تحريم خروج الرجال على الدولة أولى بالخطاب من النساء في العدة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فقد جاء في كتاب الله العزيز قول الله تعالى: {يا أيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ الْعِدَّةَ وَاتَّقُواْ اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1].
قال العلامة المفسر ابن سعدي رحمه الله في ((تفسيره)): (({وَلا يَخْرُجْنَ} أي: لا يجوز لهن الخروج منها، أما النهي عن إخراجها، فلأن المسكن، يجب على الزوج للزوجة، لتكمل فيه عدتها التي هي حق من حقوقه.
وأما النهي عن خروجها، فلما في خروجها، من إضاعة حق الزوج وعدم صونه
)) اهـ.
ففي هذه الآية الكريمة حرم الله تعالى على المرأة الخروج من بيت الزوجية إذا طلقها زوجها طلقة رجعية وهي في العدة، لما يترتب على خروجها من مفاسد منها:
1) مخالفة أمر الله عز وجل.
2) التمرد على الزوج صاحب القوامة.
3) إضاعة حق الزوج.
4) تصدع البيت.
5) تفويت مصلحة الاجتماع.
6) اعطاء فرصة للشيطان ليعمل على قطع الطريق لرجوع المياه إلى مجاريها وإرجاع المرأة لزوجها.
وغير ذلك من المفاسد.
فإذا كان يحرم على المرأة المعتدة الخروج من بيت الزوجية لما يترتب من مفاسد وبذلك تكون آثمة، فمن باب أولى يحرم الخروج على الحكام أصحاب القوامة على البلاد، فالمفاسد التي نجنيها من الخروج عليهم أكبر وأعظم من مفسدة خروج المعتدة من بيت زوجها.


وقريب من هذا ما جاء في مناظرة حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما للخوارج – الذين خرجوا على الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه -، عندما قال: ماذا نقمتم عليه ؟
قالوا: ثلاثًا.
وذكروا منها: حكم الرجال في أمر الله، وقال الله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ
فمما أجاب به ذلك الحبر قوله: فإن الله قال في كتابه قال في المرأة وزوجها: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا} فصير الله ذلك إلى حكم الرجال، فناشدتكم الله! أتعلمون حكم الرجال في دماء المسلمين، وفى إصلاح ذات بينهم أفضل أو في بضع امرأة ؟
والقصة أخرجها ابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) وغيره.


فناشدتكم الله! المفاسد المترتبة على خروج المرأة المعتدة من بيت الزوجية ومخالفة أمر ربها أعظم؟ أم مفسدة الخروج على الحكام؟
وكذلك العكس بالعكس فمصلحة استقرار الدولة أولى من مصلحة بيت، فبقاء المعتدة في بيت زوجها وما يترتب عليه من مصالح ليس أولى من مصلحة دولة، فبقاء الرجال في بيوتهم لاستقرار الدولة أولى وأولى.
فما يحرم للمصلحة العامة أولى بالاجتناب والتحذير منه، مما يحرم للمصلحة الشخصية.
ما لكم لا تعقلون؟
ما لكم كيف تحكمون؟
فهذه لفتة فقهية لهدم أفكار الخوارج والدواعش والإخوان والسرورية.
هذا وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الخميس عاشوراء سنة 1440 هـ
الموافق 20 سبتمبر 2018 ف