الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعدُ:فنجد ممن ينتسب إلى الإسلام ميوعة وانحدارا بل ترديا وسقوطا في هوة الرذيلة وشِراك مساوي الأخلاق، وفي الطرف المقابل نجد شدة ونلمس جفوة ونلحظ قسوة من بعض إخواننا ممن ينتسب إلى المنهج السلفي، ومن بعض من يسير معنا على هذا المنهج القويم والصراط المستقيم، والمنهج السلفي منهم براء.فالمنهج السلفي مبني على الرفق واللين وخفض الجناح للمسلمين والتواضع للسلفيين، يقول الله عز وجل: { واخفض جناحك للمؤمنين } وقال الله تعالى: { واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين }.وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه)) أخرجه مسلم.قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله ((المجموع)) (ص 14/90): ((السلفية تحتاج إلى عقلاء؛ تحتاج إلى رحماء؛تحتاج إلى حكماء؛ تحتاج قبل ذلك إلى علماء)) اهـ.قال العلامة عبيد الجابري حفظه الله ((مجموعة الرسائل الجابرية)) (ص 163): ((الله الله في السنة وعليكم بالرفق وعليكم بالحكمة وتعاونوا فيما بينكم على البر والتقوى وإذا أخطأ السلفي فلا تشهر خطأه في العامة والخاصة فإن السلفي ترده السنة)) اهـ.وهذه بعض أسباب القسوة ممن ينتسب للسلفية، جمعتها من بنات أفكاري ولعلي أكون قد أصبت كبد الحقيقة، وهي: 1) أنه ممن كان يتبني فكرا مخالفا للمنهج السلفي إما تكفيريّا أو حداديّا أو غيرهما.2) أنه ممن كان منغمسا في المنكرات يشرب المسكرات ويتعاطي المخدرات.3) أنه ممن كان شاطرا يسلب أموال الناس ويسرق متاعهم ويقطع طريقهم.4) أنه ممن كان صاحب خصومة وشجار.5) أنه ممن كان يتلذذ في غيبة الناس بذكر معايبهم ونشر مثالبهم. 6) أنه ممن عاش في بيئة يغلب فيها الجهل ويكثر فيها الإجرام.7) الجهل بالمسائل التي يسوغ فيها الخلاف.8) عدم الجثو على الركب في حلق العلم والجلوس إلى أهل العلم والتأدب بآدابهم.9) الإخلال في دراسة كتب الاعتقاد والآداب والأخلاق.10) صحبة أناس قست قلوبهم وتأثر بهم وقد قيل: الصاحب ساحب.11) القراءة في بعض الكتب التي في عباراتها شدة وقسوة على أهل العلم، والتأثر بها.12) ترك بعض الخيرين علاج هذا الداء العضال وبعدهم عنه والنأي بأنفسهم والخلود للراحة.فانظر يا عبد الله في حالك وتأمل في نفسك لعلك تكون منهم أو معهم.فاتقِ الله في نفسك، واتقِ الله في إخوانك، وارحم نفس، وارحم إخوانك، ((فالراحمون يرحمهم الرحمن))فاحذر أخي أن تتشدد على إخوانك السلفيين، وارفق وترفق بإخوانك وخذ بأيديهم، ولا تكن صادا لهم عن سبيل الله والوصول إلى الحق، فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني والله لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا فيها، قال: فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قط أشد غضبا في موعظة منه يومئذ ثم قال: ((يا أيها الناس إن منكم منفرين)) متفق عليه.نعم إن ممن ينتسب إلى السلفيين منفرين، غلاظ قلوبهم قاسية أفئدتهم، لا يعرف من السنة إلا اسمها، ولا من السلفية إلا رسمها.نجد من البعض يرد على السلفي بغلظة وقسوة وكأن أخاه صاحب بدعة، ويقع في عرضه وينهش لحمه ويلغ في دمه.فمعرفة هذه الأسباب لهذا الداء العضال ولهذا المرض الفتاك هي الخطوة الأولي للعلاج، وبداية الطريق للوصول إلى الحق، واللبنة الأساسية لبناء أمة كالجسد الواحد.والعلم بأسباب العلاج والعمل بها، هي الحصن الحصين والسد المنيع – بإذن الله - لهذا الطوفان الجارف وضد هذا الفكر المنحرف.وهنا أذكر لك أخي السلفي جملة من أسباب العلاج سائل الله التوفيق والسداد:1) دعاء الله عز وجل أن يشفي من ابتلي بهذا الداء وأن يهديهم صراطه المستقيم.2) ثني الركب عند أهل العلم وحضور حلق الذكر.3) قراءة الكتب التي تحث على حسن الخلق وتعالج كثيرا من أمراض النفوس في المساجد والمجالس.4) نشر مزيد من الكتيبات والمطويات التي ترغب في حسن الآداب وترهب من سفاسف الأخلاق.5) إدمان المطالعة في كتب العقيدة والأخلاق والآداب، والقراءة في سير الصالحين.6) كثرة ذكر الله عز وجل وخاصة كتاب الله والتأمل في آياته.7) البعد عن مواطن التي يغلب فيها الجهل، وسكن المناطق التي يغلب فيها الخير.8) ترك صحبة من تمكن هذا الداء في قلبه وتشبعت نفسه به.9) صحبة من تشرب السلفية وتمكنت السنة فيه ظاهرا وباطنا..10) بذل الجهد من الخيرين لعلاج هذا المرض الفتاك وإفراغ وسعهم لمقاومة هذا الداء الخطير.11) الصبر مع الرفق في علاج هذا المرض.12) إذا لم ينجح الرفق في علاج هذا الداء يجنح المعالج حينها إلى الشدة، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((مجموع الفتاوى)): ((فإن المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى. وقد لا ينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة)) اهـ. قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله ((المجموع)) (ص 14/90): ((السلفية تحتاج إلى عقلاء؛ تحتاج إلى رحماء؛تحتاج إلى حكماء؛ تحتاج قبل ذلك إلى علماء)) اهـ.هذا جهد المقل لتشخيص هذا المرض الفتاك والداء العضال الذي ينخر في صفوف السلفيين ويُقوّض بنيانهم، وبيان شيء من أسباب العلاج، ولعله يكون ذكرى لي ولإخواني ممن ابتلوا بشيء من هذه الشدة التي ليست في محلها ولا في موقعها، ولعل هذه الكلمة تلقى آذانا صاغية وقلوبا واعية، فتستكين لربها، وترجع لبارئها، وتأخذ بسنة نبيها صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتتمسك بالسلفية التي هي الإسلام بلا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا جفاء.هذا وأسأل الله أن ينزع الغل والحقد من قلوبنا، وأن يؤلف بيننا، هذا وإن أصبت فمن الله المنان، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان، وبالله التوفيق وعليه التكلان، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . كتبه عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار طرابلس الغرب: يوم الخميس أول أيام عيد لأضحي 10 ذي الحجة سنة 1436 هـ الموافق لـ: 24 سبتمبر سنة 2015 م ش