يقول الله تعالى : { وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ } (الأنعام: 151)

قال الشيخ ربيع بن هادي المدخلي- حفظه الله.

انظروا ! الآية السابقة في الفعل وهنا في القول؛ إذا قلت فاعدل سواء في الإخبار والأخبار أو في الشهادة ، أو في الجرح والتعديل ، أيّ قول تقوله فاعدل فيه ، تكليف من الله تبارك وتعالى بهذا العدل ، الذي قامت عليه السماوات والأرض، فلابد من العدل؛ إذا قلت فاعدل ، والله تعالى يقول : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا } ( النساء : 135 )

الله أكبر ! فالعدل في القريب والبعيد ، العدل في القول في أيّ مقام من المقامات وفي أيّ حال من الأحوال ، بالنسبة للعدو والصديق ، والكافر والمسلم ، لابد من العدل ، فإن العدل واجب في كل حال ، وعلى كل حال ، ولكل أحد وعلى كل أحد .

العدل أمر عظيم ، لا يحملنّك شفقة على قريب أو التعصب له أن تقول غير العدل ، ولا يحملنّك شدّة العداوة والشنآن للعدوّ أن تتجاوز العدل ، لابد من العدل ، وإذا ظلمتَ كافرا ، فاسقا ، مجرما لإجرامه ، واستجزتَ أن تظلمه ولا تقيم فيه ميزان الله العدل فإنك تحاسب على هذا ؛ لأن الله هو العدل سبحانه وتعالى ، الذي تنـزه عن الظلم ، ولا يرضى أن تظلم أحدا مهما كان ، لا بقول ولا بفعل ، لا في مال ولا في عرض .

تشهد على قريبك ولو كان أبوك ، تقوم بالقسط ، وتشهد للعدو إذا كان له حقّ مهما بلغ بالعداوة إذا كنت تعرف أن له حقّا على شخص وطُلب منك الشهادة ، عليك أن تدلي بهذه الشهادة على وجه العدل ولو كان على أبيك .

الظلم للناس في أموالهم وأعراضهم هذا ديوان لا يترك، ذنب لا يُغفر وهو الشرك ، وذنب لا يُترك وهو تظالم العباد فيما بينهم ، حتى لو جاز المسلمون الصراط؛ المؤمنون الناجون لو جاوزوا الصراط يوقفون على قنطرة بين الجنة والنار ليؤخذ لبعضهم البعض، فالله لا يترك هذا ، ويأتي الإنسان بحسنات أمثال الجبال وهو المفلس، سماه رسول الله المفلس ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أتدرون ما المفلس ؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار .

هذا هو المفلس ، فليصن الإنسان لسانه من الغيبة والنميمة والظلم وقول الباطل وشهادة الزور، كل هذه الأشياء تنافي العدل الذي شرعه الله تبارك وتعالى في القول .

انظر : شرح الوصايا العشر من سورة الأنعام