بسم الله الرحمن الرحيم
تنبيه الجالس على الكراسي من خطأ وضع رجل على رجل في الصلاة (بتعليق الشيخ الفاضل زاهد الساحلي حفظه الله)



الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
ففقه الصلاة على الكراسي يجب أن يتعلمه كل من أحتاج إليه ممن أقعده المرض أو عجز عن الصلاة قائما أو غير ذلك، كذلك يجب عليه أن يتعلم ما ينقض صلاة وما يخل بها.
فمن الصور التي تخل بصلاة الجالس على الكرسي وضعه رجل على رجل أو يضع قدم على قدم، وخاصة في وضع السجود.
فالذي يضع رجلا على رجل أو قدما على قدم وهو جالس على الكرسي في حال القيام كالصحيح الذي يصلي رافعا رجله وهو قائم.
قال الله عز وجل: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238].
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((تفسير القرآن الكريم: سورة البقرة)): ((هذا أمر بالقيام؛ ولا إشكال فيه؛ وهل المراد بالقيام هنا المكث على الشيء، أو القيام على القدمين؟ هو المعنيان جميعاً)) اهـ.
وكذلك جاء في السنة الأمر بالسجود على سبعة أعضاء القدمين وغيرها.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين)).
متفق عليه.


قال العلامة الصنعاني رحمه الله في ((سبل السلام)): ((وهذا الحديث دليل على وجوب السجود على ما ذكره - صلى الله عليه وسلم - بلفظ الإخبار عن أمر الله له ولأمته والأمر لا يرد إلا بنحو صيغة افعل، وهي تفيد الوجوب)) اهـ.
فمن صلي على الكرسي وجب عليه أن يضع في سجوده ما استطاع من أعضاء السجود السبعة على الأرض، ومن رفع رجل على رجل أو قدم على قدم وهو جالس على الكرسي في حال السجود كالصحيح الذي يضع قدما على قدم أو يرفع قدمه عن الأرض وهو ساجد.
وهذا خطأ عظيم قد يعرض صلاته للبطلان إذا استمر في رفعه من بداية سجوده إلى نهايته.
رأى مسروق رجلاً ساجداً قد رفع رجليه أو إحداهما، فقال: أن هذا لم يتم صلاته.
ذكره ابن رجب رحمه الله في ((فتح الباري)).
قال العلامة ابن باز رحمه الله في ((فتاوى نور على الدرب)): ((هذه السبعة: جبهته وأنفه هذا واحد، كفيه هذه ثلاثة، ركبتيه هذه خمسة، قدميه هذه سبعة.
أما إذا نقص واحد فما صحت صلاته، إذا تعمد عدم السجود عليه ما صحت صلاته، أما إذا نسي بأن سها ولم يسجد على بعض الأعضاء، ثم تذكر في الحال يسجد، يكمل سجوده، وإن كان ما تذكر إلا بعد ما قام للركعة الثانية تبطل الركعة التي تركه منها، وتقوم الأخرى مقامها، ويأتي بركعة بدلها قبل أن يسلم إذا كان ساهيا، وهكذا لو سجد على يد دون يد، أو رجل دون رجل)) اهـ.
وقال العلامة ابن باز رحمه الله أيضا في ((فتاوى نور على الدرب)): ((والسجود على هذه الأعضاء ركن من أركان الصلاة لا بد منه، فلا يجوز التساهل في ذلك، بل يجب على المصلي ذكرا كان أو أنثى أن يسجد على هذه السبعة في الفرض والنفل جميعا، وإن تركها عمدا بطلت صلاته، وإن تركها سهوا فإن أمكنه أن يأتي بها في الحال أتى بها في الحال، وإن لم يذكرها إلا بعدما قام إلى الركعة الأخرى أتى بركعة بدلها بعد ذلك، وإذا كمل يأتي بركعة بدل ما ترك من الأعضاء، وتقوم الركعة الثانية مقام الأولى، مقام التي قبلها التي ترك منها العضو أو العضوين، والحاصل أنه لا بد من السجود على هذه الأعضاء السبعة ولا يجوز تركها ولا ترك شيء منها لا في الفرض ولا في النفل، وإذا تركه سهوا بأن رفع يده ولم يسجد عليها أو إحدى رجليه ولم يسجد عليها ساهيا ثم تذكر بعد ذلك بعدما اشتغل بالركعة التي بعدها فإنه يأتي بركعة بدلا منها، ويسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم ثم يسلم)) اهـ.
وقالت اللجنة الدائمة في ((فتاواها)): ((أصابع القدمين من الأعضاء السبعة التي جاءت في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة - وأشار بيده إلى أنفه - واليدين والركبتين وأطرف القدمين)) متفق عليه.
وعليه فإن رفعهما في السجود يبطل الصلاة إذا تعمد ذلك، فإن كان سهوا وجب عليه قضاء الركعة التي لم يسجد فيها على قدميه، مع سجود السهو إن كان إماما أو منفردا. أما المأموم غير المسبوق فيقضيها بعد سلام إمامه، ولا سجود للسهو عليه. وأما المسبوق فيقضيها ويسجد للسهو)) اهـ.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم السبت 8 المحرم سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 7 سبتمبر سنة 2019 ف


قال الشيخ الفاضل زاهد الساحلي حفظه الله: ((مقالكم نافع جدا فقد نبهتم على أمر يستحب الإتيان به خصوصا المقعدين على الكراسي لعجزهم، وهو وضع القدمين على الأرض حال جلوس المرضى إن استطاعوا ذلك استصحابا لاستحباب دوام ملامسة القدمين للأرض في حال القيام للأصحاء وغيرهم، وللعلم ، فالقدمان على الأرض هما العضوان اللذان تلازمان الأرض في كل هيئات الصلاة قال تعالى: (وقوموا لله قانتين ) ولا يتأتى القيام إلا على القدمين فالقدمان صارتا وسيلة لركن القيام ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب وأقل ما تحصل به الركنية هو الوقوف على قدم واحدة، أما ملامسة الاثنتين للأرض فمستحب ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم - يصلي بالليل حتى تتفطر قدماه من طول الوقوف عليهما مما يدلل على قصدها الشرعي قال عليه الصلاة والسلام: (صلوا كما رأيتموني أصلي). فالقدمان مشمولتان بالخطاب، لهذا كره الاتكاء على جدار أو عصى حال القيام بلا حاجة لأنه يفوت تمام انتصاب القائم، وأما لزوم ضرورتها للقائم لا يفرغها من حكمها الشرعي إما وجوبا أو إما استحبابا فلا تعارض بين تلازم ضرورة العادة والغرض الشرعي .
فشكر الله سعيكم وجزاكم الله خيرا)) اهـ .