بسم الله الرحمن الرحيم
ترك الصحابيات الاختلاط في مجالس العلم


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فهذا الجيل الذي اختاره الله تعالى لصحبة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام واصطفاهم لحماية دينه وحمل رسالته وتبليغها لمن خلفهم أطهر القلوب وأنقى الأفئدة بعد النبيين والمرسلين، ومع هذا النقاء والصفاء ما كان الرجل يجلس بجوار المرأة في أفضل البقاع وأحسن المجالس.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: جاء نسوة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلن: يا رسول الله، والله ما نقدر عليك في مجلسك من الرجال، فواعدنا منك يوما نأتيك فيه.
قال: ((موعدكن بيت فلان)). وأتاهن في ذلك اليوم، ولذلك الموعد، قال: فكان مما قال لهن، يعني: ((ما من امرأة تقدم ثلاثا من الولد تحتسبهن، إلا دخلت الجنة)).
فقالت امرأة منهن: أو اثنان؟
قال: ((أو اثنان)).
أخرجه أحمد في ((المسند)) والبخاري في ((الأدب المفرد)) والحميدي في ((المسند)) والنسائي في ((الكبرى)) وابن حبان في ((صحيحه)) وصححه الألباني وأصل الحديث في الصحيحين.
فهذه رسالة لمن يدعي صفاء القلب وطهارته وهم يدعون إلى هذه المجالس المختلطة في غير تلك البقاع الطاهرة ولا في تلك المجالس الطيبة.
أما أصحاب القلوب الصافية بحق عرفوا خطورة الاختلاط فتجنبوه، وما كان الناصح الأمين النبي الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام أن يسمح به وقد بين خطر فتنة النساء.
عن أسامة بن زيد رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء)).
أخرجه البخاري.


وكيف يسمح بهذا الاختلاط وقد حذر من النظر المحرم؟
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تتبع النظر النظر، فإن الأولى لك وليست لك الآخرة)).
أخرجه أحمد في ((المسند)) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) والدارمي في ((المسند)) وغيرهم وحسنه الألباني.
وفي رواية أخرجها أيضا أحمد بلفظ: ((يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة)).


وكيف يسمح بهذا الفعل الشنيع والله عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } [النور: 21]، والخطوة الأولى للزنا النظر؟
فلنكن على حذر من دعاة التحرر والانحلال من إخوان الشياطين.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الجمعة 26 جمادي الآخر سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 20 فبراير سنة 2020 ف