نهج الخوارج لم يزل مخذولا
قصيدة أبي سفيان الكرداسي

قُلْ للدواعــشِ لن تدومَ([1]) طويلا *** نهـــجُ الخوارجِ لم يزلْ مخـذولا
ما زالَ يُقطـعُ كلَّما قــرنٌ بدا *** يَستعجلونَ الأعـــورَ الضّلّـيلا([2])
قد أخبرَ المعصومُ وحيًا بـاقيًا *** وصفًا لكم ولغيـــركم ،ودليــلا([3])
ولقدْ أشارَ إلى العــراقِ محذرًا *** منْ ها هنا يأتي الفُتــــونُ وبيلا([4])
حَرَّبتمودارَ السّـلامِ وأهلَهُ([5]) *** وجعلتمـــو للكافـرينَ سُبُــولا([6])
سالمتمو عُبَّادَ أوثـــــانٍ ولمْ *** تَسلمْ ديـارُ المسلمـينَ عُـدولا([7])
مزقتموهم شـامَهم وعــــراقَهم *** نِسـوانَهم أطفـالَهم وكهـولا!
جربتمو فيهم صنـوفَ قتالِكم *** وأبحتمو التحريقَ والتمثــــــيلا!
بغضّتم الدين الحنيـــف لأهله *** فلغيرهم بغضـٍا أشــد وقيـــلا
لم يرضكم من في الضـلالةِ مثلُكم *** أفيرتضي من في الهُـداةِ أصيـلا؟!([8])
يا شرَّ من تحتَ السماءِ([9])؛ ألا اصبروا *** أوْ لا؛ سواءٌ؛ لن تنالوا جميـــلا
هـذي جحــافلُ سنـّـةٍ وجماعةٍ *** تَهديكمو، أو تُقتلــوا تَقتيـلا([10])
قُطعتْ قرونٌ قبلَكم وستقطعوا *** حُججٌ تُطيحُ، وسيفُــــها مسلولا([11])
سُننُ الإلهِ الحــــقِّ عدلٌ قــائمٌ *** لا تقبـلُ التبديلا أو تحويـلا
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم


[1] أي: مدتكم، أو على تقدير قل لتنظيم الدواعش لن تدوم طويلا.

[2] عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))ينشأ نشء يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم كلما خرج قرن قطع قال ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كلما خرج قرن قطع أكثر من عشرين مرة حتى يخرج في عراضهم الدجال )) انظر السلسلة الصحيحة (2455)، فنسأل الله أن نكون ممن قطع على أيديهم هذا القرن من هؤلاء الضّلّال.

[3] وصفا لكم أيها الدواعش ووصفا لغيركم من الخوارج قديما وحديثا فلا يغتر أحد بكم ودليلا على ضلالكم وانحرافكم أجمعين.

[4] عن يسير بن عمرو، قال: دخلت على سهل بن حنيف، فقلت: حدثني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال في الحرورية، قال: أحدثك ما سمعت، لا أزيدك عليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( يذكر قوما يخرجون من هاهنا - وأشار بيده نحو العراق - يقرءون القرآن، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " قلت: هل ذكر لهم علامة؟ قال: " هذا ما سمعت لا أزيدك عليه)) رواه البخاريّ وأحمد.

[5] جعل الخوارج "الدواعش وغيرهم " دار الإسلام دار حرب تباح فيه الدماء والأعراض والأموال؛ فدار الحرب هي: بلاد المشركين الذين لا صلح بيننا وبينهم" كما في ناج العروس، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى (19/ 73): "الخوارج وأهل البدع...يكفرون بالذنوب والسيئات ويترتب على تكفيرهم بالذنوب استحلال دماء المسلمين وأموالهم وان دار الاسلام دار حرب ودارهم هي دار الايمان وكذلك يقول جمهور الرافضة وجمهور المعتزلة والجهمية وطائفة من غلاة المنتسبة إلى أهل الحديث والفقه ومتكلميهم فهذا أصل البدع التى ثبت بنص سنة رسول الله وإجماع السلف أنها بدعة وهو جعل العفو سيئة وجعل السيئة كفرا" انتهى، فأنتم أشبه بالروافض الذين تزعمون محاربتهم! وما نراكم تحاربون إلا أهل السنة وحدهم، وسلم منكم الكفار جميعا!.

[6] السُبُول: جمع سبيل، وهذه السبل التي زللها الدواعش للكافرين كثيرة، منها اتهام الإسلام بأنه دين إرهاب وحرب وعشق للدماء، ومنها صد من أراد الدخول فيه عنه، وفتحهم لهم أبواب الحصون كي يدكونها بصواريخهم ومدافعهم، وصدق الهمداني حيث يقول: "مبتدعة الإسلام والوضاعون للأحاديث أشد من الملحدين؛ لأن الملحدين قصدوا إفساد الدين من الخارج، وهؤلاء قصدوا إفساده من الداخل؛ فهم كأهل بلد سعوا في إفساد أحواله، والملحدون كالمحاصرين من الخارج، فالدخلاء يفتحون الحصن؛ فهم شر على الإسلام من غير الملابسين له" الموضوعات لابن الجوزي (1 / 51).

[7] أي حال كونهم عدولا لا يستحقون ذلك فلا سبيل لكم عليهم، فكفرتموهم لتجعلوا لأنفسكم عليهم سبيلا لعنكم الله!.

[8] فلم يرض بهم وبأفعالهم إخوانهم الخوارج من تنظيم القاعدة، وجبهة النصرة، ومن يزعمون أنهم فيهم علماء كأبي محمد المقدسي وأبي قتادة الفلسطيني، وغيرهم، فكيف يرضى بهم أهل السنة الخلص السائرين على منهاج النبوة ؟!.

[9] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن بعدي من أمتي -أو سيكون بعدي من أمتي- قوم يقرءون القرآن، لا يجاوز حلاقيمهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه، هم شر الخلق والخليقة" رواه مسلم (باب الخوارج شر الخلق والخليقة).
وعن أبي غالب رأى أبو أمامة رؤوسا منصوبة على درج دمشق فقال أبو أمامة : "كلاب النار شر قتلى تحت أديم السماء خير قتلى من قتلوه" قيل لأبي أمامة: أنت سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا حتى عد سبعا ما حدثتكموه. رواه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي : هذا حديث حسن" انظر مشكاة المصابيح (2/ 30.

[10] قد يكون قتلهم وقطع قرنهم بيد الصالح كعليّ رضي الله عنه أو الطالح كالحجاج ولذلك بني الفعل للمجهول في قوله ((كلما خرج قرنقطع)) وعلى كلٍّ فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتالهم وقتلهم قال: ((إن من ضئضئ هذا قوما يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يقتلون أهل الإسلام و يدعون أهل الأوثان يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد)) متفق عليه.

[11] حججهم -أي: أهل السنة والجماعة"السلفيون بحق- تُطيح برؤؤس شبهات الخوارج وضلالاتهم، وسيفها يطيح كذلك بهم قوة وفعلا؛ فقوله "مسلولا "حال، وهو قيد مراد لإفادة كونه يطيح بالفعل أيضا لا بالقوة فقط؛ فهو مسلول عليهم غير مغمد! وهو أشد عليهم من أشد الأسلحة الفتاكة!.