ما رأيكم في طالب علم يتعامل مع الحزبيين دون أن ينكر عليهم حزبيتهم إلا سرا ولا يتكلم في القضايا المنهجية لما عليه هذه الجماعة علانية ويظن أنه إذا بقي معهم يصلح البيت من الداخل فما رأي فضيلتكم في ذلك مع العلم أن هذه الظاهرة أصبحت منتشرة في كثير من الشباب؟
الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم،
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:

فإجابة على هذا السؤال أقول: إن التحزب السياسي القائم في هذا العصر، من شر أنواع التفرق الذي عرفته الأمة الإسلامية ومن أعظم المنكرات، لاسيما ومعظم هذه الأحزاب تقوم على مناهج فاسدة وعقائد وعبادات ضالة، وقد استنكر العلماء المعتبرون هذا التحزب المقيت مهما كان لباسه ومهما كانت أقنعته السياسية، فقد كشفت الأحداث حقيقة هذا التحزب وكشفت أهدافه وغاياته الفاسدة -وإن تستروا بأنهم يعملون للإسلام ولإقامة دولة الإسلام- لاسيما بعد أن قامت لهم دولة أو دول لا تعمل إلا لهدم الإسلام، ويكفي للبرهنة على ذلك واحدة من مساوئها وهي الدعوة إلى وحدة الأديان في عدة مؤتمرات، ويكفي لبرهنة انحراف هذه الأحزاب السياسية الموجودة أنها لا تنتقد هذا الهدم الكبير للإسلام ولم تكتفي بهذه المواقف المخزية بل هي تمدح وتدافع عمن يقوم بهذا الهدم، فعلى كل مسلم واع أن يعتصم بحبل الله ويدعو الأمة جميعا إلى الاعتصام بحبل الله وأن تكون أمة واحدة وأن يحذر أفراد الأمة من الانخراط في هذه الحزبيات، وما يفعله بعض الناس بحجة أنه يصلح من الداخل فإن ما يقوله ويفعله من الأخطاء الواضحة التي لا يدركها إلا أولوا النهى وأهل الخبرات والتجارب الذين عرفوا أن هذه الأحزاب قائمة على الأهواء الجامحة والتعصب المقيت المؤدي إلى العناد والإصرار على الباطل، فهم كما لمسناهم أشد تعصبا وهوى من تعصب أهل المذاهب سواء العقائدية أو الفكرية أو الصوفية وأقل تدينا وصدقا منهم، ومن أبعد الناس عن الرجوع إلى الحق، فأنصح لمثل هذا الذي تكلمت عنه وأمثاله -إن كان يريد مصلحة الدين- أن يخرج منه وأن ينبذ التعصب، ثم الطريق الصحيح لنصحهم أن يبين لهم من خارج هذا الحزب لا من داخله، وأن يتعاون مع دعاة الحق البعيدين عن التحزبات السياسية وغيرها، فإن ذلك هو التعاون على البر والتقوى وعلى النصيحة لعموم المسلمين، والله نسأل الهداية والتوفيق في الدنيا والآخرة.
[شريط بعنوان: اللقاء الهاتفي الأول 25-02-1416]