المتفاخرون بأصلهم أفراخ إبليس

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فالافتخار بالأحساب والطعن في الأنساب من عمل أهل الجاهلية الأولى، فمن وقع في هذا فالفعل شابه أهل الجاهلية من هذا الوجه.
ففي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم والنياحة)).
بل من افتخر بحسبه ونسبه فقد شابه إبليس اللعين، فقد منعه الكبر بافتخاره بخلقه من النار من السجود لآدم عليه الصلاة والسلام.
قال إبليس كما جاء في كتاب الله العزيز: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12، ص: 76].
قال الفخر الرازي رحمه الله في ((تفسيره)): ((إبليس إنما تكبر على آدم لأنه افتخر بأصله ونسبه وقال: خلقتني من نار وخلقته من طين فأنا أشرف منه في الأصل والنسب فكيف أسجد وكيف أتواضع)) اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((بيان تلبيس الجهمية)): ((الله تعالى أراد تفضيل آدم على إبليس حيث افتخر عليه إبليس بجنسه الذي هو النار وأنه بذلك أعلى من التراب والطين فرد الله عليه افتخاره وأثبت لآدم من المزية والاختصاص ما لم يثبت مثله لإبليس بقوله تعالى لما خلقت بيدي)) اهـ.
فمن افتخر بأصله فقد تشبه بإبليس.
ويقال لمن افتخر بحسبه ونسبه كما قال الأول:

لَئِنْ فَخِرْتَ بَآبَاءٍ لهُمْ شَرَفٌ *** قُلْنَا صَدَقْتَ وَلَكِنْ بِئْسَ مَا وَلَدُوا
هذا وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الجمعة 17 صفر سنة 1440 هـ
الموافق 26 اكتوبر 2018 ف