بسم الله الرحمن الرحيم

(وَأَمَرَ مَنْ اشْتَدّتْ عَلَيْهِ شَهْوَةُ النّكَاحِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ بِالصّيَامِ) وأَمَر وبيَّنَ أنّه له وِجَاءٌ، إذا صام صوْمًا شرعيًّا أمّا من يُبالغ في الأكل والشّرْب والملذّات والمقوّيات طول ليله، ويترك فترةً من النهار هذه الملذات وهذه الفترة يقضيها في النوم كأنّه يستعد لشهوةٍ أخرى، ليس هذا هو الصّيام المطلوب. الصّيام المطلوب أن تقلّل من الملذّات والشّهوات حتّى في ليْلِك، لأنّ ما تتناوله وتكثر منه ليلًا ثمّ تأخذ بعد ذلك راحةً كاملةً في النّوم لا يؤثر هذا، لا يكون وِجَاءً ولا يكون دواءً للقلب وقوّةً للجوارح ولكن الصّيام الذي يتحدّث عنْه ابنُ القيّمِ غير صيامنا هذا لأننا أخذنا [...] طول اللّيل وفي كلّ ما لذّ وطاب واستعدادًا للّيلة الأخرى، النّهار يُقضى كلّه أو جلّه في النّوم، أين التّعب؟ وأين تقلّ مجاري الشّيطان إن لم تزدد، إذن الصّيام لأنْ لا يكذب قول رسول الله ﷺ بل ويصدق بأنّه وِجَاءٌ للشّهوة وكسرٌ للشّهوة وقتلٌ للشّهوة فلنفهم المفهوم الصّحيح للصّيام ليَصْدُقَ ذلك الكلام من الصّادق المصدوق، أمّا إذا خالفنا تلك التّعاليمَ واسترسلنا وأسرفنا في تناول المقويّات وأسرفنا في الملذّات جلَّ أوقاتنا ثم الباقي في أخذ الرّاحة في النّوم معنى ذلك لا يؤثّر فينا صيامنا، فنسأل الله لنا و لكم التّوفيق.

من شرح الشيخ العلامة محمد أمان الجامي على كتاب الصيام من زاد المعاد