عباد الله، إن الناس يختلفون في هذا الشهر اختلفا كثيرا فمنهم من لا يعرف هذا الشهر إلا أنه شهر لتنويع المأكل والمشارب والمطاعم فيملئ بطنه من الطعام والشراب ويكسل عن طاعة الله سبحانه وتعالى، وربما ضيع الفرائض فكيف بالنوافل، ومن الناس من لا يعرف هذا الشهر إلا أنه شهر السهر بالليل على اللهو والغفلة والإعراض والقيل والقال، وينام في النهار ولا يؤدي الصلوات المفروضة في أوقاتها ومع الجماعة، ومن الناس من لا يعرف لهذا الشهر إلا أنه شهر المسلسلات والتمثيليات والمضحكات والمسابقات، مسابقات القمار التي يعد لها أعداء الله ورسوله وأعداء المسلمين، إن أعداءكم قد تنبهوا للإضرار بكم، يعلمون أن هذا الشهر فرصتكم عند الله ويضيعونه عليكم بمثل هذه الترهات وهذه الغفلات فحذروا من ذلك، وجنبوا أولادكم هذه البرامج الساقطة التافهة المغفلة عن ذكر الله عز وجل التي تخسر
أوقاتكم، وتضيع صلواتكم، أين قيمة هذا الشهر يا عباد الله؟ من هذه الأصناف، وقليل من الناس من يوفقه الله سبحانه وتعالى لهذا الشهر: (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ) لكنهم الموافقون، وهم السابقون، وهم الفائزون، وهم الرابحون، وإن كانوا قليل فواحد كالآلف إن أمر عنا.
فتقوا الله، عباد الله، اغتنموا شهركم، وحفظوا أوقاتكم، وتجنبوا ما يضركم فإن الفرص لا تدوم، والأيام تنتهي، والمواسم تنقضي، حاسبوا أنفسكم مع هذا الشهر ومع غيره، فإنه ليس للإنسان من هذه الدنيا إلا ما قدمه لآخرته من صالح الأعمال، وإلا فالدنيا تزول، والإنسان يموت، والساعات تفوت، ولا يبقى إلا ما قدمه الإنسان لنفسه من خير أو شر، ليس للإنسان من هذه الدنيا إلا عمره الذي يعيشه فانظروا بماذا تفنوا أعماركم؟ وماذا تقضون ليلكم ونهاركم: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ).
فتقوا الله، عباد الله، أشكروا الله على أن بلغكم هذا الشهر، وسألوه أن يتمه عليكم بخير، وسألوه أن يعينكم فيه على ما يرضيه، أحذروا من التفريط والغفلة والضياع ولا تتبعوا من يصدوكم عن سبيل الله وعن طريق الصلاح والفلاح، فإن الذين يصدون عن سبيل الله كثير وكثير، ووسائل الشر تنوعت في هذا العصر وصارت تصل إلى قعر البيوت وإلى الناس في فرشهم وعلى مناماتهم.


خطب
الشيخ صالح الفوزان