بسم الله الرحمن الرحيم

التلبيس صناعة إبليس وجنده


الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فالتلبيس صناعة إبليس وجنده، ومن أخطر ما يكون التلبيس على أهل العلم ليستخرج منهم كلاما يوافق هوى الملبسين، وكذلك تلبيس دعاة الضلال من نشر البدع والضلال وترويج الفتن للخروج على الحكام، وأخطر ما يكون من علماء السوء الذين جعلوا الشرك توحيدا، فزينوا لكثير من الناس عبادة الأموات والطواف بالقبور والنذر لها، وهؤلاء الملبسين جند إبليس في الأرض، ومثلهم مثله في التلبيس.
قال إبليس كما ذكر الله تعالى في كتابه الكريم: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف: 20].
وقال الله تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى - فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 120].
وقال الله تعالى: {وقاسمهما إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف: 21].
وقال الله تعالى: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} [الأعراف: 12].
وهذه جملة من تلبيس إبليس اللعين.
قال ابن الجوزي رحمه الله في ((تلبيس إبليس)): ((وينبغي أن تعلم أن إبليس شغله التلبيس أول مَا التبس عَلَيْهِ الأمر فأعرض عَنْ النص الصريح عَلَى السجود فأخذ يفاضل بين الأصول فَقَالَ: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} ثم أردف ذلك بالاعتراض عَلَى الملك الحكيم فَقَالَ: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} والمعنى أخبرني لما كرمته علي غرر ذلك الاعتراض أن الذي فعلته ليس بحكمة ثم أتبع ذلك بالكبر فقال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} ثم امتنع عَنْ السجود فأهان نفسه التي أراد تعظيمها باللعنة والعقاب)) اهـ.

ومن صور تلبيس الشياطين جند إبليس.

قال تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
وأن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثا)).
قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
أخرجه مسلم.
من لبس شابه إبليس.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الجمعة 7 المحرم سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 6 سبتمبر سنة 2019 ف