بسم الله الرحمن الرحيم
التشبع بما لم يعطى من صفات إبليس (بتعليق الشيخ الفاضل زاهد الساحلي حفظه الله)


الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فمن الخصال الذميمة التي زجر الشارع عنها ، التشبع بما لم يعطى .


فعن أسماء رضي الله عنها، أن امرأة قالت : يا رسول الله، إن لي ضرة، فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني ؟
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ((المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)).
متفق عليه.


فمن تلبس بهذه الخصلة الذميمة فقد أتى بابا واسعا من الزور والمآثم ، وشابه صنيعه صنيع إبليس. اللعين وترسم خطا اللعين خطوة بخطوة .


قال الله تعالى على لسان إبليس : {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} [الأعراف: 12].


مع ماللنار من أهمية وفائدة عظيمة للبشر غير أن التراب أفضل من النار وفائدته أعظم من النار بكثير ؛ لاشتمال النار على بعض الصفات السلبية إذا ماقارناها بالطين والتراب حيث فاقت صفات التراب الإيجابية صفات النار السلبية ، حيث إن النار هي مادة نقمته وعذابه والطين هو مادة نعمته ورحمته .


قال الإمام الشنقيطي رحمه الله في ((المذكرة في أصول الفقه)) (ص: 446) : ((منع كون النار خيرًا من الطين، بأن النار طبيعتها الخفة، والطيش والافساد والتفريق، وأن الطين طبيعته الرزانة والاصلاح، تودعه الحبة فيعطيكها سنبلة، والنواة فيعطيكها نخلة، وإذا نظرت إلى ما في البساتين الجميلة من أنواع الفواكه والحبوب والزهور عرفت أن الطين خير من النار)) اهـ.
فإبليس في هذه الدعوى تشبع بما لم يعطى من الفضيلة على آدم عليه السلام - فدعواه تلك وتبجحه الفاضح بأفضليته على آدم دعوى عارية من البراهين القطعية والظنية ، ولم يسعفه فيها لادليل نقلي ولاعقلي ، حيث أقام الخبيث دعواه على توهم عاطل ، وقياس فاسد لاغير ، فتوهم بتكبره أنه كريم وهو مهين وظن نفسه أنه فقيه فطين والحق أنه احمق لئيم .


هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأربعاء 16 ربيع الأول سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 13 نوفمبر سنة 2019 ف


قال الشيخ الفاضل زاهد الساحلي حفظه الله: ((نعم فيه تشبه من ناحيتين

الاولى - من غباء إبليس أنه تلبس بصفة الكبر ، فلحمقه انه اعتدى على مقام صفات الله الخاصة به حيث تشبع الغبي بصفة الكبر وهي صفة لا يستحقها لتفرد الباري بها الله جل وعلا .

الثانية - أنه ظن نفسه فقيه وهو أغبى مخلوق على الاطلاق والغبي لا يكون فقيها أبدا حيث استدل بالقياس الفاسد في مقابلة النص ففضل النار على الطين التي من وظيفتها الإتلاف والطيش والتعدي والإحراق.

والحق أن الطين أفضل من النار لكونه محل الحياة والماء والغذاء والحرث قال تعالى: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا ) وفي الطين السكون والرزانة بخلاف النار
)) .