضِيَ عنه الناس، وإن هو عَمِلَ بالعكس؛ حاولَ السعي جاهدًا في إرضاء الناس، وحتى لا يُتَكلَّم فيه، ولا يُنالَ منه، فهذا – نعوذ بالله - هو الذي يخسر الخسران المبين، لأن رضا الناس لا يأتَّى للعبد، ما يُمكن أن يرضى عنك الناس، إن رَضِيَ عنك صنف؛ سخط عليك الآخر، فعليك بإرضاء الخالق – جل وعلا – الذي بيده قلوب الناس، قلوب المخلوقين، وهو الذي يُقْبِل بها، وهو الذي يدبر بها – سبحانه وتعالى- ﴿هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾، الذي بيده -سبحانه وتعالى- الأمر عطفًا وصرفًا، هو الذي بين إصْبَعَيْه قلوب العباد يُقَلِّبها كيفَ شاء - جلَّ وعلا-، فراقِبْه وعامله وأبشر بالفوز والظَّفر، لا تنظر إلى زيد ولا عبيد، عليكَ بإرضاء الله - جلَّ وعلا-، واقرءوا سيرة سلفكم الصالح في هذا، تَجِدُونَ العجب العجاب من الأخبار المروية في هذا.

منقول من اللقاء العشرون من لقاءات طلبة العلم.
(موقع ميراث الأنبياء)
...........

و قال أيضا :
فمُصاحبةُ السَّيئ سيئة، يسحبك إلى ما هو فيه من السوء، من بدعةٍ أو أخلاقٍ خبيثةٍ ذميمة، فالله الله معشر الأحبة، في إختيار الصاحب، فلا تختر من الناسِ إلا من يُعينك على أمور دينك ودُنياك، تُذكرك بالله رؤيتهُ، أو تدلك على الله كلمتهُ، يُذَكِّرك بالله مقالهُ، أو يدُّلك على الله حاله، فاحذروا مُصاحبة الأشرارِ من أهل الأهواءِ والبدعِ ومن أهل الفجورِ والفسوقِ، واحذر يا عبد الله أن تُرى مع هؤلاء، فإن رُئيت معهم فلا تلومن من أساء الظن بك لأنك أنت الذي أوقعت نفسك في مواقع التُّهم.

منقول من اللقاء الثالث والثلاثون من لقاءات طلبة العلم.
(موقع ميراث الأنبياء)
..........



جمعه محبكم في الله :
أبو بكر بن يوسف الشريف