بسم الله الرحمن الرحيم

التهديد والاعتداء عند انقطاع الحجة والبرهان مسلك السفهاء
أعداء الأنبياء والأولياء

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فلا يخلوا عصر ولا مصر من اعتداء بعض السفهاء على دعاة الحق ومشايخ السنة وعباد الله الأولياء.
كم لاقى من أدى دعاة التوحيد والسنة من اعتداء عند محاجة أهل الأهواء والبدعة؟
وكم من قصص تذكر من تطاول الصغار على العلماء الكبار؟
وكم من متمسك بالصراط المستقيم والنهج القويم حورب ممن يسير على اعوجاج في ظلام؟
فكل من لجأ للاعتداء على أصحاب الدليل عند انقطاع حجته أو ركن للتهديد فهو يسلك طريق أعداء الأنبياء والمرسلين من الكافرين والمشركين.
قال الله تعالى على لسان آل النمرود: {قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين} [الأنبياء: 69]
قال العلامة ابن عطية رحمه الله في ((المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)) : ((فلما غلبهم إبراهيم عليه السلام من جهة النظر والحجة نكسوا رؤوسهم وأخذتهم عزة بإثم وانصرفوا إلى طريق الغشم والغلبة {فقالُوا حَرِّقُوهُ})) اهـ.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((جلاء الأفهام)) (ص: 314-315) : ((قَالَ تَعَالَى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نشَاء} [الْأَنْعَام: 83].
قال زيد بن أسلم وغيره: (بالحجة والعلم). ولما غلب أعداء الله معه بالحجة، وظهرت حجته عليهم، وكسر أصنامهم، فكسر حججهم، ومعبودهم، هموا بعقوبته وإلقائه في النار، وهذا شأن المبطلين إذا غلبوا وقامت عليهم الحجة هموا بالعقوبة، كما قال فرعون لموسى عليه السلام وقد أقام عليه الحجة: {لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين} [الشعراء: 29]، فأضرموا له النار وألقوه في المنجنيق، فكانت تلك السفرة من أعظم سفرة سافرها وأبركها عليه، فإنه ما سافر سفرة أبرك ولا أعظم ولا أرفع لشأنه وأقر لعينه منها)) اهـ.
وقال العلامة ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) : ((لما دحضت حجتهم، وبان عجزهم، وظهر الحق، واندفع الباطل، عدلوا إلى استعمال جاه ملكهم، فقالوا: {حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين})) اهـ.
وقال العلامة ابن سعدي رحمه الله في ((تيسير الكريم الرحمن)) : ((فحينئذ لما أفحمهم، ولم يبينوا حجة، استعملوا قوتهم في معاقبته، فـ {قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين} أي: اقتلوه أشنع القتلات، بالإحراق، غضبا لآلهتكم، ونصرة لها. فتعسا لهم تعسا، حيث عبدوا من أقروا أنه يحتاج إلى نصرهم، واتخذوه إلها)) اهـ.
وهكذا سائر الأنبياء والمرسلين، ومنهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في قصته المشهور بالطائف سلطوا عليه السفهاء.
كما في قصة الاعتداء على الشيخ العلامة محمد آمان الجامي رحمه الله في سنة 1412 هجري في أحد مساجد مدينة الرياض بالمملكة السعودية وهو يبين في خطر الجماعات المنحرفة، فقام أحد الهمج الرعاع بمقاطعة الشيخ منكرا وجود جماعات منحرفة في المملكة السعودية مع محاولة منه وممن على شاكلته ضرب الشيخ.
وهذا نموذج من سفه أحد الضلال في اعتدائه على عالم من علماء الإمة، ومن تتبع مثل هذه الأحداث لجمع فيها كراس.
فكل من اعتدى على ورثة الأنبياء والدعاة الفضلاء عند انقطاع الحجة فيه شبة بهؤلاء السفهاء.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الأربعاء 27 رمضان سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 20 مايو سنة 2020 ف