النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2015
    المشاركات
    3

    افتراضي المقدمات العشر في علم العقيدة +شرعية الانتساب الى الدعوة السلفية

    مقدمات في علم العقيدة
    المقدمات العشر في علم العقيدة
    علم العقيدة كسائر العلوم لكي نجيده نحتاج إلى الإلمام بعشرة عناصر ألا وهي: الاسم و الحد (التعريف)،والموضوع والفائدة وشرف تعلمه والواضع لهذا العلم ونسبة هذا العلم للعلوم الأخرى واستمداد هذا العلم من أي شيء يؤخذ هذا العلم وحكم تعلم هذا العلم ومسائل هذا العلم. قال الشاعر:
    إن مبادىء كل فن عشرة الحد والموضوع ثم الثمرة
    فضله نسبة والواضع الاسم الاستمداد حكم الشارع
    مسائل والبعض بالبعض اكتفى ومن درى الجميع حاز الشرف
    بيان معنى المبادي العشر: - الحد: ويقصد به التعريف الجامع لمسائل العلم ومباحثه، المانع من دخول غيره فيه. - الموضوع: وهو المجال المحدد الذي يبحث فيه العلم، والجهة التي تتوحد فيها مسائله. - الغاية أو الثمرة: الفائدة التي يحصِّلها دارس العلم في الدارين. - الاستمداد: الروافد والأسباب العلمية التي يستقي منها العلم مسائله ومطالبه. - الفضل: ما للعلم من منـزلة وشرف وأهمية بين العلوم. - الواضع: أول من ابتدأ التدوين والتصنيف في العلم، ووضع أساسه وأرسى قواعده. - الاسم: الألقاب التي أطلقها أهل هذا العلم عليه لتمييزه عن غيره. - الحكم: الحكم الشرعي المتعلق بتعلم هذا العلم من بين الأحكام التكليفية الخمسة. - المسائل: وهي المطالب التي يبحثها ويقررها العلم والتي تندرج تحت موضوعه. - النسبة: صلة العلم وعلاقته بغيره من العلوم.
    أولا: الاسم: العقيدة، ويطلق عليها أيضا عند أهل السنة والجماعة أسماء أخرى ترادفها، وتدل عليها، وعلم التوحيد من أكثر العلوم أسماء والمسمى إذا كثرت أسماؤه دل ذلك على شرفه وفضله وأهميته غالبًا ومن هذه الأسماء أصول الدين، وسميت بذلك؛ لأن غيره ينبني عليه، ومن هذه الأسماء أيضا التوحيد، وسميت بذلك؛ لأن أعظم مسائله مسألة توحيد الله في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله وعبادته ، ومن هذه الأسماء أيضا الإيمان حيث أجاب الرسول جبريل لما سأله عن الإيمان بذكر الأصول الستة، وهي الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، ومن هذه الأسماء أيضا " الفقه الأكبر " تمييزا لها عن فقه الفروع الفقه المعروف.واليك بعض التفصيل في ذلك
    أسماء علم العقيدة عند اهل السنة
    • اولا: العقيدة: كلمة العقيدة لم تكن مستعملة بهذا اللفظ عند السلف، وإنما كانوا يستعملون ما يدل عليها، كالسنة والشريعة، والإيمان كما في عناوين مصنفاتهم في ذلك، ولعل أول من استعملها بهذا اللفظ الإمام أبو عثمان الصابوني t في عنوان كتاب: (عقيدة السلف أصحاب الحديث).
    ومن المؤلفات التي حملت اسم العقيدة أو الاعتقاد ومن ذلك: كتاب (عقيدة السلف أصحاب الحديث) للصابوني (ت: 449هـ). و (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) للالكائي (ت: 418هـ). و (الاعتقاد) للبيهقي (ت: 458هـ). مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة لناصر بن عبد الكريم العقل - ص10
    • ثانيا: التوحيد: ومن المؤلفات في العقيدة والتي حملت اسم التوحيد:
    ومن ذلك: كتاب (التوحيد في الجامع الصحيح) للبخاري، (ت: 256هـ) وكتاب (التوحيد وإثبات صفات الرب) لابن خزيمة (ت: 311هـ). وكتاب (اعتقاد التوحيد) لأبي عبدالله محمد بن خفيف (ت: 371هـ). وكتاب (التوحيد) لابن منده (ت: 359هـ). وكتاب (التوحيد) للإمام محمد بن عبدالوهاب (ت: 1115هـ). مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة لناصر بن عبد الكريم العقل - ص10
    • ثالثا: السنة: يختلف مدلول السنة من علم الى اخر فالسنة عند الفقهاء يختلف تعريفها عند علماء الاصول وعلماء الحديث
    فعلماء الحديث السنة عندهم: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف
    وعند علماء الفقه: هو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
    وعند علماء الاصول ما صدَرَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيرُ القرآنِ من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ.
    والسنة في اصطلاح علماء العقيدة والتوحيد السنة عند السلف اوسع في المعنى على غرار علماء الفنون الاخرى كالاصول والفقه والحديث فهم يعنون بها موافقة الكتاب وسنة النبي واصحابه سواء في امور الاعتقادات او العبادات.اه كن سلفيا على الجادة ص20
    قال ابن رجب رحمه الله: "وكثير من العلماء المتأخرين يخص اسم السنة بما يتعلق بالاعتقاد؛ لأنها أصل الدين والمخالف فيها على خطر عظيم"، وهذا الإطلاق للسنة على العقيدة من باب إطلاق الاسم على بعض مسمياته، فإن الاعتصام بالسنة من أهم أصول أهل السنة. على أن وصف العقيدة بالسنة كان معروفًا زمن الصحابة رضي الله عنهم، ويدل عليه قول علي رضي الله عنه: "الهوى عند من خالف السنة حق وإن ضربت فيه عنقه"، وهذا لا يكون إلا فيمن خالف في الاعتقاد مخالفة عظيمة. وبناء على ذلك، فقد أطلق اسم السنة على عقيدة أهل السنة والجماعة، هذا بالإضافة إلى أن السنة لغة هي الطريقة، فأطلقت على عقيدة السلف لاتباعهم طريقة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة جميع احواله من اخلاق وعبادات ومعاملات،قال شيخ الاسلام:"ولفظ السنة في كلام السلف يتناول السنة في العبادات وفي الاعتقادات وان كان كثير ممن صنف في السنة يقصدون الكلام في الاعتقادات" وقال في الحموية"السنة هي ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتقادا واقتصادا وقولا وعملا" و قال ابن رجب رحمه الله: "السنة هي الطريق المسلوك فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه النبي وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والاعمال والاقوال"جامع بيان العلم وفضله
    واستفاض ذلك المصطلح في الناس حتى إذا قيل: فلان صاحب سنة، اذا كانت اعماله على وفق كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام واذا قيل فلان صاحب بدعة اذا كان عمله غير موافق للكتاب والسنة.وممن استعمل هذا اللفظ في هذا المعنى الإمام أحمد بن حنبل في كتابه (السنة) فقد ضمنه العقيدة الصحيحة الثابتة بنقل العدول عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكذا فعل عبد الله بن الإمام أحمد في كتابه (السنة) ومنه أيضا كتاب (السنة) لابن أبي عاصم. المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية لإبراهيم البريكان - بتصرف - ص 12
    رابعا: أصول الدين.: والدين لغة: هو الذل والخضوع، وشرعا: هو امتثال المأمور واجتناب المحظور، أو طاعة الله ورسوله. فيكون المعنى المركب -أصول الدين - هو المبادئ العامة والقواعد الكلية الكبرى التي بها تتحقق طاعة الله ورسوله والاستسلام لأمره ونهيه.
    وهذا المعنى لا يراد به إلا علم العقيدة والتوحيد. المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية لإبراهيم البريكان - بتصرف - ص 11
    وقد ألف بعض العلماء كتباً في الاعتقاد تحمل اسم أصول الدين:
    ومن ذلك: كتاب (أصول الدين) للبغدادي (ت: 429هـ). و (الشرح والإبانة عن أصول الديانة) لابن بطة (ت: 378هـ). و (الإبانة عن أصول الديانة) للأشعري (ت: 324هـ). مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة لناصر بن عبد الكريم العقل - ص10
    • خامسا: الفقه الأكبر: الفقه في اللغة هو الفهم، وأضيف إلى الأكبر لإخراج الفقه وهو علم الحلال والحرام وعلم الفروع، وهو اصطلاح عرف في القرن الثاني الهجري حيث سمى الإمام أبو حنيفة النعمان كتابه الذي جمع فيه جملة اعتقادات السلف (الفقه الأكبر) إشارة إلى أنه أعظم ما في شريعة الإسلام ولا يتحقق هذا اللقب إلا على علم العقيدة. المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية لإبراهيم البريكان - ص 13
    • سادسا: الشريعة: الشريعة لغة: "من الشَّرْع وهو السَّن والبيان والمورد والطريق". واصطلاحًا: ما شرع الله تعالى لعباده من الأحكام التي جاء بها نبي من الأنبياء صلى الله عليهم وعلى نبينا وسلم، سواء أكانت متعلقة بكيفية عمل أو اعتقاد وقد تطلق الشريعة على ما شرعه الله تعالى لجميع رسله من أصول الاعتقاد والبر والطاعة مما لا يختلف من دعوة لأخرىو أطلقت الشريعة وبإطلاق أخص كما قال ابن تيمية رحمه الله على: (العقائد التي يعتقدها أهل السنة من الإيمان، مثل اعتقادهم أن الإيمان قول وعمل، وأن الله موصوف بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن القرآن كلام الله غير مخلوق ..... إلخ). والشريعة هنا كالسنة، فقد يراد بها ما سنه الله وشرعه من العقائد، وقد يراد بها ما سنه وشرعه من العمل، وقد يراد بها كلاهما.
    وقد ألف بعض العلماء كتباً في الاعتقاد تحمل اسم الشريعة، ومن أولها: (الشريعة) لأبي بكر الآجري رحمه الله. و (الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة) لابن بطة الحنبلي رحمه الله. علم العقيدة عند أهل السنة والجماعة لمحمد يسري - ص 136
    • سابعا: الإيمان: صنف السلف كتبا باسم الإيمان بحثت قضايا التوحيد ومسائل الاعتقاد جميعا ومن أولها:
    - (كتاب الإيمان ومعالمه وسننه واستكمال درجاته) للإمام أبي عبيد القاسم ابن سلام البغدادي رحمه الله.
    - (كتاب الإيمان) للحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شبة العبسي رحمه الله.
    - (كتاب الإيمان) للحافظ محمد بن إسحاق بن يحيى بن منده رحمه الله. علم العقيدة عند أهل السنة والجماعة لمحمد يسري - ص 130
    ثانيا: الحد (التعريف): العقيدة في اللغة: من العقد؛ وهو الربط، والإبرام، والإحكام، والتوثق، والشد بقوه، والتماسك، والمراصة، واليقين والجزم. والعقد نقيض الحل، ويقال: عقده يعقده عقدا، ومنه عقدة اليمين والنكاح قال تعالى: ? لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ? و كل ما عقد الإنسان عليه قلبه جازما به سواء أكان حقا، أم باطلا، فهو عقيدة والعقيدة: الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده والعقيدة اصطلاحا أي بين أهل هذا العلم (علماء العقيدة):العلم بالأحكام الشرعية العقدية المكتسب من الأدلة المرضية ورد الشبهات وقوادح الأدلة الخلافية. المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية لإبراهيم البريكان - بتصرف - ص 8
    تعريف التوحيد لغة واصطلاحا
    التوحيد في اللغة: مشتق من وحد الشيء إذا جعله واحداً، فهو مصدر وحد يوحد، أي: جعل الشيء واحداً.
    وفي الشرع: إفراد الله - سبحانه - بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات القول المفيد على كتاب التوحيد لابن عثيمين - 1/ 11
    العلاقة بين التوحيد والعقيدة
    علم العقيدة وعلم التوحيد مترادفان عند أهل السنة، وإنما سمي علم التوحيد بعلم العقيدة بناء على الثمرة المرجوة منه، وهي انعقاد القلب انعقادا جازما لا يقبل الانفكاك المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية على مذهب أهل السنة لإبراهيم بن محمد البريكان - ص10
    وقد يفرق بينهما اصطلاحا باعتبار أن علم التوحيد هو العلم الذي يقتدر به على إثبات العقائد الدينية بالأدلة المرضية، وأن علم العقيدة يزيد عليه برد الشبهات وقوادح الأدلة الخلافية، فيجتمعان في معرفة الحق بدليله، وتكون العقيدة أعم موضوعا من التوحيد لأنها تقرر الحق بدليله وترد الشبهات وقوادح الأدلة وتناقش الديانات والفرق، وقد جرى السلف على تسمية كتبهم في التوحيد والإيمان بكتب العقيدة، كما فعل أبو عثمان الصابوني رحمه الله في كتابه (عقيدة السلف أصحاب الحديث) والإمام اللالكائي رحمه الله في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) علم العقيدة عند أهل السنة والجماعة لمحمد يسري - ص – 129
    و هي الإيمان الجازم الذي لا يتطرق إليه شك لدى معتقده فكأن العقيدة هي العهد المشدود والعروة الوثقى، وذلك لاستقرارها في القلوب ورسوخها في الأعماق. والعقيدة الإسلامية هي الإيمان الجازم بربوبية الله تعالى وألوهيته وأسمائه وصفاته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وسائر ما ثبت من أمور الغيب، وأصول الدين، وما أجمع عليه السلف الصالح، والتسليم التام لله تعالى في الأمر، والحكم، والطاعة، والإتباع لرسولهrأو العقيدة الإسلامية هي كل خبر جاء عن الله أو رسوله يتضمن خبرا غيبيا لا يتعلق به حكم شرعي عملي ، والعقيدة الإسلامية عند إطلاقها فهي عقيدة أهل السنة والجماعة؛ لأنها هي الإسلام الذي ارتضاه الله دينا لعباده، وهي عقيدة القرون الثلاثة المفضلة من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
    ثالثا: موضوع العقيدة: موضوع العقيدة الأحكام الاعتقادية من علم المكلف بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره أو موضوع العقيدة الكلام في أركان الإيمان.
    رابعا: فائدة-غاية- العقيدة: - الخروج من ربقة التقليد إلى الاستدلال فيكون مومنا بقناعة لهذا قال اهل العلم استدل ثم اعتقد ولاتعتقد ثم تستدل فتضل - الدفاع عن الإسلام وعقيدته برد الشبهة وإثبات الحق.
    - تصحيح التصورات الخاطئة حول الله والكون والحياة وعلاقة كل منهما بالآخر.
    تخليص الأعمال والأقوال والاعتقادات من الكفر والشرك،وسلامة العبد من الكفر والشرك أصل النجاة من النار لكن تمام النجاة يكون بالفقه الذي يصحح الأقوال والأعمال وفق مراد الله عز وجل ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم ويسلم العبادة من الابتداع. ومن فوائد التوحيد:
    خير الدنيا والآخرة من فضائل التوحيد وثمراته.
    - التوحيد هو السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة، يدفع الله به العقوبات في الدارين، ويبسط به النعم والخيرات.
    - التوحيد الخالص يثمر الأمن التام في الدنيا والآخرة، قال الله عز وجل: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ [الأنعام: 82].
    - يحصل لصاحبه الهدى الكامل، والتوفيق لكل أجر وغنيمة.
    - يغفر الله بالتوحيد الذنوب ويكفر به السيئات، ففي الحديث القدسي عن أنس رضي الله عنه يرفعه: ((يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة))
    -ان من حقق التوحيد يدخله الله الجنة،
    خامسا: استمداده: يستمد علم العقيدة من الكتاب والسنة فهما مصدري العقيدة فلا أحد أعلم بالله وما يجب له و ما ينزه عنه من الله، ولا أحد بعد الله أعلم بالله من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان منهج السلف الصالح ومن تبعهم في تلقي العقيدة مقصورا على الكتاب والسنة. والإجماع مصدر من مصادر الأدلة الاعتقادية؛ لأنه يستند في حقيقته إلى الوحي المعصوم من كتاب وسنة، وأكثر مسائل الاعتقاد محل إجماع بين الصحابة والسلف الصالح، ولا تجتمع الأمة في أمور العقيدة ولا غيرها على ضلالة وباطل، وعلى هذا فإجماع السلف الصالح في أمور الاعتقاد حجة شرعية ملزمة لمن جاء بعدهم، وهو إجماع معصوم، ولا تجوز مخالفته.
    سادسا: نسبة علم العقيدة نسبته إلى سائر العلوم الشرعية يعتبر فن مستقل بذاته، قائم بنفسه، له أصوله ومصادره، ومناهجه ومسائله، ولا يغني عنه غيره، وإن كان كالأساس لعلوم الإسلام، ولذا مال بعض العلماء إلى أن نسبته إلى غيره من العلوم أنه أصلها وما سواه فرع عنه، باعتبار أن علوم الإسلام تقوم أولاً على معرفة الله تعالى وتوحيده والتصديق ببعثة نبينا وأمور الغيب، وهذا موضوع علم التوحيد. ولذا قال الإمام السفاريني في منظومته: وبعـد فاعلـم أن كل العلم كالفرع للتوحيد فاسمع نظمي
    ولأجل هذا المعنى سماه الإمام أبو حنيفة بالفقه الأكبر
    سابعا: الواضع لعلم العقيدة لاشك أن التوحيد جاءت به الرسل والأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه، وأما علم التوحيد فقد مر في وضعه وتدوينه بطورين:
    أولهما: طور الرواية (ما قبل التدوين)، والثاني: طور التدوين والاستقرار.
    وهذه لمحة عن كلتا المرحلتين:
    أولا: طور الرواية
    لم يكن الرعيل الأول من الصحابة رضي الله عنهم بحاجة إلى التدوين في العلوم الشرعية، فقد كانوا يتلقون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحيين، "ويوردون عليه ما يشكل عليهم من الأسئلة والشبهات فيجيبهم عنها بما يثلج صدورهم، وقد أورد عليه من الأسئلة أعداؤه وأصحابه، أعداؤه للتعنت والمغالبة، وأصحابه للفهم والبيان وزيادة الإيمان" ، وكل ذلك رواه الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم لمن بعدهم، فكانت مسائل الاعتقاد محفوظة في أذهانهم، مستدلا عليها بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولم يقع بينهم اختلاف في شأن العقيدة؛ بل اجتمعوا على عقيدة صحيحة، سالمة نقية خالية من كل شوب، فكانوا "أقرب إلى أن يوفقوا إلى الصواب من غيرهم بما خصهم الله به من توقد الأذهان، وفصاحة اللسان، وسعة العلم، وتقوى الرب، فالعربية طريقتهم وسليقتهم، والمعاني الصحيحة مركوزة في فطرهم وعقولهم .. علموا التنزيل وأسبابه، والتأويل وآدابه، فهم أسعد الأمة بإصابة الصواب، وأجدرها بعلم فقه السنة والكتاب".
    لأجل هذا لم يكن الصحابة رضي الله عنهم بحاجة إلى تدوين علم التوحيد أو تصنيف كتب فيه.
    ثانيا: طور التدوين
    وبدأ هذا في حياة التابعين، وإن وقعت في زمنه صلى الله عليه وسلم صور من الكتابة والتدوين، حيث ابتدأ ذلك الإمام الزهري رحمه الله تعالى، ثم شاع ذلك في النصف الأول من القرن الثاني الهجري كما فعل الإمام مالك في الموطأ، حيث رتبت الأحاديث على أبواب تتعلق بالتوحيد مثل: باب الإيمان، وباب التوحيد، وباب العلم، الخ ..
    ولعل هذا التبويب للأحاديث كان النواة الأولى في استقلال كل باب فيما بعد بالتصنيف والبحث.
    ومما أوقد جذوة التدوين ما وقع في آخر زمن الصحابة من بدع واختلاف في العقيدة، كما في مسألة القدر، وكان أول من تكلم به معبد الجهني (ت: 80هـ)، ومسألة التشيع والغلو في آل البيت، وفتنة عبد الله بن سبأ، كما وقعت من قبل بدعة الخوارج وصرحوا بالتكفير بالذنوب، وبعد ذلك نشأ مذهب المعتزلة على يد واصل بن عطاء (ت: 131هـ)، وصنف في مسائل من العقيدة ما خالف به الصحابة والتابعين، وخرج على إجماع خير القرون في الاعتقاد، فتصدى له التابعون بالرد عليه والمناظرة في هذه المسائل، ثم بدأ التصنيف في عقيدة أهل السنة حين أصبح ضرورة لابد منها لنفي تأويل المبطلين، ورد انحراف الغالين، وكان أول مدون عرفناه في العقيدة - على هذا النحو - هو كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة رحمه الله (ت: 150هـ)، رواه أبو مطيع الحكم بن عبد الله البلخي، كما رواه حماد بن أبي حنيفة - وإن قيل إنه من وضع أبي مطيع البلخي - حدد فيه أبو حنيفة عقائد أهل السنة تحديدا منهجيا ورد فيه على المعتزلة، والقدرية، والجهمية، والشيعة، واشتمل على خمسة أبواب - في أتم رواياته -: الأول في القدر، والثاني والثالث في المشيئة، والرابع في الرد على من يكفر بالذنب، والخامس في الإيمان، وفيه حديث عن الأسماء والصفات، والفطرة، وعصمة الأنبياء، ومكانة الصحابة، وغير ذلك من مباحث العقيدة.
    . فلو قال قائل: إن واضع علم التوحيد - بمعنى أول من وضع مؤلفا خاصا في الفن من أهل السنة - هو الإمام أبو حنيفة؛ لكان صادقا ولم يبعد عن الصواب، "وإن كان قد قيل: إن واضعه الإمام مالك بن أنس، وأنه ألف فيه رسالة، وقيل أيضا أنه لما كثرت الفتن أمر المنصور بوضع كتب لإزالتها والرد عليها"
    كما ثبت أن الإمام ابن وهب رحمه الله (ت: 197هـ) وضع كتابا في القدر على طريقة المحدثين في جمع الأحاديث وإن كان دون تبويب.
    ولقد نسب كتاب بنفس اسم الفقيه الأكبر للإمام الشافعي رحمه الله (ت: 204هـ)، تناول فيه مسائل الاعتقاد مسألة مسألة، ورد على الفرق المخالفة في ثنايا كلامه، إلا أن نسبة الكتاب إلى الإمام الشافعي غير موثقة، فقد قال حاجي خليفة في كشف الظنون: " .. لكن في نسبته إلى الشافعي شك، والظن الغالب أنه من تأليف بعض أكابر العلماء".
    ثم تتابع التأليف بعد أبي حنيفة في علم التوحيد ولكن بأسماء مختلفة لهذا العلم. فمن أول ذلك كتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت: 224هـ)، وتبعه على هذا كثيرون إلى يوم الناس هذا، كما ظهر مصطلح السنة للدلالة على ما يسلم من الاعتقادات، واشتهر ذلك زمن الإمام أحمد رحمه الله، ومن الكتب المصنفة باسم السنة، كتاب السنة لابن أبي شيبة رحمه الله (ت: 235هـ) والسنة للإمام أحمد رحمه الله (ت: 240هـ) وغير ذلك، ثم ظهر مصطلح التوحيد في مثل كتاب التوحيد لابن سريج البغدادي رحمه الله (ت: 306هـ)، وكتاب التوحيد لابن خزيمة رحمه الله (ت: 311هـ)، وواكب ذلك ظهور مصطلح أصول الدين، ثم ظهر التأليف باسم العقيدة أوائل القرن الخامس الهجري، واستقرت حركة التصنيف ومنهج التأليف، واستقل علم التوحيد علما متميزا عن غيره بلقب ومنهج مخصوص.
    وأخيرا فإن فيما سبق بيانه رد على من زعم - من الأشاعرة والماتريدية - أن واضعي علم التوحيد هما: أبو الحسن الأشعري (ت: 324هـ)، وأبو منصور الماتريدي (ت: 333هـ)، حيث سبقا بتآليف كثيرة كتبت على منهج أهل الحديث، أهل السنة والجماعة. علم العقيدة عند أهل السنة والجماعة لمحمد يسري
    التطور التاريخي لظهور هذه المصطلحات:
    لا ريب أن مصطلحي الإيمان والفقه الأكبر قد ظهرا في القرن الثاني وبرزا، واستمر مصطلح الإيمان في الذيوع خلال القرن الثالث حيث برز مصطلح السنة، وظهرت الكتب الاعتقادية التي حملت اسم السنة، وتوالى التصنيف في القرن الرابع بهذه الأسماء الاصطلاحية. ثم ظهر في القرن الرابع أربعة مصطلحات شاعت وذاعت، وهي: التوحيد، الشريعة، أصول الدين، العقيدة، وإن كان مصطلح العقيدة قد ظهر أواخر القرن الرابع وأوائل الخامس الهجري كما يبدو هذا من كتاب الحافظ اللالكائي رحمه الله "شرح أصول اعتقاد أهل السنة"، وكذا فعل أبو عثمان الصابوني رحمه الله في كتابه "عقيدة السلف أصحاب الحديث"، وتتابع بعد ذلك المصنفون على استعمال هذا المصطلح.اه مدخل الى علم العقيدة محمد يسري
    منهج أهل السنة والجماعة في التدوين: اتخذ اهل السنة في التاليف في العقيدة منهجين مختلفين
    الأول منهج الرد : أي عرض شبه الخصوم وبيان الحق في ذلك مدعما بالادلة النقلية من الكتاب والسنة واقوال الصحابة والتابعين ومن هذه الكتب الرد على الزنادقة والجهمية للامام احمد بن حنبل ت241 الرد على بشر المريسي للدارمي ت280
    الثاني:منهج العرض وهو عرض العقيدة الصحيحة من الكتاب والسنة واقوال الصحابة والتابعين لهم باحسان ومن هذه الكتب السنة للامام احمد والسنة للمروزي ت294 والتوحيد لابن خزيمةت311 من مقدمة تحقيق شرح اصول اعتقاد اهل السنة والجماعة للالكائي لاحمد بن سعد حمدان1/71-727
    مع التنبيه الى انهم في كلا المنهجين منهم من وضع الاسناد ومنهم من لم يضعه
    إن أعظم مزية تميز بها أهل السنة والجماعة عن أهل الأهواء والفرق، اعتمادهم في عقيدتهم على صحيح المنقول، والثابت بالكتاب والسنة والآثار الواردة عن خير القرون من الصحابة رضوان الله عليهم، والتابعين من أئمة الهدى، ومصابيح الدجى الذين قفوا آثارهم وسلكوا سبيلهم .. ومما يدل على ذلك اتفاقهم في مسائل الاعتقاد، أمور الدين فكلامهم في شتى أبواب الاعتقاد واحد لا يختلف في كل عصر ومصر.
    وهذا مما يؤكد أنهم على الحق؛ لأن الحق واحد لا يختلف وذلك يجعلهم أحق الناس بوصف الفرقة الناجية والطائفة المنصورة.
    ومناهج الأئمة في تدوين العقيدة السلفية.
    1- أن الكلام الوارد عن الإمام المعين في مسألة من مسائل الاعتقاد، إما أن يكون فيه ذاكرا، وإما آثرا:
    - فإذا كان آثر، وهو حال أكثر الروايات في أبواب الاعتقاد فلا إشكال فيه.
    - وأما الذاكر فيشترط في حقه شرطان:
    أ-كونه إماما عالما بالكتاب والسنة، وبإجماع السلف الصالح، حتى لا يقع فيما يخالف ذلك.
    ب-أن لا ينكر عليه منكر من الأئمة في عصره.
    2-أن الناقل لعقيدة السلف، إما أن ينقلها منألفاظهم بأعيانها، وهم على قسمين:
    أ- منهم من ينقلها بإسناده المسلسل المتصل إليهم، وهو حال الحافظ، وأصحاب الداواوين من أئمة السنة.
    ب- ومنهم من ينقلها عمن خرجها ورواها، مع العزو إلى مصادرهما، وإما أن يكون الناقل لعقيدة السلف، ناقلا لألفاظ من نقل مذهبهم من طوائف الفقهاء الأربعة، ومن أهل الحديث، ومن أهل اللغة ومن المفسرين، ونحوهم.
    3-تدوين أئمة السنة لعقيدة السلف الصالح باعتبار التأصيل أو الرد، حال التصنيف. وهذا يبين لنا حرص السلف الصالح على نشر العقيدة الصحيحة، وذبهم عنها، ومواجهة مختلف التحديات التي مرت بها وثباتها بالتالي أمام تلك التحديات نتيجة تلك الجهود المخلصة الصادقة (( فبلغ عدد مصنفاتهم في الرد على أهل البدع أربعة وخمسين مصنفا)) .
    4-تدوين أئمة السنة لعقيدة السلف الصالح باعتبار الشمول أو التخصص.
    5-تدوين أئمة السنة لعقيدة السلف الصالح باعتبار الاقتصار على سرد النصوص والآثار فهي الدليل والمدلول في آن واحد أو سردها، مع ذكر وجه الدليل من إيرادها، واستنباط الفوائد منها: من قواعد وضوابط وأصول ونحوها.
    6-تدوين أئمة السنة لعقيدة السلف الصالح باعتبار أنواع المصنفات والدواوين فنجد أن كل إمام عرض عقيدة السلف الصالح في ضوء الفن الذي أتقنه، والمجال الذي تمرس فيه وأحسنه، فمن كان في الحديث عرضه في تصنيفه، وإن كان في التفسير ذكره ضمن تفسيره.
    7-من أئمة السنة من يذكر عقيدته في شكل "وصية" يوصيبها من بعده، ومنهم من يذكرها ضمن "قصيدة" من الأبيات الشعرية الرائقة، فبلغ عددها سواء قصائد كاملة أو أبيات مفرة عشرين نظما.
    8-عدم الخوض في المسائل الاعتقادية مما لا مجال للعقل فيه.
    9-عدم مجادلة أهل البدع أو مجالستهم أو سماع كلامهم أو عرض شبههم.
    10-الحرص على جماعة المسلمين ووحدة كلمتهم .
    أهم ما تميز به منهج أهل السنة في تدوين علم العقيدة عن غيره من المناهج:
    1-الوضوح في المعاني والسهولة في العبارات والألفاظ.
    2-الاحتجاج بالكتاب والسنة في جميع مسائلهم.
    3-الاحتجاج بخبر الآحاد.
    4-اتفاقهم على مسائل العقيدة أثناء تقريرها وتدوينهم لها.
    5-حسن العرض وجودة الترتيب ودقة التبويب.
    6-عرضهم لأقوال الصحابة وجمعها في كتبهم.
    7-الشمول والاستيعاب وذلك يظهر جليا فيما يلي:
    أ-أثناء استدلالهم فهم يأخذون بجميع النصوص فلا يأخذون بعضها ويتركون البعض الآخر.
    ب-جمع الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة ومن أتى بعدهم أثناء الاستدلال لما يريد منه من مسائل وهذا يدل على قوة المنهج الذي سلكوه فلا يدعون حجة لمحتج عليهم.
    ج-الشمولية أثناء عرض مسائل الاعتقاد، فيذكرونها كلها خاصة إذا ذكروا عقائدهم وما يدينون الله به فإن الشمولية تظهر في عرضهم بهذه الطريقة بوضوح .
    كل ذلك مما يبين مالهذه العقيدة من مكانة عظيمة في نفوس أولئك الأئمة الأعلام الذين لم يتركوا مسلكا من المسالك القويمة المذكورة إلا انتهجوه في إيضاحها والذب عنها وبيانها، والحط على من خالفها أو حاول نقض صرحها وبنيانها .
    فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا.
    بواعث التدوين
    نذكر على سبيل الإجمال أهم البواعث لتدوين علم العقيدة:
    1-طلب التلاميذ والناس من العلماء التأليف لهم في مسألة أو نازلة علمية أو للرد على شبهات بعض أهل الزيغ ونحو ذلك وهذا كثيرا ما يصرحون به في بداية مصنفاتهم.
    2-انتشار مذهب أهل البدع وانتشار مقولاتهم بين عامة الناس فلا يسع العلماء من أهل السنة السكوت بل لابد لهم من البيان والصدع بالحق حتى لا يغتر العامة والدهماء بمثل هذه الشبهات.
    3-جهل بعض أهل السنة في بعض المسائل وعدم التفريق بين الأصول الكبار التي لا يعذر فيها المخلوق وبين المسائل التي للنظر والاجتهاد فيها مجال فحصلت الفرقة والشقاق فاضطر أهل السنة للتأليف في بعض تلك المسائل حسما للخلاف وبيان الحق فيها.
    4-التأليف لبيان عقيدة بعض الأئمة حتى لا ينسب إليهم شيء لم يقولوا به خاصة وأن من عادة أهل البدع الكذب على أئمة أهل السنة وعلمائهم.
    5-تعرض المؤلف من أهل السنة لبعض الفتن والأحداث التي تحتم عليه بيان موقفه الصحيح من بعض القضايا العقدية التي بسببها تعرض لمثل هذا الأذى ولعل المثل الذي يستحضر دائما فتنة اللفظ التي أوذي بسببها الإمام البخاري ومن أجلها ألف كتابه العظيم ((خلق أفعال العباد)) حتى يبين الحق في المسألة ويرد التهمة عن نفسه أداء منه للأمانة وإبراء للذمة.
    6- تصنيف أهل البدع في باطلهم المصنفات لتقرير مذهبهم الباطل؛ فكان لزاما على أهل الحق أن يطوروا وسائلهم تمشيا مع المرحلة التي هم فيها لأن العدو قد استخدم سلاحا إعلاميا جديدا في نشر باطلهم فكان من فقه السلف أن نوعوا في التأليف فأفردوا لمسائل الاعتقاد مصنفات مستقلة حتى يقابلوا الوسيلة الإعلامية الجديدة بوسيلة مثلها بل وأحسن منها كما هو الحال في مصنفات أهل السنة .
    7-خشية ضياع العلم بسبب موت العلماء من الصحابة وما بعدهم.
    8-دور الحكام والأمراء في توجيه العلماء لتدوين العلم أو التأليف عموما.
    9-أهمية علم العقيدة. 10-الافتراق في الأمة الإسلامية.
    11-المؤثرات الخارجية من احتكاك المسلمين بغيرهم من أهل الملل الأخرى، ولا سيما بعد الفتح الإسلامي الكبير لبلاد فارس والروم والهند وغيرها .
    12-المسائل العقيدة المستجدة وكان من ذلك مسألة الصفات وما يتعلق بالإيمان وما يتعلق بالقدر، وإن هذه المسائل العظيمة وغيرها كانت دافعا قويا وباعثا لعلماء أهل السنة كي يبينوا الحق فيها .
    ومن هذا العرض الموجز للعوامل والمؤثرات في نشأة وتدوين علم العقيدة يمكن القول بأن هذه النشأة كانت استجابة لضرورة طبيعية ملحة، تمثلت في مشكلات سياسية واجتماعية، نجمت في حياة المسلين، وباتت تهدد -باستفحالها المطرد- البناء الديني الذي قام عليه المجتمع الإسلامي. كما تمثلت في تحديات دينية وفلسفية مع الأديان والفلسفات القديمة، باتت تروج بين المسلمين وتهدد بنية العقيدة الإسلامية، فهذه المشكلات والتحديات دفعت الفكرالإسلامي في سبيل الدفاع عن مرجعيته العقدية إلى أن يتجه إلى معالجة تنظيرية، فكانت نشأة علم العقيدة بمنزلة استجابة لتحديات ناجمة من صميم واقع المسلمين
    ثامنا: فضل العقيدة: العقيدة أهم علوم الدين علي الإطلاق فالعقيدة أهم من الأخلاق،والعقيدة أهم من الآداب،والعقيدة أهم من العبادات، العقيدة أهم من المعاملات، فهي أول واجب على المكلف فعند دخول الشخص الإسلام يجب عليه معرفة التوحيد قبل تعلم العبادات لما بعث النبي معاذا إلى نحو أهل اليمن قال له: «فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات» و العقيدة أشرف العلوم وأعظمها وأعلاها؛ لأن شرف العلم بشرف المعلوم، والمعلوم في هذا العلم هو الله، ومنزلة العلم تقدر بحاجة الناس إليه، وبما يحصل لصاحبه من الانتفاع به في الدنيا والآخرة، وحاجة العباد إلى علم العقيدة فوق كل حاجة، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة؛ لأنه لا حياة للقلوب ولا نعيم، ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها و معبودها بأسمائه وصفاته وأفعاله، وما يجب له وما ينزه عنه، ويكون مع ذلك كله أحب إليها مما سواه، ويكون سعيها فيما يقربها إليه. وكلما كانت معرفة العبد بربه صحيحة تامة كلما كان أكثر تعظيما واتباعا لشرع الله وأحكامه، وأكثر تقديرا للدار الآخرة. والعقيدة أساس دعوة الأنبياء كما قال تعالى على لسان كل نبي يرسله إلى قومه: " ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره " و العقيدة ضرورة من ضروريات الإنسان التي لا غنى له عنها فالإنسان بحسب فطرته يميل إلى اللجوء إلى رب يعتقد فيه القوة الخارقة والسيطرة الكاملة عليه وعلى المخلوقات من حوله, وهذا الاعتقاد يحقق له الميل الفطري للتدين ويشبع نزعته تلك، والعقيدة الإسلامية تقوم على الاعتقاد الصحيح الذي يوافق تلك الفطرة ويحترم عقل الإنسان ومكانته في الكون وخلو أصول العقيدة من اعتقاد مكفر لازمة لقبول الأعمال الصالحة وصاحب الاعتقاد المكفر كافر،والكفر محبط للعمل قال تعالي: " لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين" "والعقيدة يبنى عليها الدين،والدين الإسلامي بناء متكامل يشمل جميع حياة المسلم منذ ولادته وحتى مماته ثم ما يصير إليه بعد موته، لذلك كان لابد لهذا البناء الضخم القيام على أساس متين؛ ولذلك مكث النبي عشر سنين بمكة ينزل عليه القرآن وكان في غالبه ينصب على البناء العقدي حتى إذا ما تمكنت العقيدة في نفوس أصحابه رضوان الله عليهم نزلت التشريعات الأخرى بعد الهجرة إلى المدينة. و خلو العقيدة من اعتقاد مكفر فيصل حاسم بين خلود الإنسان في نار جهنم والنجاة منها فقد قال تعالى: " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما " و إخلاص الأعمال الصالحة لله يحتاج إلى العقيدة فإخلاص الدين لله تعالى لا يبلغ كماله إلا بإخلاص المحبة لله المعبود، والمحبة لا تكتمل إلا بتمام المعرفة , والعقيدة الإسلامية تقدم للإنسان كل ما يجب عليه معرفته في حق الله تعالى،وبذلك يبلغ كمال المحبة، وبالتالي يسعى لكمال الإخلاص لله تعالى؛ لأنه أتم معرفته به هذا غيض من فيض وقطرة من سيل من علم العقيدة.
    ومن أعظم فضائله: أن جميع الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة متوقفة في قبولها وفي كمالها، وفي ترتب الثواب عليها على التوحيد، فكلما قوي التوحيد والإخلاص لله كملت هذه الأمور وتمت.
    ومن فضائله: أنه يسهل على العبد فعل الخير وترك المنكرات ويسليه عن المصيبات، فالمخلص لله في إيمانه وتوحيده تخف عليه الطاعات لما يرجو من ثواب ربه ورضوانه، ويهون عليه ترك ما تهواه النفس من المعاصي، لما يخشى من سخطه وعقابه.
    ومنها: أن التوحيد إذا كمل في القلب حبب الله لصاحبه الإيمان وزينه في قلبه، وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، وجعله من الراشدين.
    ومنها: أنه يخفف عن العبد المكاره ويهون عليه الآلام.
    ومن أعظم فضائله: أنه يحرر العبد من رق المخلوقين والتعلق بهم وخوفهم ورجائهم والعمل لأجلهم، وهذا هو العز الحقيقي والشرف العالي.
    ويكون مع ذلك متألها متعبدا لله، لا يرجو سواه ولا يخشى إلا إياه، ولا ينيب إلا إليه، وبذلك يتم فلاحه ويتحقق نجاحه.
    ومن فضائله التي لا يلحقه فيها شيء: أن التوحيد إذا تم وكمل في القلب وتحقق تحققا كاملا بالإخلاص التام، فإنه يصير القليل من عمله كثيرا، وتضاعف أعماله وأقواله بغير حصر ولا حساب، ورجحت كلمة الإخلاص في ميزان العبد بحيث لا تقابلها السماوات والأرض وعمارها من جميع خلق الله، كما في
    حديث أبي سعيد المذكور في الترجمة، وفي حديث البطاقة التي فيها لا إله إلا الله التي وزنت تسعة وتسعين سجلا من الذنوب، كل سجل يبلغ مد البصر، وذلك لكمال إخلاص قائلها، وكم ممن يقولها لا تبلغ هذا المبلغ؛ لأنه لم يكن في قلبه من التوحيد والإخلاص الكامل مثل ولا قريب مما قام بقلب هذا العبد.
    ومن فضائل التوحيد: أن الله تكفل لأهله بالفتح والنصر في الدنيا، والعز والشرف وحصول الهداية والتيسير لليسرى وإصلاح الأحوال والتسديد في الأقوال والأفعال.
    ومنها: أن الله يدفع عن الموحدين أهل الإيمان شرور الدنيا والآخرة، ويمن عليهم بالحياة الطيبة والطمأنينة إليه والطمأنينة بذكره، وشواهد هذه الجمل من الكتاب والسنة كثيرة معروفة والله أعلم. القول السديد في مقاصد التوحيد لعبد الرحمن بن سعدي - ص24
    تاسعا: مسائل العقيدة: مسائل العقيدة كل ما يتعلق بالله تعالى وكل ما أخبر به عن نفسه تعالى: ذاتا وصفات وأفعالا،ويدخل في العقيدة الإسلامية أيضا الرسل الكرام الذين بعثهم الله تعالى برسالاته إلى البشر،وما يتعلق بأولئك الرسل عليهم السلام من صفات وما يجب في حقهم وما يستحيل عليهم وما هو جائز منهم،ويدخل في العقيدة الإسلامية أيضا الأمور الغيبية: وهي التي لا يمكن الوصول إلى معرفتها إلا بوحي من الله تعالى بواسطة رسول من رسله - عليهم السلام- أو كتاب من كتبه، و يدخل فيها الملائكة: فيجب الإيمان بهم جملة،وبمن علمنا اسمه ومن علمنا عمله تفصيلا. و الكتب: فيجب الإيمان بأن لله كتبا أنزلها على رسله عليهم السلام فنؤمن بما نص عليه تفصيلا كما قال الله تعالى: وآتينا داود زبورا ،وقوله: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور وقوله تعالى: وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه . كما نؤمن بما لم يسم منها إجمالا. و اليوم الآخر: وما يتعلق بوقته وكل ما أخبرنا به مما يقع فيه من البعث والنشور والحساب والجنة والنار وغير ذلك ويدخل في العقيدة خبار بدء الخليقة وما يتعلق بذلك،و أساس العقيدة الإسلامية هو أصول الإيمان الستة التي ذكرها الله سبحانه وذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير موضع. قال الله تعالى: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين ،وقول النبي حين سأله جبريل عن الإيمان فقال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره» الأصول المقررة في عقيدة أهل السنة والجماعة
    1 - مسائل التوحيد وتشمل التوحيد بأنواعه الثلاثة (توحيد الربوبية - توحيد الإلوهية - توحيد الأسماء والصفات).
    2 - مسائل الإيمان ..
    3 - مسائل الكفر والشرك والنفاق والردة ونواقض الإيمان.
    4 - أركان الإسلام والإيمان والإحسان.
    5 - وأحكام أهل الذمة وأحكام الديار وأهل الملل.
    6 - المسائل المتعلقة بالجن والملائكة والغيبيات.
    7 - الإيمان بالقرآن وأنه كلام الله غير مخلوق.
    8 - مسائل النبوات والمعجزات وحقوق الأنبياء.
    9 - مسائل الكرامات وخوارق العادات.
    10 - مسائل القضاء والقدر والإرادة والمشيئة الإلهية.
    11 - مسائل الإيمان بالآخرة وما يتعلق به من فتنة القبر وعذابه وسؤال منكر ونكير والنفخ والبعث والحشر والحوض والميزان والحساب والصراط.
    12 - حكم أهل الكبائر وبيان أن أهل السنة لا يكفرون أحداً بذنب ما لم يكن كفراً.
    13 - مسائل الشفاعة.
    14 - أحكام التوسل والتبرك المشروع والممنوع وأحكام الرقية الشرعية.
    15 - الفتن والملاحم وأشراط الساعة وعلاماتها الكبرى والصغرى.
    16 - مسائل الحكم بما أنزل الله وأصول الحكم في الإسلام.
    17 - مسائل الإمامة والخلافة وكونها في قريش وبيان شروطها وأركانها والسمع والطاعة لولي أمر المسلمين وعدم الخروج عليه إلا إذا ظهر منه الكفر البواح.
    18 - الرد على أهل البدع والأهواء وسائر الملل والنحل الضالة وهجر المبتدع.
    19 - حقوق صحابة النبي صلى الله عليه وسلم من الحب والولاء والدفاع عنهم واعتقاد أن أفضلهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضوان الله تعالى عليهم، ثم باقي العشرة المبشرة، ثم أصحاب بدر، ثم أصحاب أحد، ثم أصحاب بيعة الرضوان، ثم السابقون ممن أسلموا قبل الفتح، ثم مسلمة الفتح ومن بعدهم وأن جميعهم ماتوا على الإسلام وإن الله وعد الجميع الحسنى وزيادة، مع عدم الخوض فيما جرى بينهم كما قال القحطاني رحمه الله:
    دع ما جرى بين الصحابة في الوغى ... بسيوفهم يوم التقى الجمعان
    فقتيلهم منهم وقاتلهم لهم ... وكلاهما في الحشر مرحومان
    والله يوم الحشر ينزع كل ما ... تحوي صدورهم من الأضغان
    20 - مسائل الولاء والبراء وحكم التشبه بالكفار.
    21 - حفظ النبي صلى الله عليه وسلم في أزواجه وآل بيته وأن حبهم من الإيمان وبغضهم من الكفر والنفاق مع البراءة من غلو الرافضة وجفاء الناصبة.
    22 - مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله.
    23 - قبول خبر الآحاد في الاعتقاد والعمل.
    24 - بيان منهج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة وتميزه عن مناهج أهل الزيغ والضلال.
    25 - الاعتصام بالسنة واجتناب البدع والمحدثات. هذه أهم المسائل التي اشتملت عليها عقيدة أهل السنة والجماعة، إضافة إلى مواضيع كثيرة متفرعة عن هذه المسائل. قواعد في بيان حقيقة الإيمان عند أهل السنة والجماعة - عادل الشيخاني - ص: 70
    عاشرا: حكم تعلم العقيدة: (ينبغي أن يعلم أن حكم العلم كحكم معلومه، فإن كان المعلوم فرضاً أو سنة فعلمه كذلك، إذا توقف حصول المعلوم على تعلم ذلك العلم).
    وفي الحق أن تعلم علم التوحيد منه ما هو فرض عين، ومنه ما هو فرض كفاية، وهذا شأن العلوم الشرعية عامة. قال الإمام ابن أبي العز رحمه الله: (اعلم أن التوحيد هو أول دعوة الرسل وأول منازل الطريق، وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله عز وجل ... ولهذا كان الصحيح أن أول واجب يجب على المكلف شهادة أن لا إله إلا الله، لا النظر ، ولا القصد إلى النظر ، ولا الشك ، فالتوحيد أول ما يدخل به في الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا، فهو أول واجب وآخر واجب).
    قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله في شرح منظومته معارج القبول:
    أول واجب على العبيد ... معرفة الرحمن بالتوحيد
    ومما يدل على أنه آخر واجب، حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)) وفي الصحيح من حديث عثمان رضي الله عنه: ((من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله، دخل الجنة)) فتعلم فرض العين من علم التوحيد هو أول الواجبات وأولاها وأفرضها على المكلفين أجمعين.
    وفرض العين منه، هو: ما تصح به عقيدة المسلم في ربه، من حيث ما يجوز ويجب ويمتنع في حق الله تعالى، ذاتا وأسماء وأفعالاً وصفات، على وجه الإجمال، وهذا ما يسميه بعض العلماء بالإيمان المجمل أو الإجمالي.
    وهو ما يسأل عنه جميع الخلق؛ لما روي عن أنس بن مالك وابن عمر ومجاهد في قوله عز وجل: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ [الحجر: 92] قالوا: (عن لا إله إلا الله).
    وأما فرض الكفاية من علم التوحيد، فما زاد على ذلك من التفصيل والتدليل والتعليل، وتحصيل القدرة على رد الشبهات وقوادح الأدلة، وإلزام المعاندين وإفحام المخالفين، وهذا ما يسمى بالإيمان التفصيلي، وهو المقدور على إثباته بالأدلة وحل ودفع الشبه الواردة عليه، وهو من أجل فروض الكفايات في علوم الإسلام؛ لأنه ينفي تأويل المبطلين وانتحال الغالين، فلا يجوز أن يخلو الزمان ممن يقوم بهذا الفرض الكفائي المهم، إذ لا شك أن حفظ عقائد الناس أكثر أهمية من حفظ أبدانهم وأموالهم وأعراضهم.
    واختصاراً فإن حكم الشارع في تعلم علم التوحيد أنه فرض عين على كل مكلف، من ذكر وأنثى وذلك بالأدلة الإجمالية وأما بالأدلة التفصيلية ففرض على الكفاية. ويشترط للتكليف بالتوحيد أربعة شروط، وهي: العقل، والبلوغ، وسلامة حاستي السمع أو البصر، وبلوغ الدعوة. علم العقيدة عند أهل السنة والجماعة لمحمد يسري - ص: 163
    وبهذا نكون قد انتهينا من المقدمات العشر ويليه شرعية الانتساب لمنهج اهل السنة والجماعة والادلة على ذلك
    الأدلة الشرعية على مشروعية الانتساب للدعوة السلفية –دعوة أهل السنة والجماعة-
    السلام عليكم اخوتي في الله كنت قد شرحت لبعض الاخوة شرح الاصول الثلاثة وقبل بداية شرح الاصول وضعت لهم مقدمات في العقيدة-وان شاء الله سوف اضع هذه المقدمات لاحقا- وكان في ختامة هذه المقدمات اردت تثبيت المعتقد والمنهج للاخوة حول الانتساب للسلف الصالح وانه ثابت وليس بدعة في الانتساب لهم وهذا من كلام اهل اعلم القدمء والمعاصرين منم وركزت على كلام اهل العلم من بلادنا الحبيبة الجزائر فكان مما كتبته مايلي
    تعريف مصطلح أهل السنة والجماعة
    ان مصطلح أهل السنة والجماعة يُعنى به "المستمسكون بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذين اجتمعوا على ذلك، وهم الصحابة والتابعون، وأئمة الهدى المتابعون لهم، ومن سلك سبيلهم في الاعتقاد والقول والعمل إلى يوم الدين".
    فهم بالجملة كل من اجتمع على التمسك بالسنة ونبذ الفرقة، وجمع الدين قولاً وعلمًا وعملاً، مع الاجتماع على أئمة الحق والحرص على وحدة الصف، فيجمعون بذلك بين واجبي الاتباع والاجتماع.
    ومما سبق.. فإن من الوجوه التي يمكن أن نتعرف منها على أهل السنة ما يلي:
    - أنهم هم السلف الصالح-السلفيون-، أصحاب القرون الثلاثة الفاضلة، من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين علموا السنة وعملوا بها ونقلوها، والتابعين وتابعي التابعين من أئمة الهدى المتبعين لآثار الصحابة .فليس من عاش في هذه الفترة من الزمن يطلق عليه سلف صالح الا ان يكون قوله وفعله وعمله موافقا للكتاب والسنة متبعا لامبتدعا.قال النبي صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة رضي الله عنها "..وانك اول اهلي لحوقا بي ونعم السلف انا لك"متفق عليه قال الامام السفاريني في كتابه لوامع الانوار"المراد بمذهب السلف ماكان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم واعيان التابعين لهم باحسان واتباعهم وائمة الدين ممن شهد له بالامامة وعرف عظم شانه في الدين وتلقى الناس كلامهم خلفا عن سلف ..."
    - وهم الفرقة الناجية من بين الفرق، حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراق أمته إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة وهي "الجماعة"، وفي رواية قال: "ما أنا عليه وأصحابي".
    - وهم الطائفة الظاهرة المنصورة إلى قيام الساعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تزال طائفة من أمَّتي يقاتلون على الحق، ظاهرين إلى يوم القيامة".
    - وهم الغرباء إذا كثرت الأهواء والضلالات والبدع وفسد الزمان، أخذًا من قوله صلى الله عليه وسلم : "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا فطوبى للغرباء".
    - وهم أصحاب الحديث واهل الاثر رواية ودراية علمًا وعملاً. روي ذلك عن ابن المبارك، والبخاري، وابن المديني، وأحمد بن سنان، وقال الإمام أحمد في الطائفة المنصورة: "إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم"، وقال القاضي عياض: "إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث".
    مشروعية هذا المصطلح ووجوب الاخذ به :
    1- إن هذا المصطلح والوصف مستمد في الحقيقة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه الآمر بالعناية بالسنة "عليكم بسنتي"، وهو الآمر بالجماعة "وأنا آمركم بخمس كلمات أمرني الله بهن: الجماعة،..."، وهو الذي نهى عن الفرقة "من فارق الجماعة شبرًا فمات، إلا مات ميتة جاهلية". "فأهل السنة والجماعة إنما سماهم الرسول ووصفهم بذلك".
    2- ثم إن هذا المصطلح مستمد من آثار الصحابة والسلف . قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ }آل عمران:106 "فأما الذين ابيضت وجوههم فأهل السنة والجماعة، وأما الذين اسودت وجوههم فأهل البدع والضلالة". وقال سعيد بن جبير رحمه الله في قوله تعالى: { وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى } [طه:82]: "لزم السنة والجماعة". وقال سفيان الثوري رحمه الله: "إذا بلغك عن رجل بالمشرق صاحب سنة، وآخر بالمغرب، فابعث إليهما بالسلام وادع لهما، ما أقل أهل السنة والجماعة".
    3- وقد نص العلماء على أن أهل السنة هم الصحابة ومن اقتفى آثارهم. قال ابن ابي العز في شرحه للطحاوية رحمه الله: "هم الصحابة والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين" وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "صار المتمسكون بالإسلام المحض هم أهل السنة والجماعة".
    4- كما استعمل الأئمة هذا الاسم والمصطلح المبارك في النص على أمور الاعتقاد الصحيحة تمييزًا لها عن غيرها،قال الشافعي رحمه الله في وصية له في اخرها"هذه عقيدة اهل السنة والجماعة احيانا الله واماتنا عليها" كما فعل ذلك قتيبة بن سعيد الثقفي رحمه الله، ونقله عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء بل جعل بعض الأئمة هذا الاسم ضمن عناوين كتبهم في العقيدة كما فعل اللالكائي رحمه الله في كتابه "شرح أصول اعتقاد أهل السنة"، وكما فعل قوّام السنة إسماعيل بن محمد الأصبهاني رحمه الله في كتابه "الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة".
    5- ثم إن هذا المصطلح يرادف ويقارب عند الإطلاق مصطلحات شرعية أخرى مثل أهل الحديث والفرقة الناجية والطائفة المنصورة، والسلف الصالح، وقد تقدم الكلام عليها.
    ومن جملة هذا المبحث يتضح جليًّا أن مذهب أهل السنة قديم، وأن التسمية قديمة تبدأ ببداية الإسلام؛ لأن أهل السنة على الحقيقة هم أهل الإسلام، المتبعون لسيد الأنام صلى الله عليه وسلم ، ويظهر هذا جليًّا بالنظر إلى صفاتهم وخصائصهم، وأن أول من دُعي بإمام أهل السنة هو الإمام أحمد بن حنبل، وفي هذا رد على من زعم أن مذهب أهل السنة والجماعة إنما عُرف وظهر في زمن أبي الحسن الأشعري، وأبي منصور الماتريدي، وأن أهل السنة هم الأشاعرة والماتريدية!! كما تبناه بعض العلماء قديمًا وحديثًا.
    ومن الادلة على وجوب اتباع السلف الصالح والاخذ بمنهجهم واقتفى اثرهم في جميع نواحي الحياة سواء في العبادات او الاعتقادات او في المعاملات او الاخلاق. قال الفوزان حفظه الله "واتباع مذهبهم واجب بالكتاب والسنة" -قال تعالى"واتبع سبيل من اناب الي"لقمان15 والسبيل هو سبيل الصحابة
    -وقال تعالى " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غيرسبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا"النساء115 كما توعد من اتبع غير سبيلهم بعذاب جهنم فقد وعد من اتبع سبيلهم بالجنة والرضوان قال تعالى" وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"التوبة100
    - وامر النبي امته باتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده قال عليه الصلاة والسلام" ..فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي."رواه احمد وابو داود.
    -وقال عليه الصلاة والسلام في حديث افتراق الأمة ووصف الفرقة الناجية منها"ما انا عليه اليوم وأصحابي"فمن اقتفى اثرهم نجي ومن اعرض عنهم هلك وضل
    قال الامام احمد"اصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم وترك البدع"
    اقوال بعض اهل العلم في التسمي بالسلفية والانتساب اليها وهل يجوز ان يقول المسلم انا سلفي:
    : سبق ان عرفنا ان مصطلح اهل السنة والجماعة مشروع وان السلف الصالح هو من بين الاسماء التي اطلقت عليه وسنبين فيما ياتي على مشروعية التسمي بالسلفي.
    - لفظة السلفي او السلفية ماخوذة من السلف قال السمعاني في كتابه الأنساب"السلفي بفتح السين واللام وفي أخرها الفاء هذه النسبة إلى السلف وانتحال مذهبهم" بمعنى أن السلفي هو كل من اخذ بطريقة السلف الصالح في العقيدة و في العبادة و في السلوك والاخلاق
    قال ابن باز رحمه الله تعالى "ان السلف هم اهل القرون المفضلة فمن اقتفى اثرهم وسار على منهجهم فهو سلفي ومن خالفهم في ذلك فهو من الخلف"نقلا من تعليق الشيخ حمد بن عبد المحسن التويجري على العقيدة الحموية ص203
    وقال الشيخ صالح بن عبد الله العبود"ان المراد من التعبير بالسلفية هو اتباع طريقة السلف الصالح من هذه الامة المسلمة الذين هم أهل الستة والجماعة "عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفيةص195
    قال الشيخ بكر ابو زيد :"واذا قيل السلف او السلفيون او لجادتهم السلفية فهي نسبة الى السلف الصالح جميع الصحابة فمن تبعهم باحسان"حكم الانتماء الى الفرق والاحزاب والجماعات الاسلامية ص46
    -مازال اهل السنة يتسمون وينسبون انفسهم الى السلف الصالح والسلفية ويدعون الى طريقتهم منذ القديم الى يومنا هذا
    قال عليه الصلاة والسلام لابنته فاطمة رضي الله عنها" ونعم السلف انا لك"متفق عليه
    قال الاوزاعي عليك باثار من سلف وان رفضك الناس واياك واراء الرجل وان زخرفوا لك القول" قال الامام احمد"اصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم وترك البدع"
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (( لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا )). الفتاوى 4/149 قال وكيع -شيخ الشافعي- في ترجمة اسماعيل بن حماد بن ابي حنيفة: كان إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة سلفياً صحيحا)."أخبار القضاة" "٢/۱٦٧.
    وقد وصف الذهبي في بعض كتبه في ترجمة جمع من اهل العلم بانهم كانوا سلفيين ومن ذلك
    قال الذهبي في ترجمة الدارقطني: لم يدخل الرجل ابدا في علم الكلام ولا الجدال ولاخاض في ذلك بل كان سلفيا" سير اعلام النبلاء 16/457 وقال -رحمه الله- في ترجمة ابن هبيرة: (وكان يعرف المذهب والعربية والعروض سلفيّاً أثرياً).اهـ ["السير"(٢۰\٤۲٦)]. وقال -رحمه الله- في ترجمة محمد بن محمد: (وكان دينا خيرا سلفياً مهيباً).اهـ ["معجم الشيوخ" (٢\٢۸۰)]. وقال -رحمه الله- في ترجمة يحيى بن إسحاق: (وكان عارفا بالمذهب خيرا متواضعا سلفياً حميد الأحكام).اهـ ["معجم الشيوخ" ( ٢\۳٦۹)].
    اقوال اهل العلم المعاصرين:
    1- سئل الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى :- عن حكم الانتساب إلى السلفية والتسمي بها ؟ فأجاب بقوله : ( أمر طيب سواء انتسبت إلى السلفية أم السنة ..وهذه النسبة ليست كنسبة الحزبيين ..) شريط (التحذير من البدع ) الشريط الثاني (التحفة المهدية ص 37
    2- وقال ابن عثيمين-رحمه الله- في شرح العقيدة السفارينية الشريط الأول ما نصه : "من هم أهل الأثر ؟ هم الذين اتبعوا الأثار ، اتبعوا الكتاب والسنة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم وهذا لا يتأتى في أي فرقة من الفرق إلا على السلفيين الذين التزموا طريق السلف .
    -وقال ابن عثيمين رحمه الله في "لقاء الباب المفتوح": السلفي من أخذ بمذهب السلف عقيدة وقولاً وعملاً في أي مكان) وقال ايضا في "لقاء الباب المفتوح(ولكن لا يجوز إطلاقاً أن ينتقل الإنسان من الطريقة السلفية السنية إلى طريقة مبتدعة حادثة مخالفة لمذهب أهل السنة).اهـ
    3- فضيلة الشيخ أحمد بن يحي النجمي رحمه الله: السؤال 1 : ماهي السلفية ومن زعيمهم ؟ الجواب : هي نسبة إلى السلف ، والسلف هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان من أهل القرون الثلاثة المفضلة فمن بعدهم . هذه هي السلفية ، والانتماء إليها معناه هو الانتماء إلى ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى طريقة أهل الحديث ، وأهل الحديث هم أصحاب المنهج السلفي الذين يسيرون عليه ، فالسلفية عقيدة في أسماء الله وصفاته ، عقيدة في القدر ، عقيدة في الصحابة.. وليس للسلفية زعيم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو إمام السلفية وقدوتهم ، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتهم" الفتاوى الجلية عن المنهاج الدعوية
    4- قال بن بازرحمه الله:فاذا ذكرنا المنهج السلفي والدعوة السلفية فنقصد هذه الدعوة المباركة التي سار عليها رسول الله وصحابته الكرام وائمة الهدى"مجموع فتاوى بن باز وسئل أيضا عن الفرقة الناجية فقال : ( هم السلفيون وكل من مشى على طريقة السلف الصالح ) (التحفة المهدية لمن سأل عن معنى السلفية ص 25). وسئل- رحمه الله - : ما تقول فيمن تسمى بالسلفي والأثري ، هل هي تزكية؟ فأجاب سماحته : (إذا كان صادقا أنه أثري أو أنه سلفي لا بأس، مثل ما كان السلف يقول: فلان سلفي، فلان أثري، تزكية لا بد منها، تزكية واجبة).( التحفة المهدية لمن سأل عن معنى السلفية ص 35) وهي من محاضرة مسجلة بعنوان: "حق المسلم"، في 16/1/1413 بالطائف.)
    5-وقال الإمام الألباني-رحمه الله-: (إن من نافلة القول أن نبين أن الدعوة السلفية إنما هي دعوة ألإسلام الحق كما أنزله الله على خاتم رسله أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم فالله وحده سبحانه هو مؤسسها ومشرعها...) التوسل أنواعه وأحكامه" ص(٩٩-١٠٠).
    - سئل الشيخ الألباني عن هذا الموضوع ونص السؤال "لماذا التسمي بالسلفية ؟ أهي دعوة حزبية أم طائفية أو مذهبية ؟ أم هي فرقة جديدة في الإسلام ؟فكان من جوابه( ولكن هناك من مدعي العلم من ينكر هذه النسبة زاعما أن لا أصل لها! فيقول : (لايجوز للمسلم أن يقول : أنا سلفي ) وكأنه يقول : (لا يجوز أن يقول مسلم : أنا متبع للسلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة وعبادة وسلوك) . لا شك أن مثل هذا الإنكار ـ لو كان يعنيه ـ يلزم منه التبرؤ من الإسلام الصحيح الذي كان عليه سلفنا الصالح ، وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم كما يشير الحديث المتواتر الذي في الصحيحين وغيرهما عنه صلى الله عليه وسلم : "خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " . فلا يجوز لمسلم أن يتبرأ من الانتساب إلى السلف الصالح ، بينما لو تبرأ من أية نسبة أخرى لم يمكن لأحد من أهل العلم أن ينسبه إلى كفر أو فسوق . والذي ينكر هذه التسمية نفسه ، ترى ألا ينتسب إلى مذهب من المذاهب ؟! سواء أكان هذا المذهب متعلقا بالعقيدة أو بالفقه... وأما الذي ينتسب إلى السلف الصالح ، فإنه ينتسب إلى العصمة ـ على وجه العموم ـ وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من علامات الفرقة الناجية أنها تتمسك بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه . فمن تمسك به كان يقينا على هدى من ربه . . . ولا شك أن التسمية الواضحة الجلية المميزة البينة هي أن نقول : أنا مسلم على الكتاب والسنة وعلى منهج سلفنا الصالح ، وهي أن تقول باختصار : (أنا سلفي) " .[مجلة الأصالة العدد التاسع شعبان/1416هـ ص 86 ـ90 ] 6- الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله تعالى :في كتابه البيان لاخطاء بعض الكتاب:" . كيف يكون التمذهب بالسلفية بدعة، والبدعة ضلالة ؟!وكيف يكون بدعة وهو اتباع لمذهب السلف ، واتباع مذهبهم واجب بالكتاب والسنة ، وحق وهدى"(ص 156)وقال ايضا " فالتمذهب بمذهب السلف سنة وليس بدعة ، وإنما البدعة التمذهب بغير مذهبهم". وقال في محاضرة ألقاها في حوطة سدير عام 1416هـ بعنوان (التحذير من البدع ) الشريط الثاني، وذلك جوابا على سؤال نصه : "فضيلة الشيخ هل السلفية حزب من الأحزاب ؟ وهل الانتساب لهم مذموم؟. قال في الجواب : السلفية هي الفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة ، ليست حزبا من الأحزاب التي تسمى الآن أحزابا ، وإنما هم جماعة ، جماعة على السنة وعلى الدين ، هم أهل السنة والجماعة.. فالسلفية طائفة على مذهب السلف على ماكان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهي ليست حزبا من الأحزاب العصرية الآن وإنما هي جماعة قديمة من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم متوارثة مستمرة لا تزال على الحق ظاهرة إلى قيام الساعة كما أخبر صلى الله عليه وسلم 7- فضيلة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله تعالى قال فضيلة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله تعالى تحت عنوان الانتساب إلى السلفية "فإن كثيرا ممن يدعون أنهم أهل السنة والجماعة وأنهم على الهدى يشمئزون من الانتساب إلى السلفية؛ وحتى تطمئن قلوبهم إلى هذه النسبة ـ أعني الانتساب إلى السلفية ـ وتقوى عزيمتهم؛ لأن ما وقر في قلوبهم من الاشمئزاز منها فهي وسوسة شيطانية، وقواها في قلوبهم ضعف العزيمة وقلة الفقه في الدين؛ فلو كانت عزائمهم قوية، وتحصيلهم من الفقه في الدين قويا ما اشمئزوا من ذلك، ولم يجدوا في أنفسهم غضاضة منه . فنقول لهم : أولا : جاء من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك : من ذلكم : قوله عليه الصلاة والسلام لابنته فاطمة رضي الله عنها : ((فنعم السلف أنا لك)) . الأمر الثاني : أن هذه النسبة لم تكن محدثة، بل هي من عهد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيقال لهم : السلف . وكلمة (السلف) دارجة عند أئمة هذه الملة أهل السنة والجماعة؛ ويزيد هذا وضوحا : الإجماع على صحة الانتساب إلى السلفية، وأنه لا غضاضة في ذلك؛ واسمعوا حكاية الإجماع : قال شيخ الإسلام ابن تيميه ـ رحمه الله ـ : ((لا عيب على من أظهر مذهب السلف، وانتسب إليه، واعتزى إليه؛ بل يجب قبول ذلك منه اتفاقا؛ فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا …)) إلخ العبارة . وراجعوها ـ إن شئتم ـ في الصفحة التاسعة والأربعين بعد المائة، من المجلد الرابع من ((مجموع الفتاوى)) لابن قاسم؛ فهذا علم من أعلام منهجنا المشهود لهم بجلالة القدر والسابقة في الفضل ينقل الإجماع؛ ومن هو ابن تيميه إذا نقل الإجماع ؟، إنه حجة في نقل الإجماع، ضمن قلة من أهل العلم يحتج بهم في نقل الإجماع . فيا شباب الإسلام خاصة ويا أيها المسلمون عامة لا يكونن في صدوركم حرج من الانتساب إلى السلفية، بل ارفعوا بها رؤوسكم، واصدعوا بها، ولا تأخذكم في ذلك لومة لائم . وأزيدكم شيئا آخر : ذكر شيخ الإسلام ابن تيميه في المصدر السابق وبالتحديد في الصفحة ـ على ما أظن ـ الخامسة والخمسين بعد المائة أن ((من علامات البدع : ترك انتحال السلف الصالح))؛ فلا تجد خلفيا لا سيما المنتسبون إلى الجماعات الدعوية الحديثة الظاهرة في الساحة اليوم والمناوئة لأهل السنة والجماعة إلا وهو يكره السلفية، ويكره الانتساب إلى السلفية؛ لأن السلفية ليست مجرد نسبة، بل السلفية : تجريد إخلاص لله وتجريد متابعة للنبي صلى الله عليه وسلم وقال ايضا: أن السلفية لم يؤسسها أحدٌ من البشر في أيِّ زمانٍ أو مكان... ولا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا مَن مضى مِن قبله من النبيين والمرسلين مؤسسين للسلفية . بل هي من عند الله جاءت. اهـ أصول وقواعد في المنهج السلفي للشيخ عبيد الجابري نقلا من مكتبة سحاب السلفية وهذه بعض اقوال علماء جمعية العلماء المسلمين الجزائرين في الانتساب للسلف والتسمي بالسلفية:
    إن حال لسان جمعية العلماء هو التأسي بمنهج أهل السنة والجماعة السلف الصلح اعتقادا وقولا وعملا وفي مايلي يتجلى ذلك وقد استفدنا من هذه النقولات من كتاب الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس للشيخ محمد حاج عيسى الجزائري 8-العلامة عبد الحميد ابن باديس -قال العلامة عبد الحميد ابن باديس(هذا هو التعليم الديني السني السلفي فاين منه تعليمنا نحن اليوم وقبل اليوم منذ قرون وقرون)آثار الشيخ ابن باديس4/76 وقال في مقال مدافعا عن الشيخ محمد ابن عبد الوهاب(..فان أتباعه كانوا ولازالوا الى الآن سنيين سلفيين )آثار الشيخ5/32 ومنها ما ذكره في أصول الجمعية ونذكر منه مايلي: الأصل الخامس:سلوك السلف الصالح الصحابة والتابعين وأتباع التابعين.. الأصل السادس:فهوم السلف الصالح اصدق الفهوم لحقائق الإسلام ونصوص الكتاب ولسنة الأصل العاشر:أفضل أمته بعده هم السلف الصالح لكمال اتباعهم له. الأصل السابع عشر: ندعوا الى ما دعا اليه الإسلام وما بيناه من الأحكام بالكتاب والسنة وهدي السلف الصالح ) اثار الشيخ ابن باديس5/153-155 وقال الشيخ البشير الإبراهيمي في مقدمة كتاب العقائد الإسلامية للإمام ابن باديس وهو يثني على الكتاب ( فجاءت عقيدة مثلى يتعلمها الطالب فيأتي منه مسلم سلفي موحد لربه بدلائل القران كأحسن مايكون المسلم السلفي)19-20 وقال بمناسبة ختم ابن باديس لدروس التفسير(هذا هو اليوم الذي يختم فيه إمام سلفي تفسير كتاب الله تفسيرا سلفيا ليرجع المسلمون إلى فهمه فهما سلفيا)آثار البشير الابراهيمي1/362 وقال في موضع أخر (وارد الله فحقق للأستاذ أمنيته من ختم التفسير وللأمة رجاءها في تسجيل هذه المفخرة للجزائر لأنصار السلفية غرضهم من تثبيت أركانهم بمدارسة كتاب الله كملا)آثار ابن باديس1/453 وقال الشيخ أبو يعلى الزواوي-من علماء الجمعية-(وعرفت بظهر الغيب الأستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس المشرف على الشهاب انه قطب دائرتنا السلفية)الشهاب2/768
    9- الشيخ البشير الإبراهيمي - وقال الشيخ البشير الإبراهيمي وهو يعرف مفهوم السلفية (إن السلفية نشأة وارتياض ودراسة فالنشأة أن ينشا في بيئة أو بيت كل ما فيه يجري على السنة عملا لا قولا والدراسة ان يدرس من القران والحديث الأصول الاعتقادية ومن السيرة النبوية الجوانب الأخلاقية النفيسة ثم يروض نفسه بعد ذلك على الهدي المعتصر من تلك السيرة وممن جرى على صراطها من السلف)اثأر البشير الابراهيمي2/922 وقال معرفا بمبارك الميلي(وفقدته المحافل الإصلاحية ففقدت عالما بالسلفية الحقة عاملا بها..)آثار البشير الاراهيمي2/183 قال بشير كاشة -احد تلاميذ جمعية علماء المسلمين –في ترجمة الشيخ الإبراهيمي(ورث الشيخ هذه النزعة السلفية من أسلافه فقد كان بيته بيت علم منذ ثلاثة قرون) محمد البشير الإبراهيمي شيخ العلماء وفارس البيان (27-2 لبشير كاشة 10- الشيخ ابو يعلى الزواوي وقال الشيخ أبو يعلى الزواوي(ولهذا صرت حليف مجلته وحزبه السلفي الإصلاحي ولا مزية لي)الشهاب 3/738 والشيخ يقصد ابن باديس وقال أيضا(واني أعلنت إني سلفي وأعلنت إني تبرأت من كل ما يخالف الكتاب والسنة ورجعت عن كل قولة قلتها لم يقلها السلف الصالح)الشهاب2/ 951 وقال الشيخ الطيب العقبي ردا على من انتقص الشيخ الزواوي(إلا ما أشفقتما عليه أو رحمتما شخيخوخته وسلفيته الصادقة وتركتماه لنا عضدا قويا وشيخا سلفيا...وهو من قد عرفتماه فضلا ومعرفة وسبقا الى مذهب السلفية)الشهاب2/1034-1035 قال الشيخ مبارك الميلي-من علماء الجمعية- (...للشيخ العالم السلفي الأستاذ أبي يعلى الزواوي الذي لقبه الأخ الشيخ الطيب العقبي شيخ الشباب وشاب الشيوخ..)البصائر السنة الأولى عدد 48 ص4 11- الشيخ الطيب العقبي قال الشيخ الطيب العقبي-من علماء الجمعية وكان من اصلب رجال الجمعية وأشدهم على أهل البدع- في قصيدة له بعنوان الدين الخالص
    مذهبي شرع النبي المصطفى واعتقادي سلفي ذو سداد خطتي علم وفكر ونظر في شؤون الكون بحث واجتهاد وكان رحمه الله يكتب في جريدة البرق سنة1927 فيمضي مقالاته أحيانا بإمضائه الصريح وأحيانا أخرى بإمضاء "السلفي" قال الزواوي في الشيخ الطيب العقبي( العلامة السلفي الصالح داعية لإصلاح الديني)جريدة البصائر السنة الأولى عدد48 ص8 12- الشيخ مبارك الميلي قال الشيخ مبارك الميلي في رسالته الشرك ومظاهره( فنحن بالعقيدة السلفية قائلون) وكان يمضي أحيانا بالسلفي 13- الشيخ العربي التبسي قال الشيخ العربي التبسي-من علماء الجمعية- (أما السلفيون الذين نجاهم الله مما كدتم لهم فهم قوم ما اتوا بجديد ولا أحدثوا تحريفا ولا زعموا لأنفسهم شيا مما زعمه شيخكم وإنما هم قوم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر في حدود الكتاب والسنة)مقالات في الدعوة1/109 وقال في رسالة خاصة إلى بشير كاشة( السلام عليكم وعلى جميع المصلحين السلفيين الصالحين)إمام المجاهدين الشهيد الشيخ العربي التبسي لبشير كاشة79-80 **ونختم كلامنا بكلام رائع للعلامة الفوزان لمن في قلبه تردد في انتسابه للسلف او السلفية او لمن يعاديها وهو يعلم او يجهل . يقول فضيلة الشيخ -وفقكم الله- نسمع بعض الناس يقولون: لا يجوز الانتساب إلى السلف ، ويعد السلفية حزب من الأحزاب القائمة في الوقت الحالي، فما رأيكم بهذا الكلام؟ فأجاب فضيلة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله-: نعم السلف حزب الله ، السلف حزب؛ لكنهم حزب الله، الله -جل وعلا- يقول:((أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون )). السلف انحازوا إلى الكتاب والسنة وإلى الصحابة فصاروا حزب الله، وأما من خالفهم فهم أحزاب ضالة مخالفة.. هناك حزب الله وهناك حزب الشيطان، كما في آخر سورة ( المجادلة) ، فالأحزاب تختلف. فمن كان على منهج الكتاب والسنة؛ فهو حزب الله. ومن كان على منهج الضلال؛ فهو حزب الشيطان. وأنت تخير، تكون من حزب الله، أو تكون من حزب الشيطان. من استطاع ان يصممها على شكل مطوية فهو افضل جمع وترتيب أخوكم شاكر التبسي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    في إحدى الدول
    المشاركات
    4,888

    افتراضي رد: المقدمات العشر في علم العقيدة +شرعية الانتساب الى الدعوة السلفية

    جزاك الله خيرا
    قال أبو الدرداء -رضي الله عنه - : إني لآمركم بالأمر و ما أفعله ، ولكن لعلّ الله يأجرني فيه .
    سير أعلام النبلاء4/19.


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. نصيحة من محدث العصر الألباني رحمه الله __ للشباب الذين يطعنون في العلماء الدعوة السلفية
    بواسطة عبد الرحمن أبوإسحاق السلفي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 20-Feb-2020, 09:29 PM
  2. [منهجية] جمع /نصحية وتزكية علماءومشايخ الدعوة السلفية الحق إلى مشايخ الدعوة السلفية بالجزائر1439
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-Jan-2018, 08:50 PM
  3. مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 06-Oct-2015, 09:05 AM
  4. اعلان اليوم الخميس :::لقاء لنخبة من مشايخ الدعوة الدعوة السلفية بمكة::::
    بواسطة أبو الوليد خالد الصبحي في المنتدى مكتبة الأمين العلمية الــشـاملة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31-Jan-2013, 04:22 PM
  5. موقف علماء العصر من الانتساب إلى : ((السلف))
    بواسطة محبة المنهج السلفي في المنتدى مـنــبر الأســـرة المـــســلـــمـــة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-Oct-2011, 01:35 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •