[التَّحْذِيرُ مِنْ الجُلُوسِ إِلَى الـمُتَصَدِّرِين]

سُئـِلَ الشّٙيخ الفاضل العلاّمة د. محمد بن عمر بازمول -حفظه الله تعالى-:

السؤالـ:
أحسن الله إليكم وبارك الله فيكم ، يقول السائل أيضاً: ما نصيحتكم للشاب المسلم السُّـنِّـي الذي يحضر عند أناسٍ غير مؤصَّلين في العلم ولم يدرسوا عند العلماء ولا يحضر دروس المشايخ والعلماء عبر الهاتف بل يحضر دروس هؤلاء النّٙاس المجهولين؟!

فأجاب -حفظه الله تعالى-:

«أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون!
هذه واللهِ مصيبةٌ، وهي من أسباب هذه المشاكل الكثيرة التي يشتكي منها إخواننا في كل البلاد.. يتصدَّر الحَدَث قبل أن يعلم أصول العلم وقبل أن يتأصَّل التأصيل العلمي الصحيح وقبل أن يفهم الكتاب والسنَّة وقبل أن يفهم مآخذ العلماء،
بل ويرى نفسَه وكأنَّه شيخ الإسلام!
فيفتي!! ويجتهد!! ويأمر!! وينهى!!
وهو لـمَّا بَعْدُ يحصِّل العلم الذي يؤهِّله لذلك.
وهذه من الأمور الخطيرة جدّاً؛ ولذلك المشايخ من أهل العلم تكلَّموا في هذا الباب من السَّلف والخلف؛
[1] فقال ابن سيرين وغيرُه: (إنَّ هذا العلم دين فانظروا عمَّن تأخذون دينكم).

[2] وقالوا: (كانوا إذا أرادوا أن يطلبوا العلم أو يأخذوا الحديث عن الرجل؛ سألوا عنه حتى يظن النّٙاس أنَّهم سيزوِّجوه)
من كثرة سؤالهم وإلحاحهم في طلب معرفته ومعرفة حاله.

[3] وكان السَّلف -رضوان الله عليهم- يمتحنون من يتصدَّر للعلم.

[4] وقال مالك بن أنس إمام دار الهجرة: (لم أجلس للتحديث حتى شهد لي سبعون عالماً من أهل المدينة أنِّي أصلح لذلك) أو كما قال.

فإذا كان هذا حال السَّلف؛ فمن جَلَسَ للإفادة ! وللتحديث ! وللفتوى ! وللبيان ! وهو لمْ يُزَكَّى من أهل العلم ولم يتلقَّى عن أهل العلم ولم يأخذ العلم عن أصوله ولم يحرِّر مذاهب أهل العلم ولم يحرِّر مواقع خلافهم ولم يحرِّر أصول منهج أهل السنَّة والجماعة ولم يحرِّر هذه الأمور جميعها إنَّه على ( هلكةٍ، )وإنَّ من يجالسه على( هلكةٍ )، وإنَّ من يستمع إليه ويأخذ عنه إنَّما يأخذ عن( هلكةٍ)..

عليه أن يحذر ، وعليه أن يتَّقي الله ، وعلى الإخوة طلاب العلم وعامَّة النّٙاس أن يتجنَّبوا الجلوس والأخذ إلا عمن عُرِفَ بأنَّه من أهل السُّنَّة وعُرِفَ بأنَّه ممن تأهَّل بأهل العلم ؛ فما ضرَّ الناس أكثر مما ضرَّهم من (نِصْف طبيبٍ) و(نِصْف عالِم)؛ فإنَّ (نصف الطبيب) يُذهِب الأبدان و(نصف العالِم) يُذهِب الأديان،
والله المستعان».

[مفرَّغٌ من كلمة توجيهية بعنوان: توجيهات حول الخصومات]

وبالله التوفيق والسداد.
سحاب