دك الصحون الحزبية تلاميذ المدرسة الشيطانية (20 صفة من صفات الشياطين)



الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فمن أخطاء أهل التحزب وقوعهم في عديد من البدع والمخالفات، فمنها: الدعوة للبدع، وتفريق جماعة المسلمين، والتحريش بينهم، والتفرق بين الأحبة والإخوان، وتثبيط أهل الخير والصلاح، والتسلط على الأطفال وجعلهم وقودا للفتن، والفرح بموت العلماء الصادقين، وكل هذا بالكذب والتلبيس وزخرفة الباطل وتزينه وإشاعته والكلام بالباطل والزيادة فيه، وكذلك من طوامهم تزين أعمال أهل الباطل، وتقريب الفجار وزرع أهل الفتنة والضلال، بالإضافة إلى الإسراف وإضاعة المال وإنفاقه في غير وجهه وتصوير ذوات الأرواح، فإذا وقعوا في الشراك ناكصوا على الأعقاب، وكل هذا من صفات الشياطين، فكان لزاما التحذير منهم ومن أعمالهم، ولبيان أن هذه الخصال أعمال الشياطين، مع ذكر كل صفة وبيان ما يعضددها من الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة.


1) الدعوة للبدعة.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال: ((هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال: هذه سبل قال يزيد متفرقة على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ {إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله})).
أخرجه أحمد في ((المسند)) وصححه الإمام الألباني رحمه الله في تخريجه ((شرح الطحاوي ة لابن أبي العز)).
وفي رواية عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخط خطا هكذا أمامه فقال: ((هذا سبيل الله عز وجل وخطين عن يمينه وخطين عن شماله قال هذه سبيل الشيطان ثم وضع يده في الخط الأسود ثم تلا هذه الآية {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون})).
أخرجه أحمد في ((المسند)) وقال محققوا المسند: حسن لغيره.
وعن الأوزاعي رحمه الله قال: قال إبليس لأوليائه: من أي شيء تأتون بني آدم.
فقالوا: من كل شيء قال فهل تأتونهم من قبل الاستغفار.
فقالوا: هيهات ذاك شيء قرن التوحيد.
قال: لأبثن فيهم شيئا لا يستغفرون الله منه قال فبث فيهم الأهواء.
أخرجه الدارمي في ((السنن)) والبيهقي في ((شعب الإيمان)) واللالكائي في ((شرح أصول الاعتقاد)) من طريقين والأثر بمجموعه صحيح لغيره.
وأخرج ابن وضاح في ((البدع)) قال نا محمد بن سعيد قال: نا أسد بن موسى قال: نا روح قال: نا أبو إسحاق، عن حارثة بن مضرب: إن الناس نودي فيهم بعد نومة أنه من صلى في المسجد الأعظم دخل الجنة، فانطلق النساء والرجال حتى امتلأ المسجد قياما يصلون.
قال أبو إسحاق: إن أمي وجدتي فيهم، فأتي ابن مسعود فقيل له: أدرك الناس.
فقال: ما لهم ؟
قيل: نودي فيهم بعد نومة أنه من صلى في المسجد الأعظم دخل الجنة.
فخرج ابن مسعود يشير بثوبه: ويلكم اخرجوا لا تعذبوا، إنما هي نفخة من الشيطان، إنه لم ينزل كتابا بعد نبيكم، ولا ينزل بعد نبيكم، فخرجوا، وجلسنا إلى عبد الله، فقال: (إن الشيطان إذا أراد أن يوقع الكذب انطلق فتمثل رجلا، فيلقى آخر فيقول له: أما بلغك الخبر ؟ فيقول الرجل: وما ذاك ؟ فيقول: كان من الأمر كذا وكذا، فانطلق فحدث أصحابك قال: فينطلق الآخر فيقول: لقد لقينا رجلا إني لأتوهمه أعرف وجهه، زعم أنه كان من الأمر كذا وكذا، وما هو إلا الشيطان).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة)): ((ومن قال في بعض البدع إنها بدعة حسنة فإنما ذلك إذا قام دليل شرعي على أنها مستحبة، فأما ما ليس بمستحب ولا واجب فلا يقول أحد من المسلمين إنها من الحسنات التي يتقرب بها إلى الله، ومن تقرب إلى الله بما ليس من الحسنات المأمور بها أمر إيجاب ولا استحباب فهو ضال متبع للشيطان، وسبيله من سبيل الشيطان)) اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((قاعدة عظيمة نافعة في العبادات والفرق بين شرعيتها وبدعيتها)) (ص 72-73): ((وأهل (العبادات البدعية) يزين لهم الشيطان تلك العبادات ويبغض إليهم السبل الشرعية حتى يبغضهم في العلم والقرآن والحديث فلا يحبون سماع القرآن والحديث ولا ذكره وقد يبغض إليهم جنس الكتاب فلا يحبون كتابا ولا من معه كتاب، ولوكان مصحفا أو حديثا ؛ كما حكى النصر باذي أنهم كانوا يقولون: يدع علم الخرق ويأخذ علم الورق وقال: وكنت أستر ألواحي منهم فلما كبرت احتاجوا إلى علمي.
وكذلك حكى السري السقطي: أن واحدا منهم دخل عليه فلما رأى عنده محبرة وقلما خرج ولم يقعد عنده ؛ ولهذا قال سهل بن عبد الله التستري: يا معشر الصوفية لا تفارقوا السواد على البياض فما فارق أحد السواد على البياض إلا تزندق)) اهـ.
وقال الإمام ابن رجب رحمه الله في ((شرح حديث مثل الإسلام)) (ص 22-23): ((فالشيطانُ وأعوانه وأتباعه من الجن والإنس يدعون إِلَى بقية الطرق الخارجة عن الصراط المُستقيم؛ كما قال تعالى: {كَالَّذِي اسْتَهو تْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هو الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 71])) اهـ.


2) مفارقة جماعة المسلمين.
قال الله عز وجل: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: 28-31].
قال العلامة أبو السعود رحمه الله في ((تفسيره)): (({إِلاَّ إِبْلِيسَ} استثناء متصل إما لأنه كان جنياً مفرداً مغموراً بألوف من الملائكة فعد منهم تغليباً واما لأن من الملائكة جنساً يتوالدون وهو منهم وقوله تعالى {أبى أَن يَكُونَ مَعَ الساجدين} استئناف مبين لكيفية عدم السجود المفهوم من الاستثناء فإن مطلق عدم السجود قد يكون مع النردد به علم أنه مع الاباء والاستكبار أو منقطع فيتصل به ما بعده أي لكن ابليس أبى ان يكون معهم وفيه دلالة على كمال ركاكة رأيه حيث أدمج في معصية واحدة ثلاث معاص مخالفة الأمر والاستكبار مع تحقير آدم عليه الصلاة والسلام ومفارقة الجماعة والاباء عن الانتظام في سلك أولئك المقربين الكرام)) اهـ.
وقال العلامة صديق حسن خان رحمه الله في ((فتح البيان في مقاصد القرآن)): ((واختلاف العبارات عند الحكاية يدل على أن اللعين قد أدرج في معصية واحدة ثلاث معاص: مخالفة الأمر ومفارقة الجماعة والاستكبار مع تحقير آدم، وقد وبخ على كل واحدة منها لكن اقتصر عند الحكاية في كل موطن على ما ذكر فيه اكتفاء بما ذكر في موطن آخر، وقد تركت حكاية التوبيخ رأساً في سورة البقرة والإسراء والكهف وطه)) اهـ.

3) التحريش.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم)).
أخرجه مسلم.


4) التفرق بين الأحبة والإخوان.
قال نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام لإخوته: {وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} [يوسف: 100].
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم)).
أخرجه مسلم.
قال العلامة البغوي رحمه الله في ((شرح السنة)): ((التحريش: إيقاع الخصومة والخشونة بينهم)) اهـ.
وأخرج مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال فيدنيه منه ويقول نعم أنت)).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده)).
أخرجه أبو داود في ((السنن)) والحاكم في ((المستدرك)) والبيهقي في ((الشعب)) وصححه الألباني.
قال شيخ الإسلام كما في ((مجموع فتاوى)): ((فِي الْمُسْنَدِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، أَوْ عَبْدًا عَلَى مَوَالِيهِ)) فَسَعْيُ الرَّجُلِ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا مِنْ الذُّنُوبِ الشَّدِيدَةِ، وَهُوَ مِنْ فِعْلِ السَّحَرَةِ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ فِعْلِ الشَّيَاطِينِ.
لَاسِيَّمَا إذَا كَانَ يُخَبِّبُهَا عَلَى زَوْجِهَا لِيَتَزَوَّجَهَا هُوَ مَعَ إصْرَارِهِ عَلَى الْخَلْوَةِ بِهَا، وَلَاسِيَّمَا إذَا دَلَّتْ الْقَرَائِنُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ)) اهـ.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((روضة المحبين ونزهة المشتاقين)): ((ولذلك كان أحب شيء إلى الشيطان أن يفرق بين الرجل وبين حبيبه ليتوصل إلى تعويض كل منهما عن صاحبه بالحرام كما في السنن عنه أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق، وفي صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن إبليس ينصب عرشه على الماء ثم يبث سراياه في الناس فأقربهم منه منزلة أعظمهم فتنة فيقول أحدهم ما زلت به حتى زنى فيقول يتوب فيقول الآخر ما زلت به حتى فرقت بينه وبين أهله فيدنيه ويلتزمه ويقول نعم أنت نعم أنت)) فهذا الوصال لما كان أحب شيء إلى الله ورسوله كان أبغض شيء إلى عدو الله فهو يسعى في التفريق بين المتحابين في الله المحبة التي يحبها الله ويؤلف بين الاثنين في المحبة التي يبغضها الله ويسخطها)) اهـ.
قال الله تعالي: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِيْنُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُوْنَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُوْنَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102].
قال العلامة حافظ حكمي رحمه الله في ((معارج القبول)): ((أكذب الله تعالي اليهود فيما نسبوه إلى نبيه سليمان عليه السلام بقوله وما كفر سليمان وهم إنما نسبوا السحر إليه ولازم ما نسبوه إليه هو الكفر لأن السحر كفر ولهذا أثبت كفر الشياطين بتعليمهم الناس السحر فقال تعالى ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وكذلك كل من تعلم السحر أو علمه أو عمل به يكفر ككفر الشياطين الذين علموه الناس إذا لا فرق بينه وبينهم بل هو تلميذ الشيطان وخريجه عنه روى وبه تخرج وإياه اتبع)) اهـ.
وقال العلامة الفوزان حفظه الله في ((إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد)): ((قال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ}، هذا خبر من الله سبحانه وتعالى أنّ الكهان والسحرة يتلّقون عن الشياطين، فهذا فيه بُطلان السحر والكهانة، وأن مصدرهما واحد؛ عن الشياطين الذين هم أكفر الخلق، وأَغَشُّ الخلق للخلق.
والسحر معروف، وهو: عملية يعلمها الساحر إما بالعُقَد والنَّفْث {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}، وإما بكلام الكفر والشرك، فهو عزائم ورُقى شيطانية)) اهـ.


5) التثبيط.
عن سبرة بن أبي فاكه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه فقعد له بطريق الإسلام فقال تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك فعصاه فأسلم ثم قعد له بطريق الهجرة فقال تهاجر وتدع أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول فعصاه فهاجر ثم قعد له بطريق الجهاد فقال تجاهد فهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال فعصاه فجاهد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة ومن قتل كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة أو وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة)).
أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) و((الصغرى)) وأحمد في ((المسند)) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) وابن حبان في ((صحيحه)) وصححه الإمام الألباني.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((بدائع الفوائد)): ((ومن شره أنه قعد لابن آدم بطرق الخير كلها فما من طريق من طرق الخير إلا والشيطان مرصد عليه يمنعه بجهده أن يسلكه فإن خالفه وسلكه ثبطه فيه وعوقه وشوش عليه بالمعارضات والقواطع فإن عمله وفرغ منه قيض له ما يبطل أثره ويرده على حافرته)) اهـ.
قال الله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 268].
قال العلامة القرطبي رحمه الله في ((أحكام القرآن)): ((الشيطان له مدخل في التثبيط للإنسان عن الإنفاق في سبيل الله، وهو مع ذلك يأمر بالفحشاء وهي المعاصي والإنفاق فيها. وقيل: أي بأن لا تتصدقوا فتعصوا وتتقاطعوا)) اهـ.
وقال الإمام ابن باز رحمه الله في ((فتاوى نور على الدرب)): ((فإن توجيه الطالبات وإرشادهن إلى الخير أمر مطلوب، وفيه خير عظيم، ولا تخافي أنك قد تتأخرين عن شيء مما دعوت الطالبات إليه، فالشيطان يبذل جهوده الخبيثة في التثبيط عن الخير، وعن الدعوة إلى الخير، ويقول للإنسان: إنك قد تدعو إلى هذا ولا تفعل؛ ليثبطه، وليس كل داع أو كل داعية يكون كاملاً، ويفعل كل شيء، لكن عليه الاجتهاد وعليه الحرص بأن يكون من أسبق الناس إلى ما يدعو إليه، وأن يكون من أبعد الناس عما ينهى عنه، ولكن ليس معنى هذا أنه إذا كان عنده شيء من القصور يتأخر، بل عليه أن يتقدم ويدعو إلى الله، ويرشد، سواءً كان ذكرًا أو أنثى، على المؤمن وعلى المؤمنة الجد في هذا الأمر، بالنصيحة والتوجيه للطلاب والطالبات، ولغير الطالبات أيضًا من نساء البيت، ونساء الجيران، وعند الاجتماعات المناسبة في الأعراس وغيرها، تكون المؤمنة مرشدة معلمة، وهكذا المؤمن عند اجتماعه بإخوانه في أي مناسبة، أو في البيت، أو في المسجد، يكون مرشدًا على حسب ما عنده من العلم، ولا يغتر بالشيطان، ولا يخدعه الشيطان، فليحذر أن يخدعه الشيطان، بأن يقول له: اسكت؛ فإنك قد تدعو إلى شيء ولا تفعل، وتنهى عن شيء وتفعل، فإن هذا من تثبيط الشيطان، ولكن ليجتهد، وليحرص على أن يكون من السابقين لما يدعو إليه، وعلى أن يكون من المتباعدين عمَّا ينهى عنه، ويستعين بالله ويسأله التوفيق، وليستمر في عمله الصالح، ودعوته الراشدة، وهكذا المؤمنة، المرأة الطالبة والأستاذة عليهما أن تستمرا بالدعوة والتوجيه، وأن تستعينا بالله على العمل بما يرضيه سبحانه وتعالى، والله ولي التوفيق)) اهـ.


6) التخذيل.
قال الله تعالى: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 29].
وقال الله تعالى: {إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أوليَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175].
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: لما كان يوم أحد هزم المشركون، فصاح إبليس: أي عباد الله أخراكم، فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم، فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان، فقال: أي عباد الله أبي أبي، فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال: حذيفة غفر الله لكم، قال عروة فما زالت في حذيفة منه بقية خير حتى لحق بالله.
أخرجه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((فتح الباري)): ((قوله لما كان يوم أحد هزم المشركون فصرخ إبليس أي عباد الله أخراكم أي احترزوا من جهة أخراكم وهي كلمة تقال لمن يخشى أن يؤتى عند القتال من ورائه وكان ذلك لما ترك الرماة مكانهم ودخلوا ينتهبون عسكر المشركين كما سبق بيانه قوله فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم أي وهم يظنون أنهم من العدو)) اهـ.
وفي هذا تخذيل للصحابة رضوان الله عليهم في غزوة أحد.
قال العلامة الفوزان حفظه الله كما في ((المنتقى من فتاواه)): ((قال الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أو قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ...} الآية [آل عمران: 144] ؛ متى نزلت هذه الآية ؟ ولماذا ذكر لفظ {قُتِلَ} ؛ رغم علمِ الله أن الرسول صلى الله عليه وسلم لن يقتل ؟
نزلت هذه الآية عندما أصيب المسلمون في وقعة أحد، وأشاع الشَّيطان في الناس أن محمدًا قتل، يريد تخذيل المسلمين)) اهـ.


7) التسلط على الأطفال.
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني، فإن كان بينهما ولد لم يضره الشيطان، ولم يسلط عليه)).
أخرجه البخاري.
وفي رواية لمسلم: ((لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال باسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدا)).


8) الفرح بموت العلماء.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (والله ما أظن على ظهر الأرض اليوم أحب إلى الشيطان هلاكًا مني!
فقيل: وكيف؟!
فقال: إنّه ليحدث البدعة في مشرق أو مغرب فيحملها الرجل إليَّ، فإذا انتهت إليَّ قمعتها بالسنة، فتُرد عليه كما أخرجها).
أخرجه ابن الجوزي في ((تلبيس إبليس)).
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع)) (5/322): ((يذكـر أن جـنود الـشيطـان جـاءوا إلـيه فقالـوا لـه: يـا سيدنـا نراك تفـرح بمـوت الواحد من الـعلماء، ولا تفـرح بمـوت آلاف الـعباد، فـهذا الـعابد الـذي يعـْبُد الله لـيلاً ونهـاراً يسـبّح ويهـلل ويصـوم ويتصـدق لا تفـرح بموت الألـف منهم فرحك بالـواحد من الـعلماء.
قـال: نعم أنـا أدلُّـكم على هذا، فـذهـب إلى عـابد فقـال لـه: يـا أيهـا الـشيخ هـل يقـدر الله أن يجعـل الـسموات في جـوف بيـضة؟
قـال الـعابد: لا، وهـذه غلـطة كـبيرة.
ثم ذهـب إلى الـعالم وقـال له: هل يقدر الله أن يجعـل الـسموات في بيضـة ؟.
قـال الـعالم: نعم، قـال: كيف؟ قـال: إنمـا أمره إذا أراد شيئـاً أن يقـول له: كـن فـيكون، فـإذا قـال للـسموات: كـوني في جـوف بيضة كانت.
فقـال: انظـروا الـفرق بين هذا وهذا)) اهـ.


9) الكذب.
قال الله تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى - فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 120].
وقال إبليس كما ذكر الله تعالى في كتابه الكريم: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف: 20].


10) التلبيس.
قال ابن الجوزي رحمه الله في ((تلبيس إبليس)): ((وينبغي أن تعلم أن إبليس شغله التلبيس أول ما التبس عليه الأمر فأعرض عن النص الصريح على السجود فأخذ يفاضل بين الأصول فقال: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} ثم أردف ذلك بالاعتراض على الملك الحكيم فقال: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} والمعنى أخبرني لما كرمته علي غرر ذلك الاعتراض أن الذي فعلته ليس بحكمة ثم أتبع ذلك بالكبر فقال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} ثم امتنع عن السجود فأهان نفسه التي أراد تعظيمها باللعنة والعقاب)) اهـ.


11) تزين الباطل وزخرفته.
قال الله تعالى: {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَاذِهِ الشَّجَرَةِ إِلا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءتُهُمَا} [الأعراف: 20-22].
وقال الله تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يئَادَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى} [طه: 120].
قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في ((تاريخ الرسل والملوك)): ((فلما أسكن الله عز وجل آدم عليه السلام وزوجه أطلق لهما أن يأكلا كل ما شاء أكله من كل ما فيها من ثمارها، غير ثمر شجرة واحدة ابتلاءً منه لهما ذلك، وليمضي قضاء الله فيهما وفي ذريتهما، كما قال عز وجل: " وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلاً منها رغداً حيثُ شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين "، فوسوس لهما الشيطان حتى زين لهما أكل ما نهاهما ربهما عن أكله من ثمر تلك الشجرة، وحسن لها معصية الله في ذلك، حتى أكلا منها، فبدت لهما من سوأتهما ما كان موارى عنهما منها)) اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الحسنة والسيئة)): ((ولهذا كان البلاء العظيم من الشيطان لا من مجرد النفس فإن الشيطان يزين لها السيئات ويأمرها بها ويذكر لها ما فيها من المحاسن التي هي منافع لا مضار كما فعل إبليس بآدم وحواء فقال {يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما} {وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين})) اهـ.
وقال العلامة ابن رجب رحمه الله كما في ((مجموع رسائله)): ((فأصل ما يوقع الناس في السيئات الجهل وعدم العِلْم بأنها تضرهم ضررًا راجحًا، أو ظنّ أنها تنفعهم نفعًا راجحًا، وذلك كله جهلٌ إما بسيط وإما مركب، ولهذا يسمى حال فعل السيئات الجاهلية، فإن صاحبها في حال جاهلية، ولهذا كان الشيطان يزين السيئات ويأمر بها، ويذكر ما فيها من المحاسن التي يظن أنا منافع لا مضار، كما أخبر الله عنه في قصة آدم أنَّه قال: {يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى * فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا}.
وقال: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ})) اهـ.
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((القول المفيد على كتاب التوحيد)): ((هكذا زين لهم الشيطان، وهذا غرور ووسوسة من الشيطان كما قال لآدم: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى})) اهـ.


12) الإشاعة.
قال الله تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ } [الأعراف: 20-22].
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: لما كان يوم أحد هزم المشركون، فصاح إبليس: أي عباد الله أخراكم، فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم، فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان، فقال: أي عباد الله أبي أبي، فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال: حذيفة غفر الله لكم، قال عروة فما زالت في حذيفة منه بقية خير حتى لحق بالله.
أخرجه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((فتح الباري)): ((قوله لما كان يوم أحد هزم المشركون فصرخ إبليس أي عباد الله أخراكم أي احترزوا من جهة أخراكم وهي كلمة تقال لمن يخشى أن يؤتى عند القتال من ورائه وكان ذلك لما ترك الرماة مكانهم ودخلوا ينتهبون عسكر المشركين كما سبق بيانه قوله فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم أي وهم يظنون أنهم من العدو)) اهـ.
وقال العلامة الفوزان حفظه الله كما في ((المنتقى من فتاواه)): ((قال الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أو قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ...} الآية [آل عمران: 144] ؛ متى نزلت هذه الآية ؟ ولماذا ذكر لفظ {قُتِلَ} ؛ رغم علمِ الله أن الرسول صلى الله عليه وسلم لن يقتل ؟
نزلت هذه الآية عندما أصيب المسلمون في وقعة أحد، وأشاع الشَّيطان في الناس أن محمدًا قتل، يريد تخذيل المسلمين)) اهـ.

13) الكلام بالباطل.

قال أبو علي الدَّقاق رحمه الله: (الساكتُ عن الحقِّ شيطان أخرس، والُمتكلِّم بالباطل شيطانٌ ناطق).
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((الداء والدواء)): ((وفي اللسان آفتان عظيمتان إن خلص العبد من أحدهما لم يخلص من الآخرة آفة الكلام وآفة السكوت وقد يكون كل منهما أعظم إثما من الأخرى في وقتها فالساكت عن الحق شيطان أخرس عاص لله مراء مداهن إذا لم يخف علي نفسه والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص لله وأكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته فهم بين هذين النوعين وأهل الوسط وهم أهل الصراط المستقيم كفوا ألسنتهم عن الباطل وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الآخرة فلا يرى أحدهم أنه يتكلم بكلمة تذهب عليه ضائعة بلا منفعة فضلا أن تضره في آخرته)) اهـ.


14) الزيادة في الكلام.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان الجن يصعدون إلى السماء يستمعون الوحي فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعا فأما الكلمة فتكون حقا وأما ما زادوه فيكون باطلا فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا مقاعدهم فذكروا ذلك لإبليس ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك فقال: لهم إبليس ما هذا إلا من أمر قد حدث في الأرض فبعث جنوده فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يصلي بين جبلين أراه قال بمكة فلقوه فأخبروه فقال: هذا الذي حدث في الأرض).
أخرجه الترمذي.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح؛ وصححه الألباني.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان الجن يسمعون الوحي فيستمعون الكلمة فيزيدون فيها عشرا فيكون ما سمعوا حقا وما زادوه باطلا وكانت النجوم لا يرمى بها قبل ذلك فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كان أحدهم لا يأتي مقعده إلا رمى بشهاب يخرق ما أصاب فشكوا ذلك إلى إبليس فقال ما هذا إلا من أمر قد حدث فبث جنوده فإذا هم بالنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بين جبلى نخلة فأتوه فأخبروه فقال هذا الحدث الذي حدث في الأرض).
أخرجه أحمد.
قال محقق المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

15) تزين أعمال أهل الباطل.

قال الله تعالى: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 43].
وقال الله تعالى: {وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ الله وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السبيل فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ} [النمل: 24].
وقال الله تعالى: {وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السبيل وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ} [العنكبوت: 38].
قال الإمام ابن باز رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه)): ((ثم بين سبحانه أن قسوة قلوبهم وتزيين الشيطان لهم أعمالهم السيئة كل ذلك صدهم عن التوبة والضراعة والاستغفار فقال عز وجل: {وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ})) اهـ.


16) تقريب الفجار.
عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أصبح إبليس بث جنوده فيقول: من أخذل اليوم مسلما ألبسته التاج.
قال: فيجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى طلق امرأته.
فيقول: يوشك أن يتزوج.
ويجيء لهذا فيقول: لم أزل به حتى عق والديه.
فيقول يوشك أن يبرهما.
ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك.
فيقول: أنت أنت.
ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى قتل.
فيقول أنت أنت؛ ويلبسه التاج)).
أخرجه ابن حبان في ((صحيحه)) وصححه الألباني رحمه الله.


17) زرع أهل الفتنة.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنها قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن عرش إبليس على البحر فيبعث سراياه فيفتنون الناس فأعظمهم عنده أعظمهم فتنة)).
أخرجه مسلم.
هل حثو التراب على الرأس عند المصائب من التشبه؟: عن عباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة فأجيب إني قد غفرت لهم ما خلا الظالم فإني آخذ للمظلوم منه.
قال: ((أي رب إن شئت أعطيت المظلوم من الجنة وغفرت للظالم)).
فلم يجب عشيته فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب إلى ما سأل قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: تبسم.
فقال له أبو بكر وعمر: بأبي أنت وأمي إن هذه لساعة ما كنت تضحك فيها فما الذي أضحكك أضحك الله سنك.
قال: ((إن عدو الله إبليس لما علم أن الله عز وجل قد استجاب دعائي وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه ويدعو بالويل والثبور فأضحكني ما رأيت من جزعه)).
أخرجه ابن ماجة وغيره وضعفه الإمام الألباني.
وأخرج الفاكهي في ((أخبار مكة)) قال: حدثنا عبد الله بن منصور، عن سعيد بن سالم أو سليم بن مسلم، عن ابن جريج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المغفرة تنزل على أهل عرفة مع الحركة الأولى، فإذا كانت الدفعة الأولى فعند ذلك يضع الشيطان التراب على رأسه يدعو بالويل والثبور)).
قال: فتجتمع إليه شياطينه فيقولون: ما لك ؟
فيقول: قوم قد قتلتهم منذ ستين وسبعين سنة غفر لهم في طرفة عين.
قلت: هذا الحديث إسناده ضعيف جدا فيه عبد الله بن منصور لم أهتد إليه وسعيد بن سالم قال الحافظ في ((التقريب)): صدوق يهم رمي بالإرجاء وكان فقيها. وسليم بن مسلم وهو: الخشاب قال الذهبي في ((الميزان)): سليم بن مسلم المكي الخشاب الكاتب... قال ابن معين: جهمي خبيث. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال أحمد: لا يساوي حديثه شيئاً. وابن جريج ثقة فقيه فاضل وكان يدلس ويرسل كما في ((التقريب)) وقد عنعنة.
هل الدعاء على النفس بالويل والثبور والهلاك والخسران من التشبه؟: أخرج الفاكهي في ((أخبار مكة)) قال: حدثنا عبد الله بن منصور، عن سعيد بن سالم أو سليم بن مسلم، عن ابن جريج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المغفرة تنزل على أهل عرفة مع الحركة الأولى، فإذا كانت الدفعة الأولى فعند ذلك يضع الشيطان التراب على رأسه يدعو بالويل والثبور)).
قال: فتجتمع إليه شياطينه فيقولون: ما لك ؟
فيقول: قوم قد قتلتهم منذ ستين وسبعين سنة غفر لهم في طرفة عين.
قلت: هذا الحديث إسناده ضعيف جدا فيه عبد الله بن منصور لم أهتدي إليه وسعيد بن سالم قال الحافظ في ((التقريب)): صدوق يهم رمي بالإرجاء وكان فقيها.
وسليم بن مسلم وهو الخشاب قال الذهبي في ((الميزان)): سليم بن مسلم المكي الخشاب الكاتب... قال ابن معين: جهمي خبيث. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال أحمد: لا يساوي حديثه شيئاً. وابن جريج ثقة فقيه فاضل وكان يدلس ويرسل كما في ((التقريب)) وقد عنعنة.


18) تصوير ذوات الأرواح.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال في قوله تعالى: {وَقَالُوا لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدًّا وَلاَ سُوَاعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}، قال: (هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلمَّا هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسمُّوها بأسمائهم، ففعلوا ولم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسّخَ العلمُ عُبدت).
أخرجه البخاري.
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد)): ((كما قال ابن عباس، كانوا على دين التّوحيد دين أبيهم آدم- عليه الصلاة والسلام- عشرة قرون، وكان هؤلاء الصالحون في هذا العهد - عهد التّوحيد -، فلما ماتوا - ويُروى: أنهم ماتوا في سنة واحدة- حزنوا عليهم حزناً شديداً، وبكوا عليهم، فاستغل الشيطان- لعنه الله- هذه العاطفة فيهم، وأشار عليهم بمشورة ظاهرها النصح، وباطنها الخديعة والمكر، أشار عليهم بأن يصوّروا تماثيلهم، يعني: يجعلوا لهم صوراً على شكل تماثيل، كل واحد له صورة، وأن ينصبوا هذه التماثيل على مجالسهم)) اهـ.
وقال الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله في ((فقه الأدعية والأذكار)): ((وبهذا يتبيَّن أنَّ الشيطانَ يتنقَّلُ بهؤلاء في طريق الباطل عبر مراتبَ عديدة، ودرجات متنوِّعة إلى أن يصلَ بهم إلى غايةِ الباطلِ ومنتهاه، فيبدأ معهم عدوُّ الله أولاً بدعوتهم إلى تعظيم الصالحين تعظيماً مبتدعاً بالبناء على قبورهم أو اتخاذ تصاويرَ لهم أو نحوِ ذلك، فإذا فعلوا ذلك نقلَهم إلى ما هو أعظمُ من ذلك، وهو الإقسام على الله بهم، وشأنُ الله أعظمُ مِن أن يُقسم عليه أو يُسأل بأحد مِن خلقه، فإذا تقرَّر ذلك عندهم نقلَهم مِن ذلك إلى دعائِهم وعبادتِهم وسؤالهم الشفاعةَ مِن دون الله واتخاذِ قبورهم أوثاناً يُعكفُ عليها، وتُعلَّقُّ عليها القناديلُ والستورُ، ويُطاف بها وتستلم وتُقبَّل ويحجُّ إليها ويُذبحُ عندها، فإذا تقرَّر ذلك عندهم نقلهم منه إلى دعاء الناس إلى عبادتها واتخاذها عيداً ومَنسكاً ورأوا أنَّ ذلك أنفعُ لهم في دنياهم وأُخراهم. فإذا تقرَّر ذلك عندهم نقلهم منه إلى التحذير ممَّن ينهى عن ذلك ووصفِه بأنَّه يتنقَّص الصالحين ويحطُّ من أقدارهم ولا يُعظِّمهم ونحو ذلك، ومعلوم أنَّ ذلك ليس من التعظيم في شيء؛ بل من البهتان المبين والكفرِ الصريحِ والضلالِ العظيمِ)) اهـ.

19) الإسراف وإضاعة المال وإنفاقه في غير وجهه.

قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 27].
أخرجه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((فراش للرجل، وفراش لامرأته، وفراش للضيف، والرابع للشيطان)).
ومن جانب آخر أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن نزيل الأذى عن الطعام، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِ، حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ، فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ، فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى، ثُمَّ لِيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، فَإِذَا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ تَكُونُ الْبَرَكَةُ)).
أخرجه مسلم.


20) الناكص على الأعقاب.
قال الله تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان أَعْمَالهمْ وَقَالَ لَا غَالِب لَكُمْ الْيَوْم مِنْ النَّاس وَإِنِّي جَار لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيء مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَاف الله وَالله شَدِيد الْعِقَاب} [الأنفال: 48].
قال العلامة محمد بن عبد الوهاب العقيل حفظه الله في ((الفتنة وموقف المسلم منها)) (ص 325-326): ((فإن هؤلاء المفتونين إذا جمعوا الناس، وهيجوهم، وصوروا لهم هذا التجمع بصورة الجهاد وأنهم هم المجاهدون، وأن من يخالفهم من العام والخاص حلال الدم والمال والعرض. فإن هذا التجمع لن ينتهي – ولا شك – بسلام بل لن ينتهي إلا بعد أن تراق الدماء، وتنتهك الأعراض وتخرب الأموال.
ثم قال:
فإن لم يكف هذا الفساد الواقع بعد هذه التجمعات في التخفيف من الحقد الموجود في قلوب هؤلاء المفتونين، بدءوا مرة أخرى بنقل هذا الحقد من قلوبهم إلى قلوب شباب صغار، لا حول له ولا قوة، حتى إذا ملؤوها بهذا الحقد، صوروا لهم واقعهم بصورة تبعث على اليأس من الإصلاح بالطريقة الشرعية، ثم وسوسوا لهم أن الإصلاح لا يكون إلا بالقوة والعنف، فخططوا لهم تخطيط إبليس لكفار مكة حتى إذا نفذ هؤلاء المساكين ما خطط لهم، فإما قتلوا في الفور، وإما قبض عليهم بعد وأودعوا السجون، وعذبوا، أو قتلوا مع من قُتل، نكص هؤلاء على أعقابهم كما نكص إبليس، وتبرؤوا منهم، وتظاهروا بأنهم لا يؤيدون التعبير بالقوة والعنف، وما أفسد الشباب - والله الذي لا إله إلا هو – إلا هم، فإن استخفوا عن الناس فلن يستخوا عن الله)) اهـ.


بهذا يتبين لكل ذي عينين أن أهل التحزب شياطين في ثياب مسلمين.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الثلاثاء 28 جمادى الآخرة سنة 1440 هـ
الموافق لـ: 5 مارس سنة 2019 ف