بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ؛ وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
أما بعد :
أولا :
أخي بارك الله فيك ، واعلم - حفظني الله وإياك- أن السياسة للساسة ، وأنا لا أشتغل بالسياسة ، ولا بالساسة ، وقد صدق شيخنا العلامة المجدد الألباني - رحمه الله – حيث قال : من السياسة ترك السياسة ، وتركها لا لكون الاشتغال بالسياسة منهي عنه ، ولكن لأنها سياسة وضعية خبيثة تقوم على دبلوماسية الكذب والحيل والروغان والمكر بالمخالف وفي بعض الأحيان بالمداهنة والنفاق ..
ثانيا : وبناء على ذلك فأنا في صمم عما يجري في الواقع ، لا اهتم بشيء من ذلك إلا ما طرق سمعي من غير قصد في دنيا النّاس ، أو كنت في مجلس عام وتكلموا عمّا يجري أو كان حدث وانتشر حتى عند الغلمان فربما حدثني به بعض إخواني ..
ثالثا : أما السياسة الشرعية التي تقوم على العدل والإحسان ، وتقديم مصلحة العباد والبلاد ، والإصلاح للفرد والمجتمع ، وعمارة الأرض بالتقوى والصلاح ،والبر والخير ، فهذه للعلماء والاشتغال بها فيه خير وفائدة ونفع للفرد والمجتمع ، ولكن أين ذلك ؟؟؟ والحال كما وصفتم .
رابعا : بعض الدول لما تعجز عن الاستجابة لمصالح الشعب ، وتحقيق النفع العام ، والتقدم الحضاري إن صح التعبير ، وتعجز عن توجيه الشعب إلى خير الدنيا والآخرة ، تصطنع الحوادث ، والإشاعات والقلاقل وترمي بها في الشارع لجس النبض ، وشغل النّاس واختبارهم بذلك ، وبعض الأحيان يصل الأمر إلى حرب كلامية بين الموافق والمخالف ..إلى تطاحن بالكلام وهذا ما يجعل النّاس في شغل شاغل عما يجري من وراء الكواليس ومايراد لهم .
خامسا : هذه سنة الله في خلقه ، يتصارعون على كرسي الحكم الذي شهوته أعظم من شهوة البطن والفرج ، ولذلك تجد الجالس على كرسي المسئولية أي كان يود أن يخلد فيه ولا يزعزعه أحد ،وقد شهد الواقع بهذا ، وتجد بالمقابل البعيد عنه – نهايك عن القريب منه - حتى لو لم يكن كفئا لذلك المقام فإنه يحرص وبطمع شديد في الوصول إليه ..
و الصراع قائم بين الباطل والباطل كما هو قائم بين الحق والباطل ، والصراع القائم اليوم من النوع الأول في كثير من المجتمعات قائم على كرسي الحكم ليس إلا ..
أما المصلحة العامة ، والإصلاح فهذه كلمات يرددها الساسة بجميع طوائفهم من أجل در الرماد عن العيون ليكتسبوا ثقة العشب وخاصة في السباق الانتخابي ، أما الإصلاح الحقيقي والمصلحة العامة فدونها خرط القتاد .
ولقد مرت حكومات تلو حكومات ودار لقمان على حالها ، كلما جاءت امة إلى الحكم لعتن أختها التي مرت من هناك ؛ بل كلماجاءت أمة ما زادت الوضع والمجتمع إلا الفتن والقلاقل والمحن للأمة ، وما جيرانكم عنكم ببعيد ، والسعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ به غيره .
سادسا وأخيرا : نصيحتي للأمة وخاصة الشباب وهو عمود الأمم ؛ ألا يضيع وقته وعمره في تراهات السياسة وغياهبها المظلمة ، وعليه أن يشمر عن ساعد الجد ويعود إلى ربه سبحانه فيعرف ربه ودينه ونبيه ، ودوره في هذه الحياة ، وأن يشتغل بما ينفعه دنيا وأخرى عسى أن يعود عليه بالخير فالله تعالى لا يضيع من أحسن عملا ، فإذا أحسنوا وأصلحوا وصلحوا أحسن الله لهم ساستهم وولاتهم ، فكيفما تكونوا يُولى عليكم ، والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، ووعلينا وعليكم أيها العقلاء أن نترك الفتن ما ظهر منها وما بطن ولا نسعى فيها ولا نكن طرفا فيها فإنها مهلكة وكذلك والقيل والقال ، من أجل إماتة الوقت ، واعتبروا بمن مضى ، وبمن هم في بلاء السياسة وأثرها وثمرتها اليوم .
اللهم اصلح بلادنا وبلاد المسلمين واصلح ولاة أمرنا وارزقهم البطانة الصالحة ، وألهمهم أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك .
أسأل الله تعالى أن يبصرني وإياكم بالحق وأن يرزقنا الثبات عليه إنه سميع قريب مجيب .
جزى الله خيرا من أعان على نشره لأنه هام للبلاد والعباد كما عنون له ، وجزى الله من تصدى للشر وأعان على قتل الفتن في مهدها فهذا هو الصالح المصلح .