بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :


هل هناك ناران : نار لأهل الكفر ، ونار لأهل التوحيد الذين يعذبون فيها ثم يخرجون ؟
الجواب :
زعم بعض العلماء ذلك ، وقال: إن النار ناران ، نار لأهل الكفر ونار لأهل المعاصي من المؤمنين وبينهما فرق ، ولكن هذا لا أعلم له دليلا لا من القرآن ولا من السنة ، والذي أعلمه أن النار واحدة لا تختلف لكن عذابها يختلف ، فلا شك أنها على عصاة المؤمنين ليست كما هي على الكافرين .
وكوننا نقول بالتقسيم بناء على استبعاد عقولنا أن تكون نارا واحدة تؤثر تأثيرين مختلفين لا وجه له لما يأتي :
أولا :أن الله على كل شيء قدير ، والله تعالى قادر على أن يجعل النار الواحدة لشخص سلاما ولآخر عذابا .
ثانيا :أن أحوال الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا أبدا ، لظهور الفرق العظيم بينهما ، فلا يجوز أن تقيس أحوال الآخرة بأحوال الدنيا ، لتنفي مالا يتسع له عقلك ، بل عليك بالنسبة لأحوال الآخرة أن تسلم وتقبل وتصدق ، أليست هذه الشمس تدنو من الخلائق قدر ميل يوم القيامة ؟ ولو كانت أحوال الناس يوم القيامة كأحوالهم في الدنيا لأحرقتهم ، لأن هذه الشمس في أوجها لو نزلت ولو يسيرا أحرقت الأرض ومحتها عن آخرها ونحن نحس بحرارتها الآن ، وبيننا وبينها مسافات عظيمة ، لا سيما في أيام الصيف حين تكون عمودية ، ومع ذلك تدنو من الخلائق يوم القيامة بمقدار ميل ، ولا يحترقون بها ، وكذلك أيضا في يوم القيامة الناس في مقام واحد ، المؤمنون لهم نور يسعى بين أيديهم وبأيمانهم ، والكفار في ظلمة ، لكن في الدنيا لو كان بجانبك واحد على يمينه نور وبين يديه نور فإنك تنتفع به ،أما في الآخرة فلا ، وفي الآخرة أيضا يعرق الناس فيختلف العرق اختلافا عظيما بينهم وهم في مكان واحد ، فمن الناس من يصل العرق إلى كعبيه ، ومنهم من يصل إلى ركبتيه ، ومنهم من يصل إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه العرق .
فلا يجوز أن نقيس أحوال الآخرة بأحوال الدنيا ، ثم نذهب ونحدث أشياء لم تأت في الكتاب والسنة ، كتقسيم النار إلى نارين : نار للعصاة ونار للكافرين ، فالذي بلغنا ووصل إليه علمنا أنها نار واحدة لكنها تختلف .

المصدر :
الشرح الممتع على زاد المستقنع ( ج 1 )
[ باب الصلاة ص 540 ـ 541 ]
للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
منقول