النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    1,205

    افتراضي لا تحزن واطمئن فكلنا بين محب ومغض

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين القائل :{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} (1) .
    والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وسلم القائل : (( الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ )). البخاري (3336)باب بَابٌ: الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ ومسلم : (2638).(2).
    وبعد :
    في هذا الحديث العظيم يخبر المصطفى أن الأرواح جنود مجندة أي حين خلقتها على نوعين مؤتلفة ومختلفة لذلك تجد الخيّر من النّاس يحب أهل الخير ويميل إليهم ، والشرير يحب الأشرار ويميل إليهم ، والله هو الذي يبتدئ هذا الحب والود ، وذلك البغض والكره بين تلك الأرواح ثم يجعله بين أهل الأرض فتتعارف وتأتلف، وتتناكر فتختلف ، لذلك ترى كل منا يحب ويبغض وهو بين محب ، ومبغض يميل حيث مالت به ريح جنده ،حبا وودا ، وبغضا وكرها .
    واعلم أيها المحب من أحبابه ، والمبغض من خصومه وأعدائه أنك إذا عرفت أن العبد المؤمن بين محب ومبغض ، وبين مؤالف ومخالف ، اطمئن قلبك واستراحت نفسك لطاعة ربك ، فآثرت رضاه على رضا غيره ، ولم تهتم ولم تغتم لثناء النّاس وذمهم ومدحهم وشينهم ، فلا يتم لك ثناء حتى يسبقه أو يتبعه ذم ، ولا يذمك أحد حتى يمدحك غيره ، وهذه سنة الله في خلقه فلن يرضى عنك كل النّاس ، بل إذا رضي عنك محبوك فلا بد أن يسخط عليك مبغضوك ؛ وإذا أثنى عليك أحبابك فلا بد أن يذمك مبغوضك ، ومن ظن أن النّاس كلهم يجتمعون على محبته أو كراهته فهذا ظن فاسد وخطأ بين ، وعليه أن يصحح الطريق الذي فيه ويُرضي ربه ويؤثر رضاه ولا يؤثر رضا الخلق على رضاه ، فمن طلب رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط عليه الناس .
    عن عائشة َ - رضي الله عنها- قالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : ((من التمس رضَا الله بسخط النَّاس رَضِي الله عَنهُ وأرضى عَنهُ النَّاس وَمن التمس رضَا النَّاس بسخط الله سخط الله عَلَيْهِ وأسخط عَلَيْهِ النَّاس)).صحيح-((الصحيحة)) (2311) وصحيح الجامع( 2024).
    وليعلم العبد وخاصة - طالب العلم - أَن رضَا النَّاس عَنهُ غَايَة لَا تدْرك ومطلوب لَا يملك فقد يُرْضِي بَعضهم مَا يسْخط الآخرين ، وقد يكونوا من ذوي القربى في النسب والدين ولكن ممن تناكرت أرواحهم وصدق من قال .
    وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ... على النفس من وقع الحسام المهند.
    وقال آخر:
    ولم تزل قلة الإنصاف قاطعة ... بين الرجال، ولو كانوا ذوي رحم.
    وليعلم العبد ((وخاصة طالب العلم ، وأخص منه السلفي بحق لشدة غربته)) أنه حتى لو رضي عنه ربه وأحبه وجعل له الود والقبول في الأرض فإنما ذلك من الأرواح المجندة لمحبته والتي هي على شاكلته ، وقد تكون قليلة غريبة لغربة أهلها كحال أهل السنة السلفيين اليوم ، وليس ذلك من جميع المسلمين فالعبد بين محب مبغض ولا يجتمع على حبه وبغضه من بأقطارها.
    وقد ورد في الحديث الصحيح ...كما في البخاري (3209- ) باب المقة من الله و(6040-7485)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (( إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي الأَرْضِ )).
    وفي رواية لمسلم: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إنَّ الله تعالى إذا أحب عبداً دعا جبريلَ، فقال: إنّي أُحِبُّ فلاناً فأحببهُ، فيحبُّهُ جبريلُ، ثمَّ ينادي في السماءِ، فيقول: إنَّ اللهَ يحبُّ فلاناً فأحبوهُ، فيحبُّهُ أهلُ السماءِ، ثمَّ يوضعُ لهُ القبولُ في الأرضِ، وَإِذَا أبْغَضَ عَبْداً دَعَا جِبْريلَ، فَيَقُولُ: إنّي أُبْغِضُ فُلاناً فَأبْغِضْهُ. فَيُبغِضُهُ جِبريلُ ثُمَّ يُنَادِي في أَهْلِ السَّماءِ: إنَّ الله يُبْغِضُ فُلاناً فَأبْغِضُوهُ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ البَغْضَاءُ في الأَرْضِ)) .
    قَالَ أَبُو عُمَرَ بن عبد البر في التمهيد : هَذَا كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى الْعُمُومِ وَمَعْنَاهُ الْخُصُوصُ أَيْ حَبَّبَ أَهْلَ الطَّاعَةِ إِلَى أهل الإيمان وبغض إليهم أهل النفاق والصعيان ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(( الْقُلُوبُ أَجْنَادٌ مُجَنَّدَةٌ مَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ )) انتهى كلامه ..
    فالعبد مهما أطاع الله وحجم عن معصيته لا بد أن يوجد له أعداء وخصوم حتى من أقرب النّاس إليه ، بل ذلك من البلاء الموكول بالعبد المؤثرِ للحق على غيره ؛ والمتمسك بالسنة القابض على الجمر في حال غربته حتى بين أهله وأقاربه وإخوانه المؤمنين فلا يمكن أن يجتمع النّاس كلهم على محبته ، والعكس صحيح ، بل ربما مبغضوه أكثر من محبيه وذلك لكثرة فساد الحال واختلاف القلوب في آخر الزمان ، فإذا عرف هذا لم يستوحش الطريق من قلة السالكين بل عليه أن يصبر نفسه ، ومن يتصبر يصبره الله تعالى .
    وليعلم أن مناداة الله جل وعز لجبريل بمحبة فلان ، ومناداة جبريل الملائكة وإخبارهم بأن الله يحب فلانا أن هذا على الحقيقة ، ابتدأها الله تعالى بما يقوم به العبد من طاعة وعمل صالح ، وتمسك بالحق ؛ثم يجعل له القبول في الأرض في قلوب أهل طاعته من الأرواح التي جُندت لمعرفته ومحبته ، والبغض في أهل معصيته ، من الأرواح التي جندت لنكرانه والبغض له وعليه يكون الحب والبغض ، والولاء والبراء ، والعبد المؤمن تجتمع فيه المعصية والطاعة فيُحب بقدر طاعته لربه وإيثاره رضاه على غيره ويبغض بقدر معصيته وبعده عن ربه وإيثار رضا غيره عليه ..
    ولا يظنن أحد أن الله يجعل الود والقبول في الأرض لمن أحبه عند جميع الناس فهذا ظن فاسد ، وفهم للحديث على غير وجهه ؛ وإلا فهؤلاء الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام أفضل الخلق وأحبهم إليه سبحانه وهو بلا شك راض عنهم ويحبهم جعل لهم أعداء وخصوم فهم بين محب ومبغض بل منهم من أعداؤه أكثر من محبيه ؛ ومحاربوه الأغلبية الساحقة ممن أرسل إليهم ..
    فقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه أنه قال :((
    عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّهْطَ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلَ، وَالرَّجُلَيْنِ - وفي مسلم -((والرجلان )) وَالنَّبِيَّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ...)) أخرجه البخاري (6541)ومسلم (220) (374).
    ودليل ذلك قوله تعالى:{
    وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}الأنعام(112).
    قال ابن كثير – رحمه الله (2/1099)دار بن حزم - : يَقُولُ تَعَالَى: وَكَمَا جَعَلْنَا لَكَ – يَا مُحَمَّدُ - أعْدَاءً يُخَالِفُونَكَ، وَيُعَادُونَكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ مِنْ قَبْلِكَ أَيْضًا أَعْدَاءً فَلَا يَهِيدنَّك ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} [آلِ عِمْرَانَ: 184] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا } [الْأَنْعَامِ: 34] ، وَقَالَ تَعَالَى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} [فُصِّلَتْ: 43] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا } [الفرقان: 43].
    وقال السعدي رحمه الله :(1/269) يقول تعالى - مسليا لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم- وكما جعلنا لك أعداء يردون دعوتك، ويحاربونك، ويحسدونك، فهذه سنتنا، أن نجعل لكل نبي نرسله إلى الخلق أعداء، من شياطين الإنس والجن، يقومون بضد ما جاءت به الرسل.
    أقول :(( ويعادونهم ويحاربوهم إلا قليلا كما قال ورقة بن نوفل للنبي صلى الله عليه وسلم ما جاء نبي قط بهذا الذي جئت به إلا عودي ، وكذلك ورثة الأنبياء وأتباعهم المتمسكين بالحق والداعين إليه والصابرين على ما أصابهم فيه)).
    ويواصل الشيخ السعدي رحمه الله قوله فيقول : وقوله :{يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} أي: يزين بعضهم لبعض الأمر الذي يدعون إليه من الباطل، ويزخرفون له العبارات حتى يجعلوه في أحسن صورة، ليغتر به السفهاء، وينقاد له الأغبياء، الذين لا يفهمون الحقائق، ولا يفقهون المعاني، بل تعجبهم الألفاظ المزخرفة، والعبارات المموهة، فيعتقدون الحق باطلا والباطل حقا يوالون ويعادون على ذلك ...
    إلى أن قال : ... وأما أهل الإيمان بالآخرة، وأولو العقول الوافية والألباب الرزينة،(( أهل الحق والصدق )) فإنهم لا يغترون بتلك العبارات، ولا تخلبهم تلك التمويهات، بل همتهم مصروفة إلى معرفة الحقائق، فينظرون إلى المعاني التي يدعو إليها الدعاة ((الربانيون الصادقون )) ، فإن كانت حقا قبلوها، وانقادوا لها، ولو كسيت عبارات ردية، وألفاظا غير وافية، وإن كانت باطلا ردوها على من قالها، كائنا من كان، ولو ألبست من العبارات المستحسنة، ما هو أرق من الحرير.
    أقول : وهكذا الأرواح المجندة للود والحب مع محبيها في غير تعصب مقيت ولا غلو مستميت .قال الذهبي في السير (8/67-68)قال إِبْرَاهِيْمُ الحِزَامِيُّ: حَدَّثَنِي مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ:قَالَ لِي مَالِكٌ: مَا يَقُوْلُ النَّاسُ فِيَّ؟قُلْتُ: أَمَّا الصَّدِيْقُ فَيُثْنِي، وَأَمَّا العَدُوُّ فَيَقعُ. فَقَالَ: مَا زَالَ النَّاسُ كَذَلِكَ، وَلَكِن نَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ تَتَابُعِ الأَلسِنَةِ كُلِّهَا (وأورده في " الحلية " 6 / 321) .
    فليست العبرة في معرفة الحق والمحق والصالح من الطالح ، وفي معرفة الذي وضع له القبول في الأرض بالمظاهر من زخرف الدنيا من جاه ومنصب ومال ولا بالكثرة ، فأكثر الخلق لا يعقلون ، ولا يعلمون ، ولا يؤمنون ، كما ذكر تعالى في غير ما آية من كتابه ، ذاما الكثرة ، وإنما العبرة بمعرفة الحق وإيثاره على الخلق ، والوقوف عنده وعدم تجاوزه أو تأويله على ما تهوى النفس، وكذلك بمعرفة المنهج القويم والصراط المستقيم والسبيل السوي الذي كان عليه الرعيل الأول ؛ فإذا عرف العبد الحق وفهمه بفهم السلف الصالح ولم يحد عنه ، بل يؤثر الحق الذي عرفه حتى لو كان في ذلك هلكته أو كان في ذلك نبذ الخلق كلهم له ، فإذا رأى أحدا على ذلك عرفه بأنه من أهل الطاعة والحق ممن وضع له القبول في الأرض ؛ فوجب عليه محبته وولاءه ولو كان عبدا أسودا لا يؤبه له ولا يعبأ به وذلك هو التأثير للحق بالحق في الولاية والحب والبغض ، فلا يستوحش من كان هذا حاله من السير في وسط الطريق المستقيم بفهم أهل المنهج القويم من السلف الماضين فالجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك ، فقل كلمة الحق مبتغيا بها وجه الله مؤثرا رضاه على النفس والغير ، وامض ولا تنتظر مدحا أو ثناء من أحد فإذا رضي عنك جماعة فلا تشك أنه سيسخط عنك الكثير غيرهم فهذه سنة الله في خلقه والإنصاف قليل في عباده ، فالعبد بين محب ومبغض وبين صديق وفي ؛ وخصم لدود ولنا العبرة فيمن مضى وفي مقدمتهم أبو بكر الصديق أفضل الأمة بعد نبيها بل أفضل الخلق بعد الأنبياء ، وكذلك عمر الفاروق وعثمان وعلي والصحابة من بعدهم أيضا - رضي الله عنهم أجمعين- جعل الله لهم خصوم وأعداء حتى بعد موتهم ، فهل ذلك يعني أن الله لا يحبهم ولم يجعل لهم القبول في الأرض ، لا ؛ بل يحبهم أهل الحق والإيمان ، وأهل السنة أهل الوسطية والإحسان حبا حقيقيا صادقا ، ويبغضهم أهل الزندقة والنفاق ؛ فلا يخف عليكم موقف الرافضة من الصحابة وموقف النواصب الخوارج منهم رضي الله عنهم أجمعين ، وهكذا باقي الفرق التي تنتسب إلى الإسلام مع أهل السنة السلفيين .وفي مقدمتهم العلماء على مر التاريخ الإسلامي يبغضونهم ولا يحبونهم ، فمن البديهي أن الرافضي لا يحبه إلا رافضي خبيث مثله ، وأن الخارجي لا يحبه إلا كلب خارجي مثله ، وأن المرجئ الضال لا يحبه إلا مرجئ مثله، وأن السني السلفي بحق لا يحبه إلا سني سلفي عرف قدر السنة وقدّر السلفية ، ومنهج الأسلاف فلا يبيح لنفسه أن يبغض سلفيا سنيا مثله ، فالطيور على أشكالها تقع ، وتحشر مع بعضها البعض يوم القيامة وهذا أحد معاني قوله تعالى (احْشُروا الَّذينَ ظَلَمُوا وأَزْواجَهُمْ) أي أشباههم وأمثالهم وإخوانهم وأتباعهم فالسني السلفي مع السني السلفي والبدعي الخلفي مع البدعي الخلفي . الزاني مع الزناة ، والمرابي مع المرابين ، والخمار مع الخمارين وهكذا ..
    وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( المرء مع من أحب )) البخاري (6168)ومسلم (2640).
    وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: ((وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا)). قَالَ: لاَ شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ)). قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ، فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ)) قَالَ أَنَسٌ: ((فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ)) البخاري (3688)ومسلم (2639).
    وأنا أقول بقول أنس - رضي الله عنه -((فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ)).
    وأحب جميع السلفيين وأسأل الله تعالى أن يحشرني معهم وإن لم أعمل بمثل عملهم .اللهم آمين .
    تنبيه مهم :اعلم رحمك الله أنه إذا تقرر لديك أن العبد بين محب ومبغض ، فاعلم يقينا أنه قد يكون بين المحبين من أهل السنة جفاء وهينات ونزغات الشيطان بينهم ، وخصومات ينفثها عدوهم اللدود إبليس بطريق أو بآخر فإن الشيطان يحرص حرصا شديدا على الإيقاع بينهم ويرضى بأدنى أدنى شيء ينفثه في صدروهم ثم يربيه ويزينه في بعض القلوب الضعيفة حتى يكبر وينقلب إلى تقاطع وتدابر لذلك نهينا عن التدابر والتقاطع وسد الباب في وجه شياطين الإنس والجن الذين يذكون نار الفتنة بين المؤمنين ، فترى الشاب المستقيم يلتقي بأخيه السني فيعرض هذا ويعرض هذا وربما تقاتلا ... فقد عمل الشيطان عمله فيهم فكانت الفرقة وكانت القطيعة ووقع البغض ، لكن نبتة الحق الطيبة مهما مرضت فلن تموت ، خاصة إذا وجدت من يرعاها ويسقيها، والسلفي يكفيه دليل واحد يستقي منه الحق ليرجع ويتوب إلى الله وإلى حظيرة وأحضان إخوانه ، يعفو ويغفر ويحب ويحي الود الذي لهم في قلبه ولا يتمادى في الباطل من قطيعة وبغض وسخط على إخوانه ومحبيه .
    الهوامش :
    1 )- قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: قوله: (ثم يوضع له القبول في الأرض) يريد المحبة في الناس، وقال بعض أهل التفسير في قوله تعالى: (وألقيت عليك محبة مني) أي حببتك إلى عبادي، وقال ابن عباس في قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا} قال: يحبهم ويحببهم إلى الناس.
    وقال ابن عبد البر في التمهيد 21/238) فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ ... : أَنَّ الْوُدَّ وَالْمَحَبَّةَ بَيْنَ النَّاسِ اللَّهُ يَبْتَدِئُهَا وَيَبْسُطُهَا وَالْقُرْآنُ يَشْهَدُ بِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سيجعل لهم الرحمان وُدًّا} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ يُحِبُّهُمْ وَيُحَبِّبُهُمْ إِلَى النَّاسِ ذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ ((سيجعل لهم الرحمان وُدًّا ))قَالَ يُحِبُّهُمْ وَيُحَبِّبُهُمْ إِلَى النَّاسِ ..
    2 ) – قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث (1/306): مُجَنَّدَة: أَيْ مَجْمُوعَة، كَمَا يُقال ألُوف مُؤلَّفَة، وقنَاطِيرُ مُقَنْطَرَة، ومعْناه الإِخْبار عن مَبْدَأ كَوْن الأرْوَاح وتَقَدُّمِها الأجْساد: أَيْ أنَّها خُلِقَت أَوَّلَ خَلْقِها عَلَى قِسْمَين: مِنِ ائتِلاف واخْتِلاف، كالجُنُود المَجْمُوعة إِذَا تقَابَلَتْ وتَواجَهَت. ومعْنَى تقَابُل الْأَرْوَاحِ: مَا جَعَلَها اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ السَّعادَة، والشَّقَاوَة، وَالْأَخْلَاقِ فِي مَبْدإ الْخَلْقِ. يَقُولُ: إِنَّ الْأَجْسَادَ الَّتي فِيهَا الأرواحُ تَلْتَقِي فِي الدُّنْيا فتَأتَلِفُ وتَخْتَلِفُ عَلَى حَسَب مَا خُلِقَتْ عَلَيْهِ ، وَلِهَذَا ترَى الخَيّرَ يُحبُّ الأخيارَ ويَميل إِلَيْهِمْ، والشِّرِّيرَ يُحِبُّ الأشرارَ ويَمِيل إلَيْهم. وكتبه : أبو بكر يوسف لعويسي .
    الجزائر ،19/12/1436هـ الموافق ل/04/10/2015م

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2014
    المشاركات
    3

    افتراضي رد: لا تحزن واطمئن فكلنا بين محب ومغض

    السلام عليكم و رحمة الله
    بارك الله فيك يا شيخ البلاد هدانا الله و اياكم الى الصراط المستقيم و جمعنا و جمعكم مع من نحب في الله

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    6,287

    افتراضي رد: لا تحزن واطمئن فكلنا بين محب ومغض

    بارك الله فيك شيخنا الفاضل ونفع الله بعلمك ورد كيد الحاقدين والحاسدين

    هذه ملفات رفعتها على موقع نور اليقين
    حمل من هنا


    http://www.up.noor-alyaqeen.com/ucp.php?go=fileuser



  4. #4

    افتراضي رد: لا تحزن واطمئن فكلنا بين محب ومغض

    جزاك الله خيرا


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. فكلما أعجب المرء بنفسه حبا للزعامة والتصدر وغير ذلك أهلك نفسه / لفضيلة الشيخ عبد الله البخاري حفظه الله
    بواسطة أبو خالد الوليد خالد الصبحي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 31-Jul-2016, 08:10 PM
  2. كيف تحصل على المطلب الاعلى للامام ابن القيم
    بواسطة أبو عبد الله المعتز بالله الجيلالي السلفي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-Apr-2012, 10:04 PM
  3. لستَ بشيء ولا تحسن شيئا !
    بواسطة أبو ياسر إسماعيل بن علي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-Nov-2011, 05:25 PM
  4. يا سلفي لا تحسن الظن باهل البدع
    بواسطة أبو محمد ياسر الليبي في المنتدى منبر الرد على أهل الفتن والبدع والفكر الإرهابي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-Nov-2011, 10:03 PM
  5. ما المقصود بكلام ابن عثيمين ( لا تقولوا هذا سلفي وهذا تبليغي فكلنا مسلمون) للشيخ أسامة العتيبي
    بواسطة أم دعاء السلفية الفلسطينية في المنتدى مـنــبر الأســـرة المـــســلـــمـــة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-Aug-2011, 04:16 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •