بسم الله الرحمن الرحيم
العمليات الانتحارية فكرة مجوسية مخالفة للعقيدة السلفية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فمما ابتليت به الأمة الإسلامية شباب من أبنائها تلوثوا بفكر الخوارج المعاصرين – كلاب أهل النار – ومن تفرع عنهم من إخوان المسلمين وسروريين وقطبيين وحماسيين والقاعدة والنصرة وداعش، وهؤلاء الشباب يقومون بالعمليات الانتحارية غالبا في الدول الإسلامية وأحيانا في دول الكفر ممن دخول إليهم بأمان وعهد، غير أنهم وقعوا في الغدر وخانوا العهد بل في سفك الدماء وقتل الأبرياء، وهؤلاء السفهاء وقعوا في مشابهة شقي المجوس أبي لؤلؤة.
عن عمرو بن ميمون، قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قبل أن يصاب بأيام بالمدينة، وقف على حذيفة بن اليمان، وعثمان بن حنيف، قال: كيف فعلتما، أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض ما لا تطيق؟
قالا: حملناها أمرا هي له مطيقة، ما فيها كبير فضل.
قال: انظرا أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق.
قال: قالا: لا.
فقال عمر: لئن سلمني الله، لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدا.
قال: فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب.
قال: إني لقائم ما بيني وبينه، إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفين.
قال: استووا، حتى إذا لم ير فيهن خللا تقدم فكبر، وربما قرأ سورة يوسف، أو النحل، أو نحو ذلك , في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس، فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني - أو أكلني - الكلب، حين طعنه.
فطار العلج بسكين ذات طرفين، لا يمر على أحد يمينا ولا شمالا إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلا، مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا، فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه ... الحديث.
أخرجه البخاري.

فهذه العملية الانتحارية المعاصرة أشد ضرر وأكثر فتك من العملية الانتحارية المجوسية.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((مجموع فتاواه ورسائله)) : ((نرى أن العمليات الانتحارية التي يتيقن الإنسان أنه يموت فيها حرامٌ، بل هي من كبائر الذنوب؛ لأن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بأنَّ "من قتل نفسه بشيء في الدنيا عُذِّب به يوم القيامة)) ولم يستثنِ شيئًا بل هو عامٌّ؛ ولأنَّ الجهاد في سبيل الله المقصودُ به حماية الإسلام
والمسلمين، وهذا المنتَحر يُدمِّر نفسه وُيفقَد بانتحاره عضو من أعضاء المسلمين، ثمَّ إنَّه يتضمن ضررًا على الآخرين؛ لأنَّ العدو لن يقتصر على قتل واحد، بل يقتل به أُمماً إذا أمكن؛ ولأنه يحصل من التضييق على المسلمين بسبب هذا الانتحار الجزئي الذي قد يقتل عشرة أو عشرين أو ثلاثين، يحصل ضررٌ عظيم، كما هو الواقع الآن بالنسبة للفلسطينيين مع اليهود.
وقولُ من يقول عن هذا: جائز، ليس مبنيًّا على أصل، إنما هو مبني على رأي فاسد في الواقع؛ لأنَّ النتيجة السيئة أضعاف أضعاف ما يحصل بهذا)) اهـ.
ومع هذا الفساد في الفكر والوقوع في قتل الأبرياء فيه مشابهة بذلك المجوسي قاتل خير الناس في وقته أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
قصر الأخيار ليبيا: ليلة الأثنين 9 ربيع الأول سنة 1442 هـ
الموافق لـ: 26 أكتوبر سنة 2020 ف