بسم الله الرحمن الرحيم


السؤال : يردد البعض قاعدة ( الباطل يرد لكن لا يسقط صاحبه ) فقد كثر تداولها خاصة في الفتن الأخيرة .


فما صحة تلك القاعدة وما ضابطها ؟


الجواب : اعلم بارك الله فيك أن الذي يُسقط والذي يَرفع ويَخفض هو الله ، وليكن عندنا معرفة سديدة أن الشخص الذي هو محق لو تَكلم عليه من تَكلم ما يسقطونه ، بل ربما كان كلامهم رفعة له ، إن كان كلامهم فيه بحيث ٍ وظُلم ، فعند أن يتكلم علماء الحديث أو بعضهم على شخص ، يعني يتركه الناس وتظهر منه أمور .


ما معنى أن أهل الحديث أسقطوه ؟


الذي يَرفع و يخفض هو الله ، لكن جعل الله العلماء مُبَينين ، وهو سبحانه يفعل ما يشاء .


فكما سمعت القاعدة هذه يعني لا داعي لإطلاقها .


علماء الحديث يتكلمون على الناس باعتبار ضوابط وقواعد دَعَت إلى ذلك ، وأدله شرعيه اقتضت ذلك ، ومصالح اقتضت ذلك ، فيتكلمون ، ومن كان يعلم الله منه الخير فإن بلغه ما أخطأ فيه رجع وتاب ، فلن يضره الكلام ، فيكون الكلام من مصلحته ورفعته ، وإن أصر و أبى ، فهذا مما يضر بالشخص ، فلهذا كما سمعتم يعني أننا نتعامل مع الله ، نتعامل مع الله سبحانه وتعالى ، فهو الذي يرفع والذي يخفض والذي يعطي والذي يمنع ، وله الأمر كله سبحانه وتعالى .


فالحين نقرأ في كتب الجرح والتعديل ، أن بعض المحدثين تَكلم في قُرابة اثنا عشر مثلا ً متكلما ً ، ومع هذا ما يزال مقبولا ً معتمدا ً عليه من رجال الأمهات ، مثل رجال البخاري ومسلم ، فلا يعني أن من تُكُلم فيه أنه يسقط، ولكن نقول يسقط بأخطائه يسقط بمخالفته ، ولهذا قال أبو حازم سلمة بن دينار ( لا تعادين أحدا ً حتى تنظر إليه ، حتى تنظر إلى نيته فإن كانت نيته صالحة فلن يتركه الله لك ، وإن كانت نيته فاسدة فسيفعل الله به أكثر مما تفعل به ) فهذا الرجل كان يرى هذا ، ويرى أن الشخص الذي عنده أشياء ومخالفات ، سيفعل الله به أكثر مما يقوله من يتكلم فيه ، نصحا ً للأمة وشفقة عليه ، وحرصا ً على رجوعه وتوبته .


نسأل الله عز و جل أن يجعلنا من المقبولين عنده ، فعلينا أن نقبل على أنفسنا ، من كان يحب السلامة حقا ً ، أنصح لنفسي وله أن يقبل على إصلاح نفسه ، ولينظر إلى ما عنده من أخطاء ، وليتحرى الصواب ، وليصدق مع الله ، وليخلص عمله لله ، ولن يكون كلام من تكلم فيه إلا سبب في رفعته ، ما دام أنه يقبل النصح ويقبل النقد والجرح ، من أجل أن يصلح نفسه ، فهذا لن يضره الجرح ، بل هو من منفعته في الدنيا والآخرة .


والله المستعان .
لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الله الإمام



قام بتفريغها :


أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد


الأربعاء 30/3/1431 للهجرة