بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الله سبب لتقوية الفهم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:

فلذكر الله فوائد عظيمة وثمرات جليلة منها أنه سبب قوي لزيادة الفهم والاستيعاب.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((الوابل الصيب)): ((وحضرت شيخ الاسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النهار ثم التفت إلي وقال: هذه غدوتي ولو لم أتغد الغداء سقطت قوتي أو كلاما قريبا من هذا)) اهـ.

ولهذا كان شيخ الإسلام رحمه الله حينما تستغلق عليه المسألة، من الأسباب التي يتخذها لحل الإشكالات، أن يكثر من ذكر الله تعالى حتى يفتح عليه.
قال العلامة ابن عبد الهادي رحمه الله في ((العقود الدرية)) وهو يتحدث عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((ولقد سمعته في مبادئ أمره يقول إنه ليقف خاطري في المسألة والشيء أو الحالة التي تشكل على فأستغفر الله تعالى ألف مرة أو أكثر أو أقل حتى ينشرح الصدر وينحل إشكال ما أشكل قال وأكون اذ ذاك في السوق أو المسجد أو الدرب أو المدرسة لا يمنعني ذلك من الذكر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي)) اهـ.

ولهذا ذكر الله بصفة عامة يجلوا القلب من الدرن ويصفيه ويطمئنه.
قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28[.
فإذا زالت الغشاوة عن القلب واطمأن حسن الفهم، وذلك لأن القلب محل العقل.
قال تعالى: {لهم قلوب لا يفقهون بها} [الأعراف: 179].
فالفهم الصحيح محله القلب، والعكس بالعكس، فمن فسد قلبه ضل فهمه.
يقول الله تعالى: {ختم الله على قلوبهم} [البقرة: 7].
قال مقاتل رحمه الله في تفسيره: فمن ثم لم تفقه قلوبهم.
أي: لم تفهم.

ومما يدخل في ذكر الله الاستغفار وهو أبرز الأسباب لقوة الفهم.
قال الله تعالى عن نبيه هود عليه الصلاة والسلام: {ويَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52].
ونكر القوة لتعم قوة البدن والروح والفهم وغير ذلك.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الأثنين 20 جمادي الأول سنة 1442 هـ
الموافق لـ: 4 يناير سنة 2021 ف