بسم الله الرحمن الرحيم
العمل وأثره في زيادة العلم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فأسباب زيادة العلم عدة منها العمل بالعلم، وقد قيل: من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم.
قال الله تعالى: { إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى } [الكهف: 13].
وقال سبحانه وتعالى: {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى} [مريم: 76].
وقال الله جل جلاله: { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين } [العنكبوت: 69].
وقال الله عز وجل: {والذين اهتدوا زادهم هدى} [محمد: 17].
قال ابن جرير الطبري رحمه الله في ((جامع البيان)) (15/ 616) عند تفسيره لقوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً}: ((يقول تعالى ذكره: ويزيد الله من سلك قصد المحجة، واهتدى لسبيل الرشد، فآمن بربه، وصدق بآياته، فعمل بما أمره به، وانتهى عما نهاه عنه هدى بما يتجدد له من الإيمان بالفرائض التي يفرضها عليه. ويقر بلزوم فرضها إياه، ويعمل بها، فذلك زيادة من الله في اهتدائه بآياته هدى على هداه)) اهـ
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((تفسير سورة الكهف)) (ص: 26) عند تفسيره لقوله تعالى: { وَزِدْنَاهُمْ هُدىً }: ((زادهم الله عز وجل هدى لأن الله تعالى يزيد الذين يهتدون هدى، وكلما ازددت عملاً بعلمك زادك الله هدى أي زادك الله علماً)) اهـ

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علما)).
أخرجه الترمذي في ((الجامع)) وابن ماجه في ((السنن)) وصححه الألباني.
قال الطيبي رحمه الله كما في ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)): ((أي: اجعلني عاملا بعلمي وعلمني علما أعمل به وفيه إشارة إلى معنى من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم)) اهـ.
وقال العلامة محمد بن علي بن آدم الأثيوبي رحمه الله في ((مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه)) : ((عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه (قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (اللهم انفعني بما علمتني) أي بالعمل بالعلم الذي علمتنيه (وعلمني ما ينفعني) أي علما ينفعني هو، أو العمل به في ديني وآخرتي، والمعنى: اجعلني عاملا بعلمي، وعلمني علما أعمل به، وفيه إشارة إلى معنى (من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم)، (وزدني علما) أي لدنيا، يتعلق بذاتك، وأسمائك، وصفاتك، وفيه إشعار بفضيلة زيادة العلم على العمل، قاله القاري)) اهـ.

تنبيه:
جاء عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من عمل بما يعلم ورثه الله ما لم يعلم)).
أخرجه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)).
ثم قال أبو نعيم رحمه الله: ذكر أحمد بن حنبل هذا الكلام عن بعض التابعين , عن عيسى ابن مريم عليه السلام فوهم بعض الرواة أنه ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم فوضع هذا الإسناد عليه لسهولته وقربه، وهذا الحديث لا يحتمل بهذا الإسناد عن أحمد بن حنبل)) اهـ.
وأودعه الألباني في ((الجامع)) (رقم: 422) وقال: موضوع.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الأثنين 15 ربيع الآخر سنة 1442 هـ
الموافق لـ: 30 نوفمبر سنة 2020 ف