النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    أبو فريحان غير متواجد حالياً فضيلة الشيخ / أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي - حفظه الله -
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    المشاركات
    79

    افتراضي رسالة إلى كل من حفظ النصوص وضيع الفصوص .


    رسالة إلى كل من حفظ النصوص وضيع الفصوص .

    وهي رسالة إلى كل من أجاد النقول وترك العمل المفضول .

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاَه .
    أما بعد :

    فما أكثر النصوص الدّالة على التعاون بين الإخوة المسلمين من قضاء الحوائج ، وتنفيس الكُرُبات ، والتيسير على المعسر ، وإكساء العاري ، وإشباع الجائع ..الخ .
    وما أقل العاملين من المسلمين بذلك ، فالآذن صمّاء والأعين عمياء ، والقلوب مُغْلقة أو مُغَلَّفة ؛ إلا مَن رحم ربك .
    فأقول من باب التذكير بقَوْلِه اللهُ تَعَالَى : {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] :
    قَالَ تَعَالَى : {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2].
    فهذه هي القاعدة التي ينطلق منها كل مسلم ؛ ألاَ وهي : التعاون فيما بينهم على أمور الخير ، أُخذت من المصدر الأول للتشريع الإسلامي .

    أما المصدر الثاني : وهو السُّنة النبوية .
    [1] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
    (1- مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا ؛ نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
    2- وَمِنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ ؛ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
    3- وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً ؛ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
    4- وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ..) .
    أخرجه أحمد (2 / 252، 274، 296، 500، 514) ، ومسلم (2699) ، وأبو داود (4946) وغيرهم . وهو حديث صحيح .

    قال الألباني : "( نَفَّسَ) بتشديد الفاء ؛ أي : فرج ، وأزال بماله ، أو بجاهه ، أو إشارته ، أو إعانته ، أو وساطته ، أو دعائه وشفاعته .
    (كُرْبَةً) ، وهي في أصل اللغة : ما يأخذ النفس من الغم .
    والمعنى : فرج وأزال هماً واحداً من هموم الدنيا ؛ أي هم كانَ ، صغيراً أو كبيراً ؛ من عِرضه وغرضه، وعَده وعُدده، وهذا فيما يجوز شرعاً، وأما ما كان محَرماً أو مكروها، فلا يجوز تفريجه، ولا تنفيسه.
    (مُعْسِرٍ) : هو من ركبه الدَّين ، وتعسر عليه قضاؤه بالإنظار أو بالإبراء ، أو يُراد بالعسر ؛ مطلق الفقر ، فيُسَهل عليه أمره ، بالهبة أو الصدقة أو القرض .

    و(فِي عَوْنِ الْعَبْدِ) ؛ أي : إعانته ، (مَا كَانَ الْعَبْدُ) ؛ أي : مدة دوام كونه (فِي عَوْنِ أَخِيهِ) ؛ أي : إعانته بماله ، أو جاهه ، أو قلبه ، أو بدنه" .
    "صحيح الترغيب" (1 / 137) .

    قال القاري : "(عَنْ مُؤْمِنٍ) : أَيَّ مُؤْمِنٍ ؛ وَلَوْ كَانَ فَاسِقاً ؛ مُرَاعَاةً لِإِيمَانِهِ .

    (وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ) ؛ أَيْ : سَهَّلَ عَلَى فَقِيرٍ ، وَهُوَ يَشْمَلُ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ ؛ أَيْ : مَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى فَقِيرٍ فَسَهَّلَ عَلَيْهِ بِإِمْهَالٍ أَوْ بِتَرْكِ بَعْضِهِ أَوْ كُلِّهِ .
    ولاَ يَخْفَى أَنَّ الْمُعْسِرَ ، وَصَاحِبَ الْكُرْبَةِ ؛ هُوَ الْمُرِيدُ فِي وَادِي الْغُرْبَةِ ، الْمُحْتَاجُ إِلَى قَطْعِ الْعَقَبَاتِ النَّفْسَانِيَّةِ ، وَالْمُنَازِلِ الظُّلُمَانِيَّةِ" .
    "مرقاة المفاتيح" (1 / 454-455 / حديث 204) .


    قلتُ : وهذه دعوة للمسلمين في المشارق والمغارب مِن خلال كلمات هذا الحديث الشريف !

    قال النووي :
    "وَمَعْنَى نَفَّسَ الْكُرْبَةَ : أَزَالَهَا .وَفِيهِ – أي : الحديث- : فَضْلُ قَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ وَنَفْعِهِمْ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ عِلْمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مُعَاوَنَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ بِمَصْلَحَةٍ أَوْ نَصِيحَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَفَضْلُ إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ " . "شرح مسلم" (17 / 21) .
    مَن أراد أن يُفَرِّج اللهُ همّه ويُنفِّس كربه ويزيل غمّه ويُيسِّر عسيره وأمره ، وفوق هذا كله ؛ مَن أراد اللهَ أن يكون معه ومعينه ؛ فلا يبخل على أخيه المسلم وخاصة بالمال ؛ فإنه عصب الحياة اليوم – كما يقال- .


    [2] قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
    (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ تَعَالَى : أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى :
    1) سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ .
    2) أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً .
    3) أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْناً .
    4) أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعاً .
    وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِي فِي حَاجَةٍ ؛
    أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ - يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ – شَهْراً ،
    وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ ؛ أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامِ) .

    أخرجه الطبراني في "الكبير" (12 / 453 / 13468) وغيره . وصححه الألباني في "الصحيحة" (906) ، و"صحيح الجامع" (176) ، و"صحيح الترغيب" (2623) .

    تأملوا حين تقرؤوا ؛ ما يحبه الله من أعمالك يا عبد الله ، وتأملوا عِظم ثواب قضاء حاجة مسلمٍ عن الاعتكاف في مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ الذي الصلاة فيه بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام !

    وتنبهوا لكلمة (حَاجَةٍ) في الحديث ؛ جاءت نكرة ، وهي تفيد العموم ؛ أيّ حاجة كانت ، صغيرة أو كبيرة .

    فهنيئاً لمن كسب الثواب الذي في هذه الأحاديث النبوية الشريفة . ونغبطه على ذلك .


    نماذج لمِنْ عَلِمَ وحَفِظَ النصوص ؛ فعمل بها ولم يستهن بالفصوص .

    وأُقدِّم قُدوتُنا وأُسوتنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على كُلِّ أحد .

    فَعَنْ بِنْتٍ لِخَبَّابٍ قَالَتْ : "خَرَجَ خَبَّابٌ فِي سَرِيَّةٍ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَاهَدُنَا حَتَّى (كَانَ يَحْلُبُ عَنْزاً لَنَا ، فَكَانَ يَحْلُبُهَا فِي جَفْنَةٍ لَنَا فَكَانَتْ تَمْتَلِئُ حَتَّى تَطْفَحَ أَوْ يَفِيضَ) . قَالَتْ : فَلَمَّا قَدِمَ خَبَّابٌ ؛ حَلَبَهَا فَعَادَ [فَرَجَعَ] حِلَابُهَا إِلَى مَا كَانَ . قَالَ : فَقُلْنَا لِخَبَّابٍ : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْلُبُهَا حَتَّى تَمْتَلِئَ جَفْنَتُنَا) ؛ فَلَمَّا حَلَبْتَهَا ؛ نَقَصَ [رَجَعَ] حِلَابُهَا" .
    أخرجه أحمد (5 / 111 و 6 / 372) ، قال الهيثمي في "مجمع الزائد" (8 / 312) : "رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ الْقَائِشِ وَهُوَ ثِقَةٌ" .
    وانظر "إتحاف المهرة" (18 / 358 / 23716) ، و "أطراف المسند" (9 / 482 / 12756) كلاهما لابن حجر .

    وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : "أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ ، فَقَالَت : يَا رَسُول الله ! إِنِّي لِي إِلَيْكَ حَاجَّةً ، فَقَالَ :
    (يَا أُمَّ فُلَانٍ ! انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ ؛ حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ) ، فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ ؛ حَتَّى فرغت من حَاجَتهَا". رَوَاهُ أحمد (3 / 285) ، مُسلم (2326) – واللفظ له - ، أبو داود (4818، 4819) .

    والمعنى : تنحى بها جانبا ، ووقف معها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في طريق مسلوك ؛ ليقضي حاجتها ؛ بحيث لا يسمع الناسُ كلامهما ولكنهم يرونهما وقد يسمعوا بعضه .
    "وَفِي الحَدِيثِ : سَعَةُ حِلْمِهِ ، وَتَوَاضُعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَصَبْرِهِ عَلَى قَضَاءِ حَوَائِجِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ" . "الفتح" (9 / 333) .


    قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ :
    "خَرَجَ عُمَرُ لَيْلَةً فِي سَوَادِ اللَّيْلِ ، فَدَخَلَ بَيْتاً ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ؛ ذَهَبْتُ إِلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ ، فَإِذَا عَجُوزٌ عَمْيَاءُ مُقْعَدَةٌ ، فَقُلْتُ لَهَا : مَا بَالُ هَذَا الرَّجُلِ يَأْتِيكِ ؟ فَقَالَتْ : إِنَّهُ يَتَعَاهَدُنِي مُدَّةَ كَذَا وَكَذَا ؛ يَأْتِينِي بِمَا يُصْلِحُنِي ، وَيُخْرِجُ عَنِّي الْأَذَى" .
    "حلية الأولياء" (5 / 48) ، و"التبصرة" (1 / 427) لابن الجوزي ، و "البداية والنهاية" لابن كثير (7 / 135) ط. المعارف - بيروت و(10 / 185) . ط. هجر .


    "بَعَثَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ قَوْماً مِنْ أَصْحَابِهِ فِي قَضَاءِ حَاجَةٍ لِرَجُلٍ ، وَقَالَ لَهُمْ : "مُرُّوا بِثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، فَخُذُوهُ مَعَكُمْ ، فَأَتَوْا ثَابِتاً ، فَقَالَ : أَنَا مُعْتَكِفٌ ، فَرَجَعُوا إِلَى الْحَسَنِ فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ : قُولُوا لَهُ :
    يَا أَعْمَشُ ! أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ مَشْيَكَ فِي حَاجَةِ أَخِيكَ الْمُسْلِمِ ؛ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حَجَّةٍ بَعْدَ حَجَّةٍ ؟ فَرَجَعُوا إِلَى ثَابِتٍ ، فَتَرَكَ اعْتِكَافَهُ ، وَذَهَبَ مَعَهُمْ" .


    "كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ
    رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؛ يَحْلِبُ لِلْحَيِّ أَغْنَامَهُمْ ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ ، قَالَتْ جَارِيَةٌ مِنْهُمْ : الْآنَ لَا يَحْلِبُهَا .
    فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : بَلَى ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يُغَيِّرَنِي مَا دَخَلْتُ فِيهِ عَنْ شَيْءٍ كُنْتُ أَفْعَلُهُ" ، أَوْ كَمَا قَالَ .
    وَإِنَّمَا كَانُوا يَقُومُونَ بِالْحِلَابِ ، لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ لَا تَحْلِبُ النِّسَاءُ مِنْهُمْ، وَكَانُوا يَسْتَقْبِحُونَ ذَلِكَ، فَكَانَ الرِّجَالُ إِذَا غَابُوا، احْتَاجَ النِّسَاءُ إِلَى مَنْ يَحْلِبُ لَهُنَّ .
    "كَانَ أَبُو وَائِلٍ ؛ يَطُوفُ عَلَى نِسَاءِ الْحَيِّ وَعَجَائِزِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ ، فَيَشْتَرِي لَهُنَّ حَوَائِجَهُنَّ وَمَا يُصْلِحُهُنَّ" .


    "صَحِبَ رَجُلٌ قَوْماً فِي الْجِهَادِ ، فَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَخْدِمَهُمْ ، وَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَغْسِلَ رَأْسَهُ أَوْ ثَوْبَهُ ، قَالَ : هَذَا مِنْ شَرْطِي ، فَيَفْعَلُهُ ، فَمَاتَ فَجَرَّدُوهُ لِلْغُسْلِ ، فَرَأَوْا عَلَى يَدِهِ مَكْتُوباً : مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَنَظَرُوا ، فَإِذَا هِيَ كِتَابَةٌ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ" .
    نقل هذه الآثار ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (ص 298-299) . والله أعلم بحالها .


    "كَانَ زُبَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَيَامِيُّ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ مَطِيرَةٌ ؛ أَضَاءَ شُعْلَةً مِنْ نَارٍ ، فَطَافَ عَلَى عَجَائِزِ الْحَيِّ ، فَقَالَ :
    أُوكِفُ عَلَيْكُمُ الْبَيْتَ ، أَتُرِيدُونَ نَاراً ؟
    فَإِذَا أَصْبَحَ ؛ طَافَ عَلَى عَجَائِزِ الْحَيِّ ، وَيَقُولُ : أَلَكُمْ فِي السُّوقِ حَاجَةٌ ، أَتُرِيدُونَ شَيْئاً ؟" . "حلية الأولياء" (5 / 31) .


    وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    قَالَ :
    "لَأَنْ أَعُولَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ شَهْراً أَوْ جُمُعَةً ، أَوْ مَا شَاءَ اللهُ ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَجَّةٍ بَعْدَ حَجَّةٍ – يعني : بَعْدَ حَجَّةِ الإسلام - ، وَلَطَبَقٌ بِدَانقٍ أُهْدِيهِ إِلَى أَخٍ لِي فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ دِينَارٍ أُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ" . "الحلية" (1 / 328) ، و "صفة الصفوة" (1 / 373 / 119) .


    وَعَنْ جَابِرِ بْن زَيْدٍ قَالَ :
    "لَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ عَلَى يَتِيمٍ أَوْ مِسْكِينٍ ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَجَّةٍ بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ" . "الحلية" (3 / 89) ، و "صفة الصفوة" (3 / 237 / 501) .


    وَقَالَ سَعِيد بْن المسيب : " لَأَنْ أُشْبِعَ كَبِداً جائعةً ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَجَّةٍ بَعْدَ حَجَّةٍ" . "روضة العقلاء" لابن الجوزي (1 / 262) .


    وَعَنْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، ثنا مَعْمَرٌ : "أَنَّ طَاوُساً ؛ أَقَامَ عَلَى رَفِيقٍ لَهُ مَرِيضٍ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ" . "الحلية" (4 / 10) .

    تأملوا يا عباد الله هذا الفقه !
    كيف قدّموا إطعام المحتاج وخدمة الضعيف على الحجة – النافلة – التي يرجع بعدها المسلم من ذنوبه كيوم ولدته أمه !

    احذروا المجاهرة بإطعام الجائع وسدِّ حاجة المحتاج !

    عن شيبة بن نعامة قال : "كان علي بن الحسين يُبَخَّل ، فلما مات ؛ وجدوه يقوت مائة أهل بيت بالمدينة" .
    "يُبَخَّل" ؛ أيْ : كان يُرمى ويُتهم بالبخل ، وكأن ذلك تظاهراً منه بالبخل بُعْداً عن الرياء والسَّمعة .

    وعن محمد بن إسحاق قال : "كان ناس من أهل المدينة ؛ يعيشون ، لا يدرون من أين كان معاشهم ، فلما مات علي بن الحسين ؛ فقدوا ما كانوا يُؤتَوْن به بالليل" . "صفة الصفوة" (1 / 96 / 165) .

    استشعر رحمه الله تعالى قَوْلُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى) .
    رواه الطبراني في "الأوسط" (1 / 289 / 943 و 3 / 378 / 3450) .

    وَقَوْلُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا، حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ) . أخرجه البخاري (1357، 6421) ، ومسلم (1031) .

    قَالَ الترمذي في "جامعه" :
    "صَدَقَةَ السِّرِّ أَفْضَلُ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ صَدَقَةِ العَلَانِيَةِ، وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ لِكَيْ يَأْمَنَ الرَّجُلُ مِنَ العُجْبِ، لِأَنَّ الَّذِي يُسِرُّ العَمَلَ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ العُجْبُ مَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ عَلَانِيَتِهِ" . (5 / 181) .


    يا عبدَ الله ! لا تنتظر المكافأة على ما تُعْطِي وتُنفق وتُطعم المحتاجين أو تقوم على قضاء حاجة مسلم .

    قضى ابن أبي شبرمة لبعض إخوانه حاجة كبيرة ، فجاءه الرجل بهدية جليلة ، فقال : ما هذا فقال : ما أسديتَ إليَّ ، فقال : خذ مالك ، عافاك الله .
    إذا سألتَ أخاك حاجة ؛ فلم يَجْهَد نفسه في قضائها ؛ فتوضأ للصلاة ، وكبّر عليه أربع تكبيرات ، وعُدّه في الموتى" .
    وعلى ذلك قال بعضهم : إذا اسْتَقْضَيْتَ أَخَاكَ حَاجَةً فَلَمْ يَقْضِهَا فَذَكِّرْهُ ثَانِيَةً فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَسِيَ ، فإن لم يقضها فعاوده ثالثة فقد يكون شغل عنها بعذر، فَإِنْ لَمْ يَقْضِهَا فَكَبِّرْ عَلَيْهِ وَاقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ : {والموتْىَ يَبْعَثُهُمْ اللهُ} [الأنعام : 36] .
    "قوت القلوب في معاملة المحبوب" (2 / 374) لأبي طالب المكي محمد بن علي الحارثي (ت 386هـ) .

    يُنفقون ويعملون الخير يبتغون بذلك وجه الله تعالى.
    قَالَ أَبُو قُحَافَةَ لِابْنِهِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما :
    "يَا بُنَيَّ ، إِنِّي أَرَاكَ تُعْتِقُ رِقَاباً ضِعَافاً ، فَلَوْ أَنَّكَ إِذْ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ ؛ أَعْتَقْتَ رِجَالاً جُلْداً ؛ يَمْنَعُونَكَ ، وَيَقُومُونَ دُونَكَ .
    فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا أَبَتِ ! إِنِّي أُرِيدُ مَا أُرِيدُ – يعني: وَجه الله -، قَالَ : فَيُتَحَدَّثُ مَا نَزَلَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتُ إِلَّا فِيهِ ، وَفِيمَا قَالَ أَبُوهُ : {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} إِلَى قَوْله : {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى، إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى، وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل : 6] .
    أخرجه أحمد في "فضائل الصحابة" (1 / 95 / 66 و 237 / 291) ، والحاكم (2/ 525) وقال : "حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ" .


    عنْ سَلَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ : "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْضِيَ دِينًا عَلَيْهِ ، فَكَتَبَ لَهُ إِلَى وَكِيلٍ لَهُ ، فَلَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ قَالَ لَهُ الْوَكِيلُ : كَمِ الدَّيْنُ الَّذِي سَأَلْتَ فِيهِ عَبْدَ اللهِ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْكَ ؟ قَالَ : سَبْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ .
    فَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللهِ : إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ سَأَلَكَ أَنْ تَقْضِيَ عَنْهُ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَكَتَبْتَ إِلَيْهِ سَبْعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ؛ قَدْ فَنِيَتِ الْغَلَّاتِ .
    فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللهِ : إِنْ كَانَتِ الْغَلَّاتُ قَدْ فَنِيَتْ ، فَإِنَّ الْعُمُرَ أَيْضًا قَدْ فَنِيَ فَأَجْرِ لَهُ مَا سَبَقَ بِهِ قَلَمِي لَهُ" .
    أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 447 / 10945) ، ونقله ابن الجوزي في "صفة الصفوة" (4 / 142) .


    قَالَ حَكِيْمُ بنُ حِزَامٍ : مَا أَصْبَحْتُ وَلَيْسَ بِبَابِي صَاحِبُ حَاجَةٍ ، إِلاَّ عَلِمْتُ أَنَّهَا مِنَ المَصَائِبِ الَّتِي أَسْأَلُ اللهَ الأَجْرَ عَلَيْهَا" . "سير أعلام البنلاء" (3 / 51) .


    وعَنْ سَلَّام بْنِ أَبِي مُطِيعٍ : قَالَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ : "لَوْلَا الْمَسَاكِينُ مَا اتَّجَرْتُ" . "الحلية" (3 / 116) ، و "صفة الصفوة" (3 / 340 / 543) ، و "تهذيب الكمال" (6 / 28 / 1190) ، و "تاريخ الإسلام" (8 / 74) تدمري .


    عنْ عبَّاسِ بنِ عُمَرَ الكلوذاني قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ مُحَمَّد بْن عَبْد الوَاحِد الزَّاهِد الْمَعْرُوف بِغُلَام ثَعْلَب ، يَقُوْلُ :
    "تَرْكُ قَضَاء حُقُوق الإِخْوَانِ ؛ مَذَلّة ، وَفِي قَضَاء حُقُوقهُم ؛ رِفْعَة ، فاحمدوا الله على ذلك ، وسارعوا في قضاء حوائجهم ومسَارِّهم ، تَكَافَؤا عليه" .
    "تاريخ بغداد" (2 / 356 / 865) ، و "طبقات الحنابلة" (2 / 68) ، و "نزهة الألباب" (ص 210) لأبي البركات الأنباري ، "معجم الأدباء" (6 / 2559) لياقوت الحموي ، و "السير" (15 / 510) .


    وقضاء الحوائج لا يقتصر على النفع بالمال ، ولكن قضاء الحوائج نفعٌ متعدي : بالجاه ، والسلطان والعلم ، بالنصيحة ، حمل المتاع ، والمشورة ، وإعطاء العارية ...

    واحذروا يا أصحاب النِّعم أن تمنعوها المحتاج ؛ فيُفقدكُمُوها الوهاب .

    عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
    (إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى قَوْماً ؛ يَخْتَصُّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا ، فَإِذَا مَنَعُوهَا ؛ نَزَعَهَا مِنْهُمْ ، فَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ) .
    "الصحيحة" (1692) ، و "صحيح الجامع" (2164) .

    والمعنى : أنّ النِّعم تبقى وتستمر في أيدي أهلها ؛ شريطة أنْ يُعطوا منها المسكين ، والفقير ، وذي الحاجة ..، فإذا حبسوها وبخلوا بها ؛ عاقبهم الباري بنزعها من بين أيدهم ؛ ووضعها بأيدي غيرهم ليقوموا بحقها في المسلمين .

    فسبحان ربي ! كم رأينا في هذه الحياة مَن كان ذا نعمة وفي رغد من العيش ؛ فانقلب في زمنٍ وجيز إلى مُتَكَفِّف !
    { وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } [آل عمران : 140] .


    قلتُ في الختام :
    عَجبتُ لأقوامٍ مقتدرين أغنياء ؛ يشكون الأمراض ويبحثون العلاج ؛ والدواء بين أيديهم وتيسر ، وأسهل ما عليهم يكون .
    قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ) .
    قال الألباني : " حسنٌ لغيره . رواه أبو داود في "المراسيل" - قلتُ : هو برقم (105) - ، ورواه الطبرانى – قلتُ : في "الأوسط" (2 / 274 / 1963) و "الكبير" (10 / 158 / 10196)- ، والبيهقي – قلتُ : في "الكبرى" (3 / 382)- ، وغيرهما عن جماعة من الصحابة مرفوعاً متصلاً ، والمرسل أشبه .
    لأنه مع إرساله حسن الإسناد ، وما أشارَ إليه من الروايات عن الجماعة لا تخلو من ضعف بعضه شديد ، وقد خرجت طائفة منها في "الضعيفة" (575 و3492 و6162) ، وهي على اختلاف ألفاظها ، قد اتّفقت على جملة المداواة هذه ، ولذلك حسَّنتُها . والله أعلم . وانظر إن شئت "المقاصد" للحافظ السخاوي (190 - 191) .
    انتهى من "صحيح الرغيب" (1 / 458/ رقم الحديث 744) .


    فلو أنّهم فعلوا ما يُعضون به ؛ لجمعوا حسناتٍ عدَّة : أجر الصدقة ، وتنفيس كربة مسلمٍ بالتصدّق عليه ، وإزالة همٍّ عن مسلم بسداد دينه ، وإدخال الفرح والسرور إلى أسرة وأيتام ، و..، و..، وأخيراً وليس بالأخير ؛ يجعل اللهُ في بدنه الصّحة والعافية والبركة في ماله وولده ؛ كل هذا بسبب هذه الصدقة .
    فيا ليت قومي يسمعون أو يعقلون !


    وأعجبني هنا أبيات في هذا المقام ونسبها بعضهم إلى الشافعي والله أعلم :
    النَّاس بِالنَّاسِ مَا دَامَ الْحَيَاةُ بِهِمْ ........ وَالسَّعْدُ لا شَكَّ تَارَاتٌ وَتَارَاتُ
    وَأَفْضَلُ النَّاسِ مَا بَيْنَ الْوَرَى رَجُلٌ ..... تُقْضَى على يَدِهِ لِلنَّاسِ حَاجَاتُ
    لا تَمْنَعَنَّ يَدَ الْمَعْرُوفِ عَنْ أَحَدٍ ....... مَا دُمْتَ مُقْتَدِراً فَالسَّعْدُ تَارَاتُ
    وَاشْكُرْ فَضَائِلَ صُنْعِ اللهِ إِذْ جُعِلَتْ ...إِلَيْكَ لا لَكَ عِنْدَ النَّاسِ حَاجَاتُ
    قَدْ مَاتَ قَوْمٌ وَمَا مَاتَتْ مَكَارِمُهُمْ ... وَعَاشَ قَوْمٌ وَهُمْ فِي النَّاسِ أَمْوَاتُ

    تنبيه :
    كلمة "الفُصُوص" التي جاءت في العنوان ؛ جمع "فِصّ" : وهو ما يُرَكَّبُ في الخاتم من الأحجار الكريمة وغيرها وهي ثمينة جداً ، فعبرتُ بذلك كنايةً عن ثمرةِ العِلْم وحفظ النصوص ؛ غالياً وثميناً ، أَلاَ وهو العمل والتطبيق لما عَلِمتَ وحفظتَ يا مسلم يا عبد الله !


    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .



    كتبه /
    أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    1,205

    افتراضي رد: رسالة إلى كل من حفظ النصوص وضيع الفصوص .

    جزاك الله خيرا
    فيا ليت قومنا يسمعون فيعون أو يعقلون فيستجيبون !

  3. #3

    افتراضي رد: رسالة إلى كل من حفظ النصوص وضيع الفصوص .

    جزاك الله خيرا


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. رسالة إلى كل من حفظ النصوص وضيع الفصوص
    بواسطة أبو فريحان في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 17-Aug-2016, 09:14 PM
  2. نعلم أن تارك الصلاة كافر مع الاختلاف النصوص الواردة فيه ...
    بواسطة سليمان ابو عائشة ابن علي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 13-Apr-2016, 05:57 PM
  3. برنامج تحرير النصوص Notepad++ 6.2.3
    بواسطة أبو خالد الوليد خالد الصبحي في المنتدى مكتبة الأمين العلمية الــشـاملة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 17-Dec-2012, 01:33 PM
  4. المسلمات الشرعية في زمن الفتن بين يقين النصوص وسراب المحسوس
    بواسطة عبد السلام الجزائري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-Sep-2012, 03:15 PM
  5. 99وجها من النصوص في سد الذرائع
    بواسطة سليمان بن هاشم السلفى في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 23-Aug-2010, 02:02 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •