بسم الله الرحمن الرحيم
الإقسام بالله على العصيان سنة إبليس أبي الشيطان
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فتجد من يحلف بالله العظيم على قطيعة رحمه ويأتي بالأيمان المغلظة على أن لا يدخل بيت قريبه وأن لا يتصل به ولا يكلمه، ومنهم من يقسم بالله عز وجل على ضرب فلان ومنهم من يزيد في جرمه ويرتقي في غيه حتى يحلف بقتله.
وهذا حال من ركبه شيطانه وأزه أزا لسوء فعله ويقسم على ذلك، وهذا مثله مثل إبليس أبي الشياطيين.
قال - كما قص الله خبره -: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [الأعراف: 16].
وقال أيضا: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: 17].
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((بدائع الفوائد)): ((ويكفي من شرِّه: أنه أقسمَ بالله ليقعُدَنَّ لبني آدم صراطه المستقيم، وأقسم لَيَأتِيَّنهُمْ من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أَيْمانهم وعن شمائلهم، ولقد بلغ شرَّه أن أعملَ المكيدة، وبالغ فى الحِيلة، حتى أخرجَ آدَمَ من الجنة، ثم لم يَكْفِهِ ذلك حتى استقطعَ من أولاده شرطة للنَّار من كلِّ ألف تسع مئة وتسعة وتسعين، ثم: لم يكفِهِ ذلك حتى أعملَ الحيلةَ في إبطال دعوة الله من الأرض، وقصد أن تكون الدعوةُ له، وأن: يُعْبَدَ من دون الله فهو ساعٍ بأقصى جَهْده على إطفاء نور الله وإبطال دعوته، وإقامة دعوة الكفر والشرك، ومحو التوحيد وأعلامه من الأرض)) اهـ.


وقال إبليس: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 39].
قال العلامة ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)): ((قوله يقول تعالى مخبرا عن إبليس وتمرده وعتوه أنه قال للرب: {بما أغويتني} قال بعضهم: أقسم بإغواء الله له)) اهـ.
وقال العلامة الشنقيطي رحمه الله في ((أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن)): ((قوله تعالى: {قال رب بما أغويتني} الآية. قال بعض العلماء هذا قسم من إبليس بإغواء الله له على أنه يغوي بني آدم إلا عباد الله المخلصين، ويدل له أنه أقسم بعزته تعالى على ذلك في قوله: {قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين} الآية، وقيل: الباء في قوله بما أغويتني سببية)) اهـ.
فلا تكن ممن شابه إبليس فتكن من جنده المجرمين.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
البيضاء ليبيا: ليلة الأثنين 25 ذي الحجة سنة 1440 هـ
الموافق لـ: 26 أغسطس سنة 2019 ف