أهل البدع كـ"الخوارج" شرٌ من أهل المعاصي ... ، وأولى بالقتال من المشركين!!

فاحذروا الخوارج وحذِّروا منهم ..


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
فبعض المسلمين اليوم إن لم أقل الغالبية بسبب بعدهم عن الكتاب والسنة وجهلهم بمنهج سلفهم الصالح ؛ يعتقدون أن المعاصي ومنها الكبائر – مع اعتقادنا بعضمها ولا شك – أنها أعظم جُرماً وإثماً من البدع ، وهذا مفهوم خاطئ .
فليس كلُ من تلبس بلباس التَّنَسُّكِ والتَّعَبُّدِ والزُّهد والصلاح ؛ كان على الحق والهدى ، فقد يكون مِن أهل المعاصي – دون الكفر والزندقة – مَن هو خيرٌ منه ، لأن البدعة أعظم من الكبيرة ودون الشرك .
لأن فاعل البدعة لا يفعلها ويندم على فعلها ؛ بل يفعلها تعبداً لهو وتقرباً إليه تعالى ؛ فكيف يستغفر منها ؟!
بينما صاحب المعصية – وإن كبرت وعظمت - ؛ يفعلها من هوى واتِّباع للشيطان والنفس الأمارة بالسوء ؛ ويندم بعد ذلك على فعلها ، وتجده يستغفر !
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوريٌّ : "الْبِدْعَةُ أَحَبُّ إِلَى إِبْلِيسَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ ، الْمَعْصِيَةُ يُتَابُ مِنْهَا ، وَالْبِدْعَةُ لَا يُتَابُ مِنْهَا" . "مسند ابن الجعد" ( 1885 ) ، و "ذم الكلام" للهروي (5/121) ، وانظر "مجموع الفتـاوى" ( 11/472 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه :
"وَأَئِمَّةُ أَهْلِ الْبِدَعِ ؛ أَضَرُّ عَلَى الْأُمَّةِ مِنْ أَهْلِ الذُّنُوبِ . وَلِهَذَا أَمَرَ النَّبِيُّ  بِقَتْلِ الْخَوَارِجِ ؛ وَنَهَى عَنْ قِتَالِ الْوُلَاةِ الظَّلَمَةِ ، وَأُولَئِكَ – يعني: أهل البدع - لَهُمْ نَهْمَةٌ فِي الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ ؛ فَصَارَ يَعْرِضُ لَهُمْ مِنْ الْوَسَاوِسِ الَّتِي تُضِلُّهُمْ - وَهُمْ يَظُنُّونَهَا هُدىً ؛ فَيُطِيعُونَهَا - مَا لَا يَعْرِضُ لِغَيْرِهِمْ" . "الفتاوى" (7/284-285) .
وقال :
"أَمَرَ النَّبِيُّ  بِقِتَالِ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَى الدِّينِ الْفَاسِدِ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، كَالْخَوَارِجِ. وَأَمَرَ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ الْأَئِمَّةِ. وَنَهَى عَنْ قِتَالِهِمْ وَالْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ. وَلِهَذَا قَدْ يُمَكِّنُ اللَّهُ كَثِيرًا مِنْ الْمُلُوكِ الظَّالِمِينَ مُدَّةً. وَأَمَّا الْمُتَنَبِّئُونَ الْكَذَّابُونَ: فَلَا يُطِيلُ تَمْكِينَهُمْ. بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُهْلِكَهُمْ. لِأَنَّ فَسَادَهُمْ عَامٌّ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ". "الفتاوى" (14/269).
وقال رحمه الله :
"إنَّ أَهْلَ الْبِدَعِ ؛ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي الشَّهْوَانِيَّةِ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ  أَمَرَ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ ، وَنَهَى عَنْ قِتَالِ أَئِمَّةِ الظُّلْمِ . وَقَالَ فِي الَّذِي يَشْرَبُ الْخَمْرَ : (لَا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) ، وَقَالَ فِي ذِي الخويصرة : (يَخْرُجُ مِنْ ضئضئ هَذَا أَقْوَامٌ : يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ - وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ الْإِسْلَامِ - كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمْيَةِ يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ
صَلَاتِهِمْ ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ ، وَقِرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ ؛ أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ؛ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْراً عِنْدَ اللَّهِ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) . وَقَدْ قُرِّرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ بِالدَّلَائِلِ الْكَثِيرَةِ .. ثُمَّ إنَّ أَهْلَ الْمَعَاصِي ذُنُوبُهُمْ : فِعْلُ بَعْضِ مَا نُهُوا عَنْهُ : مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ زِناً أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ أَكْلِ مَالٍ بِالْبَاطِلِ .
وَأَهْلُ الْبِدَعِ ذُنُوبُهُمْ : تَرْكُ مَا أُمِرُوا بِهِ : مِنْ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَجَمَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنَّ الْخَوَارِجَ أَصْلُ بِدْعَتِهِمْ ؛ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ طَاعَةَ الرَّسُولِ وَاتِّبَاعَهُ فِيمَا خَالَفَ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ عِنْدَهُمْ ؛ وَهَذَا تَرْكُ وَاجِبٍ" . "الفتاوى" (2/103-104) .
قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ : وَفِي الْحَدِيثِ – يعني : حديث ذو الخويصرة في الخوارج - أَنَّ قِتَالَ الْخَوَارِجِ ؛ أَوْلَى مِنْ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ : أَنَّ فِي قِتَالِهِمْ حِفْظَ رَأْسِ مَالِ الْإِسْلَامِ ، وَفِي قِتَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ طَلَبُ الرِّبْحِ ، وَحِفْظُ رَأْسِ الْمَالِ أَوْلَى" . "فتح الباري" (12/301) .
قَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ : "كَانَ زَائِدَةُ يَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ ؛ يُحَذِّرُ النَّاسَ مِنِ ابْنِ حَيٍّ وَأَصْحَابِهِ ، قَالَ : وَكَانُوا يَرَوْنَ السَّيْفَ" . "ضعفـاء العقيلي" (1/231) ، و"تهذيب الكمـال" (6/182) ، و"السير" (7/363) ، و"التهذيب" (516) .
وقوله : "كَانُوا يَرَوْنَ السَّيْفَ" ؛ يعني بهم الخوارج الذين يخرجون على ولي الأمر .


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ،،



جمعه كتبه/
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
ثالث أيام عيد الفطر عام 1436هـ .