كتاب الصيام للإمام الوادعي رحمه الله تعالى (الحلقة الأولى)

[محمد ربيع بوسبول]

بسم الله الرحمن الرحيم، وبعد:
فهذه سلسلة كتاب الصيام للعلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله أنقلها من كتاب (من فقه الإمام أبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي رحمه لله) لأخينا الأستاذ أبي محمد سامي بن صالح باقطيان حفظه الله تعالى، وقد جعلتها في حلقات، سائلًا المولى جل وعلا أن ينفع بها.
(الحلقة الأولى)
1- فضيلة صوم رمضان.
أ) إدراكنا رمضان تعتبر نعمة من الله عز وجل كبيرة لمن أدرك رمضان وقام بحقِّه. (الفواكه الجنية) (ص34)
الدليل:
حديث: «رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ». (الفواكه الجنية)(ص34)
ب) وتعتبر تكفيرًا للذنوب. (الفواكه الجنية)(ص34)
الدليل:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، مُكَفِّرَاتٌ لمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ». (الفواكه الجنية)(ص34)
2- حكم صوم رمضان.
وجوب صوم شهر رمضان. (الجامع الصحيح)(2/409)
الدليل:
حديث أبي أمامة رضي الله عنه يقول: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم يَخْطُبُ النَّاسَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهُوَ عَلَى الْجَدْعَاءِ، وَاضِعٌ رِجْلَهُ فِي غَرَازِ الرَّحْلِ، يَتَطَاوَلُ، يَقُولُ: «أَلَا تَسْمَعُونَ؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آخِرِ الْقَوْمِ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: «اعْبُدُوا رَبَّكُمْ، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ، تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ». (الجامع الصحيح)(2/409)
3- حكم تارك الصوم.
أ) الذي ينكر وجوبه يعتبر كافرًا؛ لأنَّه مكذِّب للقرآن الكريم. (إجابة السائل)(ص165)
ب) أمَّا الذي يقع منه تهاون، فهو مرتكب لكبيرة، وإثم كبير، وتارك لركن من أركان الإسلام، لكن لم يرد دليل على تكفيره، وحسبه ما يحرم من الخير، وأنَّه مُعرَّض لعقوبة الله. (إجابة السائل)(ص165- 166)
الدليل:
1) قوله تعالى: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ﴾ [البَقَرَة: 187]. (إجابة السائل)(ص166)
2) حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصَّوم، فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ...» الحديث. (إجابة السائل)(ص166)
4- حكم من جهل الصوم.
أ) ذكر شيخنا -رحمه الله- أنَّ الجهل بالصوم عذر. (الجامع الصحيح)(2/410)
ب) وشيخنا رحمه الله ممن يرى العذر بالجهل. يراجع (إجابة السائل)(ص426)
ج) ضابط العذر بالجهل عدم إبلاغهم بدعوة الحق، وأمَّا إذا بلغهم وأعرض عنه وإن كان جاهلاً فهذا لا يعذر بالجهل. (هذا مما سمعته من شيخي رحمه الله تعالى)
الدليل:
حديث حذيفة رضي الله عنه، وفيه: وَيَقُولُونَ أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَنَحْنُ نَقُولُهَا، فَقَالَ لَهُ صِلَةُ لِحُذَيفَة: مَا تُغْنِي عَنْهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ، وَلَا صِيَامٌ، وَلَا نُسُكٌ، وَلَا صَدَقَةٌ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ: يَا صِلَةُ تُنْجِيهِمْ مِنْ النَّارِ (ثَلَاثًا). (الجامع الصحيح)(2/410)

[أبو عبد المصور مصطفى الجزائري]

جزاك الله خيرا

[محمد ربيع بوسبول]

(الحلقة الثانية)
5 - متى يجب صوم رمضان؟
صوم رمضان يجب بأحد أمرين:
أ) برؤية هلال رمضان. (إجابة السائل)(ص157)(الجامع الصحيح)(2/415)
الدليل:
1- حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلاَلَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا. (الجامع الصحيح)(2/415)
2- حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ». (إجابة السائل) (ص157)
3- حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: تَرَاءَى اَلنَّاسُ اَلْهِلَالَ, فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أَنِّي رَأَيْتُهُ, فَصَامَ, وَأَمَرَ اَلنَّاسَ بِصِيَامِهِ. (الجامع الصحيح)(2/415- 416)
1) هل معنى هذا أنَّ كل المسلمين يرونه، أم يراه مسلم من المسلمين؟
معنى هذا أنَّه إذا رآه واحد من المسلمين، ويكون مسلمًا عدلًا. (إجابة السائل)(ص157)
الدليل:
قوله تعالى: ï´؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَï´¾ [الحجرات: 6] مفهوم الآية الكريمة: أنَّه إذا جاءنا العدل نقبل كلامه. (إجابة السائل)(ص157)
2) من لم يقبل منه الحاكم الشهادة.
أ) من رأى هلال رمضان وحده، ولم يقبل منه الحاكم الشهادة، يجب عليه أن يعمل بعلمه، والله المستعان. (أسئلة السلفيين من مسجد الرحمن بعدن)(الوجه الثاني)
ب) لكن يستحسن أن يخفي أمره، وأن يخفي صومه وفطره، من أجل أن لا يشكك الناس، وتحصل فوضى. (أسئلة السلفيين من مسجد الرحمن بعدن)(الوجه الثاني)
3) رؤية المرأة هلال رمضان.
أ) الذي يظهر أنَّ المرأة لا تقبل شهادتها في هذا. (أسئلة شباب العدين وبعدان)(الوجه الأول)
ب) الذي يظهر أنَّه لا يجب على المسلمين أن يصوموا برؤيتها. (كيف نستقبل رمضان)(الوجه الثاني) (أسئلة شباب العدين وبعدان)(الوجه الأول)
جـ) إذا رأت المرأة الهلال يجب عليها هي أن تصوم. (كيف نستقبل رمضان)(الوجه الثاني)(أسئلة شباب العدين وبعدان)(الوجه الأول)
د) وقد صاموا برؤية رجل، ولكن شهادة الرجل كشهادة امرأتين، هذا الذي يظهر. (كيف نستقبل رمضان)(الوجه الثاني)
الدليل:
حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أَنَّ أَعْرَابِيًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلاَلَ، فَقَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأذِّن فِي النَّاسِ يَا بِلَالُ، أَنْ يَصُومُوا غَدًا». (أسئلة شباب العدين وبعدان)(الوجه الأول)
4) اتحاد المطالع واختلافها في الصيام.
أ) معنى اتحاد المطالع: أي ليس بين البلدين تفاوت في المطلعين، نحو ساعة ونصف، أو نحو ساعتين، أو ما أشبه ذلك. (إجابة السائل)(157)
ب) معنى اختلاف المطالع: أي بين المطلعين تفاوت، تكون الساعة عندنا العاشرة، وعندهم المغرب، أو تكون الساعة العاشرة والنصف، وعندهم المغرب. (إجابة السائل)(ص157)
جـ) حكم الصيام إذا اتفق المطلعان.
1) إذا سمعت من إذاعة مسلمة، ومطلع البلد واحد، وجب عليك أن تصوم؛ إذا أذاعوا الصيام. (إجابة السائل)(ص157)(قرة العين)(ص11)
2) فإذا لم تستطع أن تصوم علنًا، صمت سرًّا. (قرة العين)(ص12)
3) وأما قوله تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْï´¾ [النِّساء: 59]، أطيعوهم في المعروف، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ»، فيما لا يخل بديننا، مما فيه مصلحة لسياستهم، أما أن نطيعهم، ونكون إمعة؛ فلا يجوز، وهم لا يملكون لنا في الآخرة نفعًا ولا ضرًّا، والله المستعان. (قرة العين)(ص12- 13)(إجابة السائل)(ص157- 158)
د) حكم الصيام إذا اختلف المطلعان.
1) ربما يختلف المطلعان، واختلف خبر الدولتين، لا بأس أن تبقى مع دولتك، وتصوم معها. (إجابة السائل)(ص157)
2) والذين أفطروا أول يوم ليس عليهم القضاء؛ لأنَّه لم يثبت أنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بالقضاء، ثم بعد ذلك لهم شُبَه، قالوا: نحن في دولة مسلمة وما أمرتنا بهذا، فإن شاء الله ليس عليهم القضاء. (الفواكه الجنية)(ص42)
3) وعليهم مرة أخرى إذا سمعوا من دولة مسلمة مجاورة سواء أكان في الإفطار أم كان في الصيام عليهم أن يمتثلوا، والسياسة دعوها لأهلها. (الفواكه الجنية)(ص42)
هـ) حكم الصيام إذا كان المخبر دولة كافرة.
إذا كان المخبر دولة كافرة، والمطلع واحد، فلا يقبل المسلمون منها، ولا كرامة. (قرة العين)(ص11) (إجابة السائل)(ص157)
5) اختلاف الحكام في شأن الصيام.
أ) يعتبر فتنة. (قرة العين)(ص9)
ب) يجب على المسلمين أن يتداركوها. (قرة العين)(ص10)
جـ) حرام على الحكَّام الاختلاف في هذا. (قرة العين)(ص10)
1) لأنَّ الحاكم يلزم من تحت سلطته، أن يصوموا يوم العيد؛ وصوم يوم العيد محرم. (قرة العين)(ص10- 11)
الدليل:
حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الفطر، ويوم النحر. (قرة العين)(ص11)
2) أو أن يلزم بإفطار يوم من رمضان؛ كذلك أمر لا يجوز. (قرة العين)(ص10- 11)
ب) بإكمال شهر شعبان ثلاثين يومًا. (الجامع الصحيح)(2/417- 418)(كيف نستقبل رمضان) (الوجه الثاني)
الدليل:
1- حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلاَلَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلاَثِينَ يَوْمًا». (الجامع الصحيح)(2/417)
2- حديث عائشة رضي الله عنها تقول: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -ï·؛- يَتَحَفَّظُ مِنْ شَعْبَانَ مَا لاَ يَتَحَفَّظُ مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ يَصُومُ لِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْهِ عَدَّ ثَلاَثِينَ يَوْمًا، ثُمَّ صَامَ». (الجامع الصحيح)(2/417- 418)
المرجع: المجلد الثاني من كتاب (من فقه الامام أبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي رحمه لله) لأخينا الأستاذ أبي محمد سامي بن صالح باقطيان حفظه الله ونفع به.

[أبو الوليد خالد الصبحي]

جزاك الله خيرا