بسم الله الرحمن الرحيم سؤال إلى الشيخ العثيمين- رحمه الله تعالى - :السؤال:
نلحظ في الآونة الأخيرة أن الجفاء يقع من بع الصالحين من طلاب علم وشباب، يحاذيك ولا يسلم عليك، أو يقتصر على السلام على من يعرف فقط، فهل من نصيحة، وخاصة لمن أمامك من الشباب حتى يكونوا قدوة للناس فلا يمروا على أحد إلا ويسلموا عليه كائناً من كان؟

الجواب:
لا شك أن من تمام الصلاح أن يقوم الإنسان بما أرشد إليه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» فإفشاء السلام من كمال الإيمان، وكمال الإيمان به يدخل الإنسان رياض الجنان، ولا يليق بطالب العلم ولا بالشاب الملتزم أن يكون كلاً لا يسلم، وإذا سلم فبأنفه يسمع أو لا يسمع، وإذا سُلِّم عليه يرد أو لا يرد، هذا غلط، كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- دائم البشر كثير التبسم صلوات الله وسلامه عليه، إذا وجد ما يوجب التبسم تبسم، أما البشر فهو دائم البشر، دائماً مسرور، ولا شك أن أخاك إذا لقيك وهو مسرور واسع الوجه، تبرق أسارير وجهه، لا شك أنه يضفي عليك من هذا السرور، وبالعكس إذا لاقيته بوجه عبوس، فأكرر النصيحة لإخواني طلبة العلم أولاً، ولإخواني الملتزمين ثانياً، ولعموم المسلمين ثالثاً: أن يفشوا السلام بينهم إن كانوا يريدون كمال إيمانهم، ويريدون الوصول إلى جنات النعيم، وكلنا يريد الوصول إلى ذلك، لكن لا بد أن نسلك الأسباب، فنصيحتي: أن يفشوا السلام بينهم، الشباب الملتزم وغير الملتزم، إنه إذا لاقاك إنسان وسلم عليك وإن كنت ترى فيه بعض النقص في دينه فإنك تسر به وتقول: هذا قريب، وتسعى أن تنصحه وتقرب منه، والعكس بالعكس. اللقاء الشهري رقم47.

=============================
موضوع نقله الأخ أبو إكرام وليد فتحون في شبكة سحاب فعلقت عليه بما يلي :
جزاك الله خيرا أخي وبارك فيك :
هذا المسألة (عدم إلقاء السلام ، أو إلقاؤه على المعارف فقط ، والرد على المسلم كذلك ) أصبحت من علامات الساعة التي أظهرت صدق علامة من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم فقد أخبر عليه الصلاة والسلام بذلك.
جاء في الأدب المفرد للبخاري (
480- باب من كره تسليم الخاصة) 1049 -عَنْ طَارِقٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ جلوسا فجاء آذنه قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَرَأَى النَّاسَ رُكُوعًا فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ فَكَبَّرَ وَرَكَعَ وَمَشَيْنَا وَفَعَلْنَا مِثْلَ مَا فَعَلَ فَمَرَّ رَجُلٌ مُسْرِعٌ فَقَالَ: عَلَيْكُمُ السَّلَامُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ فَلَمَّا صَلَّيْنَا رَجَعَ فَوَلَجَ عَلَى أَهْلِهِ وَجَلَسْنَا فِي مَكَانِنَا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَخْرُجَ فَقَالَ: بَعْضُنَا لِبَعْضٍ أَيُّكُمْ يَسْأَلُهُ؟ قَالَ: طَارِقٌ أَنَا أَسْأَلُهُ. فَسَأَلَهُ فَقَالَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تَسْلِيمُ الْخَاصَّةِ وَفُشُوُّ التِّجَارَةِ حَتَّى تُعِينَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى التِّجَارَةِ وَقَطْعُ الْأَرْحَامِ وَفُشُوُّ العلم وظهور الشهادة بالزور وكتمان شهادة الحق)صحيح ت «الصحيحة» (2767)، [ليس في شيء من الكتب الستة ، وانظر «المسند» ح 3870]. وقال أحمد شاكر صحيح الإسناد (4/65).
قال العلماء تسليم الخاصة أي المعارف فقط ، يمر الرجل على الجماعة من المسلمين فلا يسلم إلا على من يعرف كما حصل في هذا الحديث .
وهذا لا يستغرب إذا عرف السبب فإنه يبطل العجب ، ولكن المستغرب والذي يحز في النفس أن يصدر من السلفيين صفوة المسلمين ، والأشد غرابة أن يحصل من طلبة العلم فتراه يمر بجنبك وكأنه مار على رجل من أهل الكتاب أو مبتدع ضال ، أو عدو قتل أباه وللأسف ، عابس الوجه مقطب الجبهة قد أرخى وأغلق باب وجهه ، بحجة أن الأصل في المسلم الجهالة فلا يسلم عليك حتى تثبت عدالتك ، أو تثب معرفتك عن طريق معارفه ، أما وأنت مجهول لا يعرفك حتى لو كان هديك وسمتك صالحا فلا وألف لا ، ولكي ينبغي أن تحمل فوق رأسك شعارا أنك من أتباع الطائفة الفلانية ، أو تكتب فوق ظهرك أنك من الجماعة الفلانية حتى تعامل بما يليق بتلك الجماعة وللأسف الشديد ..
فهل بهذا نكون دعاة نحمل للناس اسم الله وصفة من صفاته ؟؟ أين تعظيم اسم الله السلام وأين الامتثال لأمر النبي بإفشائه بيننا .
ففي الأدب المفرد( 1039 )عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، وَضَعَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ، فَأَفْشُوهُ بَيْنَكُمْ، إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى الْقَوْمِ فَرَدُّوا عَلَيْهِ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِمْ فَضْلُ دَرَجَةٍ، لِأَنَّهُ ذَكَّرَهُمُ السَّلَامَ، وَإِنْ لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ رَدَّ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَأَطْيَبُ .[قال الشيخ الألباني] : صحيح الإسناد موقوفا وصح مرفوعا.
أرأيت يا رعاك الله - كيف أخبرنا أن السلام اسم من أسماء الله ، وذلك في القرآن الكريم ، وأمر بإفشائه بيننا ، فإذا أفشيناه كنا معظمين له سبحانه ، وكان ذلك من أعظم أسباب المحبة بين المؤمنين الصالحين .
ومعناه أنك تقول لمن تريد أن تسلم عليه : هذا اسم الله السلام بيني وبينك ، فلا تخشى شيئا مني لأني معظمه في نفسي ، فأنت في سلام مني من يدي ولساني ، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده .
وهذا اسم الله السلام ، ألقه عليه أرجو وأدعوه أن يسلمك من جميع الشرور والأمراض ، وأن يوفقك للسلامة وأن تحي بسلام ،فأنت تدعو له ولكنه لا يعلم ذلك .
هذه المعاني السامية للسلام ضيعها كثير ممن ينتسب للسلفية وللأسلف الشديد ، مما كان سببا في مرض القلوب وكادت أن تخلو من السلامة ليحل محلها الضغينة والحقد والحسد والله المستعان .
والسلام مشروع بين المسلمين فضلا عن المؤمنين فضلا عن السلفيين .
قال الشيخ الفقيه العلامة محمد بن صالح العثيمين في شرح رياض الصالحين كتاب السلام (ج4/393) :
والسلام مشروع بين المسلمين، مأمور بإفشائه قال النبي صلى الله عليه وسلم :(( والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم ))..رواه مسلم.يعني أظهروه أعلنوه ، وتفاعلوا معه لأنه من أعظم أسباب المحبة ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخبر أن إفشاء السلام بين الناس من أسباب المحبة، ولذلك إذا لاقاك رجل مسلم ولم يسلم عليك كرهته ووجدت في نفسك عليه شيئا ، وإذا سلم عليك أحببته وإن لم يكن بينك وبينه معرفة ، ولهذا كان من حسن الإسلام أن تفشي السلام أن تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف كما أرشد لذلك من لا ينطق عن الهوى .

ففي رياض الصالحين (845 )عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ (( قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف )) متفق عليه.
(...وتقرأ السلام وهذا هو الشاهد وتقرأ السلام يعني تقول السلام عليك ويسمى قراءة السلام ، وإلقاء السلام على من عرفت ومن لم تعرف لا يكن سلامك سلام معرفة بل يكن سلامك سلام مثوبة وإلفة ؛ لأن المسلم يثاب على سلامة ويحصل بسلامه التأليف كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ((...والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم )).
أما من لا يسلم إلا سلام معرفة فسوف يفوته خير كثير لأنه ربما مر به العشرات لا يعرف منهم إلا واحدا .أما من يسلم سلام مثوبة وإلفة فهو يسلم على من عرف ومن لم يعرف إلا إذا كان الذي مررت به كافرا فلا تسلم عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام وغيرهم أخبث منهم مثل السيخ والمشركين والشيوعيين ومن شابههم فلا تقرأ عليهم السلام ولا تسلم عليهم .وكذلك الفاسق المعلن بفسقه إذا كان في ترك السلام عليه مصلحة وهو أنك إذا لم تسلم عليه تاب من فسقه ورجع إلى الله أما إذا لم يكن هناك مصلحة وأن الأمر بالنسبة له سيان سلمت أو لم تسلم وكان عدم سلامك عليه يجعل في قلبه عداوة عليك ويستمر في باطله ولا يقبل منك النصيحة فسلم عليه .مما سبق نجد أن الناس صاروا ثلاثة أقسام .

1 - القسم الأول الفاسق المعلن بفسقه فهذا سلم عليه إلا إذا كان في هجره مصلحة.
2 - القسم الثاني الكافر لا تسلم عليه لكن إن سلم عليك رد عليه.
3 - القسم الثالث إنسان مسلم لا تعلم عليه فسقا فسلم عليه واحرص على أن تكون أنت البادئ بالسلام ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ من لقيه بالسلام وهو أشرف الخلق .وقال عليه الصلاة والسلام: (( لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام )) وهكذا الحديث الذي معنا خير الإسلام أن تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف والله الموفق .