بعضُ أقوال مَن خَبَر الخوارج وسَبَرهم !!!




الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
فهذه بعضُ أقوال مَن خَبَر الخوارج وسَبَرهم باختصار شديد !!!
من الأسفل إلى الأعلى :
الأول : الإِمَامُ العَلاَّمَةُ وَهْبُ بنُ مُنَبِّهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَبْنَاوِيُّ اليَمَانِيُّ الذِّمَارِيُّ الصَّنْعَانِيُّ . التابعي الثِّقَة . أَخُو : هَمَّامِ ، وَمَعْقِلِ ، وَغَيْلاَنَ أبْناءُ مُنَبِّهٍ.
وُلِدَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ  ، سَنَة أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ . وَأَخَذَ عَنِ جمعٍ مِنَ الصَّحَابةِ  .
قَالَ رحمه الله تعالى في الخوارج :
أ) قد أدْركْت صدر الْإِسْلَام فوَاللَّه مَا كَانَت للخوارج جمَاعَة قطّ إلا
فرقها الله على شَرّ حالاتهم .
ب) وَمَا أظهر أحد مِنْهُم قَوْله إلا ضرب الله عُنُقه .
ج) وَمَا اجْتمعت الْأمة على رجل قطّ من الْخَوَارِج .
د) وَلَو أمكن الله الْخَوَارِج من رَأْيهمْ : لفسدت الأَرْض ، وَقُطِعت السبل ، وَقُطِع الْحَج عَن بَيت الله الْحَرَام ، وَإِذن ؛ لعاد امْر الإسلام جَاهِلِيَّة ؛ حَتَّى يعود النَّاسُ يستعينون برؤوس الْجبَال كَمَا كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة .
ه) وَإِذن ؛ لقام أكثر من عشرَة اَوْ عشْرين رجلاً لَيْسَ مِنْهُم رجلٌ إلا وَهُوَ يَدْعُو إلى نَفسه بالخلافة ؛ وَمَعَ كل رجل مِنْهُم أَكثر من عشرَة آلَاف يُقَاتل بَعضهم بَعْضاً وَيشْهد بَعضهم على بعض بالْكفْر حَتَّى يصبح الرجل الْمُؤمن ؛ خَائفاً على نَفسه ، وَدينه ، وَدَمه ، وَأَهله ، وَمَاله ؛ لَا يدْرِي أَيْن يسْلك أوْ مَعَ من يكون ؟!
غير أن الله بِحكمِهِ وَعلمه وَرَحمته نظر لهَذِهِ الْأمة فَأحْسن النّظر لَهُم فَجَمعهُمْ وَألَّفَ بَين قُلُوبهم على رجل وَاحِدٍ لَيْسَ من الْخَوَارِج ؛ فحقن الله بِهِ دِمَاؤُهُمْ ، وستر بِهِ عَوْرَاتهمْ وعورات ذَرَارِيهمْ ، وَجمع بِهِ فرقتهم وأمَّن بِهِ سبلهم ، وَقَاتل بِهِ عَن بَيْضَة الْمُسلمين عدوهم ، وَأقَام بِهِ حدودهم ، وأنصف بِهِ مظلمومهم ، وجاهد بِهِ ظالمهم رَحْمَة من الله رَحِمهم بهَا .
و) قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي كتابه : وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ، وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَقَالَ اللهُ تَعَالَى : إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ فَأَيْنَ هم من هَذِه الْآيَة فَلَو كَانُوا مُؤمنينَ ؛ نُصِرُوا .
ل) وَقَالَ : وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَإِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَوَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ .
لَو كَانُوا جند اللهِ ؛ غلبوا وَلَو مرّة وَاحِدَة فِي الْإِسْلَام .
ن) وَقَالَ الله تَعَالَى : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ  . فَلَو كَانُوا مُؤمنين ؛ نُصِرُوا .
م) وَقَالَ : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً . فَأَيْنَ هم من هَذَا" . انتهى . من "تاريخ دمشق" (63/383-384) ، "تهذيب الكمال" (31/154-155) ، و "سير أعلام النبلاء" (4/554-555) .

الثاني : مَنْ هو أعلى وأعلم وأفضل من وهبٍ ، وأَخْبَرُ منه في الخوارج ؛ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ  ، رابع الخلفاء الرشدين ، وأحد المبشرين بالجنة ، وابن عمِّ النَّبِيِّ  وزوج ابته "فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" ، فَقَد قَامَ  فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ – مُحَرِّضاً على قِتَال الخوارِج - :
أ) أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ الْجِهَادَ فِي اللَّهِ وَأَدْهَنَ فِي أَمْرِهِ ؛ كَانَ عَلَى شَفَا هَلَكَةٍ ، إِلَّا أَنْ يَتَدَارَكَهُ اللَّهُ بِنِعْمَتِهِ .
ب) اتَّقُوا اللَّهَ! وَقَاتِلُوا مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَحَاوَلَ أَنْ يُطْفِئَ نُورَ اللَّهِ .
ج) قَاتِلُوا الْخَاطِئِينَ الضَّالِّينَ الْقَاسِطِينَ ؛ الَّذِينَ لَيْسُوا بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ ، وَلَا فُقَهَاءَ فِي الدِّينِ ، وَلَا عُلَمَاءَ فِي التَّأْوِيلِ ، وَلَا لِهَذَا الْأَمْرِ بِأَهْلٍ فِي سَابِقَةِ الْإِسْلَامِ .
د) وَاللَّهِ لَوْ وُلُّوا عَلَيْكُمْ ؛ لَعَمِلُوا فِيكُمْ بِأَعْمَالِ كِسْرَى وَهِرَقْلَ ، تَيَسَّرُوا لِلْمَسِيرِ إِلَى عَدُوِّكُمْ" . انتهى من "تاريخ الطبري" (4/57-58) و في أخرى (5/78) على اختلاف الطبعات .

الثالث : "سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ"  وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىإِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ، ممَّا قَالَ  في الخوارج :
أ) (يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ) . متفق عليه .
ب) (لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ) . متفق عليه .
ج) (فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ، فإن قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يوم الْقِيَامَةِ) . متفق عليه .
د) ( شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ السَّمَاءِ) . أحمد ، والترمذي ، والحاكم . حديث حسن .
ه) (الْخَوَارِجُ كِلَابُ [أَهْلِ] النَّارِ) . ابن أبي عاصم "السنة" (904) ، وابن ماجه
(173) ، والطبراني "الكبير" (8/270/8-42) ، وصححه الألباني .
و) (قَدْ كَانَ هَؤُلَاءِ مُسْلِمِينَ ؛ فَصَارُوا كُفَّاراً). ابن ماجه (176)، وحسنه الألباني .

أيها الإخوة المسلمون!
إن الخوارج لن يُجْتثَّوا مِنْ جذورهم كما يظن البعض إذا ما كُثِّفت عليهم الهجمات ، إنهم باقون ومستمرون ؛ ولكنهم يُهزمون تارة فيختفون وينقطعون ، ويظهرون تارة إذا غفل الناس عنهم ، حتى يخرج الدّجال في ناحيتهم ، ومصداق ذلك في قول الصَّادق المصدوق  الذي يرويه ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ قَالَ :
"سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ : (كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ) ، أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً ، (حَتَّى يَخْرُجَ فِي عِرَاضِهِمُ الدَّجَّالُ)" . ابن ماجه (174) ، وحسنه الألباني .
قال السندي في "حاشيته على ابن ماجه" (1/74) في معنى الحديث :
" أَيْ : - كُلَّمَا - ظَهَرَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ؛ اسْتَحَقَّ أَنْ يُقْطَعَ ؛ وَكَثِيراً مَا يُقْطَعُ أَيْضاً ؛ كَالْحَرُورِيَّةِ قَطَعَهُمْ عَلِيٌّ  .
(فِي عِرَاضِهِمْ) : فِي خِدَاعِهِمْ ؛ أَيْ : أَنَّ آخِرَهُمْ يُقَابِلُهُمْ وَيُنَاظِرُهُمْ فِي الْأَعْلَامِ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ : (أَعْرَاضِهِمْ) ؛ وَهُوَ جَمْعُ : عَرْضٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ بِمَعْنَى : الْجَيْشِ الْعَظِيمِ ، وَهُوَ مُسْتَعَارٌ مِنَ الْعَرْضِ ؛ بِمَعْنَى : نَاحِيَةِ الْجَبَلِ ؛ أَوْ بِمَعْنَى : السَّحَابِ الَّذِي يَسُدُّ الْأُفُقَ ؛ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَظْهَرُ مَعْنًى" .
قلتُ : و(عِرَاضِهِمْ) جمعُ : عُرْض : وهو النَّاحية . "النهاية" لابن الأثير .
والله أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ،،



كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
ثاني أيام عيد الفطر عام 1436هـ .