من هدي الإسلام

نصوص في الوفاء بالعهد وعدم الغدر ونقض العهد حتى مع الكفار :


· من هدي الإسلام : الأمر بالوفاء بالعهود والعقود في الإسلام .

قال تعالى : { وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا } . [ الإسراء : 34] .


· من هدي الإسلام : عقوبة من نقض العهد في الدنيا .

( مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ قَطُّ، إِلَّا كَانَ الْقَتْلُ بَيْنَهُمْ ) . روه الحاكم وصححه والذهبي ، ووافقهما الألباني .
( مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ قَطُّ إِلَّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ ) . رواه البيهقي في "الكبرى" . وصححه الألباني .

قلتُ :
وهذا ما حصل ويحصل للخوارج بجميع طوائفهم وطرائقهم عندما نقضوا العهود والمواثيق ، وعندما غدروا بأهل الإسلام والمشركين كذلك ؛ بتفجيراتهم وقتلهم الإبرياء ؛ صار القتال بينهم ، وسلط الله عليهم الكفار من جميع المعمورة لقتالهم واستئصالهم . فالله المستعان .


· من هدي الإسلام : العقوبة في الآخر لمن غدر ونقض العهد في الدنيا .

( مَنْ أَمَّنَ رَجُلًا عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ ؛ أُعْطِيَ لِوَاءَ الْغَدْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . أخرجه أحمد ، وابن ماجه ، وغيرهما . وصححه الألباني في "الصحيحة" (440) .


· من هدي الإسلام : الإسلام يأمر بإعلام وإخبار من كان بينه من المسلمين وبين المشركين عهد وهدنة ؛ بالحرب قبل الشروع في حربهم وقتالهم إذا خِيفَ منهم نقض العهد .

قال تعالى : { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ } .
مَعْنَاهُ : أعْلمهم وآذِنْهم بالحرب ؛ حَتَّى يَسْتَوِيَ عِلْمُكَ وَعِلْمُهُمْ بِمَا عَلَيْهِ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ لِلْفَرِيقِ الْآخَرِ بالْإِنْذَارِ أَوْ تَرْكُ الْإِنْذَارِ .

وفي الحديث :
عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : "كَانَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَبَيْنَ الرُّومِ عَهْدٌ ، وَكَانَ يَسِيرُ نَحْوَ بِلَادِهِمْ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْعَهْدُ فَيَغْزُوَهُمْ ، فَجَعَلَ رَجُلٌ عَلَى دَابَّةٍ يَقُولُ : "وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ ، وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ" ، فَإِذَا هُوَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ ؛ فَلَا يَحِلَّ عُقْدَةً ، وَلَا يَشُدَّهَا حَتَّى يَمْضِيَ أَمَدُهَا أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ ) .
فَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِالنَّاسِ" .
أخرجه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ؛ وقال : "حديث حسن صحيح" . قال الألباني : قلت : "وإسناده صحيح رجاله ثقات" . "الصحيحة" (5 / 472) .

يُلاحظ في هذا الأثر ؛ أنّ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؛ تقدم وتأهب لقتال الروم الكفار قبل أن تنقضي مدة العهد ، مع أنه لم يُرد أبداً قتالُهم إلا بعد أن ينقضي الأجل ، ومع هذا اعترض عليه صاحبه الصحابي الجليل عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وذَكَّرَه بحديث النبي ، فاستجاب معاوية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لذلك ؛ فرجع .

فأين الخونة "
خواج اليوم" أهل الغدر وسفك الدماء البريئة من هذه النصوص والمواقف النبيلة ؟!! أخزاهم الله ؛ فكم شوَّهوا الإسلام وأضروا بأهلِه .


· من هدي الإسلام : الوفاء بالعهد للكفار لمن كان بينه وبينهم عهد وميثاق ؛ حتى لو الحال حال حرب .

قال تعالى : { وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } . [الأنفال : 72] .

وفي الحديث :
عن حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ : "مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْراً إِلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ ، قَالَ : فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ ، قَالُوا : إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّداً ، فَقُلْنَا : مَا نُرِيدُهُ ، مَا نُرِيدُ إِلَّا الْمَدِينَةَ ، فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَا نُقَاتِلُ مَعَهُ ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ :
( انْصَرِفَا ، نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ ، وَنَسْتَعِينُ اللهَ عَلَيْهِمْ) . رواه أحمد ، ومسلم . وفي لفظ لأحمد : (فُوا لَهُمْ ..) .


· براءة النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من القاتل الغادر حتى وإن كان المقتول كافراً .

ففي الحديث :
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ - صَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( مَنْ أمَّنَ رَجُلاً عَلَى دَمِهِ ؛ فَأَنَا بَرِئٌ مِنَ الْقَاتِلِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِراً ) . أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (3 / 322) ، وغيره . وحسنه الألباني في "الصحيحة" (1 / 725) .

تنبيه :
العهد والمعاهدات والمواثيق تتمثل بين الدول بعضها مع بعض ، وبين الأفراد والدول الكافر :
-السفارات بين البلدان المسلمة والكافرة ، والتمثيل الدبلوماسي "السفراء" ؛ هو من العهد والمعاهدة .

-التأشيرات للمسلمين لدخول البلد الكافر ؛ هو من العهد أيضاً ، فلا يحل لمن دخل بهذه الطريقة أن يغدر وينقض العهد ويقتل في تلك البلد التي دخلها بتأشيرة منها .

-أخذ الجنسية في ذلك البلد والإقامة به ؛ هو من العهد والميثاق بينك يا مسلم وبين هذا البلد الكافر ؛ فلا يجوز نقض ذلك .



كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
السبت 2 / 2 / 1437هـ . الموافق : 14 / نوفمبر / 2015م .