ذكــر الشّيـخ عبـد الــرّزاق البــدر فـي شـرح الأدب المفــرد :

" الشيـخ عبـد الرحمـن بـن سـعدي -رحمه الله- :
" مرة كانت ابنته الصغيرة -إذ ذاك- ومعها صغيرة مثلها في السن، في حوش المنزل.

وهو العالم الكبير والقاضي والإمام والخطيب، فكان سيخرج من البيت فإذا ابنته وصغيرة مثلها في السن يلعبن هذه اللعب وجعلن مخططا كأنه غرفة، وأشياء كأنها الشاي والقهوة وجالسات يلعبن لعب البنات، فلما أراد أن يخرج قالت الصغيرة الأخرى (ليست ابنة الشيخ) له: لماذا لا تزورنا؟" قال: "غدا إن شاء الله أزوركم"،
فلما خرج وجاء إلى البيت وقف عند الباب وأخذ يطرق الباب
وينادي باسم صديقة ابنته، ففتحت الباب وقالت: "تفضل.." وجاء وجلس معهم في مكانهم وجلسوا وكأنهم يعطونه القهوة ويتحدثون معه، ويحدثونه بلعبهم ثم قام،

ولما أراد أن يقوم قالت له ابنته: أنا لم تستضف عندي، قال: غدا أكون في ضيافتك"، ولمَّا جاء غدا طرق الباب
وأخذ ينادي باسم ابنته وفتحت الباب، وقالت: "تفضل.." وأدخلته في الغرفة هذه وجلس معهم وأخذ يلاطفهن ويتحدث معهن..

هذا لا يأخذ من الإنسان ثلاث دقائق أو أربع دقائق.
وابنته ترويها الآن في أحد الكتب مسرورة، وهي كبيرة الآن، حصل مرة واحدة في الصغر لكن أدخل عليها سرورا كبيرا جدا.

فمثل هذه الأمور لا يهملها الإنسان؛ إذا رأى بناته يعطيهن شيء من وقته؛ أربع دقائق، خمس دقائق.. بالكثير عشر دقائق، لكنها تفعل الشيء الكثير في قلب الصغير ".

مـن شــرح الأدب المفــــرد شـريــط رقــم (49)