بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته






مقطع مفرغ من محاضرة ( عباد الرحمن إياكم وسبل الشيطان ) لفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري حفظه الله
أسأل الله عز وجل أن ينفع بها فكل حرف فيها يكتب بماء الذهب جزى الله الشيخ خير الجزاء







أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخيرالهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وبعد أيها الإخوة :



فنحمد الله جل وعلا أن جعل بيننا وبينكم وبين بعضكم بعضا ترابطاً تترابطون فيه يجمعكم وتجتمعون عليه وهو الإجتماع على الحق وبالحق أسأل الله جل وعلا أن يثبتنا وإياكم عليه حتى نلقاه جل وعلا





والكلمة التذكيرية في هذا المقام هي مناسبة أيضاً لقرب إنتهاء العام وانصرامه - العام الدراسي- لعل بعض الإخوة أو كثير منهم سيسافر ويرجع إلى بلده - أقول سيسافر ويرجع إلى بلده أليس كذلك ؟ - أو إلى محله الذي هو فيه ، قد لا يكون بلده ولكن محله الذي يقيم



فتعلمون بارك الله فيكم أن هذه الفتن الذي يفتن فيها الناس لها أوجه كثيرة إما فتن الشهوات وإما فتن الشبهات والأمر الذي يأمرك الله عز وجل به أو النهي الذي ينهاك الله عز وجل عنه أو الأمر أو النهي الذي يأمرك أو ينهاك عنه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الشيطان له فيه نزعتان كما يقول الإمام ابن القيم رحمه الله ،






الشيطان له فيه نزعتان إما غلو وإما تفريط ، إما إفراط وإما تفريط ولا يبالي فإن وجد فيك نزعة إلى الغلو جنحك إلى ذاك المسلك وإن وجد فيك تسيباً أو تساهلاً أو تفريطاً جنح بك إلى التفريط وكما قال رحمه الله : لا يبالي بأيهما ظفر ، يعني ظفر بجانب الإفراط أو ظفر بجانب التفريط ، المهم يظفر

قال : والمهم أن يُخرجك عن الصراط المستقيم ، في حديث عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه عند الإمام أحمد وأصحاب السنن وغيرهم وهو حديث صحيح قال رضي الله عنه : خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - خطاً وخط بجواره خطوطاً على جنباته " وفي رواية " وبجواره أو على جانبه خطوطاً متفرقة ، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليها " ويقول ابن مسعود رضي الله عنه ثم تلا النبي - صلى الله عليه وسلم - قول الله جل وعلا (( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماًفَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ))


تأمل أنت هذا الخبر الذي جمع فيه النبي – عليه الصلاة والسلام - بين التمثيل العملي من باب التقريب وكذلك التقريراللفظي فجمع أوجه البلاغة كلها وأجمعها في هذا الحديث ومعلوم أن مثل هذه الأعمال أو هذه البيانات ترسخ في الأذهان ومشهور حديث ابن مسعود بحديث الخط ، اشتُهر موضوعه بأنه حديث الخط ، هذا الحديث لو تأملته جيداً قال : خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطاً وخط على جنباته خطوطاً أو سبلاً ، الخط هذا هكذا مستقيم ثم خط بجواره ،الآن ما الفرق بين الصورتين ؟ هذه الصورة التي في حديث ابن مسعود والصورة الثانية ؟ أنا أذكرها ليست هي في الحديث لكن هذا الخط المستقيم والخطوط ليست بمحاذاته ملاصقة له ، لكن الخطوط هنا بعيدة عنه وهذا في الوسط ( الشيخ يرسم للحضور ويشرح على الصور) فيه فرق بالدلالة ؟





فرق كبير لو تأملت ، في الحديث أن هذه الخطوط المتفرقة ملامِسة للخط الوسط ، ملامسة له كأنها تفرعت منه - كأنها تفرعت من هذا الخط - يقول - عليهالصلاة والسلام - :" على كل سبيل منها شيطان يدعو إليها"




هنا الخطر أشد فيما لوكانت السبل بعيدة ، الخط مستقيم إذاً لا يوجد منغصات قريبة منه كلها بعيدة عنه والبعيد لا تلتفت إليه غالباً ما يُلفت نظرك ماذا ؟ القريب الملاصق ، هو الذي يلفت النظر ، أنت في طريق مستقيم يقال لك أن تريد أن تمشي إلى مكة تريد تقف عند ساسكو في الطريق مثلاً ، مخرج كذا يمين هذه المخرج إلى هذه المحطة عن الطريق مخرج منه ولو كانت في الطريق المقابل ما التفت إليها هي بعيدة عنك



واضح ؟




فلو كانت بعيدة ما التفَتَ إليها المُلتَفِت وما كان خطرها كمثل خطر القرب ولهذا نعلم مدى خطورة هذه السبل أنها قريبة إلى طريق الحق أهلها يُقرِّبون هذه التفرقة إلى أهل الحق ، طبعاً أنت ترى سبيل هنا، سبيل هنا ، سبيل هنا ما أنواعها ؟




زندقة


كفر و إلحاد


نفاق


بدعة


معاصي


فسوق


فجور


شهوات


شبهات بكل الأصناف




الروافض الآن مثلاً مِن الإمامية الإثنا عشرية الجعفرية هؤلاء مثلاً يقولون ، نحن نقول لا إله إلا الله ويحجون ويظهرون أنهم مسلمين

صحيح هذا الكلام ؟




هم يأتون على هذا الأساس مثلاً ولذلك عوام المسلمين يظنون أنهم على الإسلام بس عندهم بعض الأخطاء الخفيفة




مثلاً : يرفعون شعار لا إله إلا الله الموت لأمريكا !!



صحيح ؟؟



يدغدغون عواطف الناس ، حقيقة أمرهم ما هي على الإسلام أصلاً هذه الفرقة ليست على الإسلام ولكن يظهرون مثل هذا وإلى غير ذلك فبعضهم يتسلل إلى هذا الطريق ليجذب الناس ، أما فيه أناس الذين كانوا على الكفر فأسلموا في ظاهر أمرهم على الرفض ؟



يوجد ؟



أما فيه أناس كانوا كفاراً فأسلموا على الحلول والإتحاد ووحدة الوجود ؟



موجود إلى غير ذلك




فإذاً ،،



هذه السبل خطيرة ، المهم الشيطان - كما يقول ابن القيم - : المهم أن يخرجك عن الصراط بأي طريقة كانت ، تخرج هنا أو تخرج هنا المهم أن تخرج ، هو لا يبالي تخرج بغلو ، تخرج بتفريط لا يبالي المهم أن تخرج ، فإذا خرجت ظفر بك فاستجبت ، ولهذا يقول ابن مسعود ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قول الله جل وعلا (( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَتَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ))




إذاً،، لعلكم تتقون




قال عمر بن الخطاب لأُبيّ ما التقوى ؟قال يا أمير المؤمنين : أسلكتَ طريقاً ذا شوك ؟




أتماشيت في طريق فيه شوك ؟


قال : نعم


قال : ماذا فعلت ؟


قال : شمَّرتُ واجتهدت - يعني شمرت عن ثيابي وعن قميصي واجتهدت على أني أبتعد عن الشوك حتى لا يمسك في ثوبي أو يؤذيني فأجتنب



قال : ذلك التقوى



يعني هي التقوى أن ترفع وتشمر وتجتنب المحرمات والمهلكات



إذاً ،،



لايمكن أن تحتاط من هذه المهلكات والملهيات أو الصادّات عن الحق إلا بحذر شديد و حيطة وانتباه ، لو غفلت انتهينا ، قد تغفل في حين مقتل - نسأل الله العافية والسلامة - فهمتم يا إخوان ؟




فالشاهد أنه يقول : المهم أنه يخرجك عن الصراط المستقيم إذا خرجت ، خرجت من قول الله جل وعلا لما قال على لسان الشيطان يذكره جل في علاه في القرآن قال (( لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ )) فأنت لما غويت لست من المخلَصين ، لست ممن أخلص لله جل وعلا




فإذاً ،،



وقعت في هذا الشراك شراك الشيطان وخرجت إما يمنة أو يسرة على كل سبيل من هذه السبل



وفي اللفظ قلت لك لفظة مهمة قال : "على جنباتها سبل متفرقة " يقول اللفظ في الحديث : سبل متفرقة ما هي مجتمعة، السبل هذه ما هي مجتمعة كلها متفرقة ولكن هدف الجميع - هدف هذه السبل كلها- أن تخرج عن الصراط



" وعلى كل سبيل شيطان يدعو إليها"



يزين لك الباطل الذي عليه ،المهم أن تخرج فإذا خرجت خلاص وقعت في الشراك - نسأل الله العافية –




إذاً ،،



نخلص من هذا بارك الله فيكم بوجوب الإقتداء والإتباع لهذا الصراط (( وَأَنَّ هَـذَاصِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ )) هذا أمر أليس كذلك ؟ ليس لك اختيار أصلاً ،ليس لك اختيار ، يعني تقول ما أريد أتبع ، ما تريد أنت ممكن تفعل ، ممكن تقول وممكن تفعل ، لكن لا تقول أنك من الناجين أو موعود بالنجاة أبداً ما تستطيع ، حتى الذي يسيرعلى الصراط المستقيم نرجو له النجاة لا نشهد له بالجنة لكن نرجو للمحسن ونخشى على المسيء كما هي عقيدة أهل السنة والجماعة في الموحدين




ولهذا يا إخوتاه يجب أن نلتزم هذا الصراط حتى ننجو ، نهاية هذا الصراط وعد من الله جل وعلا بماذا ؟ (( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً ))(( ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ



))

فإن اتقيتم إسمع الوعد


(( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً حَدَائِقَ وَأَعْنَاباًوَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً ...)) الآيات و(( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَر فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ))

واسمع إلى قول الله جل وعلا (( إ ِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ )) ويقول جل وعلا (( وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ )) إلى غير ذلك من الآيات



واضح ؟ عرفت لعلكم تتقون ؟




فإن طبقتم هذا فُزتم في ذاك الوعد وذاك النعيم ومن لا فلا




فالحصيف السني العاقل يزن هذه الأمور وما يأتيه من الأشياء والحوادث التي تحدث وتجد عليه بميزان الشرع ، والشرع ميزان الأمور كلها وشاهد لفرعها وأصلها ، أبداً



وخير الأمور ما كان سنة وشر الأمور المحدثات البدائع



هذا هو ، بغير هذا ما يمكن أن تستقيم لك الأمور، يجب .




أنت تهوى ، أنا أهوى وزيد يهوى ، عمر يهوى لكن هل الهوى يتوافق مع ما جاءت به السنة وما جاء به الكتاب ؟



لا ، فإذا خالف تركناه




جاء رجل للإمام إبراهيم التيمي يطلب منه الوصية ، قال : أوصني ، قال له : أُوجز لك ولا أَزيد - أقول لك عبارة مختصرة ولا أزيد- ، ما هي ؟



قال : ما أحببتَ أن تراه غداً - يعني يوم القيامة وفي الآخرة - فقدِّمه اليوم وما لا تحب أن تراه في الآخرة فاتركه اليوم



ما الذي تحب أن تراه في الآخرة؟ الحسنات صحيح ؟ واتباعك للسنة ولزومك للهدي حتى تكون تحت لواء سيد المرسلين(ويوم ندعو كل أناس بإمامهم ) تريد أن تكون تحت هذا اللواء صحيح ؟




إذاً ،،



قدِّم اليوم ما تريد أن تلقاه في الغد ، وما لا تريد ، ما الذي ترغب أن لا تراه في الآخرة ؟ السيئات والمعاصي وترك السنة وغير ذلك صحيح ؟




هذا الذي لا تريد أن تراه أمامك ولاتريد أن يراه الناس




هذا يوم الفضائح (( يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ )) (( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) ما فيه !!
كل يختم على ما فعلت ، اليد تنطق ، العين تنطق ، الجلد ينطق ، الكل ينطق - جل في علاه سبحانه - فما لا تريد أن تراه أتركه اليوم




نصيحة بلغية جداً أَوجَزَ له ونصح له - رحمه الله - أوجز ونصح لكن هل من مُدّكر ؟




مفرغ من أول الشريط حتى الدقيقة
الدقيقة 17.28


####