بسم الله الرحمن الرحيم
الصبر على الباطل والتواصي به طريقة مشركي قريش ومن سار على نهجهم


الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فكما أن أهل الحق يصبرون على الطاعة والتواصي بالمعروف، فكذلك أهل الباطل يصبرون على المعصية ويوصي بعضهم بعضا بالمنكر.
فتجد أهل البدع والتحزبات وأصحاب المجالس المغلفة والسرية والمشبوهة يشد بعضهم بعضا ويتناصرون فيما بينهم ويتواصون بالصبر وبعضهم ينفقون الأموال الطائلة لنصرة الباطل، وحال هذه الشرذمة حال مشركي أهل الجاهلية.
قال الله تعالى: {وَانْطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ} [ص: 6].
قال العلامة سليمان بن عبد الله محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كما في ((التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب)): ((أي: اثبتوا على عبادة آلهتكم يوصي بعضهم بعضاً في الصبر على ما هم عليه من الباطل وعداوة الحق أي اثبتوا على معتقداتكم لتقربكم إلى خالقكم لأنه قد أمركم بذلك)) اهـ.
وقال العلامة ابن سعدي رحمه الله في ((تيسير الكريم الرحمن)): ((أى: استمروا عليها، وجاهدوا نفوسكم في الصبر عليها وعلى عبادتها، ولا يردكم عنها راد، ولا يصدنكم عن عبادتها، صاد)) اهـ.
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((تفسير سورة ص)): ((في هذه الآية دليل على تخويف هؤلاء من تأثير دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم، ولهذا كانوا يتواصون بالصبر على آلهتهم، وكانوا يتواصون بالبقاء والثبات على طريقتهم، وكانوا يتواصون بالهروب من الأماكن التي يدعى فيها للتوحيد)) اهـ.
فمن صبر على الباطل وأوصي من على شاكلته عليه فيه شبه من هؤلاء المشركين، وهذا هو الصبر المذموم، وليعتبر هؤلاء الأغمار والأقزام الذين يتعاونون فيما بينهم لنصرة الباطل وأهله والتواصي به والصبر عليه أن يكونوا سلفا لكفار قريش في صبرهم على باطلهم والتواصي به.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم السبت 20 صفر سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 19 أكتوبر سنة 2019 ف