3450- (والذي نفْسِي بيده! لو طُوِّقْتِيه؛ ما بلغتِ العُشُر من عمله حتّى يرجع. يعني: زوجَها الغازي)قال الألباني: في سلسلة الأحاديث الصحيحة - المجلد السابع
أخرجه الإمام أحمد (3/439)، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/196/441) من طريق رِشدين عن زبان عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه عن النبي- صلى الله عليه وسلم - :
أن امرأة أتته، فقالت: يا رسول الله! انطلق زوجي غازياً وكنت أقتدي بصلاته إذا صلى، وبفعله كله، فأخبرني بعمل يبلغني عمله حتى يرجع؟ فقال لها:
"أتستطيعين أن تقومي ولا تقعدي، وتصومي ولا تفطري، وتذكري الله تبارك وتعالى ولا تفتري حتى يرجع؟ ".
قالت: ما أطيق هذا يا رسول الله! فقال:... فذكره. والسياق لأحمد.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لحال رشدين المعروف بالضعف؛ ومثله زبان وهو ابن فائد. وقال المنذري في "الترغيب " (2/178/32):
"رواه أحمد من رواية رشدين بن سعد- وهو ثقة عنده-، ولا بأس بحديثه في المتابعات والرقائق "!
كذا قال! وذهل عن إعلاله بـ(زبان). وتبعه على ذلك الهيثمي؛ فقال (5/274):
"رواه أحمد، والطبراني، وفيه رشدين بن سعد، وثقه أحمد، وضعفه جماعة"!
قلت: والتضعيف هو المعتمد؛ لقاعدة: (الجرح مقدم على التعديل)؛ ولا سيما وهو قول الجمهور! على أن عزوهما لأحمد أنه وثقه هكذا مطلقاً؛ يوهم أنه لم يضعفه أيضاً، وليس كذلك، فالروايات عنه مختلفة، وهي:
الأولى: ما ذكرا من التوثيق، وهي رواية ابن شاهين في كتابه "الثقات " (129/352) عن شيخه البغوي عن أحمد قال:
"أرجو أن يكون ثقة، أو صالح الحديث ".
لكن رواه ابن عدي في "الكامل " (3/149) عن شيخه أيضاً البغوي، فلم يذكر: "ثقة، أو"!
الثانية: رواية الميموني قال: سمعت أبا عبدالله- يعني: أحمد بن حنبل يقول :
رشدين بن سعد ليس يبالي عمن روى، لكنه رجل صالح، فوثقه هيثم بن خارجة- وكان في المجلس-؛ فتبسم أبو عبدالله، ثم قال: ليس به بأس في أحاديث الرقائق.
أخرجه العقيلي (2/67).
الثالثة: رواية حرب بن إسماعيل قال:
سألت أحمد بن حنبل عن رشدين بن سعد؟ فضعفه وقدّم ابن لهيعة عليه.
رواه ابن أبي حاتم (1/2/513).
الرابعة: رواية عبدالله بن أحمد قال: سمعت أبي يقول:
"رشدين بن سعد؛ كذا وكذا".
رواه العقيلي (2/66) وابن عدي أيضاً.
فأقول: من سَرْدِ هذه الروايات؛ يتبين لنا أنها كلها متفقة على التضعيف إلا الرواية الأولى؛ ففيها أنها ليس فيها جزم الإمام بتوثيقه وإنما الرجاء فقط، وهذا لا يفيد الجزم كما هو ظاهر.
هذا أولاً.
وثانياً: لو فرضنا أنه يفيد الجزم؛ فالجمع بين هذه الرواية والروايات الأخرى: أن التوثيق كان قبل أن يتبين له ضعفه، وإذا كان الجرح مقدماً على التعديل في الأقوال المختلفة عن الأئمة؛ لأن الجارح معه زيادة علم، ومن علم حجة على من لم يعلم؛ فهذا هو السبيل أيضاً في التوفيق بين الأقوال المختلفة عن الإمام الواحد، ومن هذا يتبين خطأ المنذري والهيثمي في إطلاقهما عزو التوثيق لأحمد؛ الموهم
أنه لم يضعفه أيضاً. وعليه؛ فلا يعتمد على هذا التوثيق؛ لمخالفته لأقوال الإمام الأخرى، وأقوال الأئمة الاًخرين.
ثم إن زبان- وهو ابن فائد- لم يوثقه أحد، ولا خلاف في ضعفه، فسكوتهما عنه خطأ آخر.
وثمة خطأ هو أهم مما تقدم، وهو غفلتهما عن متابعة قوية لـ (زبان) عند الطبراني (رقم 440) من طريقين عن ابن وهب: حدثني سعيد بن أبي أيوب عن خير بن نعيم عن سهل بن معاذ به.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم إلى سهل بن معاذ. وسهل قد قال فيه الحافظ في "التقريب ":
"لا بأس به إلا في روايات زبان عنه ".
وقال المنذري في آخر "الترغيب " (4/284):
"ضُعف، وحسن له الترمذي، وصحح له أيضاً، واحتج به ابن خزيمة والحاكم وغيرهما، وذكره ابن حبان في (الثقات) ".
قلت: فهو حسن الحديث على الأقل إذا كان الراوي عنه ثقة، وقد أخرج له ابن حبان أيضاً حديثاً في النهي عن اتخاذ الدواب كراسي رقم (5590)، وهو مخرج فيما تقدم برقم (21).
وللحديث شاهد يزداد به قوة من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : ما يعدل الجهاد في سبيل الله عز وجل؟ قال:
"لا تستطيعونه ".
قال: فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثاً؟ كلّ ذلك يقول:
"لا تستطيعونه ".
وقال في الثالثة:
"مثل المجاهد في سبيل الله، كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله، لا يَفْتُرُ من صيام ولا صلاة، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله ".
رواه مسلم وغيره، وسبق تخريجه برقم (2896).