إلزام أنصار السنة بالتحذير من الإخوان الخونة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه،

أما بعد، فقد نشر ت مجلة التوحيد –لسان جمعية أنصار السنة المحمدية في مصر- عدة بيانات متتالية منذ أن بدأت العمليات الإجرامية الخسيسة لحزب الإخوان المسلمين ضد المجتمع المصري عامة، كان آخرها بيان في عدد شوال 1436بعنوان: "بيان أنصار السنة حول الأحداث الجارية"، والقاسم المشترك بين هذه البيانات هو استنكار هذه العمليات، مع وسم فاعليها بسمات المجرمين المعتدين، والدعاء عليهم أحيانًا.


وإليك أيها القارئ الفطن بعض عبارات الاستنكار في هذه البيانات:
"ندين جميع أنواع العنف والإرهاب بشتى صوره ومواطن حدوثه ... ونخص من ذلك بالذكر ما تنامى إلى أسماعنا ونشرته وسائل الإعلام المختلفة من تفجيرات إرهابية في بلدة القوصية بمحافظة أسيوط وأن هذا ليس من الإسلام في شيء ؛ ولأن الإرهاب لا وطن له ولا حدود ولا يقره دين؛ ولأن من واجبنا الدعوة إلى الله والنصح للمسلمين في شتى بقاع الأرض فإننا نستنكر كذلك ما حدث من ذلك وما تنامى أيضا لأسماعنا من تفجيرات في السعودية والكويت وتونس وفرنسا وغيرهم مما يصعب علينا متابعته"
وقالوا في بيان استنكاري لأحداث العريش بعنوان: {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ}:

"الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، وبعد.. فوجئنا ليلة أمس بهذا الحدث الجلل الذي أودى بحياة بعض الجنود المرابطين في سبيل الله لحماية اï»·مة والوطن وإصابة بعضهم ، وهو عمل إجرامي خسيس ï»» يقره دين وï»» عقل.

ونحن ï»» نعلم مَن وراءه فأعداء اï»·مة كثيرون والحريصون على إسقاط مصر كثيرون ، { وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا } ، {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ } .

ولكننا نحذِّر أبناء الوطن من اï»»غترار بهؤï»»ء اï»·ئمة فإنهم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها... فيا أبناء الإسلام
... إن حرمة الدماء عظيمة ولذلك كانت أول ما يقضي الله فيه بين العباد يوم القيامة، فكفوا أيديكم وتذكروا قول ربكم : {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }

ويا شعب مصر العظيم: اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

رحم الله الشهداء وشفى المصابين وحفظ مصر قيادة وشعباً من كل مكروه وسوء".

فأقول: إن هؤلاء الجنود المرابطين في سبيل الله هم كفَّار عند حزب الإخوان المسلمين، ويقولون هم جنود الطاغوت -فرعون مصر- ومن ثَمَّ استحلوا دماءهم ! فهلاَّ بيّنتم هذا إن كنتم صادقين.

ألا يعرف عبدالله شاكر الجنيدي –الرئيس العام للجمعية-، وجمال سعد حاتم –رئيس تحرير مجلة التوحيد-، وبقية أعضاء الجمعية والمجلة هذه الحقيقة المرة؟!

ألا يعرفون مَن هم الدعاة الذين على أبواب جهنم؟!

فكيف إذا كان بعض هؤلاء الدعاة كانوا –وما زال بعضهم- يخطب على منابر مساجد أنصار السنة؟
وكيف إذا جنَّدت أنصار السنة رجالها ومجلتها ورئيسها للدفاع عن هذا الحزب الضال المنحرف –حزب الإخوان المسلمين- الذي فرَّخ هؤلاء الدعاة من الخوارج دفاعًا مبطنًا، وأحيانًا يكتفون بالسكوت أو الاعتذار الباهت المبطن عن جرائمه؟!

ألم يكن عبدالله شاكر –الرئيس العام- يشارك هؤلاء الدعاة الخوارج في قنواتهم؟

هكذا يريد القائمون على جمعية أنصار السنة أن يسلوا أنفسهم سلاًّ من تحمل أي مسئولية سابقة تجاه هذه الدماء التي سُفِكت في غير حلِّها!

ويقولون متسائلين –وكأنهم لا يعلمون-: "ونحن ï»» نعلم مَن وراءه –أي التفجير والاغتيال- فأعداء اï»·مة كثيرون والحريصون على إسقاط مصر كثيرون".

قلت: ألا يدري عبدالله شاكر وجمال سعد حاتم وسائر القطبيين المنتسبين إلى الجمعية أن منهج سيد قطب وحزب الإخوان المسلمين الخارجي التكفيري هو السبب الرئيسي في هذه الدماء التي سفكت؟!

ألا يدرون أن حزب الإخوان المسلمين على رأس الأعداء الموالين لأعداء الأمة من روافض ويهود ونصارى؟!

ولكنهم يسلكون مسلك الذين قال الله عز وجل فيهم: { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.

وأقول لكم هذه بعض فتاوى وتصريحات دعاة ومفكري ومتحدثي حزب الإخوان المسلمين بعد اعتصام رابعة العدوية التي يهدِّدون فيها بالقيام بالتفجيرات والاغتيالات لجنود الجيش والشرطة:

أولاً: قال محمد عبدالمقصود القطبي الخارجي: "ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ».

فإن قلنا: هذا من تغيير المنكر فإن تغيير المنكر باليد ضابطه أن لا يأتي بمنكر أشد ونحن إن واجهنا هؤلاء بالسلاح فهم يتفوقون علينا عددًا وتنظيمًا وتسليحًا، وهم يحالون جرنا إلى هذا السيناريو إن جاز التعبير، ليتمكنوا من ممارسة جرائهم ازرهم بمنتهى الراحة والحرية فينبغي علينا أن لا نمكنهم من هذا أبدا فأن نواجههم بالسلاح هذا الأمر لا يجوز إلا في حالة واحدة، فأعود إلى كلام ابن حزم في الفِصَل: "وإن كان على الإمام العدل فاسق وجب سلّ السيوف إن كانوا بعدد وعتاد يرجون معه الظفر، فإن لم يكونوا كذلك، فلا يجوز".

وهذا ما نفعله بالضبط.. نحن كلُّ ما في الأمر نحاول إرهاب هؤلاء بإحراق سياراتهم.. أو تهديدهم أو إحراق بيوتهم وما إلى ذلك.. كُلُّ هذا من باب الردع فقط".

ثانيًا: هدَّد عبدالماجد خلال كلمة له في إحدى مؤتمرات الجماعة الإسلامية بالمنيا، كل من يخرج ضد محمد مرسي، قائلا: "أرى رءوسًا قد أينعت وحان وقت قطافها".

ثالثُا: قال صفوت حجازي: "اللى هيرش مرسى بالمياه هنرشه بالدم"، وقال: "لا يستطيع أحد مخلوق كائنًا من كان إسقاط مرسي... ومن يفكر في إسقاطه أقول له: دونها الرقاب.. دونها الرقاب..وإذا قلناها فعلناها".

رابعًا: أعلنت منصة اعتصام "رابعة" مجلس الحرب قائلة: "لا سلمية بعد اليوم"، وردَّد الإخوان: "لا سلمية بعد اليوم"، متوعدين الشعب المصري بالقتل والذبح.

خامسًا: قال أحد المتعصِّبين من المعتصمين برابعة: "احذر يا سيسي سنفجر مصر، سننشر السيارات المفخخة، والانتحاريين في كل مكان، وسنحول مصر إلى ساحة حرب".

قلت: والعجيب هل يستحق محمد مرسي وحزبه الضال الدفاع المستميت من هؤلاء عنهم؟

هل عمل محمد مرسي على ترسيخ دعائم الإسلام عقيدة وشريعة، وتحقيق عقيدة الولاء والبراء، وتنحية مظاهر الشرك وشرائع الكفر والمعصية؟!

والجواب -الذي يعرفه هؤلاء الخوارج-: أن شيئًا من هذا لم يحدث بل حدث نقيضه من ترسيخ دعائم التولي لليهود، وتثبيت وتقوية الشرائع المؤيدة للزنا والفجور، وفتح باب الحريات على مصراعيه تثبيتًا لشرائع الماسونية.

فتأمل خطاب محمد مرسي لشيمون بيريز -رئيس دولة اليهود- بتاريخ 29 شعبان 1433، 19 يولية 2012، أي بعد توليه حكم مصر بتسعة عشر يومًا، حيث قال فيه:

عزيزي وصديقي العظيم .... لما لي من شديد الرغبة في أن أطور علاقات المحبة التي تربط لحسن الحظ بلدينا ...."، إلى أن ختم الرسالة بقوله: "ولا سيما إن كان لي الشرف بأن أعرب لفخامتكم عما أتمناه لشخصكم من السعادة ولبلادكم من الرغد.. صديقكم الوفي محمد مرسي تحريرًا بقصر الجمهورية ..".

قلت: فهل يوصف هذا اليهودي الفاجر بأنه صديق عزيز وعظيم؟! وهل يقر مسلم قيام علاقات محبة مع دولة اليهود التي تكيد للمسلمين في كل مكان؟!

وفي عهد محمد مرسي تم تمديد التصريح الذي يعطى لخانات الخمر ومواقع العهر والفجور، وتم تثبيت أنظمة الربا، وتوّج مرسي هذا بسعيه الحثيث إلى أخذ قرض ربوي ضخم من البنك الدولي ...إلخ.

فهل يعد مرسي إمامًا صالحًا بعد هذا ؟!

ومن يتأمل هذه التصريحات لهؤلاء الخوارج القطبيين يدرك توافقها التام مع التأصيل النظري الذي أصَّله سيد قطب -منظِّر خوارج العصر-، ومَن جاء بعده من رءوس التكفيريين.

فسيد قطب –رأس الخوارج في عصرنا- الذي يعتبر الإسلام مزيجًا بين النصرانية والشيوعية، ويمدح عقيدة النيرفانا الهندية الوثنية، يقول في تفسيره الظلال (2/1057) في تكفير المؤذنين: "لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بـــ(لا إله إلا الله)؛ فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد، وإلى جور الأديان، ونكصت عن لا إله إلا الله، وإن ظلَّ فريق منها يردد على المآذن: لا إله إلا الله؛.. البشرية بجملتها، بمـا فيها أولئك الذين يرددون على الـمآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمـات لا إله إلا الله؛ بلا مدلول ولا واقع... وهؤلاء أثقل إثمـًا وأشد عذابًا يوم القيامة!". اهـ.

قلت: بوَّب البخاري في كتاب الأذان: باب: ما يُحقن بالأذان من الدماء، ثم أخرج حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ".

قال النووي في شرحه على مسلم (4/76): "في الحديث دليل على أن الأذان يمنع الإغارة على أهل ذلك الموضع فإنه دليل على إسلامهم".

قلت: هكذا سلم النصارى والشيوعيون وأصحاب النيرفانا الوثنية من سيد قطب، ولم يسلم منه المؤذنون، بل ولا الصحابة -كما يأتي بيانه-.

ولم يكتف سيد قطب بهذا، بل أسقط الجمعة والجماعات، كما اعترف بهذا علي عشماوي في "التاريخ السري" (ص112) حيث قال: "أنه لما جاء وقت صلاة الجمعة، فقلت لسيد قطب: دعنا نقم ونصلي، وكانت المفاجأة أن علمت -ولأول مرة- أنه لا يصلي الجمعة، وقال: إنه يرى أن صلاة الجمعة تسقط إذا سقطت الخلافة، وأنه لا جمعة إلا بخلافة".

قلت: ولا أدري أي خلافة يتكلم عليها، أهي خلافة على منهاج النبوة؟ أم خلافة على منهاج الماسونية، فهذا حال دول حزب الإخوان المسلمين التي قامت في السودان، وتركيا، وغيرهما؟!

وأقدم سيد قطب مع إخوانه الحزبيين على إنزال هذه النظريات الخارجية على أرض الواقع عن طريق التفجيرات والانقلابات، كما اعترف بهذا في أوراق "لماذا أعدموني؟"، حيث قال (ص34): "وهذه الأعمال هي الرد فور وقوع اعتقالات لأعضاء التنظيم بإزالة رءوس في مقدمتها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومدير مكتب المشير ومدير المخابرات ومدير البوليس الحربي، ثم نسف لبعض المنشآت التي تشل حركة مواصلات القاهرة لضمان عدم تتبع الإخوان فيها وفي خارجها كمحطة الكهرباء والكباري، وقد استبعدت فيها بعد نسف الكباري كما سيجيء".

قلت: فهذه الأحداث التي داهمت مصر في الآونة الأخيرة ما هي إلا استرجاع إخواني لخطة سيد قطب المشار إليها في هذا الكلام في تدمير مصر انتقامًا لحزبهم !!
وهذا بيان أنصار السنة في "استنكار التفجير الإرهابي الغاشم الذي أودى بحياة النائب العام المصري المستشار هشام بركات": "فقد تلقينا ببالغ الأسى والأسف نبأ التفجير الإرهابي الغاشم الذي أودى بحياة النائب العام المصري المستشار هشام بركات.

وإذ تُعرب أنصار السنة عن قلقها البالغ من مثل هذه الأحداث الإرهابية الغاشمة التي تهدد السلم والأمن المجتمعي في بلدٍ آمن لا يعرف مثل هذه التفجيرات ، وإن مثل هذه الأعمال الإجرامية يخشى منها أن تتحول البلاد إلى مستنقع ينعدم فيه إحساس المواطن بالأمن والأمان .

وتدين أنصار السنة المحمدية هذا الحادث وما سبقه من حوادث ، وتذكِّر الجميع بحرمة الدماء وشيوع الفتن حيث لا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول فيما قُتِل كما حذّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

فاتقوا الله يا عباد الله في هذا البلد الآمن وفي هذا الشهر الفضيل من مثل هذه الأفعال، ونرجو أن تطول يد العدالة المجرمين الآثمين في أسرع وقت ممكن.

حفظ الله مصر وأهلها من كل مكروه وسوء".

قلت: لماذا لم تظهروا هذا القلق البالغ لما كان الشباب يرتكسون في فتن الخروج والمظاهرات والاعتصامات التي ترتبت عليها هذه الاغتيالات والتفجيرات؟!

لماذا لم تظهروا هذا القلق البالغ من كتب سيد قطب وكتابات رموز حزب الإخوان عامة نحو كتابات حسن البنا ومحمد الغزالي ويوسف القرضاوي، وهي تحتوي على القواعد التكفيرية البدعية التي أسَّس عليها خوارج العصر منهجهم العملي في الاغتيالات والتفجيرات؟!

وإليكم كلام وجدي غنيم -القطبي التكفيري الضال –من أبرز دعاة حزب الإخوان المسلمين- في تشفيه من اغتيال النائب العام:

"هلك بالأمس –أي النائب العام- وراح في ستين داهية الله يلعنه مطرح ما راح الله ينتقم منه ... الله يفزعه في قبره الله يجعله في جهنم هذا الخائن ...".

قلت: هل تريدون كلامًا أصرح من هذا للحكم على هؤلاء بأنهم من غلاة الخوارج ؟!!

وأذكّركم بما قاله العلامة محمد عبدالوهاب البنا –مؤسس الجمعية مع الشيخ محمد حامد الفقي- في حسن البنا –مؤسس حزب الإخوان-: "وكان أول من سنَّ بدعة الخروج على الحكَّام في العصر الحديث حسن البنا".

وصدق العلامة المحدث أحمد شاكر -القاضي- في حكمه على حزب الإخوان: "حركة الشيخ حسن البنا وإخوانه المسلمين الذين قلبوا الدعوة الإسلامية إلى دعوة إجرامية هدَّامة ينفق عليها الشيوعيون واليهود كما نعلم ذلك علم اليقين" (انظر "تقرير عن شئون التعليم والقضاء مقدم لجلالة الملك عبدالعزيز آل سعود" (ص48) نشرته مكتبة البخاري).

فقد التقى فكر حسن البنا مع تصورات سيد قطب للحاكمية وتكفير المجتمعات، فأنتجت جيلاً من الخوارج الغلاة الذين أفسدوا في الأرض فسادًا عريضًا، ومن هؤلاء:

1. شكري مصطفى -مؤسِّس تنظيم التكفير والهجرة-، وكتابه "الخلافة".

2. صالح عبدالله سرية الإخواني العراقي من أصول فلسطينية - مؤسِّس تنظيم الجهاد، وصاحب محاولة الاستيلاء على كلية الفنية العسكرية المصرية-، وصاحب رسالة "الإيمان".

3. عبدالسلام فرج، وكتابه "الفريضة الغائبة".

4. عبدالآخر حمَّاد، وكتابه "مراحل الجهاد".

5. عصام دربالة، وعصام عبدالماجد، وكتاب "القول القاطع فيمن امتنع عن الشرائع".

6. عبدالله عزَّام، وقصة أفغانستان.

7. محمد سرور زين العابدين -صاحب تنظيم السرورية-، والمنتدى الإسلامي في لندن، ومجلة السنة -التكفيرية-، وكتاب "منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله" والذي جعله على غرار "معالم في الطريق" لسيد قطب، وناقض كليهما العلامة السلفي المجاهد ربيع بن هادي المدخلي بكتابه " منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله فيه الحكمة والعقل".

8. عبود الزمر، والإسلامبولي، وبقية قتلة السادات.

9. حسن الترابي -الإخواني السوداني الضال-، ومؤتمرات وحدة الأديان، وتمكينه لبناء الكنائس.

8. أسامة بن لادن، وأيمن الظواهري، وتنظيم القاعدة، والتواطؤ الخفي مع نصارى ويهود أمريكا، وروافض إيران.

9. أبو مصعب الزرقاوي -المشهور بالذَّباح- زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين-، وكتابه "وصايا المجاهدين".

10. الخوارج القعدية -المدّعون للسلفية، وهم إخوان قطبية، والذين يزيِّنون القتال ويقعدون عنه-، نحو: وجدي غنيم، ومحمد حسَّان، وأبي إسحاق الحويني، ومحمد حسين يعقوب، وسلمان العودة، وسفر الحوالي، وعائض القرني، والعريفي ...إلخ.

11. البغدادي، وتنظيم داعش "الدولة الإسلامية في الشام والعراق"، والتواطؤ الخفي مع نصارى ويهود أمريكا، وروافض إيران، فهي امتداد لتنظيم القاعدة.

قال الشيخ يوسف الدخيل –رحمه الله- في فوائده: " أفرزت جماعة الإخوان المسلمين عدة انشقاقات بدءًا بجماعة شباب محمد ومرورًا بجماعة التكفير وتنظيم الجهاد في مصر ووقوفًا عند جماعة عدنان سعد الدين وجماعة الطليعة في سوريا ثم تنظيم الترابي في السودان".

قلت: وما زال هذا الفكر الخارجي يثمر حنظلاً، ومن آخر إفرازاته العفنة: الحدادية بشتى فصائلهم، الذين لا يخرجون عن هؤلاء الغلاة، ولا عن أصولهم كثيرًا.

فهذا عماد فراج المصري، ما هو إلا امتداد لهذا المنهج الخارجي الخبيث، الذي غذَّته جمعية أنصار السنة منذ أن انحرفت عن المنهج السلفي -شعرت بذلك أم لم تشعر-.

فإن كانت أنصار السنة صادقة في انتمائها للمنهج السلفي الذي أنشأها عليه الشيخ محمد حامد الفقي؛ فلتبادر ببيان أحوال هؤلاء الخوارج التكفيرين، وتفنّد أصولهم البدعية، وتتبرأ منهم ومن مناهجهم الخارجية براءة صريحة لا تورية فيها ولا كتم للحق.

واعلموا أن حسن البنا أسَّس حزب الإخوان المسلمين على عدة أصول بدعية بعضها يناقض الأصلين اللذين قام عليهما الإسلام: وهو توحيد رب العالمين، واتباع سيد المرسلين، وأخبث هذه الأصول ثلاث:

الأول: الدعوة إلى أخوة ووحدة الأديان، فلا فرق عندهم في دولتهم بين المسلمين واليهود والنصارى والروافض، بل يتملقونهم ويدعون إلى أخوتهم.

والثاني: الخروج على جماعة المسلمين، وتكفير المسلمين حكامًا ومحكومين، واستحلال دمائهم إذا لم يرضوا بحزبهم وبأصوله الضالة.

والثالث: اعتبار سنن نبي الهدى صلى الله عليه وسلم قشورًا لا ينبغي الاعتناء بها ولا الدعوة إليها.

واذهبوا إلى السودان لتروا عزة إسلام الإخوان المسلمين متمثلة في الدعوة إلى وحدة الأديان وتروا بأعين رءوسكم الكنائس تتسابق في التشييد، وتروا احتلال النصارى لأعلى المراكز في الحكومة الإخوانية، وتستمعوا إلى برامج التنصير تذاع في إذاعة الحكومة السودانية، وتنشر عبر شاشات التليفزيون ووسائل الإعلام، فهذه ثمار دعوة الإخوان المسلمين تكشف هويتها وحقيقتها {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد }[ق:37].

فحسن البنا تأثر بجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده في دعوتهما إلى وحدة الأديان، فقرر في رسالتيه "السلام في الإسلام"، و"دعوتنا": الأخوة الإنسانية، فقال في رسالة "دعوتنا": "وأحب أن أنبهك إلى سقوط ذلك الزعم القائل: إن الجري عن هذا المبدأ يمزق وحدة الأمة التي تتألف من عناصر دينية مختلفة، فإن الإسلام- وهو دين الوحدة والمساواة- كفل هذه الروابط بين الجميع ما داموا متعاونين على الخير".

وقال في رسالة "السلام في الإسلام": " جاء الإسلام الحنيف يعلن الأخوة الإنسانية، ويبشر بالدعوة إلى العالمية"، بل قال: " والله ربُّ الجميع يرقب هذه الأخوة ويرعاها ويطالب عباده جميعًا بتقريرها".

وقال سيد قطب في "معركة الإسلام والرأس ماليّة" (ص:61): ((إن الإسلام يصوغ من الشيوعية والمسيحية معاً مزيجاً كاملاً يتضمن أهدافهما ويزيد عليهما بالتناسق والاعتدال))، وله في السلام العالمي مدح للعقيدة النصرانية.

كيف يكونون دعاة الإسلام، وهم لا يفرقون بين الإسلام واليهودية والنصرانية؟!

وقال القرضاوي: "أنا أقول عنهم إخواننا المسيحيين، البعض ينكر علي هذا كيف أقول إخواننا المسيحيين؟ (إنـما المؤمنون أخوة) نعم نَحن مؤمنون وهم مؤمنون بوجه آخر".

وقال: "إن إدوارد سعيد لَم يكن مسلمًا بعقيدته وديانته، ولكنه كان مسلمًا بثقافته وحضارته وعيشه في قضايا أمته، ونسأل الله أن يعوِّض الأمة عنه خيرًا".

وفِي "أحكام أهل الملل من الجامع لمسائل الإمام أَحْمَد" للخلال (ص5): قال الخلال: أَخْبَرَنَا المروذي قال: سألت أبا عبد الله عن اليهود والنصارى من أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم؟ فغضب غضبًا شديدًا وقال: هذه مسألة قذرة لا يتكلم فيها، قلت: فأنكر على من قال ذا، وفي رواية تالية: قال: يقول هذا مسلم؟! أو كما قال.

وقال القرضاوي في نعي طاغوت الأمة النصرانية -بابا الفاتيكان الهالك: "لا نستطيع إلا أن ندعو الله تعالى أن يرحمه ويثيبه بقدر ما قدَّم من خير للإنسانية، وما خلف من عمل صالح أو أثر طيب".

قلت: فهل الرجل لم يقرأ يومًا ما قول الله تعالى: {ما كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}.

وفي كتاب "مصطفى السباعي رجل فكرة وقائد دعوة" (ص93-98): "فليس الإسلام معاديًا للنصرانية بل هو معترف بها مقدس لها"؟".

ويقول طارق السويدان -المخذول-: "الحرية مقدمة على تطبيق الشرعية.. أنا أقدس الحرية.. من الحق الناس أن تعبد من تشاء..اللي يسوي كنيسة واللي يسوي حسينية.. واللي يسوي مسجد".

وقال محمد مرسي –الرئيس المصري السابق-: "لا خلاف بين العقيدة الإسلامية والعقيدة المسيحية وإن الخلاف ديناميكي خلاف آليات ووسائل مش خلاف عقائدي.. لا يمكن أن يكون عقائدي".

فأين حمية شباب الإسلام ضد هذه الضلالات؟ وهل مَن يحذِّر منها يقال إنه يسب ويشتم هؤلاء المنحرفين؟!

وترتب على هذا أنهم يعتقدون أنه لا خلاف بيننا وبين اليهود في العقيدة، بل الخلاف على الأرض فحسب، وهم يقاتلون بهذه العقيدة الفاسدة، قال حسن البنا كما في كتاب "الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ" (1/409-410) أمام لجنة التحقيق البريطانية الأمريكية: "فأقرر أن خصومتنا لليهود ليست خصومة دينية؛ لأن القرآن حض على مصافاتهم ومصادقتهم والإسلام شريعة إنسانية قبل أن يكون شريعة قومية وقد أثنى عليهم وجعل بيننا وبينهم اتفاقًا"،قلت: وهذه إحدى كذبات حسن البنا على القرآن وشريعة الإسلام.

وقال القرضاوي في حديث نشر في جريدة الراية القطرية العدد (4696): "إننا لا نقاتل اليهود من أجل العقيدة وإنما نقاتلهم من أجل الأرض".

وقال أحمد ياسين -مؤسس حركة حماس الإخوانية-: "إحنا ما بنكره اليهود، ونقاتل اليهود لأنهم يهود، اليهود أهل دين وإحنا أهل دين، إحنا بنحب كل الأديان ... فلما اليهودي يأخذ أرضي وبيتي ويطردني منه كمان أنا أقاتله".

وقد صرَّح أيضًا صلاح شحادة -وهو القائد العسكري العام لكتائب القسام- بهذه العقيدة الفاسدة فقال: "فنحن نعمل وفق مبادئ جهادية نلتزم بها وشعارنا: إننا لا نقاتل اليهود لأنهم يهود، وإنما نقاتلهم لأنهم محتلون لأرضنا، ولا نقاتلهم لعقيدتهم، وإنما نقاتلهم لأنهم اغتصبوا أرضنا...."، انظر (فلسطين - الجيل للصحافة 29/05/2002 وانظر (موقع الإخوان المسلمين: إخوان أون لاين بعنوان: صلاح شحادة.. القائد الرباني والشهيد الحي).

وجاء خالد مشعل عند قبر الـخميني ووضع عليه زهورًا، ثم قال: "إن الـخميني هو الأب الروحي لدعوتنا".

وقال: "وإذا تعرضت إيران للهجوم فإن من مسؤوليتنا الدفاع عنها رغم أن عملياتنا في الوقت الحاضر داخل الأراضي الفلسطينية لإنهاء الاحتلال وعودة اللاجئين".

قلت: هكذا يريد الدفاع عن دولة المجوس التي قامت على سبِّ وتكفير حملة الإسلام من الصحابة.

وقد بيّنت العلاقة المريبة بين حزب الإخوان والرافضة من خلال كتابي "كشف العلاقة المريبة".

ومن الكتب التي فضحت خبايا حزب الإخوان مع الشيعة، كتاب "أئمة الشر.. الإخوان والشيعة أمة تلعب في الخفاء" لثروت الخرباوي -الذي كان عضوًا في حزب الإخوان ثم انفصل عنهم-.

ومن ضلالهم تعظيم المذاهب الكفرية وإلباسها لباس الإسلام نحو الديمقراطية والاشتراكية والليبرالية.

فعند علو كعب الاشتراكية في مصر، وانخداع بعض المسلمين بها، ألَّف رموز الإخوان مؤلَّفات تسعى لإثبات أن الاشتراكية هي الإسلام، وكان من أبرز هذه الكتب كتابان:

الأول: كتاب: "الاشتراكية هي الإسلام"، لمحمد الغزالي.

والثاني: كتاب: "العدالة الاجتماعية" لسيد قطب.

ولمَّا سقطت الاشتراكية سقوطًا ذريعًا، وسقطت دولها، وعلا كعب الديمقراطية صارت هي الديمقراطية هي الإسلام !!

وهكذا يتلاعبون بدين الله عز وجل على حسب أهوائهم ومصالحهم السياسية، والله لهم بالمرصاد !

فمن عباراتهم الشنيعة في تمجيد الديمقراطية، وإعلاء مقامها على الشريعة مع التنصل من تطبيق شرع الله:

- قال أحمد ياسين -مؤسس حركة حماس-: $حتى ولو فاز الحزب الشيوعي فسأحترم رغبة الشعب الفلسطيني#.

- وقال الغنوشي التونسي: $إنه يجب طرح الإسلام مثل غيره، ويجب احترام إرادة الشعوب، ولو طالبت بالإلحاد والشيوعية#.

- وقال عزيز دويك -رئيس المجلس التشريعي بحماس الإخوانية-: $إن أيَّ تغيير في التشريعات الفلسطينية المعمول بها في البرلمان السابق الذي كانت تهيمن عليه حركة فتح سيخضع لاستفتاء شعبي تجسيدًا لمبادئ الديمقراطية التي فازت بموجبها حماس#. (المصدر: إذاعة رام الله، رويترز).

- وقال: $لا يجوز أن تكون الديمقراطية لغيرنا#.

- وقال: $سيكون قرار شعبنا هو الفيصل الذي نرجع إليه، والشعب يقضي ما يشاء أو يرفض ما يشاء، فهو وفق كل الأعراف الدولية، ووفق مبادئ الديمقراطية، هو صاحب الحق في هذا المجال!!#. اهـ

- وقال -أيضًا- في برنامج بالعربي على قناة العربية الفضائية ردًّا على سؤال: إذا اعترفت إسرائيل بالدولة الفلسطينية هل تعترفون بدولة إسرائيل؟

قال: $إذا حدَّدت الحدود سنكون ديمقراطيين أكثر من الغرب نفسه، سنعرض الأمر على الشعب الفلسطيني، فإن وافق فنحن ديمقراطيون نقبل قراره، وإن رفض فهي أرضه وهو صاحب الحقِّ الوحيد فيها#. اهـ

- وعلى السنن نفسه جرى إسماعيل هنية؛ حيث قال في برنامج قضية على بساط البحث الساعة 7:45 مساء يوم الأربعاء 3 ربيع آخر 1426هـ الموافق 10 مايو 2005م: $إن حركة حماس تهدف من وراء دخول المجلس التشريعي تكريس وحدة الشعب الفلسطيني الوحدة الوطنية، وتكريس التعددية السياسية والحزبية#([1]).

- وقال: $إن حركة حماس ستحترم إرادة الشعب، فمن سينتخبه الشعب سترضى به حماس فنحن دائمًا وأبدًا نبقى مع إرادة الشعب وسنرضى بما ستفرزه صناديق الاقتراع مهما كانت النتيجة؛ لأن صناديق الاقتراع والديمقراطية هي الطريق الصحيح والسليم#.

وقال القرضاوي: $البعض يقول: إن الديمقراطية ليست من الإسلام، والبعض يقول: إن الديمقراطية كفر، وأنا أقول: إن الديمقراطية هي من روح الإسلام وتعاليمه#. [قال ذلك في خطبة الجمعة 4/6/4..2م منشورة عبر الإنترنت].

- وقال أحمد بن عبد الكريم في $الديمقراطية في اليمن# (ص65): $يشير مفهوم الديمقراطية إلى نسق سياسي قائم على مبدأ مرسة الحكم من الخلال موافقة المحكومين وتقبلهم له.

ومن هذه الموافقة تستمد الحكومة شرعيتها، وبالتالي تصبح الديمقراطية مذهبًا فلسفيًّا.

ونظَامًا تطبقيًّا للحكم في الوقت نفسه، فهي كنظام فلسفي تعني: أن الأُمة هي مصدر السلطة والقوة، وإرادتها منبع السيادة ومصدرها في الدولة، ولا تكون هذه السيادة شرعية إلا إذا انبعثت من إرادة الأمة واستندت إليها.

وهي كنظم حكم تكفل الحقوق والحريات الفردية، وبالتالي يصبح الشكل الديمقراطي للحكم طريقة حية، وطريقة للنظر إلى الأشياء والشعور تجاه الإنسانية والمجتمع والسلوك الإنساني#.

وقال: $والإيمان بالديمقراطية يحتم ممارستها بشكل شعوري ولا شعوري، وينعكس في سلوك المرء كله في حياته وتصرفاته اليومية، والديمقراطية هي نوع من الوعي الإنساني بأهمية التماثل والمساواة بينه وبين أبناء بني جنسه#.

- وقال علي بن حاج الجزائري في رسالته إلى رئيس الجزائر مقرًّا ومناديًا معنى الديمقراطية:

$فإذا كان التذمر مشروع في (88)... فما الذي جعله إرهابًا في (1992) بعد مصادرة حق الشعب في الاختيار#.

وقال في رسالته إلى وزير الاتصال (في 22 جمادى الأولى 1415هـ): $ومن الأمور المحسومة عند الغرب أن السلطة لا تنال إلا عن طريق اختيار الشعب في حرية تامة! ومن ذلك قالوا بمشروعية الثورة على المستبد... ويوم أن استقر هذا المبدأ في فكر المجتمع الغربي استقرت الأوضاع السياسية عندهم وعمَّ الأمن!!#.

وقال ناقلًا عن القانون الفرنسي (24 يونيو 1793م) مقرًّا له: $إن للناس الحق في مراجعة دستورهم وتعديله وتغييره؛ حيث لا يحق لجيل معين عن طريق دستور يضعه أن يتحكم في الأجيال المقبلة... وعندما تعتدي الحكومة على حق الشعب يكون حق الثورة من أقدس الحقوق، ومما لا يمكن التخلي عنه#([2]).

ثم قال مشيدًا بالطرق الغربية الفاسدة المبنية على إباحة الكفر والزندقة باسم الحرية: $ومن خلال ما تقدم ندرك جيدًا أن الغرب يقدس أمرين:

الحرية، وخاصة الحرية السياسية، ويرفض الاستبداد والطغيان والدوس على حقوق الإنسان، بل يرى وجوب الثورة والمقاومة إذا حدث ذلك#.

وقال محمد بديع -مرشد الإخوان- في لقاء ممثلي حزب $الحرية والعدالة# معه (منشور على الموقع الرسمي لحزب الإخوان المسلمين):

$فهذا برلمان الشعب، وإننا نحترم ما جاء به الشعب، ولابد أن نحترمه ونضعه فوق رءوسنا ولابد من أن نعتمد إرادته، ويا دعاة الديمقراطية ويا دعاة الليبرالية هذا أصل من أصول أفكاركم وثقافتكم نرجو أن تلتزموا به ونحن أول مَن التزمنا به.

ونقول: إنهم قالوا: إن الإخوان سوف يجربون الديمقراطية لفترة واحدة وسوف يرمونها بعد ذلك, وكان الأستاذ مهدي عاكف دليلًا على كذب هذا الافتراء علينا؛ لأنه كان من حقه أن يترشح مرشدًا في دورةٍ أخرى، فاللائحة تُجيز له ذلك، لكنه قال: $إنه يكتفي بهذا وإن الإخوان تستطيع أن تأتي بغيري يتحمل المسئولية وهي جماعة مؤسسية, وليست فردية ولم تتوقف على أفراد أبدًا#.

وانظر فصل "الإسلام والديمقراطية" في كتاب " الإسلام في مواجهة التحديات المعاصرة" (ص249-252) لأبي الأعلى المودودي.

قلت: فالقوم غارقون في الديمقراطية متشبعون بأفكارها، لا يرضون لها بديلًا.

ومن الرموز الفكرية لحزب الإخوان مِمَّن غالى في الديمقراطية غلوًّا شنيعًا، ومجَّدها تمجيدًا، ووصفها بصفات لا يوصف بها إلا دين الله -الإسلام-:

$خالد محمد خالد#، لدرجة أنه ألَّف كتابًا سماه بـ $الديمقراطية أبدًا#.

وقال في خاتمته (ص263): $فعلى الذين اقتنعوا بتصويرنا للديمقراطية وحقَّنا فيها أن يبشروا بها، ويظهروا نورها للجماهير، ويجعل كل واحد من نفسه جيشًا يخوض معركتها في ثبات وإصرار، ولا يضع سلاحه -الذي هو منطق وبلاغ- حتى نصير وبلادنا معنا جديرين بالحياة، وبكل ما كتبه الله للإنسانية من كرامة وحق..وعلى الذين لم يقتنعوا أن يحاولوا...!!

وإذا هم نَضَوا عن أنفسهم وثنية الهوى، ووطأة التهيُّب، فسوف تأيتهم من الله بصيرة جديدة([3])، تخبرهم أن الديمقراطية ليست ضرورية لترقية الحياة والأحياء فحسب... بل هي ضرورية لإبقاء الحياة حياة، وإبقاء الأحياء أحياء!!!#. اهـ

قلت: إذا كانت الديمقراطية بهذه المثابة، فلِمَ لم يُوحِ بها الله سبحانه إلى رسوله ج؟!!

آلله غَفَل عن إعلام عباده في آخر وحي نزل من السماء بأمر يعد ضرورة لإبقاء الحياة حياة والأحياء أحياء؟!! حاشا لله، وتعالى الله عن قول الأفَّاكين علوًّا كبيرًا!

أم أن رسول الله ج قصَّر في البلاغ؟!! حاشاه ج.


ورغم هذه الدعوة إلى أخوة النصارى والروافض، مع تمجيد مذاهب أهل الكفر من اشتراكية وديمقراطية تجد على النقيض العداء والبغض الشديد لكل من يخالفهم من المسلمين، والبغض الشديد لمنهج أهل الحديث –أهل السنة والجماعة- منهج السلف الصالح- ويصل هذا الحقد الدفين في قلوبهم إلى تكفير المخالفين لهم من المسلمين –خاصة من أهل السنة- واستحلال دمائهم، فتنطبق عليهم أحاديث الخوارج، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ".

واعلم أنهم ليسوا على قلب رجل واحد، بل قلوبهم شتى على أهواء مختلفة، ولكنهم يجتمعون في الخروج على جماعة المسلمين، كما أخرج قال الدارمي (100) بسند صحيح عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: «مَا ابْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً إِلَّا اسْتَحَلَّ السَّيْفَ».

وأخرج الدارمي (101) أيضًا بسند صحيح عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: "إِنَّ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ أَهْلُ الضَّلَالَةِ، وَلَا أَرَى مَصِيرَهُمْ إِلَّا إِلَى النَّارَ، فَجَرِّبْهُمْ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَنْتَحِلُ قَوْلا أَوْ قَالَ: حَدِيثًا فَيَتَنَاهَى بِهِ الْأَمْرُ دُونَ السَّيْفِ، وَإِنَّ النِّفَاقَ كَانَ ضُرُوبًا، ثُمَّ تَلاَ: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [التوبة: 75]، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} [التوبة: 58]، {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} [التوبة: 61] فَاخْتَلَفَ قَوْلُهُمْ وَاجْتَمَعُوا، فِي الشَّكِّ وَالتَّكْذِيبِ، وإنَّ هَؤُلَاءِ اخْتَلَفَ قَوْلُهُمْ وَاجْتَمَعُوا فِي السَّيْفِ، وَلا أَرَى مَصِيرَهُمْ إِلَّا إِلَى النَّارِ".

قَالَ حَمَّادٌ: ثُمَّ قَالَ أَيُّوبُ عِنْدَ ذَا الْحَدِيثِ أَوْ عِنْدَ الْأَوَّلِ: "وَكَانَ وَاللَّهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ ذَوِي الْأَلْبَابِ يَعْنِي: أَبَا قِلَابَةَ".



قلت: وقد تقدَّمت الإشارة إلى تأصيل سيد قطب لمنهج الخوارج المعاصرين، وكيف أنه لم يسلم منه حتى المؤذنين على المنابر الذين يردِّدون كلمة التوحيد خمس مرات في اليوم والليلة.

فلم يقف هذا النفس الخارجي لسيد قطب عند المؤذنين بل طال الصحابة مِمَّا أثلج صدور الروافض، فله عبارات نابية في سبّ الصحابة بل وفي تكفير بعضهم أو اتهامهم بالنفاق.

وقد تناول الشيخ الأديب محمود شاكر -رحمه الله- في مقال نشرتْه مجلة: "المسلمون" (العدد الثالث سنة 1371هـ)، بعنوان "لا تسبوا أصحابي" نماذج من أقوال سيد في الطعن في معاوية وأبي سفيان وعمرو بن العاص وهند بنت عتبة، وفي طعنه في دولة بني أمية، ودولة الخلافة العباسية، وقد ألقى سيد على كل هؤلاء تهمة الخروج عن روح الإسلام، وتهمة النفاق.

وردَّ عليه سيد قطب بمقال سيء أكَّد فيه إصراره على الطعن في هؤلاء الصحابة وعلى الطعن في دولة بني أمية.

فبعد أن بيَّن الشيخ محمـــود شـــاكر بشيء من الإيجاز الاعتقاد الصحيح الواجب عـــلى كــل مسلم في حق أصحاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، بدأ يذكر المواضع التي طعن فيها سيد في الصحابة، فقال:

"-قال سيد-: "فلما جاء معاوية، وصيَّر الخلافة الإسلامية ملكًا عضوضًا في بني أمية، لَم يكن ذلك من وحي الإسلام، إنَّمـا كان من وحي الـجاهلية".

ولَم يكتف بِهذا، بل شمل بني أمية جميعًا، فقال -أي سيد-: "فأمية بصفة عامة لَـم يعمر الإيْمـان قلوبَها، وما كان الإسلام لـها إلا رداء تـخلعه وتلبسه حسب الـمصالح والـملابسات"([4]).

ثُمَّ يذكر يزيد بن معاوية بأسوأ الذكر، ثُمَّ يقول: "وهذا هو الخليفة الذي يفرضه معاوية على الناس، مدفوعًا إلى ذلك بدافع لا يعرفه الإسلام، دافع العصبية العائلية القبلية، وما هي بكثيرة على معاوية ولا بغريبة عليه؛ فمعاوية هو ابن أبي سفيان وابن هند بنت عتبة، وهو وريث قومه جميعًا، وأشبه شيء بِهم في بعد روحه عن حقيقة الإسلام؛ فلا يأخذ أحد الإسلام بمعاوية أو بني أمية؛ فهو منه ومنهم بريء"([5]).

ثم قال سيد: "ولسنا ننكر على معاوية في سياسة الحكم ابتداعه نظام الوراثة وقهر الناس عليها فحسب، إنَّما ننكر عليه أولاً، وقبل كل شيء إقصاءه العنصر الأخلاقي في صراعه مع علي وفي سيرته في الحكم بعد ذلك إقصاءً كاملاً لأول مرة في تاريخ الإسلام.. فكانت جريمة معاوية الأولى التي حطَّمت روح الإسلام في أوائل عهده هي نفي العنصر الأخلاقي من سياسته نفيًا باتًّا، ومما ضاعف الجريمة أن هذه الكارثة باكرت الإسلام ولَم تنقض إلا ثلاثون سنة على سننه الرفيعة([6]).. ولكي ندرك عمق هذه الحقيقة يجب أن نستعرض صورًا من سياسة الحكم في العهود المختلفة على أيدي أبي بكر وعمر، وعلي أيدي عثمان ومروان.. ثم على أيدي الملوك من أمية.. ومن بعدهم من بني العباس، بعد أن خنقت روح الإسلام خنقًا على أيدي معاوية وبني أمية<([7]).

وقال سيد: >ومضى عليٌّ إلى رحمة ربه، وجاء معاوية بن هند وابن أبي سفيان<.

وأنا أستغفر الله من نقل هذا الكلام، بمثل هذه العبارة النابية؛ فإنه أبشع ما رأيته([8]).

ثُمَّ يقول: "فلئن كان إيْمان عثمان وورعه ورقته كانت تقف حاجزًا أمام أمية لقد انْهار هذا الحاجز، وانساح ذلك السد، وارتدت أمية طليقة حرة إلى وراثاتِها في الجاهلية والإسلام، وجاء معاوية تعاونه العصبة التي على شاكلته، وعلى رأسها عمرو بن العاص، قوم تـجمعهم الـمطامع والـمآرب، وتدفعهم الـمطامح والـــــرغائب، ولا يُمسكهم خلق ولا دين ولا ضمير"([9]).

وأنا أستغفر الله وأبرأ إليه....".

ثم قال: "هــــذا مــــا جاء في ذكر معاوية، وما أضفى الكاتب من ذيوله على بني أمية وعلى عمرو بن العاص، وأما ما جاء عن أبي سفيان بن حرب، فانظر ماذا يقول: >أبو سفيان هو ذلك الرجل الذي لقي الإسلام منه والمسلمون ما حفلت به صفحات التاريخ، والذي لَم يسلم إلا وقــــد تقررت غــــلبة الإسلام؛ فهو إسلام الشفة واللسان، لا إيْمـان القلب والوجدان، وما نفذ الإسلام إلى قلب ذلك الرجل([10])، فلقد ظل يتمنى هزيْمة المسلمين ويستبشر لها في يوم حــــــنين، وفي قتال المسلمين والروم فيما بعد، بينما يتظاهر بالإسلام، ولقد ظلت العصبية الـجاهلية تسيطر على فؤاده.. وقد كان أبو سفيان يحقد على الإسلام والـمسلمين، فما تعرض فرصة للفتنة إلا انتهزها...<.

ثُمَّ يقول عن هند بنت عتبة أم معاوية: >ذلك أبو معاوية، فأما أمه هند بنت عتبة، فهي تلك التي وقفت يوم أحد تلغ في الدم إذ تنهش كبد حـمزة كاللبؤة الـمتوحشة، لا يشفع لها في هذه الفعلة الشنيعة حق الثأر على حمزة؛ فقد كان قد مات، وهي التي وقفت بعد إسلام زوجها كرهًا بعد إذ تقررت غلبة الإسلام تصيح: >اقتلوا الخبيث الدنس الذي لا خير فيه، قبح من طليعة قوم، هلا قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم وبلادكم؟<.

قال الشيخ محمود شاكر: هؤلاء أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذكرهم كاتب مسلم بمثل هذه العبارات الغريبة النابية، بل زاد، فلم يعصم كثرة بني أمية من قلمه، فطرح عليهم كل ما استطاع من صفات تـجعلهم جـملة واحدة برآء من دين الله، ينافقون في إسلامهم، وينفون من حياتِهم كل عنصر أخلاقي([11]) -كما سماه-...<.

ثم سرد الشيخ محمود شاكر طائفة من الأحاديث التي جاءت في فضل معاوية .....([12]).

ثم قال: "أما أبو سفيان رضي الله عنه؛ فقد أسلم ليلة الفتح، وأعطاه رسول الله من غـــنائم حـــنين كما أعطى ســـائر المـــؤلفة قلـــوبُهم، فقال له: >والله، إنك لكـــريم فـــداك أبي وأمي، والله لقـــد حاربتك فلنعم المحارب كنت، ولقد سالمتك فلنعم المسالم أنت، جزاك الله خيرًا<.

ثم شهد الطائف مع رسول الله، وفقئت عينه في القتال.

ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم نجران، ورسول الله لا يولي منافقًا على المسلمين.

وشهد اليرموك، وكان هو الذي يحرض الناس ويَحثُّهم على القتال.

وقد ذكـــر الكاتب فيــما استدل به عــــلى إبطـــان أبي سفيان النفاق والكفر أنه كــان يستبشر بِهزيمـــة المسلمين في يوم حُــــنَين، وفي قتال المسلمين والروم فيما بعد، وهـــذا باطل مــكذوب...<.

ثم ذكــر الشيخ محمود شاكر ما ورد في إسلام هند، ثم قال: "فهل يعلم عالِم أن إسلام أبي سفيان وهــند كان نفاقًا وكذبًا وضغينة؟! لا أدري، ولكن أئمتنا من أهل هذا الدين لَم يطعنوا فيهم، وارتضاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وارتضى إسلامهم، وأما ما كان من شأن الجاهلية، فقل رجل وامرأة من المسلمين لَم يكن له في جاهليته مثل ما فعل أبو سفيان أو شبيه بِما يروى عن هند إن صحَّ.

وأما عمرو بن العاص؛ فقد أسلم عام خيبر، قدم مهاجرًا إلى الله ورسوله، ثُمَّ أمَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية إلى ذات السلاسل يدعو بليّا إلى الإسلام، ثُمَّ استعمله رسول الله على عمان، فلم يزل واليًا عليها، إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ أقره عليها أبو بكر رضي الله عنه، ثُمَّ استعمله عمر...<، ثم سرد بعض الأحاديث في فضل عمرو، ثم قال أخيرًا:

"وأختم كلمتي هذه بقول النووي في >شرح مسلم< (16/93): اعلم أن سبَّ الصحابة -رضي الله عنهم- حرام من فواحش المحرمات، سواء من لابس الفتن منهم وغيره؛ لأنَّهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون، وقال القاضي: سبُّ أحدهم من المعاصي الكبائر، ومذهبنا مذهب الجمهور أن يعزر ولا يقتل، وقال بعض المالكية: يقتل<.

وأسدي النصيحة لـمن كتب هذا وشبهه: أن يبرأ إلى الله علانية مما كتب، وأن يتوب توبة المؤمنين مما فرط منه، وأن ينَزه لسانه ويعصم نفسه ويطهر قلبه، وأن يدعو بدعاء أهل الإيْمان، ï´؟ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌï´¾ [الحشر: 10]..<. انتهت رسالة الشيخ محمود شاكر.

قلت: وقد ردَّ سيد على هذه الرسالة ردًّا سيئًا يعلن فيه ثباته على هذا الطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقد قام محمد رجب البيومي -أحد أصدقاء سيد قطب- بالرد على الشيخ محمود شاكر نيابة عن سيد قطب ؛ ثم قام سيد قطب بكتابة رسالة إلى ” محمد رجب البيومي ” بيَّن فيها رفضه نصيحة الشيخ محمود شاكر، وصرَّح بتمسكه بما كتبه من سب واتهام للصحابة بأبشع التهم من نفاق وغشٍّ ورشوة وشراء الذمم، ولم يكتف بهذا بل ثم أرسل لسانه الذّرب على الشيخ الأستاذ محمود شاكر، ورماه بأقذع السباب، "وإن لم تستح فاصنع ما شئت"، فكان مما قاله سيد قطب في تلك الرسالة :

إلى أخي الأستاذ: رجب البيومي …السلام عليكم ورحمة الله ، وبعد
فإنني لم أرد أن أدخل بينك وبين الأستاذ شاكر فيما شجر بينكما من خلاف حتى ينتهي إلى نهاية كما انتهى ، ذلك أنني كنت حريصاً على أن أدعك ورأيك ، وألا أبدأ تعارفي بك في زحمة الجدل ، وإن ظن أخونا شاكر أن بيننا صحبة وثيقة...".

و قال: "ولو كانت بيننا معرفة سابقة ، ولو استشرتني قبل أن تدخل مع صاحبنا في جدل حول ما أثاره من صخب وما نفضه من غبار؛ لأشرت عليك ألا تدخل ، ولآثرت لك ما آثرته لنفسي من إغضاء وإغفال … ذلك أنني لم استشعر في هذا الصخب الصاخب أثراً من صفاء نية ، ولا رغبة في تجلية حقيقة".

و قال: "ولو كانت الحقائق هي المقصودة لما احتاج الكاتب الفاضل إلى اصطناع مثل هذا الأسلوب الصاخب المفرقع، ولما لجأ منذ مقاله الأول في ( المسلمون) إلى الشتم ، والسب والتهم بسوء النية ، وسوء الخلق والنفاق والافتراء ، والسفاهة ، والرعونة )

ثم قال: "وما كان لي بعد هذا؛ وأنا مالك زمام أعصابي ، مطمئن إلى الحق الذي أحاوله ، أن ألقي بالاً إلى صخب مفتعل ، وتشنج مصطنع وما كان لي إلا أن أدعو الله لصديقنا شاكر بالشفاء والعافية والراحة مما يعاني ، والله لطيف بعباده الأشقياء".

قلت: فأين توبة سيد قطب من سب الصحابة أيها الأدعياء ؟!

بل جمع سيد إلى سيئات سبِّه وتكفيره لبعض الصحابة: سيئة التهكم والسخرية والسب لأحد علماء السنة، وجريمته أنه نصح سيدًا بترك سبِّ الصحابة!!

والظاهر أن سيد قطب قد تأثر بشيخه العقَّاد في شأن سبِّ معاوية رضي الله عنه، وإن كان فاق شيخه في السبِّ، فقد ألَّف العقَّاد كتابًا بعنوان: "معاوية في الميزان"، كال فيه لهذا الصحابي الجليل الاتهامات والافتراءات على طريقة الرافضة.

وقد رد عليه أحد علماء الأزهر، وهو الشيخ محمود النواوي (م 1399هـ) في مجلة الأزهر في عددي (شعبان ورمضان 1375هـ)، فقال في المقال الأول: "ولكنه بدأ كتابه بأن معاوية كان رجلاً قديرًا, ولم يكن بالرجل العظيم, وبأنه يستطيع أن يعلِّل جميع أعماله بعلة المصلحة الذاتية أو مصلحة الأسرة و العشيرة، ثم ختمه في فصل الميزان بأن أحدا لو أراد أن يمحو من سجل معاوية كل ما عمله لنفسه ولبنيه لما بقى فى هذا السجل عمل واحد تطول اللجاجة فيه حول النيات . وبأنه كان قويا, لا مشاحة في وصفه بالقوة على مثالها, ومثالها أنك تصوغها فى خيالك على صورة من الصور فتحضرك صورة الجمل الصبور, ولا تحضرك صورة الأسد الهصور".

وختم مقاله الأول بقوله: "وعلى ذلك؛ فإن معاوية ليس كما يقول العقاد وأنصار العقاد مِمَّن لا يبالون أن يزعزعوا عقائد المسلمين في أئمتهم وسلفهم الأولين؛ لأنهم يتناولون الأمور من ناحية الترويج والتهريج، لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمَّة، وأولئك هم المعتدون".

قلت: وإن أصابع الاتهام كلها تشير إلى سيد قطب حول خدمته للرافضة -قصد أم لم يقصد-، فمن هذا:

أولاً: موافقته الرافضة في الطعن في خلافة الخليفة الراشد ذي النورين عثمان بن عفَّان رضي الله عنه، وطعنه في طائفة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل تكفيره لبعضهم واتهامهم بالنفاق، وثناؤه على الثوار ضد عثمان.

وثانيًا: قيام علي خامنئي بترجمة كتاب "المستقبل لهذا الدين" للفارسية.

وثالثًا: قيام الدولة الإيرانية بطباعة صورة سيد قطب على طابع بريد رسمي.

رابعًا: الرسالة التي أرسلها سيد قطب إلى أبي القاسم الكاشاني الرافضي إبَّان تأميم النفط في إيران.

فحريٌّ بجمعية أنصار السنة –وهي التي تفتخر بأنها على عقيدة ومنهج السلف الصالح- أن تبرئ ذمَّتها أمام الأمة من هذا السكوت المريب عن سيد قطب وعقائده الباطلة، والتي من أخطرها سبّ طائفة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والفرصة ما زالت أمام القائمين عليها للتوبة من هذا الكتم للحق، ونشر مقال الأديب محمود شاكر، ونشر ردِّ سيد عليه الذي يؤكد أنه لم يتب من هذا السبِّ الشنيع للصحابة.

ومن أراد معرفة المزيد عن طعون سيد قطب في الصحابة، فليرجع إلى كتاب شيخنا العلامة ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله-: "مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وقد بيّن الأديب محمود شاكر في مقالاته "بين الرافعي والعقاد" أن سوء أدب سيد قطب وتعديه على مَن يخاصمهم سجية له. (انظر جمهرة مقالات الأستاذ محمود محمد شاكر (1/8-36/ ط مكتبة الخانجي).

وكذلك جمعية أنصار السنة تعلم جيدًا مدى الحقد الدفين الذي يحمله الإخوان القطبيون ضد الدولة السلفية السعودية، ورغم هذا تعاونوا معهم لهدم هذه الدولة، ولإقامة دولة الإخوان الماسونية.

فالدولة السعودية التي صارت شوكة في حلوق أهل البدع، اجتمع الإخوان مع الروافض على الكيد لها، فالإخوان يعتبرون نواة الدولة الإسلامية هي دولة الروافض في إيران أو دولة الصوفية الماسونية في السودان، أو دولة هاد في كنر الأفغان، والله المستعان.

وقد ربى محمد قطب عددًا من أبناء السعودية على المنهج القطبي الإخواني؛ كي يكونوا -فيما بعد- رءوسَ الفتنة وحملة الحزبية باسم السلفية، فربى سفر الحوالي وأمثاله، ممن ساروا مسعر حرب لتفريق أبناء المملكة، وإذا تكلَّم العلماء الربانيون بكلمة حق فيهم، قذفوا العلماء بأشنع التهم.



وأقول لكم -مؤكّدًا-: إن كنتم صادقين في هذا الاستنكار لهذه الجرائم، وفي هذه الإدانة التي قلتم فيها: "وتدين أنصار السنة المحمدية هذا الحادث وما سبقه من حوادث، وتذكر الجميع بحرمة الدماء وشيوع الفتن حيث لا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول فيما قُتِل كما حذّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم".

فيلزمكم ويجب عليكم شرعًا أن تعلنوا البراءة من حزب الإخوان المسلمين، ومن سيد قطب، ومن كل رموز ودعاة الخوارج الذين خرجوا من تحت عباءة هذا الحزب والذين قلتم فيهم: "دعاة على أبواب جهنم"، لكن لم تعيِِّنوهم !!

ويلزمكم أن تنشروا فتاوى ومقالات أكابر علماء السنة في التحذير من حزب الإخوان ومن سيد قطب، والدعاة القطبيين الذين تربوا على المنهج الإخواني القطبي التكفيري، نحو: أسامة بن لادن، ومحمد سرور، ومحمد عبدالمقصود، وفوزي السعيد، ومحمد حسَّان، وأبي إسحاق الحويني، وسعيد عبدالعظيم، وسلمان العودة، وعائض القرني، وسفر الحوالي، والعريفي، والمنجد ...إلخ.

وعلى رأس هذه الفتاوى والمقالات: فتاوى ومقالات كبار علماء مصر الذين عاصروا نشأة حزب الإخوان، وتبرءوا منه وحذَّروا منه في مهده، وهم: العلامة محمد حامد الفقي -مؤسس أنصار السنة-، ومحدث مصر أحمد شاكر، والعلامة محمد عبدالوهَّاب البنا.

وقد جمعت هذه الفتاوى في رسالة بعنوان: "فتاوى نادرة لثلاثة من كبار علماء مصر في التحذير من حسن البنا وحزب الإخوان"، يا ليت –إن كنتم صادقين- أن تتولى الجمعية طباعتها وتوزيعها مجانًا مع المجلة..

ويلزمكم البراءة من رموز الفكر السروري القطبي الذين ترعاهم جمعية إحياء التراث الكويتية، ومن هؤلاء أبو إسحاق الحويني، والذي تولت مجلة التوحيد تلميعه على أنه "العلامة المحدث".

وقد بيَّنت في كتابي "الحدود الفاصلة بين أصول منهج السلف الصالح وأصول القطبية السرورية" المعالم الرئيسة التي وافق فيها الحويني المنهج القطبي السروري، والتي منها:

أولاً: تكفيره المصر على المعصية، وما زالت فتواه في هذا الشأن موجودة على موقعه الرسمي رغم صدوري ردي عليه منذ حوالي خمس سنوات.

ثانيًا: رفعه شعار سيد قطب: "توحيد الحاكمية أخص خصائص توحيد الإلهية".

ثالثًا: تمجيده لرموز السرورية القطبية، مع تشويهه لفتاوى العلماء السلفيين، وسخريته من بعضهم.
وفي بيان أنصار السنة إلى وزير الأوقاف الذي كتبه جمال سعد حاتم: "ومجلة التوحيد التي هي امتداد لمجلة الهدي النبوي التي أسَّسها وأصدرها مؤسس الجماعة الشيخ محمد حامد الفقي، رحمه الله ...".

قلت: وجمال سعد حاتم -رئيس تحرير مجلة التوحيد- يدَّعي أن مجلة التوحيد هي امتداد لمجلة الهدي النبوي، فإن كان صادقًا في هذا الادعاء فلينشر هذا المقال النادر الفريد: "الإخوان المسلمون.. أم الإخوان المصريون بين الأمس واليوم" الذي نشره في مجلة الهدي النبوي في عددها الخامس.

وكذلك افتخر جمال سعد حاتم بأن محدث مصر أحمد شاكر –كان مديرًا لمجلة الهدي النبوي-، حيث قال: "وكذلك الشيخ أحمد محمد شاكر، مدير مجلة الهدي النبوي، وكان أبوه وكيلاً للأزهر، رحم الله الجميع"، فلينشر مقاله الذي سمَّاه: "الإيمان قيد الفتك"، يدين فيه جريمة الإخوان في اغتيال النقراشي.

ويلزمهم أيضًا أن ينشروا كلام شيخنا العلامة محمد بن عبدالوهَّاب البنا -رحمه الله- في تحذيرهم من الانسياق مع جمعية التراث الكويتية الإخوانية، والتي كانت سببًا في انحراف الجمعية عن منهج السلف الصالح.

وهذا نصُّ مقال الشيخ محمد حامد الفقي –رحمه الله- "الإخوان المسلمون -أو الإخوان المصريون- بين أمس واليوم" (ص163-166) المنشور في مجلة الهدي النبوي([13]) (العدد الخامس-جمادى الأولى سنة1365) حيث جاء فيه كشف تعاون حسن البنا مع النصارى وإظهار المودة لهم ابتغاء نصرة حزبه في الانتخابات، وهذا نصُّه بتمامه:

قال العلامة محمد حامد الفقي: "الله غايتنا-الرسول زعيمنا-القرآن دستورنا: تلك مبادئهم التي كانوا بالأمس يملأون بها الدنيا صياحًا، غدوًا ورواحًا ظاهرها حق لا شبهة فيه، والله أعلم بالقلوب وما تخفيه، فانظر كيف استحالت هذه المبادئ اليوم إلى تطورات ثلاث تناهض هذه المبادئ تمامًا: أولاها: تصريح المرشد العام لمجلة المصور ونشر في عددها الصادر يوم الجمعة 5 إبريل 1946 نثبته بنصه ليكون مصداقًا لقوله عز وجل: {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه ترجعون}:

مريت بك غالي والشيخ لويس فانوس و...أعضاء عاملون في جماعة الإخوان المسلمين!

كنا قد علمنا أن الإخوان المسلمين يساعدون الأستاذ لويس فانوس في ترشيحه لمجلس الشيوخ باعتباره عضوًا في الجماعة! فرجعنا في ذلك إلى فضيلة الأستاذ حسن البنا المرشد العام للإخوان فكتب يقول:

لهيئة الإخوان المسلمين أصدقاء كثيرون من غير المسلمين، والإخوان يعتبرون هؤلاء الأصدقاء: -أعضاء عاملين- معهم في كل الشؤون الاجتماعية التي تتفق مع مؤهلاتهم ويفسحون لهم المجال للإفادة بآرائهم وأفكارهم.

وقد اشترك (الأخ) ([14]) الأستاذ نصيف ميخائيل في التحضير لمؤتمر الإخوان بالغربية اشتراكًا فعليًّا بل لن أكون مبالغًا إذا قلت أنه هو الذي أعد المؤتمر.

ولا أنس ما (للأخ) الشيخ المحترم لويس فانوس بك الجولات في مؤتمرات الإخوان المسلمين، وما يقوم به من دعاية للجمعية في أنحاء مصر.

كما أن (الأخ ) مريت بك غالي يساهم في أعمال الإخوان، ولا تنس تبرعه في شراء الدار، ومساعداته الأدبية بتبادل الآراء والأفكار حول الإصلاحات الاجتماعية فضلاً عن أنه عضو في لجنتنا الاقتصادية كما يتعاون معنا في المشروعات الاجتماعية النافعة.

ولقد ذكرت هذه الأسماء على سبيل المثال لا الحصر، فإننا لا نجد أبدًا ما يحول بيننا وبين التعاون مع الوطنيين العاملين –مسيحيين كانوا أو مسلمين- ويتجلى هذا في جوالة الإخوان أكثر من ثلاثين جوالاً من إخواننا المسيحيين، أما في الانتخابات فالقاعدة العامة عندنا مساعدة مرشحي الإخوان أولاً وهم لا يرشحون إلا الأكفاء من المصريين، ويوم ينشر الإخوان قوائمهم للانتخابات سيجد الجميع أننا لا نعرف إلا المصلحة العامة، وسيجدون ضمن هذه القوائم أسماء إخواننا المسيحيين الذين يشتركون معنا في الجمعية([15]).

وبعد مرشحي الإخوان نساعد أصلح المرشحين وأقدرهم على خدمة المصلحة العامة بغير نظر إلى اعتبار آخر ديني أو حزبي إلا مصلحة مصر والمصريين...".اهـ

وثاني هذه التطورات ما نشرته مجلة آخر ساعة في عددها الصادر كذلك يوم الجمعة 5 إبريل 1946 وهو اقتراح قبطي على الأستاذ حسن البنا –المرشد العام للإخوان المسلمين- أن يسمى الإخوان المسلمين (الإخوان المصريين) حتى يتمكن كثير من الأقباط من الانضمام إليهم، وهذا الاقتراح هو وليد التطور الأول، ولا شك، وما الوقت الذي نفذ فيه اسمًا بعد أن تنفذ فعلاً ببعيد.

وأي صبغة بقيت للإخوان المسلمين بعد أن أصبح في ميسور كل إنسان –أيا كان دينه- أن يكون أخًا لهم فإذا اعترضهم قوله تعالى {إنما المؤمنون إخوة}، أوَّلوا المؤمنين بالمؤمنين بفكرتهم!!

وأما النصوص المحكمة التي وردت في التحذير من اتخاذ غير المؤمنين أولياء كقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء من دون المؤمنين ومن يتولهم منكم فإنه منهم}، فلعلَّ الأستاذ المرشد لا يعدم لها تأويلاً يستخدمها به لصالحه بما أوتيه من سعة الحيلة وقوة العارضة، وفوق كل ذي علم عليم.

أما التطور الثالث فهو ذلك الإعلان الذي نشرته مجلة الإخوان عن تمثيل رواية باسم المعز لدين الله الفاطمي منشئ القاهرة، وباني الجامع الأزهر، تأليف الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي –شقيق المرشد العام- المسرحية التي تصور الفكرة، وتجمع إلى روعة الفن جلال الدين تمثل على مسرح الأوبرا يوم الأربعاء أول مايو سنة 1946، إخراج منير، وألحان أحمد عبد القادر.

سهمان في صميم العقيدة ندع تصور تأثيرهما لذهن القارئ، وآخر في صميم العقيدة والأخلاق كليهما، ذلك هو التمثيل الذي جارت فيه بعض الجماعات الإسلامية أولئك المرتزقة الغاوين الذين امتهنوا هذه الصناعة –صناعة التمثيل الماجنة العابثة بالفضيلة القاضية على الآداب والتي لا تستمد حياتها إلا من الروايات المكذوبة والقصص الخيالية المختلفة ومهما نحل المبطلون هذا التمثيل من فوائد فلن ينهض ببعض ما يخلفه من مفاسد.

ولقد كنا ننتظر أن يكون الإخوان المسلمين معنا حربًا على هذه البدعة الضارة أو يقفوا منها موقف الحياد على الأقل لا أن يكونوا من الداعين إليها قولاً وعملاً، ولتفنيد حجج القائلين بفوائد التمثيل مقام غير هذا توليناه مبسطًا في عدة مناسبات، ولا زلنا نلاحق هذه حجج القائلين بفوائد التمثيل مقام غير هذا توليناه مبسطًا في عدة مناسبات ولا زلنا نلاحق هذه الحجج بالتفنيد وننحى باللائمة على كل داع إلى التمثيل وإن كره الأكثرون.

فإذا تجاوزنا التمثيل بصفة عامة إلى اختيار الرواية نفسها نرى اختيار الإخوان المسلمين لموضوعها يدعو إلى أشد العجب، إذ كيف يجعلون روعة الدين تتجلى بإعادة سيرة هذا العُبَيدي الخبيث مع علمهم بما جناه على الدين، وما أحدثه فيه من طوام بالتغيير والتبديل بمحض الهوى وطغيان الشهوة والنية المبيَّتة على إزالته تنفيذًا لوصية جدِّه ابن سبأ اليهودي الذي جرح الإسلام بتأريث الفتنة بين علي ومعاوية جرحًا لا زالت دمه يسيل إلى اليوم، وما كانت أعمال المزل لدين الله وأعمال خلفائه من بعده سرًّا خفيًّا بل تناولها التاريخ فدوَّن علماؤه -فرنجة وعرب- من جناياتهم على الدين ما يستحقون ببعضه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين؛ فاختيار هذا الخبيث الباطني([16])موضوعًا لروايتهم إما أن يكون جهلاً بسيرته وذلك ما نستبعده على جماعة الإخوان-بقطع النظر عمَّا يتأثر به العامة من إنشاء القاهرة وبناء الأزهر([17]).

وإما أن يكون تجاهلاً لغرض ليس للدين به أية صلة.

ولا يفوتنا أن نذكر أن الإخوان قد شعروا في الأيام الأخيرة بالنظر الشذر الذي يرمقهم به الناس من جراء التطور السريع الذي حدث في مبادئهم فأرادوا أن يغطوا موقفهم بترديد مقال للمرشد العام قاله منذ عشر سنوات.

ولا أرى ترديد ذلك المقال القديم يغني من الحق شيئًا إن كان الواقع يكذبه، والشواهد كلها إلب عليه([18]).

ولو أننا لا نخلي أغلب الهيئات التي تناوءهم من التحامل المغرض والخصومة التي ليس لها من سبب إلا الحسد وقصد التشهير للتشهير ذاته إلا أننا نشهد أنهم انحرفوا في الأيام الأخيرة عن الجادة التي كانوا من قبل قد رسموها لأنفسهم لا من حيث الاشتغال بالأمور السياسية فحسب، ولكن من حيث التراجع عن المبادئ القويمة التي كانوا ينادون بها ويجعلون ختامها (الموت في سبيل الله أسمى أمانينا)، والتراخي في الاستمساك بها تحت ضغط الظروف التي جعلت من الأستاذ نصيف ميخائيل والشيخ المحترم لويس فانوس بك وميريت بك غالي إخوانًا ينضوون تحت راية الإخوان المصريين".اهـ

قلت: إن إعادة نشر هذا المقال الفذّ لهو واجب على عبدالله شاكر وجمال سعد حاتم ومن معهما من أعضاء مجلس إدارة جمعية أنصار السنة إن كانوا سلفيين كما يزعمون !!

وقد قال الله عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}.

وعن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي المَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا، لاَ نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ».

وأقول لكم: استحوا من الله عز وجل، فإن الحياء من الله من صميم الإيمان!

آلآن تتباكون على دماء الأبرياء .. وأنتم مِمَّن مهَّد للفتنة وأُركس فيها، وأجَّج نارها بالفتاوى الباطلة التي تؤيد مسلك هذا الحزب الإخواني الضال، وتجعله ممثلاً للإسلام!

وقول رئيس تحرير مجلة التوحيد في البيان المرسل إلى وزير الأوقاف: "فأنصار السنة جماعة دعوية لا تنتمي إلى فكر حزبي، ولا تكتُّل سياسي، وإنما هدفها الوحيد هو الدعوة إلى الله سبحانه بالحكمة والموعظة الحسنة".

أقول: هذا حقٌّ في أول نشأتها، أما بعد تولِّي صفوت نور الدين فقد تحول مسارها إلى جمعية إحياء التراث التي حيَّدتها عن منهجها السلفي إلى مضايق الحزبية القطبية المقيتة، وجعلتها كالإمعة التي تحركها –كما تريد- لتحقيق المصالح السياسية الخاصة بحزب الإخوان المسلمين على حسب ما يقتضيه دورها في كل مرحلة من المراحل.

وسئل مرزوق -الأمين العام لجمعية أنصار السنة- في حواره لجريدة الوطن (المنشور في مجلة التوحيد العدد (524) شعبان 1436) تحت عنوان: "أنصار السنة في الميزان":

"بعض الجماعات الجهادية تنسب نفسها إلى السلفية كداعش وغيرها، فما الفرق بين سلفية هذه التيارات وبين منهج جمعيتكم؟

فأجاب مرزوق: "إن تسمح لي في تعديل صيغة السؤال قليلاً فنقول: ما الفرق بينهم وبين المنهج الإسلامي الوسطي الذي تسير عليه جمعيتكم؟ لأن في الحقيقة منهجنا ليس خاصًّا بنا، بل هو منهج نبوي مبني على الكتاب والسنة يلزمنا ويلزم كل مسلم متبع لرسوله صلى الله عليه وسلم، وكل من خالف الكتاب والسنة فقد انحرف عن المنهج السلفي الصحيح، وهذه قاعدة عامة وبصرف النظر عن المسميات الكثيرة التي انتشرت في الساحة الإسلامية في الأيام المتأخرة، والحكم عليهم يجب أن يكون بعرضه على المنهج الحق، فمن وافقه فهو من أهله، ومن خالفه فليس من أهله، ومن خالفه فليس من أهله، فكما قالوا: "اعرف الحق تعرف أهله".

ولعل هذه القاعدة تريح من أسئلة كثيرة تدور في أذهاننا عن الفرق بين أنصار السنة وجميع التيارات السلفية الحركية والسياسية، وغيرها من الأسماء المتعددة المنتشرة الآن، فنقول: عمومًا جمعيتنا جمعية دعوية لا علاقة لها بالمشاركات السياسية ولا تحسنها، بل لا وقت عندها لذلك ...".

قلت: هذه إجابة سياسية لم تشف السائل؛ حيث إن سؤاله كان حول انتساب بعض الفرق الخارجية كتنظيم "داعش" إلى السلفية، فكان الواجب على المجيب -إن كان سلفيًّا- أن يبين شيئًا من أصول الخوارج التي يسير عليها تنظيم "داعش" وأشباهه، نحو: "الجبهة السلفية للقتال"، ومفارقتها لأصول المنهج السلفي، وبهذا تسقط دعاوى هذه التنظيمات بالانتساب إلى السلفية.

وقوله: " ولعل هذه القاعدة تريح من أسئلة كثيرة تدور في أذهاننا عن الفرق بين أنصار السنة وجميع التيارات السلفية الحركية والسياسية.."، كأنه يومئ فيه إلى صحة تسمي هذه التيارات الحركية بـ"السلفية"، وهذا يزيد السائل بلبلة على بلبلته، بجانب إصرار -هذا الأمين العام- على عدم التعرض لذكر حزب الإخوان المسلمين، حماية لجنابه من النقد، أو لعله أن يكون إخوانيًّا متسترًا كحال الكثير من أدعياء السلفية الذين ينتسبون إلى جمعية أنصار السنة.

وأقول للأمين العام: أجب بنزاهة وتجرد عن هذه الأسئلة:

ألم يكن عبدالله شاكر -رئيس أنصار السنة الحالي- هو الرئيس العام لمجلس شورى العلماء؟! وهؤلاء العلماء هم رءوس الفتنة، وقد شاركهم بالإفتاء بفتاوى الخروج في المظاهرات والاعتصامات والثورات، وتأييد حزب الإخوان المسلمين في ضلاله، وساندوه في غشِّه وخداعه للمسلمين باسم الإسلام !!

ألم يوقع عبدالله شاكر على البيانات المناصرة لحزب الإخوان المسلمين، ولرئيسه المنتخب، ومنها: البيان الثاني والثلاثون –والذي شاركه في التوقيع عليه- ثلة من هؤلاء الخوارج التكفيريين؟!

أليست هذه من المشاركات السياسية عند الأمين العام؟!

وهل كان عبدالله شاكر -الرئيس العام- عنده سعة من الوقت لهذه المشاركات في ذاك الوقت، ثم عند سقوط هذا الحزب، ضاق الوقت عنده لها ؟!

فإن قلت: عبدالله شاكر يمثل نفسه لا يمثل الجمعية.

قلنا: إن كنت صادقًا فتبرأ من صنيعه، واكتب بيانًا يبين عدم مسئولية الجمعية عن تصرفات رئيسها السياسية !!

ومنذ حوالي إحدى عشر عامًا في زيارة شيخنا محمد البنا -رحمه الله- مصر، زرنا معه المقر العام لجمعية أنصار السنة، وقد هرب القوم من لقاء هذا العالم الرباني والذي يعد مؤسِّسًا لأنصار السنة مع الشيخ محمد حامد الفقي، وأبقوا -على استحياء- عبدالعظيم بدوي -الوكيل العام للجماعة-، وقدَّم الشيخ النصيحة الخالصة له بأن تترك الجماعة إحياء التراث ومعوناتها، ولو أن تأكل الملح ... وعبدالعظيم بدوي ومَن معه في وادٍ بعيد وكأنهم يقولون: { قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ}.

وقد قلت وقتها لعبدالعظيم بدوي: لماذا لا تنشر مجلة التوحيد فتاوى العلماء الثقات في التحذير من منهج سيد قطب، وأسامة بن لادن ... إلخ؟ فسكت، ثم أنهى اللقاء دون أدنى إقرار بأي كلمة حقٍّ قيلت في هذا المجلس، والذي يعتبر آخر مجلس جلسه شيخنا محمد البنا -رحمه الله- في هذه الجمعية.

ولَمّا ذكرت نقدًا لجمعية إحياء التراث في كتابي "التفجيرات من منهج الخوارج والبغاة وليست من منهج السلف الصالح" والذي راجعه وقدَّم له: فضيلة الشيخ العلامة محمد بن عبد الوهاب البنا -رحمه الله-، وشقيقه فضيلة الشيخ حسن بن عبد الوهاب البنا –حفظه الله-، أبدى جمال المراكبي -الرئيس السابق للجماعة- اعتراضًا على هذا النقد، فجالسته للمناصحة بناء على طلب شيخنا الوالد حسن، فتمت هذه الجلسة، وتحدثنا في شأن سيد قطب ونصرة إحياء التراث لمنهجه، فطلب مني أن أثبت له صحة ما ذكرت من نقد في حق هذه الجمعية في بحث مكتوب، وبالفعل كتبت ما طلب، وراجعه شيخنا الوالد حسن، وأرسلته إليه مشفوعًا برسالة من الشيخ حسن، وانتظرت ردًّا منه أو تراجعًا، وطال انتظاري دون جدوى، فلا حياة لمن تنادي.

وكذلك تناصحت مع عبدالله شاكر بناء على طلب شيخنا الوالد حسن، لكن دون جدوى أيضًا.

وقد كتب الشيخ عادل السيد -جزاه الله خيرًا- كتابًا ماتعًا سماه: "الحاكمية والسياسة الشرعية عند شيوخ جماعة أنصار السنة المحمدية"، وضح فيه منهج علماء أنصار السنة قبل اختراق جمعية إحياء التراث القطبية للجماعة، فتبرأ عبدالله شاكر ومَن معه من الكتاب وحاربوه، وآذوا مؤلِّفه؛ خدمة لأعداء السنة وإعلاءً للبدعة.

وما زال شيخنا الوالد حسن والشيخ عادل السيد يناصحان عبدالله شاكر بدءً من أحداث ثورة يناير 2011، ومرورًا بثورة 30 يونية، لكن لم يجدوا منه إلا تمسكًا بالحزبية ونصرةً لأهلها، مع عداوة السلفيين، لكن لمّا سقطت دولة الحزبيين، رجع القهقري بخفي حنين، محاولاً ستر هزيمته متملقًا للسلفيين وللمنهج السلفي بهذه البيانات التي صدرت باسم الجمعية، محاولاً تحسين صورتها بعد أن غرقت في أوحال الحزبية البغيضة، لكن هيهات هيهات، إلا أن يتوبوا توبةً صحيحة بشروطها المعلومة !!

فلا مخرج لعبدالله شاكر وإخوانه في أنصار السنة إلا أن يلتزموا أمر الله في قوله تعالى: {تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

وأقول لهم: إن كنتم تسيرون في طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حقًّا، فتبرءوا من حزب الإخوان –الخائن لدين الإسلام ولبلاد الإسلام، والموالي لأعداء الإسلام من يهود ونصارى وروافض-، وتبرءوا من سيد قطب ومنهجه الخارجي التكفيري، وأعلنوها صريحة دون مواربة ولا تورية.

وأذكِّرهم بالوعيد الشديد على هذه الخيانة من كتم الحق وتزيين الباطل، والدفاع عن قوم بهت:

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُون}.

وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ}.

وقال: { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ}.

وعلى الله قصد السبيل.

وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.

وكتب

أبو عبدالأعلى خالد بن محمد بن عثمان المصري

ليلة السبت 23 شوال 1436هـ




([1]) أي: أنه يجيز تعدد الأحزاب في دولتهم، وهذه الأحزاب فيها العلماني، والشيوعي، والنصراني، والرافضي... إلخ. فهل أمثال هؤلاء يوصفون بأنهم يدخلون في الفرقة الناجية والطائفة المنصورة التي تقاتل على الحقِّ؟!

([2]) هذه النقولات عن علي بن حاج بواسطة $مدارك النظر في السياسة# (ص269-271/ط الفرقان المصرية).

([3]) ما ندري ما هي صفة هذه البصيرة؟! أهي وحي من الله t؟!

كيف هذا وقد انقطع الوحي واكتملت الرسالة بنزول قول الله تعالى: ï´؟ï» ï¼ ï½ ï¾ ï؟ ﮀ ï®پ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ﴾ [المائدة:3].

ولا يحل لأحد بعد وفاة رسولنا ج أن يدَّعي أنه أوتي ببصيرة من الله حكمًا شرعيًّا لم يأمر به الرسول ج.

([4]) وهذا تكفير ظاهر لدولة بني أمية، مما يوحي أن سيدًا كأنه يكفِّر عامة المجتمعات الإسلامية بداية من دولة بني أمية، فالأمر لا يتعلق بهذا الزمان الذي فشت فيه فتنة القوانين الوضعية.

([5]) هل يجوز وصف أحد كتَّاب الوحي، وأحد الصحابة الذين أثنى عليهم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بأنه بريء من الإسلام والإسلام بريء منه، وببعد روحه عن حقيقة الإسلام؟! أليس فِي هذا الكلام تكفير صريح لمعاوية ^؟! وهكذا يؤكد سيد منهجه الغالي في التكفير.

([6]) أرأيت -أيها القارئ اللبيب- كيف يعترف بأن روح الإسلام قد تحطمت على يد معاوية، وهذه بداية خروج المجتمع الإسلامي عن الإسلام ودخوله في ركام الجاهلية، حيث إن روحه تحطمت، ولا حياة بدون روح، ولذلك أطلق سيد على هذا الصنيع: الكارثة، وهي أنه تم القضاء على الإسلام بعد ثلاثين سنة فقط من ظهوره.

([7]) هكذا يقرر سيد أن روح الإسلام قد خنقت خنقًا على أيدي معاوية وبني أمية، ولم يمض عليه ثلاثون عامًا، وادعى في موضع آخر أن هذا الإزهاق لروح الإسلام بدأ في عهد عثمان على أيدي مروان وبني أمية، ثم بلغ الخنق مداه في عهد معاوية، وهكذا ظلَّت روح الإسلام مُحطمة مخنوقة طوال القرون السابقة مرورًا بعهد بني العباس، إلى زمان سيد قطب، وهكذا انقطع الإسلام منذ قرون كما قال سيد في موضع آخر من "العدالة الاجتماعية÷ (ص185- ط دار الشروق 1415): "ونحن نعلم أن الحياة الإسلامية -على هذا النحو- قد توقفت منذ فترة طويلة في جميع أنحاء الأرض، وأن وجود الإسلام ذاته -من ثَمَّ- قد توقف كذلك"، وقال في معالم في الطريق (ص3): "ووجود الأمة المسلمة يعتبر قد انقطع منذ قرون كثيرة÷، وقال (ص4): "فقد غابت الأمة المسلمة عن الوجود وعن الشهود دهرًا طويلاً÷، وإن كان قد استدرك بعض الفترات التي صارعت فيها الأمة التتار والصليبيين، واعتبر أهلها يمثلون الإسلام كما في كتابه "المستقبل لهذا الدين"، وهكذا قد امتلأت كتبه بالتناقضات التي تبين أنه يكتب من منطلق عاطفي لا يَحكمه منهج، ومن ثَمَّ وقع في هذا الغلو الشنيع في تكفير المسلمين.

وتأمل دعواه غياب الأمة وانقطاعها عن الوجود منذ عهد علي ^، وأن بداية هذا الغياب كانت بذرته في خلافة عثمان ^، وقارنها بدعوى الرافضة في عدم اعترافهم بكل الحكومات الإسلامية بداية من عهد أبي بكر، ومرورًا بعهد عمر ثم عثمان، إلا خلافة علي، ثم بعد مقتل علي، انقطعت الخلافة، إلى أن يخرج غائبهم المنتظر الذي دخل السرداب.

وكذا قارن اتفاق سيد مع الرافضة في سب بعض الصحابة بل تكفيرهم، تجد أنه بلا ريب ثَمَّ علاقة وطيدة تمت بين سيد والرافضة، وأنه لا يبعد أن يكون عميلاً مخلصًا لهم قذفوا به إلى بلاد الإسلام ليمهد لهم رويدًا رويدًا بهذه العقائد المستمدة من أصولهم، ولو بدأ حينما بدأ بسب أبي بكر وعمر لانكشف أمره، لكن عقيدة التقية تحتم على الروافض التظاهر بموافقة أهل السنة في بعض معتقداتهم حتى تسنح له فرصة تضليلهم رويدًا رويدًا.

ويؤكد هذا التخمين قيام الرافضة في إيران بتمجيد كتب سيد، بل قام إمام الكفر والضلالة الخميني بكتابة مقدمة لكتاب "المستقبل لهذا الدين÷ لسيد، وقاموا بوضع صورة سيد على طابع بريدي تذكاري، فهل مثل هذه الأمور حدثت اتفاقًا لا قصدًا؟! هذا مِمَّا يُستبعد.

([8]) قائل هذه العبارة: الشيخ محمود شاكــــر.

([9]) هكذا يواصل سيد تأكيد اعتقاده الخارجي في تكفير المجتمعات الإسلامية منذ بني أمية إلى وقتنا هذا، وهنا يصرح بلا تورية بأن معاوية وبني أمية ارتدوا إلى الجاهلية، واتهم معاوية وعصبته وعمرو بن العاص بأنهم لا يحكمهم دين، أي أنهم لا يمتثلون للإسلام بل لتصورات الجاهلية.

([10]) وهذا تكفير ظاهر لأبي سفيان ^.

([11]) هكذا يقر الشيخ محمود شاكر هذا الفهم من منطوق سيد الصريح في اتهام معاوية، وأبي سفيان، وعمرو بن العاص، وهند بأنهم برآء من دين الله، وأنهم وقعوا في النفاق؛ فهل مثل هذا الشاتم لأصحاب رسول الله المتهم لهم بهذه التهم العظيمة المكفِّر لعامة المجتمعات الإسلامية منذ زمن بني أمية، أيصلح أن يكون إمامًا مُجددًا للدين؟!!.

وهل يصح أن يقول محمد حسَّان في حقِّه: "الرجل الذي قدَّم دمه وفكره وعقله لدين الله÷، ثم يقول: "وأنا أشهد الله أني أحبُّ هذا الرجل في الله مع علمي يقينًا أن له أخطاء...؟!!÷.

([12]) أخرج الخلال في السنة: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد الله: أيما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: معاوية أفضل، لسنا نقيس بأصحاب رسول الله أحدًا، قال النَّبِي: "خير الناس قرني الذي بعثت فيهم÷. (661) أخبرني عصمة بن عصام قال: ثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد الله وسئل: من أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ قال: من رأى رسول الله، وقال رسول الله: "خير الناس قرني÷.

ومثله: (662، 663)، وقال برقم (664): أخبرني أبو بكر المروذي قال: كتب إلينا علي ابن خشرم "المروذي÷ قال: سمعت بشر بن الحارث "الحافي÷ سئل المعافى وأنا أسمع أو سألته: معاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: كان معاوية أفضل من ستمائة مثل عمر بن عبد العزيز. إسناده صحيح، المعافى هو ابن عمران بن نفيل الأزدي.

وهكذا تدرك الفرق بين العالم السلفي مثل الإمام أحمد وبين أمثال سيد قطب من أنصار التشيع المحترق.

وكذا قال الخلال (670) أخبرني مُحمَّد بن علي ثنا مُحمَّد بن العلاء عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق: ما رأيت بعده مثله -يعنِي: معاوية- وإسناده صحيح.

وبرقم (675) أخبرنا عبد الله ثني أبي ثنا وكيع عن أبي المعتمر الحسوي قال: واسمه يزيد بن طهمان عن ابن سيرين قال: كان معاوية لا يتهم في الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإسناده صحيح.

فهذه نبذة يسيرة من كلام السلف في حقِّ معاوية لا تجد فيها هذا الحقد الرافضي الموجود في كلام سيد قطب.

([13]) لسان حال جماعة أنصار السنة المحمدية في عهد الشيخ محمد حامد الفقي.

([14]) هكذا يثبت الإخوة للضالين الذين يقولون: إن الله هو المسيح بن مريم، أو إن الله ثالث ثلاثة.

([15]) ما رأي المتعصِّبين لحزب الإخوان في صنيع حسن البنا هذا، ألا يعد هذا من موالاة الكافرين؟! أليس في قوله عن النصارى: "إخواننا المسيحيين" إذابة لعقيدة الولاء والبراء التي اتخذها الإخوان ومن تفرع عنهم من قطبيين وسروريين...إلخ ذريعة لتكفير الحكَّام بل لتكفير العلماء حيث إنهم ادعوا عليهم أنهم يوالون النصارى.

([16]) قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (11/397) في حوادث سنة 402: "وفي ربيع الآخر منها كتب هؤلاء ببغداد محاضر تتضمن الطعن والقدح في نسب الفاطميين، وهم ملوك مصر وليسوا كذلك، وإنما نسبهم إلى عبيد بن سعد الجرمي، وكتب في ذلك جماعة من العلماء والقضاة والأشراف والعدول، والصالحين والفقهاء والمحدِّثين، وشهدوا جميعًا أن الحاكم بمصر هو منصور بن نزار الملقب بالحاكم -حكم الله عليه بالبوار والخزي والدمار- ابن معد بن إسماعيل بن عبد الله بن سعيد، لا أسعده الله، فإنه لما صار إلى بلاد المغرب تسمى بعبيد الله، وتلقب بالمهدي، وأن من تقدَّم من سلفه أدعياء خوارج، لا نسب لهم في ولد علي بن أبي طالب، ولا يتعلقون بسبب وأنه منزه عن باطلهم، وأن الذي ادعوه إليه باطل وزور، وأنهم لا يعلمون أحدًا من بيوتات علي بن أبي طالب توقف عن إطلاق القول في أنهم خوارج كَذَبة، وقد كان هذا الإنكار لباطلهم شائعًا في الحرمين، وفي أول أمرهم بالمغرب منتشرًا انتشارًا يمنع أن يدلس أمرهم على أحد، أو يذهب وهم إلى تصديقهم فيما ادعوه، وأن هذا الحاكم بمصر هو وسلفه كفَّار فسَّاق فجَّار ملحدون زنادقة معطلون وللإسلام جاحدون، ولمذهب المجوسية والثنوية معتقدون، قد عطَّلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وأحلوا الخمر وسفكوا الدماء، وسبُّوا الأنبياء، ولعنوا السلف، وادعوا الربوبية".اهـ

([17]) هكذا يذيب حسن البنا عقيدة البراء من النصارى، ومن رموز الفكر الشيعي الباطني في سبيل استرضاء الجماهير لجلب أكبر عدد من الأتباع للحزب؟!

فما هو موقف جمعية أنصار السنة من هذا؟

([18]) وفي هذا ردٌّ على مَن يحتج ببعض شعارات الإخوان النظرية التي يخدعون بها السُّذَّج نحو قولهم: نحن دعوتنا قائمة على الإصلاح والبناء، وقولهم: القرآن دستورنا، ومحمد قائدنا..إلخ، وهل القرآن أمر بمصافاة النصارى وإثبات الإخوة لهم؟!