النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    1,203

    افتراضي كيف يستقيم الظل والعود أعوج؟؟!!!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين وإمام المتقين وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
    أما بعد :
    فإن الرد على المخالف للدليل من الوحي كتابا وسنة ، بفهم السلف الصالح أي كان ، وأي كانت مخالفته مطلب شرعي ، بل هو من الجهاد في سبيل الله، والرباط على ثغر من ثغور الدين حراسة لحدوده ، ومعالمه من الدخيل ، والتأويل والتحريف والتبديل ، وما حصل لأهل الكتاب قبلنا من التحريف والتبديل إلاّ بسبب فقدان المرابطين الذين يرابطون على ثغور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينتقدون ما خالف كتاب الله وما جاءتهم به الرسل.
    ولقد رد الله تعالى على المخالفين للرسل ، ولقن رسله الحجة وأفحم خصومهم بها ، وتلك الحجة التي أنزلها على رسوله - صلى الله عليه وسلم - المعجزة الخالدة مازالت تقرع حجج الباطل والمبطلين ، وتكشف شبه الزائغين ، وترفع من شأن الحق وأهله ، وهي باقية قائمة على ألسنة المجددين من أمته ؛ والعلماء الربانيين علماء النقد الجهابذة المدافعين عن دينه، وحياض سنة نبيه ، المتمثلين في الطائفة المنصورة ؛ طلبة العلم ، وعلماء الحديث الذين منّ الله عليهم وخصهم بالذكر ليحفظ بهم الذكر المنزّل ، والوحي المبجل .
    ولم يعرف في تاريخ الرسل ولا في سيرتهم أنهم كانوا يسبون النّاس ويشتمونهم ؛ بله تعاملهم مع أصحابهم وأتباعهم ؛ بل كانوا على جانب كبير من الرفق واللطف والمعاملة الحسنة ، والدفع بالتي هي أحسن ، والدعوة إلى الله على بصيرة والرد على المخالفين لهم بالحجة والبرهان ، رغم ما نالهم من أقوامهم من سوء شديد وسب وشتم ، وإذاية تصل إلى القتل مرة والضرب أخرى ، والحبس والنفي ، والتسفيه ، والاعتداء ، والعصيان وغير ذلك ، وهذا نبيّنا عليه الصلاة والسلام ناله القسط الأوفر من ذلك ، ومع ذلك لم يكن سبّابا ولا فحّاشّا ، ولا لعّانًا مع أعدائه فكيف مع أتباعه ؟؟؟
    وقد قال له ربه :{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ..}159 آل عمران.
    قال قتادة : قوله :((ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك))، إي والله، طهَّره الله من الفظاظة والغلظة، وجعله قريبًا رحيما بالمؤمنين رءوفًا ، وذكر لنا أن نعت محمد - r - في التوراة : (( ليس بفظ ولا غليظ ولا سخّاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة مثلها، ولكن يعفو ويصفح))(1).
    وقال ابن كثير (2/148): قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} الْفَظُّ: الْغَلِيظُ، [وَ] الْمُرَادُ بِهِ هَاهُنَا غَلِيظُ الْكَلَامِ؛ لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: {غَلِيظَ الْقَلْبِ} أَيْ: لَوْ كُنْتَ سيِّئَ الْكَلَامِ قَاسِيَ الْقَلْبِ عَلَيْهِمْ لَانْفَضُّوا عَنْكَ وَتَرَكُوكَ..
    عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبَّابًا، وَلاَ فَحَّاشًا، وَلاَ لَعَّانًا، كَانَ يَقُولُ لِأَحَدِنَا عِنْدَ المَعْتِبَةِ : ((مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ)) (خ 6031) و (6046)وأحمد(12274).
    وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَسْمًا، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أُرِيدَ بِهَذَا وَجْهُ اللَّهِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ، فَتَمعَّرَ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: (( يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا، فَضَبَرَ )). هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. (خ 122-3401-3405-6336) (م1062-2380).
    وإذا كان الأمر كذلك ، وأن الذين مع رسول الله - رحماء بينهم – أشداء على الكفار ؛ واسمع - يرحمني الله وإياك - إلى ما وصفهم الله به فليس هو من وصف أحد بل من وصف الله تعالى { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ..}. فليس من الرحمة في شيءٍ السب والشتم واللعن والطعن على الأعداء في دعوتهم وبيان الحق لهم ؛ فكيف بذلك بحجة الرد على الإخوة المؤمنين وهم رحماء فيما بينهم ؟؟!.إن السب والشتم واللعن يتنافى مع الرحمة .
    وإذا كان يُشرع الرد بالحجة والبرهان على من خالف منهج السلف الصالح ، ودين الرحمن ، فإنه ينبغي على المنتقد أن يرد بالعلم والحجة والدليل مع الأدب ، والعدل ، والورع دون تعصب ولا غلو، ودون ولوغ في الأعراض بالسب والشتم والطعن واللعن ، بحجة الرد على المخالف والتشديد على أهل الأهواء ؛ فهذا لم يكن من هدي السلف الصالح بتاتا فيما بينهم ؛ لأن
    السب والشتم والفحش من القول مفاتيح الشر، وأبواب العداوة والصد عن الألفة والمودة والرحمة بين المؤمنين .
    فهل ما نسمعه ونقرؤه من حقد وبغض وسب وشتم وطعن بين السلفيين من الرحمة في شيء؟؟!
    اللهم لا ؛ والسلفي ينبغي عليه أن يصون لسانه عن التلوث بألفاظ السِّباب ، والفحش ، واللعن ، والرجم بالغيب ؛ لأنه هو من صفوة المسلمين وخيرتهم الذين امتثلوا قول نبيهم : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا بِالْفَاحِشِ، وَلَا بِالْبَذِيءِ)) (2).
    واتصف بقول نبيه : عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانا))(3).
    وقبل هذا وذاك وَضَعَ نصب عينه قول ربه سبحانه : {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83].عن أبي جعفر وعطاء بن أبي رباح في قوله: (وقولوا للناس حسنا) ، قال: للناس كلهم.وَكَذَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ .
    وقال الحسن أيضا، لين القول، من الأدب الحسن الجميل والخلق الكريم، وهو مما ارتضاه الله وأحبه. ابن جرير (2/296) .
    فهو الذي تصدى لحمل مشعل الأمانة ؛ أمانة المنهج السلفي الحق ليبلغه للناس على مراد الله ومراد رسوله ،وهذا هو مراد الله : {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}.
    ومراده في قوله سبحانه وتعالى :{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} (53)الإسراء .
    ففي الآية ((وقل يا محمد لعبادي إذا أردتم إيراد الحجة على المخالفين فاذكروا تلك الدلائل بالطريق الأحسن. وهو أن لا يكون ذكر الحجة مخلوطا بالشتم والسب، ونظير هذه الآية قوله: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ..} [النحل: 125] . وقوله:{ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن..}العنكبوت: 46].
    ومراده تعالى وتقدس في قوله :{ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ }(96) المؤمنون .
    وهذا مراده سبحانه في قوله :{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }(125).
    ولمعترض أن يعترض فيقول : أكمل الآية التي بعدها فإنها تبيح للمظلوم المعاقبة بالمثل ..
    فأقول له ، نعم ؛ ولكن لا تنسى تكملتها أيضا - بارك الرحمن فيك – فقد قال تعالى فيها وما بعدها :{ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ }(128) النحل.
    ما أعظم هذا التوجيه الرباني للصبر؛ لأن الصبر على الأخ المؤمن السني الذي زل وأخطأ في حق أخيه، وصبر عليه فلم يعاقبه بالمثل ؛ بل تجاوز عنه وعفا عنه وهو يقدر عليه ، ودعا له بالرشد والثبات ، وأخذ بيده بالتي هي أحسن للتي هي أقوم ، فذلك أفضل وهو خلق عظيم أدعى إلى الترابط والمودة والمحبة والاستمرار في الاجتماع ونشر الخير ، وأنّ الصبر عليه وعلى من يدفعه بالكيد والمكر ومخافة الله فيهم كل ذلك إحسان ، وإن الله مع المحسنين ، ناهيك- أيها المحب - عمّا جاء أن الله مع الصابرين ، وأن الصابرين يؤتون أجرهم بغير حساب ، وأنه ما أُعطي أحدٌ شيئا خيرا وأوسع من الصبر .وأن المؤمن إذا صبر لا يضره كيد الكائدين شيئا .
    قال تعالى :{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }(120)آل عمران .
    وأن كل تلك الأخلاق الحميدة ، والفضائل الجليلة من عدم مقابلة السيئة بالسيئة ، والدفع بالتي هي أحسن ، والعفو والتجاوز عند المقدرة ، والصبر على الأذى من البعيد والقريب لا يلقاه إلا ذو حظ عظيم من منهج النبوة .
    قال تعالى :{ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }(36) فصلت . فإما ينزغنك الشيطان عند الغضب وحظ النفس والانتقام حين يساء إليك فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم فإنما يريد أن يوقع بك وبدعوتك ، ويفرقك بينك وبين من تحب ..
    وقال تعالى : { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }(125) النحل.
    ما أعظم هذا التوجيه الرباني لو فقهه السلفيون فيما بينهم ، فإذا كان هذا في غيرهم فكيف ينبغي أن يكون بينهم ، قد بَيَّنَهُ من لا ينطق عن الهوى بقوله : عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )) متفق عليه .
    وَاللَّهِ ، وبالله ، وتالله ؛ ما وُعِظَتْ أُمَّةٌ بِمِثْلِ ما وُعِظَتْ به هذهِ الأُمَّةُ بمثل هذه الدرر الربانية والجواهر الوعظية النبوية التي يقف عندها المؤمن منقادا متفاعلا بأدب وخشوع يفدي أخاه المؤمن بجسده محبة وولاية في غير بدعة ولا فسوق .
    والعجب العجاب أننا نقرأ هذه النصوص وغيرها مما وُعِظْنا به ونصحنا به العلماء ، والكثير منّا يرددها؛ ولكن للأسف دون تفاعل ولا تطبيق لها إلا في حدود ضيقة مع من يناصرني ويقف معي أما من يخالفني وينصح لي ويأخذ بيدي فهو العدو الذي ينبغي أن يفضح ،ويسب ويشتم ، وينتقم منه ،حتى لو كان بالأمس القريب هو الوالد والأكابر ..من وراء الخط الأحمر .
    ومن هنا وجدتني أذكر نفسي وأخي الذي أطلق للسانه العنان ، أو زل بشيء من القول السوء مما يضر بإخوانه ويشوه المنهج السلفي المبارك ؛ أن يكف لسانه عن الفحش ، وعن لعن النّاس وشتمهم وسبهم ؛ بل عن لعن الدواب هذا أقل ما يجب عليه إن لم يستطع أن يرطب لسانه بذكر الله ، ولزوم الحجة من القول بالوحي عملا بقوله - صلى الله عليه وسلم : ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)).
    والسب والشتم ليس من الخير في شيء؛ بل هو حجة العاجز عن مقارعة الحجة بالحجة ..والرد بمجرد السب والشتم لا يعجز عنه أحد .

    والصمت عن السوء من أعظم العبادات للنجاة من العقوبات ، ((وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ))(4).
    وفي رواية (( ... يا معاذ ثكلتك أمك، وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا ما نطقت به ألسنتهم، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خير أو يسكت عن شر، قولوا خيرا تغنموا، واسكتوا عن شر تسلموا ))(5).
    واللسان هو الأداة الحادة للفحش واللعن والسب والشتم ، والجارحة التي تورد صاحبها الموارد ، وتكبه على منخره في جهنّم ، والسلفي قد زكى الإيمان لسانه وقيده الخوف من ربه ، وأدب العلم قلمه على منهاج النبوة فلا يصدر منه إلا الخير برفق وحلم ..والنصيحة هي إرادة الخير للمنصوح ، وأي في السب والشتم والتعيير؟
    فقد شبه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - المؤمن بالنخلة الشامخة ، تهزها الرياح من كل جانب تزعزها بشدّة ولا تقتلعها؛ لأنها ضاربة جذورها في الأرض ، ولا يستطيع الكثير من النّاس أن يصعد إلى أعلاها فيرميها بالحجارة وهي تبادله ثمارها، الله أكبر ما أروع هذا المثال ، وليتصور المؤمن حلاوة الثمار التي تعطيها النخلة لخصومها التي يضربونها بالحجارة ، فهل عجز السلفي أن يطعم خصومه الحجة بالتي هي أحسن حتى يتذوقوا طعمها الحلو الطيب وحالها الرطب اللين؟؟
    فلا ينبغي للسلفي أن يتعود أذية السلفيين بفحش لسانه حتى يخافوا من شره، ويتقوا أذيته كما يتقون من أذية الشيطان ، ويتعوذون منه، وقد أمر الله تعالى بالتعوذ من شيطان الإنس، وهو المتشبه بالشيطان في الشر والتمرد، فقال الله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} إلى آخر السورة.
    عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها- قَالَتْقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ اتَّقَاهُ النَّاسُ لِشَرِّهِ - أَوْ قَالَ: لِفُحْشِهِ)).(خ 6032-6054- 6131)، و(م2591).
    إن الرد على المخالف لا يبيح ولا يخول للرّاد مهما كان أن يكون فاحشا ، لعانا طعانا همازا لمّازا ؛ لأن لغة العلم على منهج النبوة ، والعدل والورع ، لتأبى على السلفي الناصح لنفسه الذي يخاف العواقب أن تخرج منه كلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها سبعين خريفا في النّار .
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: ((إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ )) (خ6477-6478)و(م2988). إن من يتعظ بهذا ويخاف العواقب ليحبس لسانه عن بعض المباح خشية الوقع فيما لا يباح .
    لذلك ينبغي على الناصح لنفسه أن ينتهج في الردود على المخالفين بالعلم ، والحجة والعدل والورع ، والأدب في المناقشة والمجادلة بالتي هي أحسن للتي هي أقوم لأن ذلك ادعى إلى القبول ، والألفة ، والرجوع عن الخطأ فقد قال تعالى : { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }(36) فصلت .
    سبحان الله ما أعظم هذا التوجيه الرباني الكريم ، {ادفع بالتي هي أحسن } هذا فيمن كانت عداوته أصلية ؛ فكيف بمن كانوا أخوة متحابين لدهر طويل ، وفجأة صاروا أعداء متخاصمين ، أين هم من هذا الوحي ؟؟ كيف تناسوا الفضل بينهم ؟ وفضل العلماء عليهم ، وأين رحمة أخوة الإيمان ؟ وأين هدي السنة الذي يردهم ، وأين حقوق الأبوة والبنوة العلمية التي كانت بينهم سائدة ؟؟؟!! المفروض في السلفي داعية كان أو غيره أن يلين الجانب ، لإخوانه الذين هم بمنزلة نفسه ، يحفظ كرامتهم ويبرز الاحترام لهم ، يَكُفُّ عَلَيْهِم ضَيْعَتَهُم ،وَيَحُوطُهُم من ورائهم ينصح لهم بالتي هي أحسن للتي هي أقوم بصورة جميلة أدبية يسودها حسن الخلق أولا ، ولغة الحجة والخضوع لها ثانيا، والعدل والورع ثالثا حتى تنتهي العداوة ، وتثبت المودة والرحمة ، وتُقطع الطريق على العدو اللدود إبليس لعنه الله أولا ؛ وعلى أهل الأهواء المتربصين بالسلفيين – وما أكثرهم - لا كثرهم الله، ثانيا.
    أحبتي هذه مقالة - شهد الله - كتبتها لأذكر نفسي وبعض الغافلين من أخواننا ، وأوقظ النائمين ، وأرشد التائهين حتى لا ينجروا في هذه الظاهرة الغريبة (6) التي نزلت بالساحة السلفية، وقد استفحلت - وللأسف الشديد - وهي كثرة الرجم ( أي السب والشتم ) والطعن واللعن بين الإخوة ، وقد تفرق السلفيون وانصدع جدار الأخوة والمودة والرحمة بينهم على غير ما أراده الله لهم أن يكونوا عليه :{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } .
    وعلى غير مراده في قوله :{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }(71)التوبة .
    هل نسي السلفيون أو تناسوا الآيات التي تحثهم وترغبهم في الاعتصام بحبل الله الواحد الأحد ، وتنهاهم عن التفرق والنزاعات الطائفية ، والحظوظ النفسية ، والعصبيات ، وتصفهم بأنهم جماعة واحدة ، بل جسد واحد يتألم أقربهم لأبعدهم ، وأعلاهم لأدناهم ، وأقواهم لأضعفهم ، وأعفاهم لمبتليهم ، فأصبحنا لا نقرأ ولا نسمع في مواقع التواصل ( بل التقاطع والتدابر )التي كشفت عيوب الكثير منّا ممن كان مستورا إلا الطعن والسب وإبراز العيوب والعورات ؟؟؟!(7).
    يا قومنا؛ لقد جاء ذم السب والشتم في كتاب الله وسنة نبيه ، والنهي عنه ، فهل من متعظ ؟ وقبل أن أذكر شيئا من ذلك والنتائج الوخيمة المترتبة عليه أعرف السب لغة وشرعا.
    تعريف السب : سبّ يسب سبا. وأصل السب الْقطع ثمَّ صَار السب شتما لِأَن السب خرق الْأَعْرَاض. قَالَ الشَّاعِر : (فَمَا كَانَ ذَنْب بني مَالك ... بِأَن سبّ مِنْهُم غُلَام فسَب) أَي شتم فَقطع. جمهرة اللغة (1/69).
    وفي الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (1/144): السَبُّ: الشَتْمُ، وقد سَبَّهُ يَسُبُّهُ. وسَبَّهُ أيضاً بمعنى قَطَعَهُ. سب شتم، وسب عقر: والتَسابُّ: التشاتم. والتَسابُّ: التقاطُعُ.
    ورجل مسب بكر الميم: كثير السباب. ويقال: صار هذا الأمر
    سُبَّةً عليه، بالضم، أي عاراً يُسَبُّ به. ورجل سُبَّةٌ، أي يَسُبُّهُ الناس. وسُبَبَةٌ، أي يَسُبُّ الناسَ.
    قال أبو عبيد: السِبُّ بالكسر: الكثير السِباب. وسِبُّكَ أيضاً: الذي يُسابُّكَ قال الشاعر (
    عبد الرحمن بن حسان.) :
    لا تَسُبَّنَّني فَلَسْتُ بِسِبِّي .. إنَّ سِبِّي من الرجال الكَريمُ.
    والسب شرعا هو : فحشٌ وفسوقٌ ورجم ، وقرضٌ ، وخلق قبيح يدل على تحقير المسبوب أو نسبته إلى نقيصة أو معرة وعيب في دينه أو عرضه أو دنياه بالباطل أو بالحق، وهو مرادف للشتم.
    ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : ((عباد الله رفع الله الحرج إلا من اقترض عرض امرئ مسلم فذلك الذي حرج )) يريد إلا من سب عرض امرئ مسلم وقطعه بالذم وسوء القول.
    وقرضُ الفأرة : قطعها الثوب ، ويقال قارضتُ فلانا وقرضته إذا ساببته وقطعتُ عِرضه بالسب. وقال أبو الدرداء (النهاية 3 / 209) : (اقْرِضْ من عِرضكَ ليومِ فَقْرِكَ) . أي: مَنْ سبَّ أآباءك وأسلافك فلا تسبّ آباءه وأسلافه، ولكن اجعل ذلك قَرْضاً عليه ليوم القيامة . (8).
    وَفِي الحَدِيث: (( إِن الله يُبْغِضُ الفَاحِشَ المُتَفَحِّش..)) فالفَاحِشُ هُوَ ذُو الفُحْشِ والخَنَا من قَول وفِعْل، والمتفحِّش : الَّذِي يَتكلَّف سَبَّ النّاس ، ويُفْحِش عَلَيْهِم بِلِسَانِهِ، وَيكون المُتَفَحِّش : الَّذِي يَأْتِي الفاحِشَة المَنْهِيَّ عَنْهَا وَجَمعهَا الفواحِش.
    وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ..))(خ 48-6044-7076)و(م116-64).
    النهي عن السب والشتم في كتاب الله : لقد نهى الله تعالى المؤمنين عن سب آلهة المشركين ودينهم حتى لا يكون ذلك سببا لسب الله تعالى ودينه ،ورسوله ، وهو عام في جميع الأوقات والأماكن .
    قال الله سبحانه وتعالى :{ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }(108)الأنعام .
    قال ابن جرير الطبري (12/33) القول في تأويل قوله تعالى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وللمؤمنين به: ولا تسبُّوا الذين يدعو المشركون من دون الله من الآلهة والأنداد، فيسبَّ المشركون اللهَ جهلا منهم بربهم، واعتداءً بغير علم، وبسنده إلى ابن عباس في قوله: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم) ، قال: قالوا: يا محمد، لتنتهين عن سبِّ آلهتنا، أو لنهجوَنَّ ربك! فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم، فيسبوا الله عدوًا بغير علم. أثر رقم (13738).
    وعن قتادة قوله : كان المسلمون يسبون أوثان الكفار، فيردّون ذلك عليهم، فنهاهم الله أن يستسِبُّوا لربهم، فإنهم قومٌ جهلة لا علم لهم بالله.
    قال ابن عطية الأندلسي في المحرر الوجيز (2/332): وسببها أن كفار قريش قالوا لأبي طالب إما أن ينتهي محمد وأصحابه عن سب آلهتنا والغض منها وإما نسب إلهه ونهجوه فنزلت الآية، وحكمها على كل حال باق في الأمة، فمتى كان الكافر في منعة وخيف أن يسب الإسلام أو النبي صلى الله عليه وسلم والله عز وجل فلا يحل للمسلم أن يسب دينهم ولا صلبانهم ولا يتعرض ما يؤدي إلى ذلك أو نحوه. قلت : هذا تأديب عظيم من الله تعالى للمؤمنين أن يطهروا ألسنتهم عمن يستحقون السب والشتم واللعن ، فإن هذا النهي منه تعالى ليس لذاته وإنما هو لما يترتب عليه من مصلحة ومفسدة كبيرتين ، وهذا قد يحصل بين المؤمنين أنفسهم .
    قال ابن كثير في تفسير الآية (3/315): وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ -وَهُوَ تَرْكُ الْمَصْلَحَةِ لِمَفْسَدَةٍ أَرْجَحَ مِنْهَا -مَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: "مَلْعُونٌ مِنْ سَبِّ وَالِدَيْهِ". قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: "يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ)). أَوْ كَمَا قَالَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ (رواه مسلم في صحيحه برقم (90) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رَضِيَ الله عنه.
    وبوب عليه البخاري باب بَابٌ: لاَ يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ (ح 5973) ولفظه : ((إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ)) قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: ((يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ)).
    ومثل هذا يقع كثيرا؛ فكثيرا ما نسمع الرجلَ بمجرد الغضب أو تصرف لا يعجبه من أخيه يسبه ويسب أباه وأمه ويسب دينه ؛ بل أكثر من ذلك هناك من يسب ربه فيقابله الآخر بذلك وربما جرهما ذلك إلى التقاتل بالأيدي والسلاح ...
    وهذا كله من الجهل وسوء الخلق ، وسوء التربية من حب الذات والتحامل المفرط على حب الانتقام وحب المعاقبة على الجريمة بارتكابها بعينها، يهين والديه المعظمين ويسب إلهه ودينه فيقابله الثاني بذلك وربما أكثر من ذلك ، وهذا التهاتر من عمل الشيطان . (9).
    ففي الأدب المفرد للبخاري (201)باب المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان: 427 - عن عياض بن حمار -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله الرجل يسبني؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: ((المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان) (10) .
    وفيه برقم (428 ) عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد) فقلت: يا رسول الله أرأيت لو أن رجلا سبني في ملإٍ هم أنقص مني فرددت عليه هل علي في ذلك جناح؟ قال: (المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان)(11).
    قال الطيبي : وَمَعْنَاهُ إِثْمُ مَا قَالَاهُ عَلَى الْبَادِئِ إِذَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ، فَإِذَا تَعَدَّى يَكُونُ عَلَيْهِمَا، نَعَمْ إِلَّا إِذَا تَجَاوَزَ غَايَةَ الْحَدِّ فَيَكُونُ إِثْمُ الْقَوْلَيْنِ عَلَيْهِ . اه.
    قال مجاهد ((مِنْ أَرْبَى الرِّبَا؟ مَنْ يَسُبُّ سَبَّتَيْنِ بِسَبَّةٍ))(12).
    وبوب عليه ابن حبان (13/34): ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ الْمُسْتَبَّيْنِ اللَّذَيْنِ يَكْذِبَانِ فِي سِبَابِهِمَا.
    قَالَ أَبُو حَاتِمٍ (13/35): أطلق صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُسْتَبِّ عَلَى سَبِيلِ الْمُجَاوَرَةِ، إِذِ الشَّيْطَانُ دَلَّهُ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ، حَتَّى تَهَاتَرَ وَتَكَاذَبَ، لا أن المستبين يكونان شيطانين.
    وقوله: "يتهاتران ويتكاذبان" أي: يتقاولان ويتقابحان في القول من الهتر بالكسر: وهو الباطل والسَّقط من الكلام.(13).
    وقال تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)} البقرة .
    ففي الآية نهي للمؤمنين أن يتعاملوا فيما بينهم بالألفاظ التي معناها السب والشتم وكانت الكلمة راعِنا عند اليهود كلمة سب قبيح من الرعونة، فكانوا يخاطبون بها النبي - صلى الله عليه وسلم - قاصدين معنى السب والشتم، فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة، وأمرهم بكلمة تماثلها في المعنى، وتختلف في اللفظ، وهي انْظُرْنا التي تفيد معنى الإنظار والإمهال .
    وقال تعالى :{ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ...}
    قال القرطبي (7/133): ونظيره" {وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} ". فقوله:" ما ظهر" نهي عن جميع أنواع الفواحش وهي المعاصي." وما بطن" ما عقد عليه القلب المخالفة.انتهى كلامه.
    وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنِ ابْنُ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا أحد أغْيَر من اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّم الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَر مِنْهَا وَمَا بَطنَ)). صحيح البخاري برقم (4634) وصحيح مسلم برقم (2760) .
    وقد نهى الله تعالى عن أذية المؤمنين أو رميهم بغير ما اكتسبوا في قوله : {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا }(58) الأحزاب .
    قال السمعاني (4/306): أَي: يقعون فيهم، ويعيبونهم بِغَيْر جرم وجد من قبلهم.وهذا منقول عن مجاهد كما في تفسير الطبري (20/323)والبغوي (6/376).
    قال القرطبي (14/240): أذية المؤمنين والمؤمنات هي أيضا بالأفعال والأقوال القبيحة، كالبهتان والتكذيب الفاحش المختلق. وهذه الآية نظير الآية التي في النساء:{ ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا} [النساء: 112] .
    كما قال هنا. وقد قيل: إن من الأذية تعييره بحسب مذموم، أو حرفة مذمومة، أو شي يثقل عليه إذا سمعه، لأن أذاه في الجملة حرام.انتهى .
    وقال السعدي (1/671): وإن كانت أذية المؤمنين عظيمة، وإثمها عظيمًا، ولهذا قال فيها: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} أي: بغير جناية منهم موجبة للأذى {فَقَدِ احْتَمَلُوا} على ظهورهم {بُهْتَانًا} حيث آذوهم بغير سبب {وَإِثْمًا مُبِينًا} حيث تعدوا عليهم، وانتهكوا حرمة أمر الله باحترامها.انتهى .
    وقال قتادة: فإياكم وأذى المؤمن، فإن الله يحوطه، ويغضب له. ابن جرير (20/324). ومن الأذية السب والشتم والطعن واللعن من غير مبرر ولا موجب شرعي ..
    وأما الأحاديث التي تنهى عن الفحش واللعن والسب والشتم والطعن وبذاءة اللسان ، وقرض أعراض المؤمنين بما فيهم وبما ليس فيهم من الكذب والبهتان غير ذكرت فهي كثيرة .
    فقد بوب البخاري بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ السِّبَابِ وَاللَّعْنِ وساق جملة من الأحاديث من ذلك (ح 6044): عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ)) وبوب عليه ابن حبان في صحيحه (ح 5939) ذكر الزجر عن سب المسلم وقتاله .
    و(ح 6045) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((لاَ يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بِالفُسُوقِ، وَلاَ يَرْمِيهِ بِالكُفْرِ، إِلَّا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ)). ولفظ مسلم (ح61) : ((.. وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالكُفْرِ، أَوْ قَالَ: عَدُوَّ اللَّهِ، وَلَيْسَ كَذَلكَ، إِلَّا حارَ عَلَيْهِ)).
    و(ح6046)عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا، وَلاَ لَعَّانًا، وَلاَ سَبَّابًا، كَانَ يَقُولُ عِنْدَ المَعْتَبَةِ: ((مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ)). و(ح 6047) عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ: أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلاَمِ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ)).
    و(ح 6048) قال عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، : سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ، رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَضِبَ أَحَدُهُمَا، فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى انْتَفَخَ وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً، لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ)) فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: ((تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ)) فَقَالَ: أَتُرَى بِي بَأْسٌ، أَمَجْنُونٌ أَنَا، اذْهَبْ.
    و(ح 6050)عَنِ المَعْرُورِ هُوَ ابْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَيْهِ بُرْدًا، وَعَلَى غُلاَمِهِ بُرْدًا، فَقُلْتُ: لَوْ أَخَذْتَ هَذَا فَلَبِسْتَهُ كَانَتْ حُلَّةً، وَأَعْطَيْتَهُ ثَوْبًا آخَرَ، فَقَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلاَمٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَنِلْتُ مِنْهَا، فَذَكَرَنِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي:((أَسَابَبْتَ فُلاَنًا))؟. قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ((أَفَنِلْتَ مِنْ أُمِّهِ))؟. قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ((إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ)) قُلْتُ عَلَى حِينِ سَاعَتِي: هَذِهِ مِنْ كِبَرِ السِّنِّ؟ قَالَ: ((نَعَمْ، هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ أَخَاهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ يُكَلِّفُهُ مِنَ العَمَلِ مَا يَغْلِبُهُ، فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ)).
    وفي جامع الأصول لابن الأثير (10/757): الكتاب السادس:في اللعن والسّبّ، وفيه أربعة فصول . الفصل الأول: في ذم اللعنة، واللاعن : 8430 - (ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس المؤمن بطعَّان، ولا لعَّان، ولا فاحشٍ، ولا بَذِيء))(14). وهذا خبر خرج مخرج النهي .
    وقال في [شَرْحِ غَرِيبِه]: (بطعان) الطَّعان: الذي يطعن في أعراض الناس، ويقع فيهم، ومنه: الطعن في النَّسَبِ، وهو القَدْح فيه. (بذيء) البَذّاء: الفُحش في القول.
    8431 - (م د) أبو الدرداء - رضي الله عنه - قال زيد بن أسلم: إن عبد الملك بن مروان بعث إلى أم الدرداء بأنجادٍ من عنده، فلما أن كان ذات ليلة قام عبد الملك من الليل، فدعا خادِمَه، فكأنه أبطأ عليه، فلعنَه، فلما أصبَحَ قالت له أم الدرداء: سمعتُك الليلةَ لعَنْتَ خادَمكَ حِين دعوتَه، فقالت: سمعتُ أبا الدرداء يقول: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: ((لا يكون اللعَّانون شهداءَ ولا شفعاءَ يوم القيامة)) هذه الرواية لم يذكرها الحميدي في كتابه.
    وفي رواية مختصراً: عن أم الدرداء عن أبي الدرداء، قال: سمعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن اللعَّانين لا يكونون شهداءَ، ولا شفعاءَ يوم القيامة)) (15).
    وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: ((المستَبَّان ما قالا، فعلى الأول)) وفي رواية ((فعلى البادئ منهما حتى يَعتديَ المظلوم)) (16).
    قال نجم الدين الغزي في كتابه حسن التنبه لما ورد في التشبه (6/35): وإنما سميا شيطانين لتشبههما بالشيطان في السب والهتر، وهو تمزيق العرض والوقوع فيه، فإذا سكت أحدهما عن ذلك لم يكن شيطانًا.
    وقد قلت :
    يا أَيُّها السَّبَّابُ ما أَنْتَ فِي ... سَبِّكَ لِلْمُسْلِمِ إِنْسانُ
    بَلْ أَنْتَ شَيْطانٌ وَإِنْ زادَ فِي ... جَوابِكَ المسَّبُّ فَشَيْطانُ. انتهى كلامه.
    الآثار الوخيمة المترتبة على هذه الظاهرة السلبية الغريبة :
    1 - أن سب المؤمن فسوق ،وخروج عن طاعة الله تعالى فهل يرضى أحد أن يوصف بالفسق والخروج عن طاعة الله ؟. وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ..))(خ 48-6044-7076)و(م116-64).
    2 – السب والشتم من عمل الشيطان فمن عمله فقد عمل بعمل الشيطان وتشبه به : ففي صحيح الأدب المفرد - بَابُ المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان : 330/428 (صحيح) عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: (( الْمُسْتَبَّانِ شَيْطَانَانِ يَتَهَاتَرَانِ وَيَتَكَاذَبَانِ)).
    3 - أن السب والشتم واللعن والطعن يعود على صاحبه فيكون هو المسبوب والملعون والعياذ بالله ، وهذه شديدة على السلفي كيف يرضى أن يسب نفسه أو يلعنها ولكنها الحقيقة التي وقع فيها الكثير منا .
    432 - عن أبي ذر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك)) .متفق عليه.صحيح الأدب المفرد.
    وفي الأدب المفرد (435)- (ث 102) عن عبد الله رضي الله عنه قال: (( ما من مسلمين إلا بينهما من الله عز وجل ستر، فإذا قال أحدهما لصاحبه كلمة هجر فقد خرق ستر الله، وإذا قال أحدهما للآخر أنت كافر فقد كفر أحدهما)) . ضعيف الإسناد، فيه يزيد بن أبي زياد، وفيه ضعف، لكن الجملة الأخيرة صحيحة عن غير ما واحد من الصحابة منهم أبو ذر، فانظره في الحديث رقم (433). 4- وأكبر من ذلك العقوبة يوم القصاص بالحسنات والسيئات حيث يكون الشاتم لغيره مفلسا .
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ؟)) قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ قَالَ: ((فَإِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَصِيَامٍ، قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُقْضَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ)) .صحيح مسلم (2581 )والترمذي (2418) وأحمد (8414).
    5 – إن السب والشتم يدل على ضعف الحجة ، والإفلاس من المحجة والبرهان ، والوقوع في الكذب والبهتان ، وثبوت التهمة والعدوان..
    وإن هذه الأخلاق السيئة تخرج المؤمن من العدالة إلى الفسق ، وتفرق الصف ، وتقطع المودة والمحبة ، ويحل محلها التباغض والتدابر والتقاطع والهوان والهزيمة ، وغير ذلك من السوء ، وهذه الخصال كلها مذمومة قد حذر منها المولى عز وجل في كتابه وشدد النكير على فاعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    وفي مقابلها وبضدها يحدث العكس تماما وتثبت المودة والرحمة واجتماع الكلمة إلا من ركب رأسه ، ولم يحسن خلقه ، وهذا قد شذ ومن شذ فالنّار موعده والعياذ بالله .
    رد يا أخي ، فحق الرد مكفول ، وانتقد بالعلم والحلم ، وبين الحق بالحجة والبرهان ، والحكمة والإحسان ، وخذ بيد إخوانك واصبر عليهم حتى لو ظلموك واسترشد بتوجيهات ربك ، وسترى النتائج الحسنة والثمرة المستحسنة التي تفرح القلوب وتبهج النفوس ويكون الاجتماع .ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر ..
    والله أسأل أن يعصمنا من الزلل ، ويهدينا أوضح السبل ؛ ويلهمنا الأصلح في أعمالنا؛ والأرشد في أقوالنا ؛ وإن يقينا مصارع الرياء والعجب، ويجنبنا مواقف الشين والريب، ويقينا شرور أنفسنا من الثلب والعطب ، ويحفظ ألسنتنا من الفحش والبذاء، وينطقها بالصلوات في الإعادة والإبداء إنه سميع قريب مجيب الدعاء .
    وصل اللهم وسلم على سيدنا وحبيبنا ونبينا سيد الأتقياء وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم اللقاء .
    الهامش :
    (1) – تفسير ابن جرير (7/341-342). وأخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص (2125-4838).
    2 - قال الألباني في صحيح الأدب المفرد (332) صحيح - انظر الحديث رقم (312). قال فيه : صحيح - «الصحيحة» (320) : [ت: ك البر والصلة ، 48 ـ ب ما جاء في اللعنة] وفيه باب (145) ليس المؤمن بالطعان:
    3 - صحيح الأدب المفرد (309)وقال الشيخ الألباني :حسن صحيح - «تخريج السنة» (1014) «الصحيحة» (2636) : [ليس في شيء من الكتب الستة] .
    4أخرجه الترمذي (2616) وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.وابن ماجه (3973) والنسائي في "الكبرى" (11394) وأحمد (5/231) .وصححه الألباني في الصحيحة (3284).
    (5)- مستدرك الحاكم (4/286-287) وقال: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي. وقال الألباني كلا بل هو صحيح فقط :الصحيحة (421).
    6 - إنَّ المتابع لما يُكتب ويُقال عبر صفحات التواصل الاجتماعيِّ ليأخذه الألم كلَّ مأخذٍ من علوِّ لغة السبِّ والشتم، وظهور الفحش في الكلام بين المتحاورين، لماذا؟ لأجل أنَّ هذا طرح طرحًا يُخالف ما يراه ذاك! بل حتى لو ابتدأ أحد الطرفين بعبارةٍ طيِّبةٍ، فإنَّ بعض الناس يظُنُّ أنَّ مقابلتها بمثلها- مع اختلاف التوجُّه الفكريِّ أو العقديِّ - نوعٌ من الضعف!
    (7)- ومن أقبحها الطعن في العلماء الكبار باللمز والغمز تارة ، والتلميح والتصريح أخرى ، ووصفهم بأوصاف سيئة وقبيحة بطرق ماكرة ، بعدما كانوا هم الآباء والخطوط الحمراء عند شاتميهم ، وشانئيهم نعوذ بالله من الخذلان ..
    (8) ((استسب له)) ، عرضه للسب وجره إليه. وفي حديث أبي هريرة: (لا تمشِيَنَّ أَمَامَ أَبِيكَ، ولا تجلِسْ قَبْلَهُ، ولا تَدْعُه باسْمه، ولا تَسْتَسِبَّ لهُ) ، أي: لا تعرضه للسب وتجره إليه، بأن تسب أبا غيرك، فيسب أباك مجازاة لك ، وهذا أدب يفتقده الناس يومًا بعد يوم.
    (9)وكثير من السلفيين يقعون في مثل هذه المهاترات ، يسب هذا والد هذا فيرد عليه الآخر فيسبه أكثر ، ويسب هذا شيخ هذا فيسب الآخر شيخه وينال منه ، بل لقد سمعت من يسب الدين الذي عليه خصمه السلفي ، وقد أخبرني بعض إخواني أن هناك من يسب الرب سبحانه وتعالى ؛ حتى إذا هدأت ثورته الغضبية فهو السلفي الممثل للشيخ فلان والجماعة .. وهذا كله من عمل الشيطان وللأسف الشديد .
    (10) - قال الألباني : صحيح - التعليق الرغيب (3/285) .
    (11) - قال الألباني : صحيح - «الصحيحة» (570) [م: 51ـ ك الجنة , ح 64, دون فقرة السابقة] . ولفظ إحدى روايات أحمد وأبي داود الطيالسي 1176 والطبراني "1003": والبيهقي في شعب الإيمان 6239 (("المستبان ما قالا، فعلى البادئ إلا أن يتعدى المظلوم".
    (12)- وعزاه في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح(7/3028) إلى مسلم ولم أجده فيه . وهو في شَرْحِ السُّنَّةِ (13/133). (13)- وبهذا فسره ابن قتيبة (غريب الحديث1/321 – 322)وقال ابن الأثير: أي يتقاولان ويتقابحان في القول من الهتر بالكسر الباطل والسقط من الكلام .
    (14)- أخرجه الترمذي(1978)ورواه أحمد في المسند(3839) ، وابن حبان رقم (48) موارد، والبخاري في الأدب المفرد رقم (312) ، والحاكم في المستدرك (1 / 12 و 13) وصححه ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
    (15)- أخرجه مسلم (2598). وأخرج أبو داود (4907) ولم يذكر «يوم القيامة» وأحمد في المسند أحمد (6/448) والبخاري في الأدب المفرد (316).
    (16)- أخرجه مسلم (2587) في البر، باب النهي عن السباب وأبو داود رقم (4894) في الأدب، باب المستبان، والترمذي رقم (1982) في البر، باب ما جاء في الشتم.ï»؟ï»؟

  2. #2

    افتراضي رد: كيف يستقيم الظل والعود أعوج؟؟!!!

    جزيتم خيرا ونفع الله بكم الدعوة السلفية

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    المشاركات
    99

    افتراضي رد: كيف يستقيم الظل والعود أعوج؟؟!!!

    جزاكم الله خيرا وبارك فيكم.


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. ( يساء بهم الظن أم يحسن بهم الظن)
    بواسطة أبو هنيدة ياسين الطارفي في المنتدى الأسئلة التي تمت الإجابة عليها
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 23-Jul-2014, 03:35 AM
  2. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 25-Feb-2014, 04:30 AM
  3. من درر الربيع "لمحة عن حسن الظن وسوء الظن"
    بواسطة أبو خالد الوليد خالد الصبحي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 15-Jun-2013, 01:35 PM
  4. [بيان] حزب النور السلفي يحرم فوائد البنك الدولي يومًا ويحلها يومًا ولا يستقيم على حال!! [ولتستبينَ سبيلُ المجرمين]
    بواسطة أبو عبدالرحمن حمدي آل زيد في المنتدى منبر الرد على أهل الفتن والبدع والفكر الإرهابي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-Sep-2012, 09:29 PM
  5. هل صحيح أن فضيلتكم لا ترون الجهاد في سبيل الله ... العلامة صالح الفوزان حفظه الله : نعود بالله من هذا ..
    بواسطة أبو خالد الوليد خالد الصبحي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30-Sep-2011, 08:26 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •