بسم الله الرحمن الرحيم
سنة الاقتداء بمضاعفة العقاب على أقارب الحكام
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فهذه سنة عزيزة يحسن العمل بها وتطبيقها في هذا الزمن الذي رق فيه دين كثير من الناس واستأسد فيه بعض أقارب الحكام، وتسلطوا على بعض الضعفاء، وسنة مضاعفة العقاب على أقارب الحكام.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)): ((لأنه قريبه، والحاكم لا يحابي أقاربه في حكم الله، بل يبدأ بهم قبل الناس، حتى يعلم أنه ليس عنده محاباة في دين الله)) اهـ.
وقال رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)): ((لأن هؤلاء الأقارب يخالفون متسترين أو لائذين بقربهم من الحاكم فيقول هذا القرب من الحاكم)) اهـ.
عن ابن نمير عن عبد الله بن عمر قال : حدثني من سمع سالما قال : كان عمر رضي الله عنه إذا نهى الناس عن شيء جمع أهل بيته فقال : (إني نهيت الناس كذا وكذا، أو إن الناس لينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، وايم الله، لا أجد أحدا منكم فعله إلا أضعفت له العقوبة ضعفين).
أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) بإسناد فيه ضعف في رجل مبهم وتابعه الزهري عند ابن شبة في ((تاريخ المدينة)) فيه ضعف فيه يونس بن يزيد وهو: ابن أبي النجاد تلميذ الزهري ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا وفي غير الزهري خطأ كما في ((التقريب))، وله متابع قوي أخرجه معمر بن راشد في ((جامعه)) ومن طريقه والصنعاني في ((المصنف)) وابن سعد ((الطبقات الكبرى)) والخطيب في ((تاريخ بغداد)) وابن عساكر ((تاريخ دمشق)) عن الزهري به وهذا إسناده رجاله ثقات.
وفي رواية أخرجها البلاذري في ((أنساب الأشراف)) عن أسلم العدوي مولى عمر وإسنادها حسن.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح العقيدة السفارينية)): ((كل هذا من باب العدل والتخويف، وإلا كان العدل ألا يضعف العقوبة عليهم، لكنه رضي الله عنه له غور في الفقه، قال: إن أقرباء السلطان يخالفون بسلطة قربهم منه، فيتوصلون إلى المخالفة بقربهم من ولي الأمر، فرأى رضي الله عنه أن هذه نوع مخالفة، مع المخالفة الأصيلة، فيجمع عليهم عقوبتين)) اهـ.
وهذه سنة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه التي أمرنا باتباعها.
وذهب بعض أهل العلم أن هذه السنة العزيز لها أصل من كتاب الله وسنة النبي عليه الصلاة والسلام.
قال الله تعالى: {يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين} [الأحزاب: 30].
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) بعدما استدل بأثر عمر رضي الله عنه: ((فيعاقب الناس مرة وقرابته مرتين؛ لأن هؤلاء سوف يحتمون بقرابتهم منه، وفي القرآن الكريم ما يشير إلى هذا قال الله تعالى: {يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين} [الأحزاب: 30])) اهـ.
عن أبي هريرة، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة، فقيل: منع ابن جميل، وخالد بن الوليد، والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا، قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي علي، ومثلها معها)).
أخرجه مسلم.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)): ((فالحاصل أن الذي يظهر لي: أن قوله في العباس رضي الله عنه: ((هي علي ومثلها)) من باب التضعيف عليه لكونه احتمى بقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم)) اهـ.


تنبيه:
مضاعفة العقاب والتعزيز واقامة الحدود من مهام الحاكم وولاة الأمور.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
العلوص ليبيا: يوم الجمعة 6 جمادي الآخر سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 31 يناير سنة 2020 ف